تراجع أسعار الغاز يعيق السير في اقتصاد استهلاك الوقود

صناعة السيارات تحت ضغط الالتزام بمعايير كفاءة استهلاك الوقود

إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)
إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

تراجع أسعار الغاز يعيق السير في اقتصاد استهلاك الوقود

إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)
إحدى السيارات الكهربائية ماركة «بي إم دبليو» بمعرض نيويورك الدولي بالولايات المتحدة (إ.ب.أ)

منذ جرى الاتفاق على معايير فيدرالية جديدة للاقتصاد في استهلاك الوقود قبل خمس سنوات، اتجه صانعو السيارات، وبشكل منهجي، إلى تحسين نسب تسيير الأميال في سياراتهم، وكذلك إلى تخفيض الانبعاثات الضارة بالبيئة.
لكن على الرغم من استثمار مليارات الدولارات في تكنولوجيا ترشيد الوقود وإنتاج طرز أقل استهلاكا للوقود وإنتاج سيارات كهربائية، فإن صناعة السيارات ستقع تحت ضغط إنتاج سيارة تعمل بكفاءة 54.5 ميل لكل غالون من الوقود بحلول عام 2025.
والآن وفي ظل مراجعة منتصف المدة الضرورية لقوانين «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» المقرر البدء في تفعيلها الصيف المقبل، يتوقع أن يسعى منتجو السيارات إلى إدخال تعديلات على معادلة الحكومة بهدف زيادة الأميال وتقليص كمية غازات الانبعاث الحراري.
وقد تشمل التغييرات المقترحة تمديد الإطار الزمني لتنفيذ عدد الأميال المستهدفة وتوسيع اعتماد الانبعاثات بإضافة عوامل خاصة بالأمان والقيادة التلقائية، مثل الخطوة التي اتخذها صانعو السيارات الأسبوع الماضي بتنفيذ خاصية الإيقاف الذاتي في جميع طرز السيارات مع بداية العقد المقبل.
وصرحت غلوريا بريجكويست، المتحدثة باسم اتحاد مصنعي السيارات بواشنطن، بأنها تعتقد أنه «على الحكومة أن تبدأ في التفكير بشكل غير تقليدي وألا تكتفي بالنظر للأساليب التقليدية لتقليل انبعاثات الاحتباس الحراري».
وقد تتسبب جهود الصناعة لتقليل الأميال المستهدفة في إثارة أزمة مع إدارة الرئيس أوباما الذي تعهد بالعمل على تقليل الانبعاثات بمقتضى اتفاقية باريس للمناخ التي وقعت العام الماضي والتي اشتملت على زيادة كفاءة وقود المركبات.
وشرع مسؤولو الحكومات ومصنعو السيارات في السنوات الأخيرة في تبني موقف تعاوني مشترك يدرك الفائدة المرجوة من كفاءة الوقود، بدلا من التركيز على معايير تتعلق بكفاءة السيارة على الطريق.
وفى تقرير مرحلي صدر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أفادت وكالة حماية البيئة أن «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في السيارات الجديدة التي بيعت في الولايات المتحدة، تحسنت بواقع 26 في المائة خلل الفترة من 2004 – 2014، لتصل إلى 24.3 ميل لكل غالون من الوقود.
وقال كريستوفر غراندلر، مدير مكتب إدارة نوعية النقل ونوعية الهواء بوكالة حماية البيئة: «من الواضح أن معاييرنا حققت تقدما».
ويعتمد رقم 24.3 ميل لكل غالون على الأداء الفعلي، ويعد أقل من عدد الأميال التي تستخدم في حساب «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في الولايات المتحدة، التي كانت31 ميلا لكل غالون عام 2014.
واستطاع صانعو السيارات أيضا زيادة «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» عن طريق استخدام قائمة معقدة من اعتماد الانبعاثات التي أصدرتها الحكومة للابتكارات التكنولوجية مثل المصابيح الأمامية منخفضة الطاقة ونظام التبريد المتطور.
الأهم هو أن أغلب كبار صانعي السيارات دخلوا الآن في سباق لتحقيق «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» بالوصول إلى رقم 37 ميلا لكل غالون العام المقبل، وبعض تلك السيارات مثل سيارات شركة «فيات كرايسلر أتوموبيل» تسير الآن في هذا الطريق فقط لأنها قامت بشراء اعتماد انبعاثات من شركات أخرى.
لكن تحسين «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في أساطيل المركبات بدرجة كبيرة أصبح يمثل تحديا كبيرا في ضوء تكلفته المرتفعة.
قالت بريجكويست: «هم ملتزمون الآن، لكنهم قلقون من أنه في المستقبل قد تكون عملية الصعود أشد صعوبة».
دفع الانخفاض في أسعار الغاز كثيرا من المستخدمين لشراء الشاحنات والمركبات الرياضية بدلا من السيارات الصغيرة أو الهجين، أي التي تعمل بالوقود والكهرباء، أو التي تعمل بالكهرباء فقط.
ومع سعر الغالون الذي يحوم حول الدولارين، ارتفعت بدرجة كبيرة أسعار الشاحنات مرتفعة الاستهلاك للوقود حسب «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» الأميركية، وفي الوقت نفسه أصيبت مبيعات السيارات الكهربائية والهجين التي تعمل بالوقود والكهرباء بالركود في معارض بيع السيارات.
