قائد مقاومة صنعاء لـ «الشرق الأوسط» : سلاح السلم والحسم جاهز والخيار بيد الانقلابيين

طوق قبلي لمعركة صنعاء.. وحشود عسكرية لاستعادة الدولة المختطفة

خالد بحاح يصل للرياض في زيارة تستغرق عدة أيام (سبأ)
خالد بحاح يصل للرياض في زيارة تستغرق عدة أيام (سبأ)
TT

قائد مقاومة صنعاء لـ «الشرق الأوسط» : سلاح السلم والحسم جاهز والخيار بيد الانقلابيين

خالد بحاح يصل للرياض في زيارة تستغرق عدة أيام (سبأ)
خالد بحاح يصل للرياض في زيارة تستغرق عدة أيام (سبأ)

قال منصور الحنق رئيس المجلس الأعلى للمقاومة في محافظة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» إن سلاح السلم جاهز، وكذلك الحسم، لتحرير صنعاء من الميليشيات، مؤكدًا أن الخيار بيد الانقلابيين من جماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح. وذكر أن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية والقبائل المحيطة بصنعاء جاهزون لاستعادتها، موضحا أن هناك خيارين لا ثالث لهما، إما تسليم صنعاء وتجنيبها الدمار، أو تحريرها بقوة السلاح، مشيرًا إلى أن قوات الشرعية بكامل جاهزيتها تنتظر توجيهات القيادة العسكرية والسياسية لتنفيذ المهام المنوطة بها، خصوصًا أن القوات الحكومية تتقدم حاليًا في مديرية نهم كبرى مناطق العاصمة، التي تشرف على أكبر المعسكرات الموالية للمتمردين، وعلى القاعدة الجوية ومطار صنعاء. وتتسارع الأحداث مع اقتراب موعد المشاورات المقبلة في الكويت في العاشر من أبريل (نيسان) المقبل، حيث تقترب قوات الشرعية من الالتحام مع بعضها في الطوق المحيط بالعاصمة صنعاء، من الشمال الشرقي، من جهة محافظة الجوف ومحافظة صنعاء. لكن تستمر الميليشيات في عملياتها العسكرية وترفض تنفيذ قرار مجلس الأمن، وتصرر على ما يسمونه «الصمود ضد قوات الشرعية»، مما يعد مخالفة لما قاله إسماعيل ولد الشيخ المبعوث الأممي إلى اليمن، وإعلانه قبولهم تنفيذ القرارات الدولية.
وأعلنت المقاومة والجيش الوطني عن تقدم محدود في البوابة الشرقية لصنعاء، حيث سيطرت على مناطق محيطة بنقيل بن غيلان الاستراتيجي، تحت غطاء جوي من قوات التحالف، ومن أبرز هذه المناطق مواقع مطلة على بلدة أرحب، البوابة الشمالية لصنعاء، وجبل الحريم والتباب الحمر في مسورة، جنوب غربي نهم، البوابة الشرقية.
وأكدت قيادات المقاومة الشعبية، انحياز مشايخ وأعيان القبائل المحيطة بالعاصمة إلى قوات الشرعية والقتال إلى جانبها، بعضها ينتظر الفرصة المناسبة والبعض يقاتل مع الجيش الوطني مع أفراد قبيلته، في حين استمرت الميليشيات في الدفع بتعزيزات ضخمة على تخوم صنعاء، ونشرت المئات من المجندين، أغلبهم من الأطفال، في التباب والجبال على الطريق الرابط بين مأرب وصنعاء، وزرعت آلاف الألغام لإعاقة تقدم الجيش، إضافة إلى أنها حفرت الخنادق في عدد من الجبال، معززة بأسلحة ثقيلة، وهو ما وضع العاصمة وسكانها رهينة بيد الميليشيات، كما يقول المراقبون.
ويقول الشيخ الحنق إن عملية التنسيق مع زعماء القبائل في صنعاء مستمرة، وقد وجدنا استجابة كبيرة من شخصيات مساندة لميليشيات الانقلاب، وإنهم «أبدوا استعدادهم للانضمام إلى الشرعية، لكننا لم نعلن عن ذلك، حفاظًا على حياتهم».
