حماس تنشر قوات لضبط الحدود مع مصر.. وتزيل مظاهر «الإخوان»

واصلت إجراءات «بناء الثقة» لإقناع القاهرة بجدية خطواتها

عناصر ميليشيا مسلحة خلال عملية تدريب في غزة (ا ف ب)
عناصر ميليشيا مسلحة خلال عملية تدريب في غزة (ا ف ب)
TT

حماس تنشر قوات لضبط الحدود مع مصر.. وتزيل مظاهر «الإخوان»

عناصر ميليشيا مسلحة خلال عملية تدريب في غزة (ا ف ب)
عناصر ميليشيا مسلحة خلال عملية تدريب في غزة (ا ف ب)

عززت حركة حماس في قطاع غزة وجود قواتها الأمنية على طول الحدود بين القطاع والجانب المصري في الأيام الأخيرة. وذلك في أعقاب اللقاءات التي أجراها وفد قيادي بارز من الحركة مع مسؤولين في المخابرات المصرية، بعد قطيعة بين مصر وحماس، استمرت ما يزيد على عامين لأسباب مختلفة، منها ما يتعلق بالاتهامات التي وجهتها جهات مصرية رسمية إلى الحركة بالتدخل في الشأن الداخلي للبلاد.
وتُعد خطوة تعزيز القوات الأمنية، ونشرها على طول الحدود المجاورة لشبه جزيرة سيناء، التي تشهد يوميا عمليات عسكرية مصرية كبيرة ضد مقاتلين من تنظيم ولاية سيناء التابع لـ«داعش»، جزءا من سلسلة إجراءات، لوحظ اتخاذها من قبل حركة حماس التي تبسط سيطرتها على قطاع غزة، في محاولة لتعزيز علاقاتها مع السلطات المصرية، ولبناء الثقة معها.
وكشفت مصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن المسؤولين السياسيين لحماس أصدروا تعليمات أمنية مشددة، بضرورة ضبط الحدود بين غزة ومصر، ومنع أي شخص من الاقتراب منها، ومنع عمليات التصوير، خشية استغلالها بشكل خاطئ من الجانب المصري، الذي سبق أن عرض على مسؤولين في حماس صورا تظهر أشخاصا يلتقطون صورا لقوات الجيش المصري، على الحدود، مما اعتبرته القاهرة محاولة لرصد تحركات الجيش، بغية استهدافه من قبل مقاتلي حماس.
لكن وفد حماس نفى تماما أن تكون هناك نية لاستهداف الجنود المصريين، وأن عمليات التصوير قامت بها مؤسسات إعلامية فقط.
وبحسب المصادر نفسها، فقد جرى منع بعض أصحاب الأنفاق التجارية المنتشرة على طول الحدود، ممن كانوا يحاولون ترميم أنفاقهم في الأشهر الأخيرة، بهدف إدخال السلع التي يحتاجها القطاع، من دخول المنطقة الحدودية، وأن التعليمات الأمنية في هذا الصدد كانت صارمة بالفعل.
وكان 6 من القيادات الميدانية والنشطاء البارزين في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قد انتقلوا عبر الأنفاق من رفح إلى سيناء، وانضموا إلى تنظيم داعش للقتال معه هناك. وقد فاجأ ذلك حماس نفسها، خصوصا أنه وقع بعد يوم واحد فقط من لقاء وفد الحركة مع المسؤولين في المخابرات المصرية.
وتعد الأنفاق الحدودية بين غزة ومصر عاملا مهما لحركة حماس، ليس على الصعيد التجاري وحده، حيث تفرض ضرائب على السلع المهربة وغيرها، بل لأنها تمثل أهمية كبرى أيضا للحركة التي تعتمد عليها في تهريب الأسلحة المختلفة لغزة، مما يجعل من الاتفاق مع الجانب المصري تحديا لحماس في كيفية تجاوز هذه النقطة المهمة، خصوصا أنها نشرت قوات أمنية كبيرة باعتبارها خطوة لبناء الثقة مع السلطات المصرية.