وأظهرت دراسة عن المبيعات الشهرية للسيارات أجرتها جامعة ميتشغان أن كفاءة الوقود أخذت في التدني منذ تراجع أسعار الغاز العام الماضي.
وكان وقت الذروة بالنسبة لكفاءة الوقود قد سجل في أغسطس (آب) 2014 عندما وصلت كفاءة «معايير اقتصاد استهلاك الوقود» في السيارات الجديدة المبيعة عند القيادة الفعلية على الطريق، إلى 25.8 ميل لكل غالون، غير أن الرقم تراجع بوتيرة ثابتة بعد هذا التاريخ، ففي أول شهرين من العام الحالي بلغ المعدل 25.2 ميل لكل غالون، «وعلى الرغم من أن كفاءة استهلاك الوقود في سيارات الركوب والشاحنات تحسنت عاما بعد آخر، فإن غالبية المستهلكين اختاروا بعضا من أقل المركبات كفاءة، خصوصا الشاحنات والسيارات الرياضية»، بحسب مايكل سيفاك، أحد المشاركين في إعداد الدراسة المُقدمة لإدارة أبحاث النقل بجامعة ميتشغان، بالتعاون مع زميله براندون شوتيل.
ويتبني صانعو السيارات الصغار معادلات معقدة للالتزام بـ«معايير اقتصاد استهلاك الوقود» اعتمادا على خطوط الإنتاج، فعلى سبيل المثال، تعد كفاءة استهلاك الوقود للشاحنات والسيارات الرياضية كبيرة الحجم أقل من تلك المطبقة على سيارات الركوب العادية. قالت بريجكويست: «تعد مطالب المستهلكين أحد الأمور التي تحتاج للعلاج»، مضيفة أنه «بمقدور صانعي السيارات إنتاج طرز من السيارات ذات كفاءة عالية في استهلاك الوقود، لكنهم لن يستطيعوا التحكم في المبيعات».
وبدأت المفاوضات مع الحكومة بالفعل قبل موعد مراجعة منتصف المدة التي تجريها وكالة حماية البيئة، في يونيو (حزيران) الماضي، بحسب بريجكويست.
ولم يطالب رسميا صانعو السيارات بعمل تغييرات على معاير اقتصاد الوقود حتى الآن، إلا أنهم شرعوا في بناء القضية، حيث أفادوا من خلال الأبحاث الأكاديمية والدراسات بأن معايير عام 2025 قم تم الاتفاق عليها بعدما قارب سعر وقود السيارات 4 دولارات للغالون، وبدأ المستهلكون في التفكير الجدي في الطرز ذات الكفاءة في استهلاك الوقود عند اقتناء سيارة جديدة.
ومع كثرة الحديث عن كفاءة استهلاك الوقود وعدد الأميال عاما بعد آخر، عمل صانعو السيارات على إضافة مزيد من السيارات الكهربائية والسيارات الهجين لموازنة المبيعات المتزايدة للسيارات ذات الكفاءة المنخفضة في استهلاك الوقود سواء في الشاحنات أو السيارات الرياضية. غير أن طرز الانبعاثات المنخفضة تعد الأقل انتشارا.
ويؤكد نشطاء البيئة أن صانعي السيارات ليسوا في حاجة إلى مبيعات كبيرة للسيارات الكهربائية لتحقيق أهداف «معايير اقتصاد استهلاك الوقود»، حيث إنه بمقدورهم تحقيق اقتصاد الوقود بشكل مستمر عن طريق إضافة التكنولوجيا الحالية مثل نظام «قف – ابدأ» الذي يمنع الكهرباء عن المحرك عندما تتعطل السيارة، وذلك في جميع المركبات.
وحسب دانيل بيكر، مدير «جماعة حملة المناخ الآمن»، «تنتج شركات السيارات كثيرا من الشاحنات وعددا أقل من سيارات الركوب»، مضيفا: «إلا أنها فشلت في استخدام أفضل ما لديها من تكنولوجيا مثل الشاحن التربو وخاصية (توقف – ابدأ) في جميع أساطيلها».
وبدلا من ذلك، تعتمد الشركات على اعتماد الانبعاثات لموازنة مبيعاتها المتزايدة من السيارات ذات الكفاءة المتدنية في استهلاك الوقود كالشاحنات والسيارات الرياضية.. «تلك الثغرات باتت موضع تساؤل وتحتاج إلى قدر من التشدد»، حسب بيكر.
ويلتزم أغلب صانعي السيارات بمعايير الوقود الحالية، وعملوا على تطوير كفاءة الوقود وتسيير الأميال في أغلب المركبات في خطوط الإنتاج بشكل متواصل باستخدام خامات أقل وزنا وتصميم أشكال إيرو - ديناميكية (للتغلب على مواجهة الهواء) ووضع محركات أصغر.
بيد أن النسخ الهجين التي تعمل بالكهرباء والوقود معا تحقق مبيعات منخفضة بالمقارنة بالطرز التي تعمل بالغازولين (وقود السيارات)، ويميل المستهلكون عادة إلى اختيار السيارات ذات المحرك الأكبر في الشاحنات بسبب انخفاض سعر الغاز.
ومن المقرر أن تعرض في الأسواق هذا الأسبوع مجموعة من السيارات الكهربائية الجديدة والهجين في معرض نيويورك الدولي السنوي للسيارات. ويعد نجاح طرز مثل «شيفروليه بولت» الكهربائية من إنتاج «جنرال موتورز»، و«فيات كرايسلر» الهجين، أمرا مهما لتطور كفاءة اقتصاد الأميال المطلوبة لتحقيق المعايير الفيدرالية في المستقبل.
وبحسب كارل برور، محلل بمؤسسة «كيلي بلو بوك» البحثية، فإن «رفع كفاءة الوقود يشبه عملية إنقاص الوزن، فأول خمسة أو عشرة أرطال هي الأسهل، لكن الأمر يزداد صعوبة بعد ذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز»
* خاص بـ {الشرق الأوسط}



تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
TT

تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

تلقّى الزخم القوي الذي يدعم أسهم الذكاء الاصطناعي ضربة مؤلمة، بعد تقرير مخيِّب من «أوراكل»، أعاد إلى الواجهة المخاوف من التقييمات المبالغ فيها واحتمال تشكّل فقاعة في القطاع.

ومع ذلك، يؤكد مستثمرون أن عوامل التفاؤل لا تزال قائمة، في حين يتجنَّب كثيرون الإعلان عن وصول السوق إلى ذروتها.

وقد تدفق المستثمرون على أسهم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، خلال العام مع تسارع تبنّي التكنولوجيا، وما تحمله من وعود برفع كفاءة الشركات الأميركية. لكن بعضهم يرى أن تلك الأسهم باتت متضخمة القيمة. وعبّر مستثمرون بارزون، بينهم مايكل بَري، عن تشاؤمهم، مقارنين طفرة الذكاء الاصطناعي حالياً بطفرة الإنترنت في التسعينات.

ورغم ذلك، ظل نشاط البيع على المكشوف محدوداً ومتركزاً على الشركات الصغرى، مع عدم إقبال يُذكر على الرهانات السلبية بشأن كبار اللاعبين في القطاع.

وجاءت المخاوف الأخيرة بعد تحذير «أوراكل»؛ فقد تراجع سهم الشركة بنسبة وصلت إلى 16.5 في المائة يوم الخميس، بعد إعلانها - وهي التي تحمل ديوناً كبيرة لتمويل مشاريعها الطموحة في الذكاء الاصطناعي - أن إنفاقها الرأسمالي للسنة المالية 2026 سيزيد بـ15 مليار دولار مقارنة بتوقعات سبتمبر (أيلول) الماضي.

