ليبيا: الحكومة الجديدة تعلن استكمال ترتيباتها لدخول العاصمة

طرابلس تعيد إغلاق مجالها الجوي أمام تونس تحسبًا لقدوم حكومة السراج

ليبيا: الحكومة الجديدة تعلن استكمال ترتيباتها لدخول العاصمة
TT

ليبيا: الحكومة الجديدة تعلن استكمال ترتيباتها لدخول العاصمة

ليبيا: الحكومة الجديدة تعلن استكمال ترتيباتها لدخول العاصمة

أخفق مجلس النواب الليبي أمس مجددا في عقد جلسة بمقره في مدينة طبرق، شرق البلاد، للتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، التي أعلنت استكمال ترتيباتها الأمنية للانتقال إلى العاصمة طرابلس، فيما استمرت الميليشيات المسلحة الموالية لما تسمى «حكومة الإنقاذ الوطني» هناك في استعراض قوتها العسكرية، من خلال إطلاق نار متقطع في المدينة، وسط تعليمات بإغلاق المجال الجوى الليبي أمام الطائرات الآتية من تونس.
وقال المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، التي يترأسها رجل الأعمال الطرابلسى فائز السراج، في بيان له، إنه يعلن للرأي العام المحلي والدولي أن الترتيبات الأمنية لمباشرة الحكومة عملها من طرابلس قد استكملت، وإن المجلس الرئاسي قد بدأ في الانتقال إلى طرابلس. واتهم في بيان له مساء أمس من وصفهم بـ«أقلية من المعرقلين، وعلى رأسهم المدعو خليفة الغويل (رئيس حكومة طرابلس) بترويع المواطنين في طرابلس، ووضع الحواجز والعوائق أمام مباشرة الحكومة مهام عملها، وإغلاق الحركة الملاحية، والتسبب في كثير من الأزمات الإنسانية».
ودعا البيان الليبيين والمجتمع الدولي إلى «رفض سلوكيات هذه المجموعة المعرقلة، ومحاولاتهم الوقوف في طريق الوفاق الوطني، وما ارتضاه الليبيون، وتجنيب العاصمة طرابلس شبح الاقتتال والدماء». فيما قال أعضاء في مجلس النواب إن النصاب القانوني لم يتوافر في جلسة كان مقررا عقدها بمقره المؤقت في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي أمس، وذلك بسبب مقاطعة النواب الداعمين لحكومة السراج.
في المقابل، نفى مستشار صحافي باسم السراج شائعات عن استقالته من منصبه أو مغادرته مقر إقامته في تونس متوجها إلى طرابلس، لافتا النظر إلى أنه عندما تنتهي لجنة الترتيبات الأمنية المكلفة من قبل حكومة السراج من عملها لتأمين دخول الحكومة إلى العاصمة طرابلس، فإن مجلسها الرئاسي سيدخل طرابلس دخول المحب، وليس المنتصر المنتقم».
وتوقفت أمس لليوم الثاني على التوالي حركة الملاحة الجوية في مطار امعيتيقة بشرق طرابلس لمدة ثلاث ساعات فقط، بينما نفت حكومة الغويل التي تدير طرابلس إصدارها أي تعليمات بشأن إغلاق حركة المجال الجوي أمام رحلات الذهاب والإياب، وكذلك الحركة الجوية بصفة عامة في المطارات الليبية.
ومع ذلك قالت حكومة طرابلس، غير المعترف بها دوليا، إن السبب الرئيسي لإغلاق المجال الجوي هو عملية مؤقتة تعود لأسباب فنية.
واستمرت أمس الميليشيات الموالية لحكومة الغويل والتي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ نحو عامين، في إغلاق معظم الطرق المؤدية إلى مطار امعيتيقة، الذي تردد أن رئيس الحكومة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة فائز السراج سيصل إليه برفقة بعض أعضاء مجلسه الرئاسي ووزراء من حكومته. وتحدثت مصادر في طرابلس عن انتشار مكثف للميليشيات المسلحة بجنوب طرابلس، بالإضافة إلى تعدد بوابات تفتيش الأمنية في معظم أرجاء المدينة، التي سمع سكانها أمس أصواتا متقطعة لإطلاق نار باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، من دون وصول أي تقارير عن سقوط أي قتلى أو جرحى.
واندلعت حرب بيانات بين ميليشيات مسلحة موالية للحكومة الجديدة في طرابلس ومصراتة، ما بين مؤيد ومعارض، بينما ما زال الشارع الليبي يترقب دخول الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والغرب إلى العاصمة طرابلس للبدء في مباشرة مهام أعمالها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم