كرويف: كرة القدم ارتبطت بالمال فضاعت القيم

أسطورة العالم الكروية أكد في آخر حوار مع «الغارديان» أن رؤية فان غال لتكتيكات اللعبة تختلف عن رؤيته

كرويف أثناء اللقاء مع «الغارديان» (تصوير: نيلز دين هان)
كرويف أثناء اللقاء مع «الغارديان» (تصوير: نيلز دين هان)
TT

كرويف: كرة القدم ارتبطت بالمال فضاعت القيم

كرويف أثناء اللقاء مع «الغارديان» (تصوير: نيلز دين هان)
كرويف أثناء اللقاء مع «الغارديان» (تصوير: نيلز دين هان)

عاد يوهان كرويف إلى مسقط رأسه، أمستردام، وفي يوم غائم في المدينة القديمة، حيث ولد، ونشأ وكانت بدايته كلاعب كرة قدم محترف مع أياكس في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) قبل 50 عاما، وهو يتنقل بهالة من التأنق المغلف بروح المرح وسط الجماهير التي تهتف باسمه وتحاول لمسه.
على الملعب الأوليمبي، حيث يمشي حول ساحة استأجرتها مؤسسته للاحتفال بهذا اليوم، تعد هذه تجربة في فن أن تكون يوهان كرويف. بابتسامة مرحة، يتفاعل الأسطورة، صاحب الـ67 عاما، مع الاحتفاء به، حتى عندما يعانقه رجل كبير يرتدي دمية على هيئة كرويف. هكذا يكون إحساس أن تكون نجم كرة قدم فوق العادة على مدى 5 عقود. إلى جانب مثله الأعلى في طفولته، ألفريدو دي ستيفانو، الذي رحل عن عالمنا هذا الصيف، وبيليه ودييغو مارادونا، ينتمي كرويف إلى رباعي عملاق يضيء عالم كرة القدم بشهرتهم شبه الأسطورية. على أن كرويف يبرز في مجال غير اللعب، ففي حين أن دي ستيفانو نجح كمدرب، فإن كرويف لمع وتألق في السنوات التي كان يدرب فيها برشلونة. وسبق أن قال دي ستيفانو، متذمرا، عن مهنة التدريب، إنه «بخلاف العمل مع اللاعبين صغار السن، هذه أبشع مهمة على الإطلاق».
وقد كان كرويف دائما يفكر بطريقة مختلفة. خلال الفترة الرائعة التي تولى خلالها قيادة برشلونة من خارج الخطوط، من 1988 إلى 1996. استخدم السرعة والمساحة والتدفق التكتيكي للكرة الشاملة، التي ابتدعها ومدربه في أياكس، رينوس ميتشلز، ليحدثا عملية تحول لفريق محتضر وبناء إرث دائم. ودائما ما يشدد أساتذة طريقة «التيكي تاكا» في برشلونة، من أمثال تشابي هيرنانديز وأندرياس إنيستا، على أن كل ما فعلوه كان مستندا إلى النموذج الذي أرساه كرويف. ومن إنشائه لأكاديمية الناشئين في لاماسيا إلى التدريبات التي أصقلت استحواذهم المثالي على الكرة، والضغط المستمر على المنافس، استغل برشلونة والمنتخب الإسباني نموذج كرويف للهيمنة على الكرة الأوروبية والعالمية. وقد أفل هذا العصر، حيث بلغ نهايته الرمزية في تلك الليلة من ليالي يونيو (حزيران) في بطولة كأس العالم (البرازيل 2014)، عندما أسقطت هولندا، بقيادة لويس فان غال، الذي بينه وبين كرويف كراهية متبادلة، إسبانيا بنتيجة 5-1. (لاماسيا مبنى يقع بالقرب من كامب نو ملعب نادي برشلونة، وهي أكاديمية للشباب تقوم بتدريب لاعبي نادي برشلونة الشباب).