وزادت «برودكوم» الضغط، مساء اليوم ذاته، بعدما حذرت من انخفاض هوامش الربحية نتيجة ارتفاع مساهمة إيرادات الذكاء الاصطناعي، مما دفع سهمها للتراجع في تداولات ما بعد الإغلاق.

هذا الهبوط أثّر على أسهم التكنولوجيا الأخرى، مع تصاعد القلق من تضخم الإنفاق على الذكاء الاصطناعي وتأخر ظهور العوائد. ومع ذلك، بقيت السوق الأوسع متماسكة، ونجح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» يوم الخميس في الارتفاع والإغلاق عند مستوى قياسي جديد.

وقال تشاك كارلسون، الرئيس التنفيذي لشركة «هورايزون سيرفيسيز إنفستمنت» في إنديانا: «أرى أن المسألة تخصّ (أوراكل) تحديداً، وليست مشكلة عامة في قطاع الذكاء الاصطناعي. (أوراكل) تحاول التحول إلى مزود ضخم للخدمات السحابية، لكنها لا تمتلك التدفقات النقدية أو القوة المالية التي تتمتع بها شركات مثل (ألفابت) و(مايكروسوفت) و(أمازون)... لا أعتقد أن هذا سيقوّض القطاع بأكمله».

تزايد التدقيق

وأشار محللون إلى أن المستثمرين أصبحوا أكثر انتقائية في تقييم الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ولم يعودوا يكافئون الإنفاق الكبير على هذا المجال بشكل تلقائي.

وقال مارك هاكيت، كبير استراتيجيي السوق في «نيشن وايد»: «شهدنا علاقة إيجابية لسنوات بين الإنفاق الرأسمالي المكثف وارتفاع أسعار الأسهم... لكن هذا تغيّر بشكل واضح خلال الأشهر القليلة الماضية».

وتعرض سهم «ميتا» في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) لهبوط بنسبة 11 في المائة بعد إعلانها أن نفقاتها الرأسمالية للعام المقبل ستشهد زيادة «ملحوظة» نتيجة استثمارات الذكاء الاصطناعي وتوسيع مراكز البيانات.

وكان الإنفاق الرأسمالي - وهو محرّك رئيسي لرهانات الذكاء الاصطناعي - قد عزّز أداء الأسهم منذ إطلاق «تشات جي بي تي» في نوفمبر 2022.

وقال روبرت غيل، مدير المحافظ في شركة «فيربانك» لإدارة الاستثمار: «كل هذا الإنفاق الضخم على الذكاء الاصطناعي يستغرق وقتاً أطول من المتوقَّع ليترجم إلى إيرادات سحابية».

البيع على المكشوف: حذر واضح

حتى المشككون في طفرة الذكاء الاصطناعي يترددون في الرهان ضدها. فقد قال بَري في منشور: «أعتقد أن سوق الأسهم تعيش مرحلة قد تتحول إلى قمة اندفاعية هائلة».

وقد زاد بَري مؤخراً انتقاداته لعمالقة التكنولوجيا مثل «إنفيديا» و«بالانتير»، مشيراً إلى تضخّم طفرة البنية التحتية السحابية. ويملك مركزاً للبيع على المكشوف في «بالانتير».

وقال مديرا صندوقين أميركيين كبيرين، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن المخاوف من فقاعة في الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها، مشيرين إلى أن شركات التكنولوجيا العملاقة تكافح لمجاراة الطلب المتزايد على مراكز البيانات.

وقال بيتر هيلربيرغ، الشريك المؤسس لشركة «أورتكس تكنولوجيز»: «من خلال تتبعنا لـ61 سهماً مرتبطاً بالذكاء الاصطناعي، لا نرى أي مؤشر على أن المستثمرين يشنون رهانات قوية على انفجار الفقاعة».

وتُظهر بيانات «أورتكس» ارتفاعاً في البيع على المكشوف لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة، في حين تبقى أكبر المستفيدين من الذكاء الاصطناعي خفيفة الانكشاف نسبياً لهذه الرهانات.

وأضاف «هيلربيرغ»: «شهدنا ارتفاعات محددة في مراكز البيع على المكشوف حول نتائج الأرباح والمخاطر الإخبارية، في بعض الأسماء المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل (أوراكل)، وقد بدت بعض هذه الرهانات أكثر وجاهة بعد الهبوط الحاد للأسهم. لكن الصورة العامة تُظهر شكوكاً انتقائية تجاه شركات بعينها، لا محاولة شاملة أو منسّقة للإعلان عن نهاية فقاعة الذكاء الاصطناعي».