وأوضح أن معركة الشرعية في صنعاء ستنتصر، سواء طال الوقت أو قصر، قائلا إن «المقاومة والجيش الوطني يستكملون حصار مواقع الانقلابيين بمحيط العاصمة صنعاء من جميع الاتجاهات، وبيد الانقلابيين الخيار، إما أن يخضعوا للقرارات الدولية، ويسلموا صنعاء سلميًا ويجنبوها الدمار، كما فعل من قبلهم، أو أن الجيش الوطني والمقاومة مسنودين بقوات التحالف سيكون لهم الكلمة الأخيرة، وهم قادرون على الحسم»، مشيرًا إلى أن هناك فرصة واحدة أمامهم، وهي الالتزام بالقرارات الدولية، خصوصًا القرار 2216 الذي يقضي بتسليم المدن والسلاح للشرعية وإطلاق المختطفين، مضيفًا: «نتعامل معهم حاليًا بالظاهر رغبة منا في حماية العاصمة وسكانها، وحقنًا لدماء المدنيين الذين أصبحوا رهينة تحت فوهة بنادقهم ومدافعهم».
ولفت الحنق إلى أن استسلام المتمردين الحوثيين وطلبهم للهدنة على الحدود، جاء بعد تلقيهم ضربات موجعة وخسائر بشرية كبيرة، إضافة إلى شعورهم بالخطر بعد تقدم قوات الشرعية نحو صنعاء، باعتبارها بوصلة المعركة الحقيقة.
وقال: «إذا تحررت صنعاء، فإن اليمن سيعود بكامله للشرعية وسيقضى على الانقلاب»، مؤكدًا التزام المقاومة الشعبية بلغة الحوار والحلول السلمية بعيدًا عن الحروب، وقال: «لو لا أن الانقلابيين اضطرونا إلى الدفاع عن أنفسنا بالسلاح لما حملناه».
واعتبر رئيس مقاومة صنعاء أن الانتصارات التي حققتها قوات الشرعية على تخوم صنعاء والجوف، كسرت شوكة الانقلابيين، وكشفت زيفهم ومشروعهم الإيراني، وذكر أن موقفهم من مشاورات الكويت هي مواقف الحكومة الشرعية، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وترتكز على ثلاثة بنود (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ووثيقة الحوار الوطني الشامل، والقرارات الأممية»، محذرًا في الوقت نفسه من تلاعب الميليشيات ومراوغتها كعادتها. وقال: «نكرر تحذيرنا من نقضها للاتفاقات كما حدث سابقًا، إذ سلمت لهم الاتفاقات البلد ومؤسساتها على طبق من فضة».
ويرى مراقبون أن حلفاء الانقلاب باليمن الحوثي وصالح، سيلجأون للمراوغة لكسب الوقت وترتيب صفوفهم، بعد أن فقدوا السيطرة على أغلب محافظات البلاد، مع تمكن قوات الشرعية من تحرير 80 في المائة من الأراضي بحسب الحكومة اليمنية.
ورجح المراقبون أن تكون الهدنة التي سيُعلن عن بدئها في 10 أبريل ستكون هشة نظرًا لتجارب مماثلة، حيث لم يلتزم بها المتمردون، مضيفين أنهم سيلجأون للمراوغة وإظهار خلافاتهم للعلن، قبل تحرير صنعاء أو صعدة.
وتتكون محافظة صنعاء التي تحيط بأمانة العاصمة من قبائل متعددة، وهي «نهم وأرحب وبني الحارث وبنى حشيش شرقًا، ومن الشمال همدان، والحيمة وحراز من الغرب، ومن جهة الجنوب الشرقي صعفان وقبائل خولان، وقبيلة بني بهلول وبلاد الروس».
ولا تدين كثير من المناطق القبلية المحيطة بالعاصمة صنعاء للحوثيين وصالح بشكل كامل، إذ عرف عنها طوال مراحل التاريخ، بتحكم المصالح في مواقفها، فهي تقف دائمًا مع الأقوى، وتبدو الخريطة القبلية لصالح قوات الشرعية التي لا تزال بيدها كثير من الأوراق يمكن استخدمها لتعجيل الانتصار بأقل الخسائر. فقبيلة نهم شمال شرقي صنعاء، تُعتبر بوابة دخول صنعاء ويمر فيها الخط البري الواصل بين مأرب وصنعاء، فيما تعد قبيلة أرحب، شمال صنعاء، التي يتزعمها الشيخ منصور الحنق، من أكبر قبائل قبيلة بكيل المشهورة باليمن التي قاومت المشروع الانقلابي في بدايته، وتقترب قوات الشرعية منها من جهة محافظة الجوف المتاخمة لها، أما قبائل همدان وبنى مطر فكثير من زعمائها يدينون بالولاء لصالح، ويمكن تحييدها بسهولة، خصوصًا أن تأثير صالح عليهم كان يرتكز على إغرائهم بالمال والفيد كما يقول المراقبون.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.