وتأتي خطوة تعزيز الأمن على الحدود استكمالا لخطوات أقدمت عليها حماس في غزة، قبل أسابيع، حين أزالت شعار جماعة الإخوان المسلمين عن «لافتات» تم وضعها مسبقا في شوارع ومفترقات رئيسة في القطاع، بالإضافة إلى إزالة صور الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، من بعض الشوارع والمساجد، وصور لحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.
وعلى الرغم من نفي بعض قيادات حماس وجود مثل هذه الشعارات والصور سابقا، فإن صورا التقطها مصورون من غزة، قبل اللقاءات مع الجانب المصري وبعدها، أظهرت صحة ما نشرته «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، حول هذه التغيرات.
ويبدو أن الاتفاق بين حماس والجانب المصري، الذي يشمل تشديد المراقبة على الجهاديين في غزة، كان مثمرا، إذ أقدم أمن حركة حماس على اعتقال عدد كبير من العناصر الجهادية النشطة، خصوصا في تنظيم لواء التوحيد، الذي يُعد من أكثر الجماعات الجهادية نشاطا وقوةً في غزة، بعد أن نجح في القضاء على مجلس شورى المجاهدين.
وتشير مصادر جهادية، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن أمن حركة حماس اعتقل عددا كبيرا من عناصر التنظيمات السلفية الجهادية، قبل أن يطلق سراح عدد منهم ويبقي على آخرين، مشيرةً إلى أنه تم استدعاء العشرات من قيادات لواء التوحيد وعناصره والتحقيق معهم، حول نشاطات التنظيم، وإن كان له أي علاقات مع تنظيم داعش في سيناء.
وتتخوف الجماعات السلفية الجهادية من أن تقوم حركة حماس بتسليم عناصر ناشطة تابعة لها إلى المخابرات المصرية، في حال طلبت منهم ذلك.
وهذا ما أشار إليه قيادي جهادي، يُدعى أبو بكر المقدسي، لفت إلى أن حماس سمحت لمحققين أمنيين من المخابرات المصرية، خلال عهد الرئيس السابق محمد مرسي، بالتحقيق مع عناصر سلفية جهادية من تنظيم مجلس شورى المجاهدين، الذي كان ينشط في غزة وسيناء في حينها، ويطلق الصواريخ تجاه إيلات.
وبينما يرى مراقبون بأن اتفاق حماس مع المخابرات المصرية لن يصمد طويلا، في ظل اعتماد الحركة على الحدود في تهريب الأسلحة والأموال لصالحها، وهو ما ستعده مصر من جديد تدخلا في شؤونها الداخلية، ومحاولة لزعزعة استقرار الأمن والحدود، يعتقد آخرون أن الحركة قادرة على تجاوز هذه الأزمة. ويقول المحلل السياسي، مصطفى إبراهيم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات تهريب السلاح تجري بسرية، من خلال طرق وآليات خاصة بحماس وفصائل المقاومة الأخرى، مشيرا إلى أن حماس ستتعامل بحكمة ودقة أكثر في هذه القضية، بحيث لا تغضب المصريين. ولفت إلى أن قيادة حركة حماس أطلقت في أكثر من مرة تصريحات هادئة تجاه مصر، وهو ما يشير إلى نية الحركة إجراء تغيير، منذ ذلك وضع لافتة إعلانية وسط مدينة غزة، كتبت عليها: «بوصلة المقاومة موجهة نحو القدس فقط».
وبيّن أن نجاح العلاقات الثنائية بين حماس ومصر سيكون له انعكاس على واقع الحياة في غزة، في ظل إغلاق معبر رفح بشكل شبه دائم، مبينا أن ذلك مرتبط باستجابة حماس لمطالب الجانب المصري، في قضايا الأمن وضبط الحدود وغيرها من القضايا المطلوب من حماس العمل عليها، الذي سيقابله جهد مصري لفكفكة الأزمات المتعلقة بالمصالحة والتهدئة مع إسرائيل وحلها.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.