روح بدر شاكر السياب تعود إلى الكويت.. ووقفة وفاء لسليمان الجار الله

الشعر في ربيعه التاسع بمؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية

سليمان الجار الله  -  عبد العزيز سعود البابطين  -  بدر شاكر السياب شاعر القرن العشرين
سليمان الجار الله - عبد العزيز سعود البابطين - بدر شاكر السياب شاعر القرن العشرين
TT

روح بدر شاكر السياب تعود إلى الكويت.. ووقفة وفاء لسليمان الجار الله

سليمان الجار الله  -  عبد العزيز سعود البابطين  -  بدر شاكر السياب شاعر القرن العشرين
سليمان الجار الله - عبد العزيز سعود البابطين - بدر شاكر السياب شاعر القرن العشرين

في شهر مارس (آذار) من كل عام، تحذو مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية حذو العالم في احتفاليات مهرجان ربيع الشعر.
هذا العرف السنوي لدى المؤسسة تكرس منذ تسعة أعوام، حيث بدأت الفكرة بأمسيات شعرية ثم تطورت فأصبحت المؤسسة تختار في كل دورة من دورات المهرجان اسمين لشاعرين أحدهما من الكويت والآخر من الوطن العربي ومصحوبة بندوة أدبية وإصدارات.
في هذه الدورة التي تحمل الرقم تسعة، أطلقت المؤسسة على مهرجانها اسم الشاعر الكويتي سليمان الجار الله، والشاعر العراقي بدر شاكر السياب. ولا تشترط المؤسسة وهي في صدد اختيارها لأسماء الشعراء المحتفى بهم في مهرجان ربيع الشعر العربي أن تكون ثمة روابط فنية بين هؤلاء الشعراء، ولكن تاريخيًا جاءت ولادة الشاعرين هذه المرة في العام نفسه، فقد ولد سليمان الجار الله عام 1926 وتوفي عام 2014، بينما ولد بدر الشاكر السياب عام 1926 وتوفي عام 1964.
الشاعر سليمان الجار الله من الشعراء الذين ظلوا متمسكين بالقصيدة العمودية، وهو صاحب شخصية هادئة لم يكن يسعى صاحبها للأضواء وتأخر كثيرًا قبل أن يرى الناس أعماله في ديوان شعري حتى جاءت مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية لتطبع له أعماله الكاملة التي صدرت في خمسة مجلدات. وعدا عن القيمة الفنية لهذا الديوان، فإن إصداره كان وقفة وفاء من صديق عمره رئيس المؤسسة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين الذي تأثر كثيرًا لرحيله، فقد كانت تربطهما صداقة شخصية وشعرية، ورثاه في قصيدة عنوانها «غاب الكبير». ثم أطلق اسمه على مهرجان ربيع الشعر في هذه الدورة التي سوف تنطلق يوم الأحد على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي بمشاركة 18 شاعرا من مختلف الوطن العربي.
أما الشاعر بدر شاكر السياب، فهو مرتبط بذاكرة الكويت مرتين، مرة عندما جاء للعمل فيها، ومرة عندما جاء للعلاج عقب مناشدة الشاعر علي السبتي لوزير الصحة في الستينات عبد اللطيف الثويني، حيث يقول السبتي في أحد لقاءاته عن هذا الموضوع: «كتبت مقالا في مجلة صوت الخليج الكويتية طلبت فيه من وزير الصحة الكويتي أن يتبنى علاج بدر شاكر السياب في أحد المستشفيات الكويتية.. وفعلا اهتم الوزير بما جاء في مقالي، حيث اتصل بي طالبًا عنوان بدر للاتصال به وبعد بحث واستقصاء علمت أن بدرا كان يتلقى العلاج في مدينة درم البريطانية وقد غادرها إلى جهة مجهولة وأخبرت هذا وزير الصحة، وأضفت أنني سوف أعلمه بأية معلومات جديدة عن مكانه فور حصولي عليها. وبعد فترة كنت في زيارة لمدينة البصرة، وعرفت منها أن بدرًا يرقد في المستشفى الجمهوري فزرته هناك ووجدت حالته الصحية تدعو إلى الأسف، كان كشجرة يبست أوراقها فعرضت عليه الانتقال إلى مستشفيات الكويت». ووافت المنية الشاعر بدر شاكر السياب في الكويت ثم نُقل جثمانه إلى العراق.
ويضم المهرجان ثلاث أمسيات شعرية يحييها شعراء من داخل الكويت وخارجها، من بينها أمسية بعنوان «في حب الكويت» وتأتي بمناسبة اختيار الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية. وقال عبد العزيز سعود البابطين إن «المؤسسة تحرص على أن تواكب هذا المهرجان السنوي احتفالات العالم بيوم الشعر، وقد حرصنا على التنوع في الأجيال والاتجاهات الفنية في الشعر كي نغطي أكبر مساحة ممكنة من النتاج الشعري المطروح على الساحة حاليًا. وفى الندوتين عن الشاعرين المحتفى بهما، يتحدث في الندوة الأولى عن الشاعر بدر شاكر السياب، كل من: د.نسيمة الغيث من الكويت وأحمد الحريشي من المغرب ويدير الجلسة د.سالم خدادة. وفى الندوة الثانية التي هي عن الشاعر سليمان الجار الله يتحدث كل من: نجل الراحل، خالد سليمان الجار الله نائب وزير الخارجية، ود.عبد المجيد فلاح من سوريا، وتدير الجلسة د.سعاد عبد الوهاب. أما الشعراء المشاركون فهم: عبد الله على العنزي وفالح بن طفلة ووليد القلاف ورجا القحطاني وندى الأحمد وعبد العزيز سعود البابطين وعبد الله الفيلكاوي وعلي الحبشان المطيري من الكويت، ود. محمد العمري وجاسم الصحيح من السعودية، ومحمد البريكي من الإمارات وهزبر محمود من العراق، وأحمد الحريشي من المغرب، ود. السعيد شوارب وأحمد حجازي ونادي حافظ من مصر، وقيس طه قوقزة من الأردن، ومحمد الحريري من سوريا. ويدير الأمسيات الشعرية كل من: طلال سعد الرميضي، وهدى أشكناني، وسالم الرميضي.
وأصدرت المؤسسة مجموعة من الكتب ضمن مهرجان ربيع الشعر العربي في دورته التاسعة، عن الشاعرين المحتفى بهما، وكتبًا أخرى مثل: ديوان الشاعر سليمان الجار الله (خمسة أجزاء)، و«بدر شاكر السيّاب: شاعر القرن العشرين» (دراسة ومختارات) إعداد: د. ماجد صالح السامرائي، و«قراءة في شعر سليمان الجار الله» من تأليف د. نورية صالح الرومي، و«كاظمة في الشعر العربي» من إعداد أحمد زكي الأنباري، و«هو الذي رأى.. وقال: بدر شاكر السيّاب.. في شجونه ومتونه» من تأليف د. علي حداد، و«مرايا الشعر العربي المعاصر: رؤى نقدية» من تأليف د. عبد الله أحمد المهنا، و«ديوان عيلان عبد الله كردي» (مجموعة من الشعراء) (مجلدان) من إعداد الأمانة العامة للمؤسسة، و«تحية شوقي بين التأمير والتأبين»، وهو نصوص شعرية مختارة انتخبها وقدم لها د. محمد مصطفى أبو شوارب، إضافة إلى «كتاب وقائع مهرجان ربيع الشعر في الموسم الثامن»، الذي جرى في (مارس) من العام الماضي، وهو من إعداد ريم محمود معروف.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.