بالطبع يتولى لويس فان غال الآن تدريب مانشستر يونايتد ويكافح للتغلب على مشكلات نظام ما بعد فيرغسون، في حين تحرر كرويف من ضغوط كرة القدم. ما زالت الحياة منهكة بالنسبة إلى كرويف، الذي يقول بكلمات يغلفها التعب إنه يحتاج إلى السفر من جديد إلى برشلونة: «بيته» الآخر، في تلك الليلة. ومع هذا، فالحياة أصعب بكثير بالنسبة إلى فان غال. نعود إلى استراحة منعزلة تطل على إحدى القنوات المائية المعتاد وجودها في أمستردام. كرويف ودود ومفعم بالحيوية لكنه متردد في بدء معركة أخرى مع فان غال، الذي أقر أنه يشعر بـ«تجاوب سيئ» تجاهه. ومع هذا فهو يستطيع أن يدلي بآراء مقتضبة عن الصعوبات التي يواجهها زميله الهولندي. هز كتفيه، لدى سؤاله عما إذا كان يتوقع أن ينجح فان غال في مانشستر يونايتد، وقال: «نأمل هذا لأنه سيكون في صالح الكرة الهولندية والمدربين الهولنديين الآخرين. لكن كيف سيحدث هذا؟ لا تعرف أبدا. وسيستغرق الأمر وقتا».
في 2011. لجأ كرويف، الذي كان آنذاك في مجلس إدارة أياكس، إلى القضاء لمنع إعادة تعيين فان غال مدربا للنادي، الذي كانا يشجعانه في سنوات الصبا. كما كانا أيضا ضمن فريق أياكس في بداية السبعينات، عندما لم يكن أمام فان غال الناشئ أي فرصة للعب مكان كرويف، المهاجم النجم. نجح كرويف في فرض نفسه كأفضل لاعب في أوروبا، في الوقت الذي عانى فيه فان غال في أندية مغمورة نسبيا مثل رويال أنتويرب وسبارتا روتردام. وعندما انتقل كرويف إلى مجال التدريب، في أياكس وفي برشلونة، تبعه فان غال في النهاية إلى كلا الناديين. ونجح الأخير بعد أربع سنوات، في إثبات نفسه في عالم التدريب، وتولى تدريب أياكس في 1991. وكانت هناك شائعات تقول إن مزيدا من الخلاف دب بين كرويف وفان غال، بعد سوء فهم على ما يبدو في عشاء كريسماس في 1989.
عادت الخصومة بين الرجلين إلى الظهور بعد 3 سنوات عندما بدا أن مجلس إدارة أياكس انتظر لحين عودة كرويف إلى برشلونة، لعقد اجتماع، للموافقة على قرار إعادة فان غال لتدريب الفريق. طرق كرويف السبل القانونية للطعن على القرار. وفي النهاية، ورغم قرار المحكمة الذي لم يكن في صالح كرويف، لم يعد فان غال إلى أياكس أبدا. وأصبح بدلا من هذا، مدربا لمنتخب هولندا في 2012. إذن، يصمت كرويف لبرهة، عند سؤاله مجددا عن مشاعره بشأن فرص فان غال في يونايتد. يقول: «لا أعرف لأن يونايتد اشترى وأنشأ فريقا جديدا تقريبا. ومن ثم عليك الآن أن تعمل على إحداث الانسجام في الفريق. الأمر لم يعد يتعلق بنوعية اللاعبين، أو إذا ما كانوا جيدين بما فيه الكفاية، لكنّ خلق مزيج من اللاعبين الجيدين أمر في غاية الصعوبة».
هل يرى أي منطق في سياسة يونايتد المتعلقة بالانتقالات، والتي تجعل فان غال الآن في حيرة أمام مواهب الكثير من المهاجمين مثل راداميل فاكاو وروبين فان بيرسي وواين روني وأنخيل دي ماريا وعدنان يانوزاي وخوان متا؟ يقول: «يجب أن يكون هنالك منطق دائما، لكن المشكلة الكبرى تتعلق بكيفية إدارة كل هؤلاء اللاعبين. ونفس الشيء ينطبق على برشلونة. لديهم الآن سواريز وميسي ونيمار – كيف تدفع بهم معا؟ إذا كنت تنظر إليهم من منظور القدرات الفردية فهم لاعبون كبار. ونفس الشيء ينطبق على مانشستر يونايتد؛ فمن الناحية الفردية لديك لاعبون كبار لكن يجب أن يلعبوا كفريق».
