العبادي يتحصن بالدعم الدولي في مواجهة مظاهرات كشف الفاسدين

البنكان الدولي والإسلامي يعلنان دعم إعادة بناء العراق

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي يونغ كيم ورئيس المصرف الإسلامي للتنمية أحمد محمد المدني (رويترز)
مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي يونغ كيم ورئيس المصرف الإسلامي للتنمية أحمد محمد المدني (رويترز)
TT

العبادي يتحصن بالدعم الدولي في مواجهة مظاهرات كشف الفاسدين

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي يونغ كيم ورئيس المصرف الإسلامي للتنمية أحمد محمد المدني (رويترز)
مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس البنك الدولي يونغ كيم ورئيس المصرف الإسلامي للتنمية أحمد محمد المدني (رويترز)

أعلن البنكان الدولي والإسلامي عن حزمة من البرامج لدعم العراق، خصوصا في ما يتعلق بإعادة إعمار المناطق التي تعرضت للدمار جراء الحرب ضد تنظيم داعش.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الكتل السياسية إلى دعم مشروع الإصلاحات التي يقوم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي. وشدد خلال زيارته الثامنة إلى العراق أمينا عاما للأمم المتحدة على الحاجة إلى مصالحة وطنية.
وقال بان كي مون في كلمة أمام مجلس النواب العراقي: «أدعو كل الكتل السياسية للمضي قدما في جهودهم تجاه رؤية موحدة للتقدم في مشروع المصالحة الوطنية في العراق».
ورأى أن مثل هذه الرؤية يجب أن تشمل قانون المساءلة والعدالة وقانون العفو العام المثير للجدل وكذلك قانون تأسيس الحرس الوطني.
ويواجه العبادي مقاومة شديدة من قبل الكتل السياسية؛ بينها كتلته، حيال هذه القضايا.
وقال بان كي مون للنواب: «يجب التأكد من أن السلطتين التنفيذية والتشريعية ومعهما الكتل السياسية، تعمل معا لدعم رئيس الوزراء في الوقت الذي يقوم فيه بتطبيق الإصلاحات المطلوبة لمواجهة الأزمات المتعددة التي تواجهونها».
ويرافق المسؤول الأممي رئيس البنك الدولي يونغ كيم ورئيس المصرف الإسلامي للتنمية أحمد محمد المدني. وذكر كي مون أن هذه الزيارة «المشتركة هدفها إظهار دعم الأمم المتحدة لجهود الحكومة العراقية التي يتوجب عليها أولا إحلال السلام والاستقرار من خلال مصالحة وطنية وإصلاحات اجتماعية اقتصادية». من جهته، قال رئيس البنك الدولي في مؤتمر مشترك مع العبادي إن زيارتهم للعراق من أجل دعم خطوات رئيس الوزراء الإصلاحية في ظل الحاجة إلى جهود متزايدة لمحاربة الفساد والعصابات الإرهابية، وأعلن عن تخصيص 250 مليون دولار لإعادة الاستقرار للمناطق التي تمت استعادتها من تنظيم «داعش».
وفي وقت يعاني فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إحراجا سياسيا كبيرا من عدد من شركائه السياسيين، وفي مقدمتهم زعيم التيار الصدري، عد العبادي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المسؤولين الدوليين الثلاثة أن الهدف من زيارتهم للعراق هو مساعدة البلد في سعيه لإجراء الإصلاحات، وفي الحرب ضد تنظيم «داعش».
وأضاف العبادي أن «العراقيين حققوا انتصارات كبيرة على أرض المعركة ويحررون المزيد من الأراضي»، متابعًا أن «الإرهاب أثبت أنه لا يهدد العراق فقط، بل يهدد المجتمع الدولي، والعراق اليوم في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب على الأرض». وأشار العبادي إلى أن العراق «يمر بضائقة مالية صعبة نتيجة نفقات الحرب ضد الإرهاب، والانخفاض الحاد في أسعار النفط»، مؤكدا الحاجة إلى وقوف المنظمات المالية الدولية مع بغداد من أجل تجاوز تلك الضائقة المالية، مضيفا أن ووقوف المجتمع الدولي سيدفع إلى عمل الحكومة العراقية.
وعلى صعيد الأزمة السياسية الحادة التي يمر بها العراق حاليا والمتمثلة بالتغيير الوزاري المنشود، قال العبادي إنه «سيستكمل الأسبوع الحالي مشاوراته مع الكتل السياسية للاتفاق على الصيغة النهائية لهذا التغيير، وعلى الإجراءات الأخرى لمكافحة الفساد».
إلى ذلك، أكد رئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي المدني، أن «البنك يحشد جهوده لدعم دول المنطقة، وفي مقدمتها العراق، لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها»، مؤكدا استعداد «البنك لمساعدة العراق على إعادة إعمار وتأهيل المناطق المحررة»، وأشار إلى «ضرورة عقد مؤتمر دولي تنسيقي من أجل تنفيذ هذا الهدف».
وفي هذا السياق، أكد الدكتور مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي للعبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما أقدم عليه المجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة بزيارة أمينها العام وكذلك رئيسا البنكين الدولي والإسلامي للتنمية، يعكس اهتمام المجتمع الدولي بالعراق وضرورة الوقوف معه، خصوصا بعد النجاحات التي حققتها القوات العراقية في مواجهة تنظيم داعش».
وأضاف صالح أن «المجتمع الدولي بدأ يدرك الحاجة إلى تأهيل وضع العراق ماليا ودعمه اقتصاديا، وهو ما تم بالفعل بتخصيص أموال للمناطق المحررة التي تحتاج إلى إعادة إعمار، وهو ما لا يستطيع العراق القيام به في الوقت الحاضر، بالإضافة إلى أن إعادة إعمار هذه المناطق تعد ركيزة أساسية للاستقرار فيها، وهو ما ينعكس على الاستقرار في عموم البلاد».
وأشار صالح إلى أن «ما حصل من خلال هذا الدعم، إنما هو خطوة من خطوات مقبلة للعمل على استقرار العراق»، مشيرا إلى أن «البنكين الدولي والإسلامي سيقودان مجموعة من البرامج لدعم العراق في مختلف الميادين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».