تحوّل في قيادة السوق

الميزة البارزة للمستثمرين هي أن السوق الأكثر توسعاً لا تزال قوية رغم تعثر عدد من الأسماء الكبرى في الذكاء الاصطناعي. وبفضل سلسلة طويلة من الأداء المتفوق، بات قطاع التكنولوجيا يشكّل 35 في المائة من الوزن الإجمالي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» حتى إغلاق الأربعاء.

ويخشى المستثمرون أن يؤدي تراجع الزخم في أسهم الذكاء الاصطناعي - التي ساعدت المؤشر على الارتفاع 17 في المائة منذ بداية العام - إلى الضغط على السوق الأكثر توسعاً. لكن يوم الخميس، صمد المؤشر أمام عمليات البيع في أسهم الذكاء الاصطناعي، ما بدّد بعض المخاوف.

وقال هاكيت: «السؤال الأساسي هو ما إذا كان بالإمكان رؤية انتقال في قيادة السوق دون اضطراب كبير في المؤشر العام. وحتى الآن، الأمور تسير على ما يرام».


بولسون من «الفيدرالي»: السياسة النقدية لا تزال قادرة على إعادة التضخم إلى الهدف

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

بولسون من «الفيدرالي»: السياسة النقدية لا تزال قادرة على إعادة التضخم إلى الهدف

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

أكدت آنا بولسون، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، يوم الجمعة، أن تركيزها الأساسي ينصب على وضع سوق العمل، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أن السياسة النقدية الحالية لا تزال قادرة على إعادة التضخم إلى هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

وقالت بولسون، خلال كلمة ألقتها أمام اجتماع نظَّمته غرفة تجارة ولاية ديلاوير في ويلمنغتون: «بوجه عام، يقلقني ضعف سوق العمل أكثر من المخاطر المحتملة لارتفاع التضخم». وأضافت: «ويُعزى ذلك جزئياً إلى أنني أرى فرصةً جيدةً لانحسار التضخم خلال العام المقبل مع تراجع تأثير الرسوم الجمركية، التي كانت المحرك الرئيسي لارتفاع الأسعار فوق المستوى المستهدف هذا العام»، وفق «رويترز».

ورغم أنها لم تُدْلِ بأي تصريحات مستقبلية بشأن مسار أسعار الفائدة، فإنها شدَّدت على أن «سعر الفائدة الحالي على الأموال الفيدرالية، عند نطاق 3.5 في المائة إلى 3.75 في المائة، لا يزال يُعدّ تقييدياً إلى حد ما». وأوضحت أن هذا المستوى من الفائدة، إلى جانب التأثير التراكمي للسياسات الأكثر تشديداً في السابق، «سيساعد على خفض التضخم إلى 2 في المائة».

ووصفت بولسون سوق العمل بأنها «مرنة، لكنها لا انهار»، مشيرةً إلى أن خفض أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خلال الاجتماعات الـ3 الأخيرة يُعدّ «إجراءً وقائياً لمواجهة أي تدهور إضافي في أوضاع سوق العمل».

وكانت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، الجهة المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، قد خفّضت، يوم الأربعاء، النطاق المستهدف بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3.5 في المائة - 3.75 في المائة، في محاولة لتحقيق التوازن بين مخاطر ضعف سوق العمل ومستويات التضخم التي لا تزال مرتفعة. ولم يقدم «الاحتياطي الفيدرالي» - الذي تأثر بإغلاق الحكومة وغياب بيانات اقتصادية أساسية - أي توجيهات واضحة حول احتمالات خفض الفائدة في يناير (كانون الثاني).

وأشارت بولسون إلى أن البنك سيكون في وضع أفضل لمناقشة سياسة الفائدة مطلع العام المقبل، حين تنضم إلى لجنة السوق المفتوحة بصفتها عضواً مصوّتاً.

وقالت: «بحلول موعد اجتماع نهاية يناير، ستكون لدينا معلومات أوفر بكثير، آمل أن تساعد على توضيح توقعات التضخم والتوظيف، إضافةً إلى تقييم المخاطر المصاحبة».


ديون مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تقفز إلى 125 مليار دولار

صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)
صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

ديون مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تقفز إلى 125 مليار دولار

صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)
صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)

مع انتشار «حمّى الذكاء الاصطناعي» التي دفعت الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية، يتم تمويل مراكز البيانات اللازمة لتشغيل هذه التكنولوجيا بشكل متزايد عن طريق الديون، مما زاد المخاوف بشأن المخاطر.