ويضيف: «وثمة مشكلة أخرى بعد ذلك. كل هؤلاء اللاعبين مشهورون. وهم يكسبون الكثير من الأموال سواء داخل الملعب أو خارجه. كيف تخلق فريقا وتجمع بين كل تلك الذوات المتضخمة كوحدة واحدة في إطار الفريق؟ الهدف الرئيسي بالنسبة إلى مانشستر يونايتد هو أن يلعبوا بشكل جيد – وألا يكون لديك لاعب يقول، (أنا ألعب بشكل جيد، وسجلت هدفين)، لأنه لو سجلت هدفين ودخلت شباكي ثلاثة سنخسر. يجعل هؤلاء اللاعبون فان غال أمام وفرة من اللاعبين الجيدين، لكن عليه أن يحولهم إلى فريق. ولا يمكنك أن تحدث الانسجام في صفوف الفريق في أسبوعين. الأمر يتطلب وقتا». هل يستغرق الأمر موسما كاملا حتى ينجح فان غال في تحويل صفقات مانشستر يونايتد التي تبدو عشوائية إلى فريق متماسك؟ يقول كرويف: «لا، لا.. هذا وقت طويل جدا. لكن لا يعني هذا أن الفريق سيفوز بالدوري. يمكن أن تجد أداء أفضل في كل أسبوع، ويمكنك أن تركز هدفك على أن تصل إلى حالة أفضل كفريق. ومن ثم فمن الممكن أن ينجح الأمر، لكن مرة أخرى، هل يستطيع هؤلاء اللاعبون تطوير أنفسهم من أجل الفريق؟ هذا ليس سهلا». هل بينه وبين فان غال أي أوجه للشبه، فيما يتعلق بفلسفتهما الكروية؟ يجيب كرويف: «لا، ليس كثيرا. كلانا هولندي وهذه دائما صفة مشتركة. لكنني أفكر دائما في أن أكون مسؤولا عن السرعة وعن الكرة في آن واحد. ربما يعرف (فان غال) أكثر مني، ولكنني أسعى دائما للتحكم في الكرة. ما الذي أفعله إذا لم أكن أتحكم بالكرة؟ أضغط من أجل استعادتها. إنها من طرق الدفاع. لكن الأهم هو أنني أريد أن أستحوذ على الكرة».
ويقول كرويف: «يتمتع فان غال برؤية جيدة لكرة القدم لكن رؤيته تختلف عن رؤيتي. هو يريد أن يجعل الفرق التي تحقق الانتصارات كتلة متماسكة، ولديه طريقة متشددة في تنفيذ تكتيكاته. أما أنا فأريد أن يفكر الأفراد بأنفسهم». هل يظل فان غال «متشددا» في تمسكه بـ«الأداء الجماعي»؟ يومئ كرويف، ويقول: «نعم. لكنني كنت دائما شخصا يحب أن يبدع شيئا بنفسه في إطار أداء الفريق. وأكون سعيدا إذا بدأ لاعبو الفريق في التفكير. جوسيب غوارديولا مثال جيد في هذا. عندما كان لاعبا كان مثاليا من الناحية التكتيكية، لكنه لم يكن يستطيع أن يدافع. وهذا هو ما قاله. قلت: (أتفق معك – بصورة جزئية. أنت مدافع سيئ إذا اضطررت لتغطية كل هذه المنطقة. لكن إذا استطعت أن تدافع خلال هذه المنطقة الصغيرة أعتقد أنك ستكون الأفضل. تأكد من أن هناك أشخاصا موجودين لمساعدتك في تغطية المناطق الأخرى. وطالما فعلت هذا يمكنك أن تكون مدافعا جيدا جدا. وقد فعل هذا وأصبح جيدا جدا». كما انتقد كرويف تردد فان غال، كما هو متصور عنه، في التركيز على تدريب اللاعبين كأفراد – وهو يكرر هذه النقطة. يوضح: «لهذا أؤمن بحصص التدريب للأفراد لإعداد اللاعبين بالصورة المناسبة. عليك الاعتناء بالفرد من أجل مصلحة الفريق – كما أظهر عملنا مع غوارديولا».
