باريس تلاحق الخلايا المتشددة وأجهزتها تنجح في تعطيل عملية إرهابية

تعاون أمني واستخباراتي غير مسبوق بين الأجهزة الفرنسية والبلجيكية

عناصر من شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسية في المنطقة التي ألقي فيها القبض على الإرهابي رضا كريكت في ضاحية بولوني قرب باريس (إ.ف.ب)
عناصر من شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسية في المنطقة التي ألقي فيها القبض على الإرهابي رضا كريكت في ضاحية بولوني قرب باريس (إ.ف.ب)
TT

باريس تلاحق الخلايا المتشددة وأجهزتها تنجح في تعطيل عملية إرهابية

عناصر من شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسية في المنطقة التي ألقي فيها القبض على الإرهابي رضا كريكت في ضاحية بولوني قرب باريس (إ.ف.ب)
عناصر من شرطة مكافحة الإرهاب الفرنسية في المنطقة التي ألقي فيها القبض على الإرهابي رضا كريكت في ضاحية بولوني قرب باريس (إ.ف.ب)

كل يوم يمر تتكشف معلومات جديدة عن الشبكات المتطرفة المتنوعة التي تعشش في البلدان الأوروبية، وعن قدرتها على التنقل والتخفي وتخزين السلاح والمتفجرات وارتكاب أعمال إرهابية تصفع الرأي العام الأوروبي وتضع الحكومات والأجهزة الأمنية في مواقف صعبة. ولعل الأهم من ذلك أن هذه الخلايا عرفت كيف تستفيد من الثغرات الأمنية التي ما زالت تحط من فعاليات الأجهزة المعنية رغم عشرات الاجتماعات والقمم والمؤتمرات التنسيقية على مختلف المستويات.
صباح أول من أمس، ألقت الأجهزة الأمنية الفرنسية في مدينة بولوني بيونكور، وهي ضاحية تقع جنوب غربي باريس، القبض على رضا كريكت، وهو مواطن فرنسي عمره 34 عامًا بعد شهرين ونصف الشهر من المتابعات والتحقيقات والرصد التي تسهلها حالة الطوارئ المعمول بها في فرنسا منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد يوم واحد من العمليات الإرهابية التي ضربت العاصمة وأوقعت 130 قتيلاً و350 جريحًا. ومساءً، قامت الشرطة ومعها اختصاصيون في الألغام والمتفجرات بمداهمة شقة كان يشغلها كريكت في مدينة أرجنتوي (شمال العاصمة)، حيث عثرت على ترسانة من الأسلحة (رشاشات كلاشنيكوف، مسدسات، مواد كيماوية لتصنيع المتفجرات وصواعق وأسلاك).
وبحسب وزير الداخلية برنار كازنوف، فإن القبض على كريكت «أتاح تعطيل مشروع عمل إرهابي كان قد وصل إلى مرحلة متقدمة من التحضير». فضل كازنوف تلافي الخوض في تفاصيل المخطط الإرهابي أو الكشف عن الأطراف الأخرى المتورطة فيه ربما لعدم إعاقة عمل المحققين، فاكتفى بتأكيد أن رضا كريكت كان «ضالعًا إلى حد كبير» في التحضير له. لكن الوزير الفرنسي نفى وجود علاقة بين ما كان يخطط له والعمليات التي ضربت بروكسل أخيرًا وقبلها باريس. كذلك لم يشأ كازنوف أن يتوقف كثيرًا عند شخصية كريكت الذي يخضع حاليًا للتحقيق في ضاحية لو فالوا بيريه (غرب باريس) من قبل المخابرات الداخلية. واللافت في الأمر أن كريكت وقبله الأخوان كواشي اللذين ارتكبا مقتلة صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة وأحمدي كوليبالي المسؤول عن عملية المتجر اليهودي في باريس، وإبراهيم وخالد البكراوي اللذين فجرا نفسيهما في مطار بروكسيل وفي مترو الأنفاق وغيرهم كثيرين مثل عبد الحميد أبا عود، المخطط الرئيسي لعمليات باريس، كلهم كانوا معروفين من قبل الأجهزة الأمنية إن كان في فرنسا أو في بلجيكا ومع ذلك استطاعوا التنقل بسهولة. بعضهم ذهب إلى سوريا وعاد منها ونجح في الإفلات من رقابة المخابرات والشرطة وهذه حال رضا كريكت وبعضهم كان يتنقل بحرية كاملة في