تونس: جدل حول القانون المتعلق بإصلاح النظام القضائي

القضاة يرفضون كل ما من شأنه المس باستقلال السلطة القضائية

تونس: جدل حول القانون المتعلق بإصلاح النظام القضائي
TT

تونس: جدل حول القانون المتعلق بإصلاح النظام القضائي

تونس: جدل حول القانون المتعلق بإصلاح النظام القضائي

قال فيصل البوسليمي، رئيس نقابة القضاة التونسيين، إن القانون الجديد المنظم لسلك القضاء «لا يلبي تطلعات القضاة ويحتوي على عدة عثرات»، وأشار في تصريح إعلامي إلى عدم وضوح تمثيلية القضاة المنتخبين، ووجود تضييق على صلاحيات المجلس التي انحصرت في نقل وترقية القضاة، وهو ما يعد خطوة إلى الوراء مقارنة بقانون الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، على حد تعبيره.
وأكد المصدر ذاته، أن قانون المجلس الأعلى للقضاء مثل منذ الإعلان عنه «معركة دستورية ولي ذارع» بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والسلطة القضائية، وعبر عن تمسّك القضاة برفض كل ما من شأنه أن يمس باستقلال السلطة القضائية، وفق ما تضمنه الدستور وطبق المعايير الدولية لاستقلال القضاء.
ودعت نقابة القضاة الهياكل الممثلة للقضاة إلى الاجتماع لبعث تنسيقية عامة للقضاء من أجل التفاوض، وبحث الخيارات الممكنة بالتشاور مع الهيئة الوقتية للقضاء العدلي.
وكان مجلس نواب الشعب (البرلمان) قد صادق مساء الأربعاء الماضي بالإجماع على مشروع القانون الأساسي، المتعلق بإحداث المجلس الأعلى للقضاء، وقد حظي المشروع بموافقة 132 نائبا برلمانيا، وهو ما فتح أبواب معركة قانونية ودستورية بين السلطات الثلاث.
والتقت نقابة القضاة مع جمعية القضاة في موقفيهما تجاه القانون المنظم للقضاء، حيث أكدت روضة القرافي، رئيسة الجمعية لـ«الشرق الأوسط» أن مصادقة البرلمان على القانون المجلس الأعلى للقضاء في صيغته الجديدة مثل «إهدار فرصة جديدة للتأسيس لقضاء مستقل، يضمن المجلس الأعلى للقضاء حسن سيره، واحترام استقلاله طبق الدستور، ودون تبعية لأي من رأسي السلطة التنفيذية»، مضيفة أن القانون في صيغته الحالية يكرس «سوابق في خرق الدستور والمساس بمبدأ الفصل بين السلطات»، وأنه لا يرتقي إلى هدف بناء سلطة قضائية مستقلة، على حد تعبيرها.
وخلال النقاشات البرلمانية، التي امتدت ساعات طويلة، أسقط البرلمان عدة فصول قانونية، من بينها الفصل 52 و53 المتعلق بالمجالس التي تنتصب عند النظر في تأديب القضاة وتركيبتها، والفصل 55 المتعلق بتعهد المتفقد العام للشؤون القضائية بالشكاوى والبلاغات الموجهة للقضاة، كما أسقط التصويت الفصل 65 الذي ينص على إمكانية رفع المجلس العقاب التأديبي بعد مرور خمس سنوات من تاريخ صدور القرار.
وكانت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، أقرت في مناسبتين بعدم دستورية مشروع القانون المتعلق بأحداث المجلس الأعلى للقضاء، الأولى كانت في 8 من يونيو (حزيران) 2015، والثانية في 22 من ديسمبر (كانون الأول) 2015، وقد يلقى الموقف نفسه في حال عرضه من جديد على أنظار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين.
في السياق ذاته، انتقدت الهياكل الممثلة للقضاة طريقة عمل القطب القضائي، المختص في مكافحة الإرهاب (هيكل قضائي ينظر في قضايا الإرهاب)، وقالت إن القضاة المتعهدين بملفات الإرهاب يعانون من كثرة القضايا الإرهابية (نحو 1500مسجون بتهم الإرهاب)، ودعت إلى تمكينهم من ضمانات قانونية أفضل لتيسير عملهم، والفصل العاجل في القضايا المعروضة عليهم.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».