أصبح غوارديولا واحدا من تلاميذ كرويف وخليفته في النهاية في تدريب برشلونة، قبل أن يضفي تغييرا طفيفا على طريقته، وينتقل إلى بايرن ميونيخ العام الماضي. يعترف كرويف بإعجابه بالبايرن لكنه، في نفس الوقت، كما يقول: «ما زلت أحب برشلونة كثيرا جدا. كما أحب ريال مدريد. يؤدي هذا الأخير بطريقة مختلفة تماما عن طريقتي ولكن هناك انسجام بين عناصره. والآن لديهم فريق تنتظر مشاهدته لتعرف ماذا سيحدث. لديهم 3 لاعبين في وسط الملعب، أصحاب لمسات مثالية، ولكن لديهم 3 مهاجمين يحتاجون إلى مساحة حتى يتمكنوا من التحرك. إلى أين ستسير بهم الأمور؟ سوف نرى. كذلك تراجع برشلونة قليلا بسبب الأشخاص الذين عينهم في جهازه الفني. أنا لا أقول إنهم جيدون أو سيئون، وإنما من الصعوبة بمكان أن تسيطر على ميسي ونيمار. إذا لم تسيطر على هؤلاء اللاعبين فستكون هناك مشكلة. واجه ديفيد مويز ومانشستر يونايتد نفس المشكلة. يمكن لبعض الناس السيطرة على لاعبين معينين وأنت بحاجة لهذا – وإلا فلن ينجح الفريق. مويز مدرب جيد – لكنه لم يناسب مانشستر يونايتد». يهز كرويف رأسه وينتقل إلى زاوية أخرى. ويواصل حديثه قائلا: «كرة القدم ترتبط بالمال تماما الآن. وهناك مشكلات تتعلق بقيم اللعبة. وهذا أمر مؤسف لأن كرة القدم هي أجمل اللعبات. يمكننا أن نلعبها في الشارع، ويمكننا أن نلعبها في كل مكان. ويمكن لأي شخص أن يلعب كرة القدم، لكن تلك القيم قد ضاعت. ونحن نريد أن نستعيدها».
هل يعتقد بأن الوضع في إنجلترا، حيث يطغى الدوري الإنجليزي (البريميرليغ) على تطور اللعبة على الصعيد الوطني، على عكس البوندسليغا في ألمانيا، هل يعتقد بأن هذا الوضع سيتغير؟ يقول: «أتمنى. في البريميرليغ يمثل المال مشكلة لكنني لا أعرف فعلا كيف يمكن احتواء هذه المشكلة. إذا نظرت إلى إنجلترا أو حتى إسبانيا تجد مشكلات. كم عدد اللاعبين الإنجليز في أول أربع فرق في البريميرليغ؟ كم عدد المهاجمين الإسبان الذين يلعبون لبرشلونة أو ريال مدريد؟ نتحدث بعد يومين على الأداء الباهر لمنتخب روي هودغسون، والفوز الذي حققه على سويسرا بنتيجة 2-0. لكن تظل رؤية كرويف الأوسع مدى للتطور البطيء للاعبين الإنجليز الصاعدين، وحتى نظرائهم الإسبانيين في أندية قمة الدوري الإسباني، وثيقة الصلة بهذا الحديث. ويبدو من المثير للأسى أن يذكر كرويف، بعد عودته إلى أمستردام، المدربين الإنجليز الذين ساعدوه على الصعود في أياكس في أوائل الستينات. يقول: «أفكر في فيك باكنغهام الذي اختارني (لألعب لأول مرة في نوفمبر 1964). لكن حتى قبل فيك (الذي درب كرويف في أياكس وبرشلونة) كان هناك كيث سبورجيون، وهو ليس مشهورا، ولكنه كان من أول المدربين الذين قاموا بتوجيهي. تعلمت إنجليزيتي من كيث سبورجيون. كان لديه أطفال صغار وكنت صغيرا جدا أيضا ومن ثم فقد كنا نتحدث الإنجليزية معا وكان هذا رائعا».