البلدان الأوروبية ويقتني السلاح وينقله، وكذلك المواد المتفجرة التي تصنع منها الأحزمة الناسفة والعبوات. في 4 مارس (آذار) من عام 2014، صدرت بحق كريكت مذكرة توقيف دولية لدور لعبه في تجنيد المتطرفين وإرسالهم إلى ميادين القتال في سوريا في ألوية تنظيم داعش. قبل ذلك صدر حكم بالسجن خمس سنوات بحقه في فرنسا قبل أن يغادرها إلى بلجيكا. ورغم السجل العدلي «الثقيل» الذي يحمله، نجح في الذهاب إلى سوريا والعودة منها والاختفاء في الطبيعة. ولذا، كان كريكت كما عبد الحميد أباعود، الذي قتل في ضاحية سان دوني (شمال باريس) بعد خمسة أيام على العمليات الانتحارية لشهر نوفمبر في العاصمة الفرنسية، غائبًا عن محاكمته في بروكسل التي جرت في يوليو (تموز) من العام الماضي في موضوع تجنيد المتطرفين، حيث حكم عليه بالسجن غيابيًا لمدة عشر سنوات، بينما نال أباعود، غيابيًا أيضًا، عقوبة سجن من عشرين سنة.
كثيرون يعتقدون أن عمليتي بروكسل دفعتا الأجهزة الفرنسية إلى مضاعفة عمليات الدهم التي تقوم بها. لكن الواقع مخالف بعض الشيء رغم أن ما حدث في العاصمة البلجيكية يدفع من غير شك الأجهزة الفرنسية إلى تكثيف عمليات الدهم والملاحقات والتوقيفات باعتبار أن المسؤولين ما زالوا يكررون وعلى كل المستويات أن التهديد الإرهابي «لم يكن أبدًا بهذه الخطورة» في فرنسا. ففي السادس عشر من الشهر الحالي، ألقت الشرطة القبض على أربعة أشخاص (ثلاثة رجال وامرأة) في الدائرة الثامنة عشرة من باريس، وفي ضاحية سان دوني، وفي كلا المكانين تعيش جاليات أجنبية مهمة. وتظن الأجهزة الأمنية أن هؤلاء الأشخاص كانوا يخططون للقيام بعملية إرهابية في العاصمة الفرنسية. لكن توقيفهم وتوقيف العشرات منهم (الوزير كازنوف أشار إلى توقيف 75 شخصًا في الأشهر الثلاثة الأخيرة) مر من غير ضجيج، لأن الفرنسيين اعتادوا سماع مثل هذه الأخبار منذ يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، بعد مقتلة «شارلي إيبدو».
يومًا بعد يوم، تتكشف طبيعة العلاقات بين الخلايا المتطرفة في فرنسا وبلجيكا والترابط العضوي بينها. وتعتبر الأجهزة الفرنسية أن بلجيكا تمثل، إلى حد كبير، «الحديقة الخلفية» التي يتم فيها نسج المخططات الإرهابية والانطلاق منها لتنفيذها واقتناء الأسلحة الحربية والمتفجرات وكل ما هو ضروري لعمليات التنفيذ ثم الرجوع إليها للتخفي. وهذا ما فعله صلاح عبد السلام الذي قبض عليه الأسبوع الماضي في بروكسل وهو الشخص العاشر والوحيد الذي بقي حيًا من بين أفراد المجموعة التي نفذت اعتداءات باريس. ونجح عبد السلام الذي تكالب باريس باسترداده لمحاكمته في التخفي في الحي الذي نشأ وترعرع فيه طيلة أربعة أشهر، بينما كل أجهزة الأمن الأوروبية كانت مجندة للبحث عنه.
وأمس، نجحت العناصر الأمنية البلجيكية المولجة مكافحة الإرهاب في وضع اليد على شخص مشتبه به في حي شيربيك في بروكسل بفضل معلومة توفرت لها بعد القبض على كريكت. ويبدو أن الخيط الرابط بين الكثير من الضالعين في عمليات باريس وبروكسل هو صلتهم بالداعية خالد زركاني الذي يقبع في سجن بلجيكي حاليًا، وهو كان المسؤول عن تجنيد الشبان وإرسالهم إلى جبهات «داعش» في سوريا والعراق، وهي حال أبا عود وكريكت ونجم العشراوي الذي يعد خبير المتفجرات في المجموعة. وقتل العشراوي الذي وجدت بصماته على عبوات في باريس في عملية انتحارية في مطار بروكسيل بينما الشرطة البلجيكية لا تزال تجد للقبض على شخصين ظهرا في صور الفيديو، وهما يرافقان الانتحاريين الثلاثة (اثنان في المطار والثالث في مترو بروكسل).