عادة لا يعرف المدربون الإنجليز بابتكاراتهم التكتيكية – ومن ثم فهل كان سبورجيون وباكنغهام أكثر تفتحا ممن جاءوا بعدهم؟ يقول كرويف: «كانا منفتحين لكن، من الناحية التكتيكية، عليك أن تنظر أين كنا في ذلك الوقت. كانت كرة القدم جيدة في هولندا في ذلك الوقت، لكنها لم تكن احترافية فعليا. لقد أضفيا علينا قدرا من الاحترافية لأنهما كانا قد قطعا شوطا طويلا في هذا الاتجاه. لكن التفكير التكتيكي جاء في وقت لاحق مع ميتشلز. عندئذ بدأت هذه النقلة التكتيكية». حول كرويف رؤية ميتشلز إلى واقع عملي، وخاصة في برشلونة، لكن المدهش هو مدى فخره بعمله مع المؤسسة التي تحمل اسمه. بعد يوم على تكريس نفسه لقضية مساعدة الأطفال من ذوي الإعاقة على تطوير أنفسهم من خلال ممارسة الرياضات المختلفة، يقول كرويف ببساطة: «إنه عمل رائع، والمدهش هو أنه يمنحك المزيد. أحاول أن أساعدهم لكنهم يساعدونني أيضا. شرح لي رئيس اللجنة البارالمبية الدولية ذات مرة الفارق بين الأشخاص أصحاب الأجسام السليمة وذوي الإعاقة. قال: (الأشخاص ذوو الإعاقة لا ينشغلون بما لا يملكونه. هم فقط يفكرون فيما يملكونه). آه لو تعلمنا جميعا أن نفكر بهذه الطريقة. لدينا مؤسستنا والتي تضم الكثير من الشباب الذين يمكنهم مساعدة اتحاداتهم وأنديتهم ورياضاتهم. ومن الرائع أن ترى هذا يحدث لأنهم يفاجئونني دائما. إذا نظرت إلى ما يمكنهم عمله وكيف يمكنهم تطوير أنفسهم كأشخاص فستتعلم الكثير جدا من الأشياء».
يشاطر أسطورة كرة القدم السابق كرويف، دي ستيفانو متعة «العمل مع اللاعبين صغار السن». ومن خلال إرثه كلاعب ومدرب، يمكن لكرويف أن يشاهد فان غال من زاوية مستقلة – وأن يفكر فيما إذا كان خصمه سيستسلم، ولو بشكل عابر، لمقولة دي ستيفانو بأن التدريب هو «أبشع مهنة على الإطلاق». يبدو كرويف أكثر اهتماما بما سيحققه غوارديولا في موسمه الثاني في البايرن. قاد الإسباني البطل الألماني في مسيرة للدفاع عن لقب الدوري – لكنه لم يتمكن من الاحتفاظ بلقب دوري الأبطال الذي حققه في عهد يوب هاينكس في 2013. يجول كرويف بناظريه في الساحة الأوليمبية القديمة في أمستردام، ويقول بهزة كتف معتادة، أخيرا: «كما هو حال أي شيء في كرة القدم – وفي الحياة، عليك أن تنظر وأن تفكر وأن تتحرك. عليك أن تجد المساحة. عليك أن تساعد الآخرين. الأمر بسيط جدا في النهاية».



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».