مع تزايد الاحتجاجات... رئيس صربيا يقول إنه لن يهرب مثلما فعل الأسد

طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)
طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)
TT

مع تزايد الاحتجاجات... رئيس صربيا يقول إنه لن يهرب مثلما فعل الأسد

طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)
طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)

اتهم الرئيس ألكسندر فوتشيتش اليوم الخميس أجهزة استخبارات أجنبية بمحاولة عزله في أعقاب الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، قائلاً إنه لن يهرب من البلاد مثل الرئيس السوري بشار الأسد.

ونشر فوتشيتش مقطع فيديو على موقع «إنستغرام» يقول فيه: «سوف أقاتل من أجل صربيا، وأخدم فقط شعبي الصربي وجميع مواطني صربيا، لن أخدم الأجانب أبداً، الذين يسعون لهزيمة صربيا وإهانتها وتدميرها».

الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش (رويترز)

وكان خصوم فوتشيتش قد شبهوه بالأسد والزعماء الديكتاتوريين الآخرين، حيث توقعوا أنه ربما يحاول الفرار من البلاد في حال خسر قبضته الحديدية على السلطة في ظل الاحتجاجات الناجمة عن انهيار سقف محطة سكة حديد في مدينة نوفي ساد بشمال البلاد، مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً لما ذكرته وكالة أسوشييتد برس.

طلاب جامعة بلغراد يحتجون أثناء مؤتمر صحافي عقده الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أمام مكتبه في بلغراد (رويترز)

ويتهم المتظاهرون في نوفي ساد وبلغراد ومدن صربية أخرى الفساد المنتشر في البلاد بأنه السبب في الحادث، حيث أنه كان وراء أعمال التجديد السيئة في مبنى المحطة في نوفي ساد- ضمن اتفاق أوسع نطاقاً مع شركات صينية مشاركة في عدد من مشروعات البنية التحتية في صربيا.

وقال فوتشيتش إن الاحتجاجات، التي انضم لها مؤخراً طلاب الجامعات، ممولة من الغرب بهدف الإطاحة به وبحكومته «من خلال أساليب هجينة يتم توظيفها لتقويض البلاد».

وقال: «إذا كانوا يعتقدون أنني الأسد، وأنني سأهرب إلى مكان ما، فلن أقوم بذلك».

الاحتجاجات ناجمة عن انهيار سقف محطة سكة حديد في مدينة نوفي ساد بشمال البلاد مما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر الماضي (رويترز)

وأشار إلى أنه سيكشف خلال الأيام والأسابيع المقبلة «بالتفاصيل حجم الأموال التي تم دفعها خلال الأربعة أعوام الماضية لتدمير صربيا» وجعلها دولة تابعة «لا تتخذ قراراتها أو تختار مستقبلها، ولكن بدلاً من ذلك يتعين عليها الاستماع لشخص آخر والانصياع له».