وقال تقرير صادر عن «يو بي إس» الشهر الماضي، إن صفقات تمويل مراكز بيانات ومشاريع الذكاء الاصطناعي قفزت إلى 125 مليار دولار حتى الآن هذا العام، مقارنة بـ15 مليار دولار في الفترة نفسها من 2024، مع توقع أن يكون المعروض الإضافي من هذا القطاع محورياً لأسواق الائتمان في 2026، وفق «رويترز».

وقال أنتون دومبروفيسكي، متخصص محفظة الدخل الثابت في «تي رو برايس»: «يبدو أن الائتمان العام والخاص أصبح مصدر تمويل رئيسياً لاستثمارات الذكاء الاصطناعي، ونموه السريع أثار بعض المخاوف». وأضاف: «على الرغم من أن زيادة المعروض حتى الآن قوبلت بطلب صحي نسبياً، فإن هذه المنطقة تستحق المتابعة، خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار تقديرات الاحتياجات التمويلية الكبيرة».

وحذّر بنك إنجلترا الأسبوع الماضي، من أن الدور المتزايد للديون في طفرة بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، قد يزيد من المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي إذا حدث تصحيح في التقييمات.

وقال كريستوفر كرامر، مدير محفظة ومتعامل أول في فريق الائتمان الاستثماري لدى «نيوبيرغر»، لـ«رويترز»، إن السوق شهدت تحولاً هيكلياً مع تمويل كبرى شركات التكنولوجيا لطموحات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وأضاف: «لم تكن هذه الشركات محور تركيزنا في السوق من ناحية إصدار الديون، وهذا يتغير بشكل كبير... كلما حدث ذلك، يخلق كثيراً من الفرص». وأضاف: «نحن متحمسون من ناحية أن السوق تتغير، وستخلق ديناميكية مختلفة، ما يتيح فرصة لتحمل المخاطر وخلق قيمة لمستثمرينا».

وفيما يلي 5 نقاط رئيسية توضح كيف أصبح التمويل بالديون جزءاً متزايداً من سباق الذكاء الاصطناعي للمساحة:

1. «أوراكل»: ارتفاع عقود المبادلة ضد التخلف عن السداد يعكس قلق المستثمرين

انخفضت أسهم «أوراكل» بنسبة 13 في المائة يوم الخميس، مما أدى إلى بيع واسع في قطاع التكنولوجيا، بعد أن زادت الإنفاقات الضخمة والتوقعات ضعيفة الشكوك حول سرعة تحقيق العوائد من الرهانات الكبيرة على الذكاء الاصطناعي.

وقال مسؤولون تنفيذيون في شركات التكنولوجيا، التي كانت تعتمد طويلاً على التدفقات النقدية القوية لتمويل المبادرات الجديدة، إن هذه النفقات ضرورية لتكنولوجيا ستغير طبيعة العمل وتجعل الأعمال أكثر كفاءة، مشيرين إلى أن الخطر الأكبر يكمن في عدم الاستثمار الكافي وليس في الإفراط في الإنفاق.

وفي ذروتها في سبتمبر (أيلول)، كادت أسهم «أوراكل» تتضاعف منذ بداية العام بدعم من صفقة بقيمة 300 مليار دولار مع شركة «أوبن إيه آي»، لكنها انخفضت منذ ذلك الحين بنسبة 44 في المائة.

وفي سبتمبر، أشارت وكالة التصنيف الائتماني الأميركية «موديز» إلى عدة مخاطر محتملة في عقود «أوراكل» الجديدة، لكنها لم تتخذ أي إجراء بشأن التصنيف.

وقد أصبحت مستويات ديون «أوراكل» محور تركيز المستثمرين، في ظل زيادة إصدار الديون المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، فيما ارتفعت عقود المبادلة ضد التخلف عن السداد (CDS)، وهي شكل من أشكال التأمين ضد التخلف عن السداد، إلى أعلى مستوياتها خلال 5 سنوات على الأقل.

وباعت شركة «سابا» لإدارة رأس المال، التي يديرها بواز وينشتاين، مشتقات ائتمانية خلال الأشهر الأخيرة للمقرضين الباحثين عن حماية من شركات مثل «أوراكل» و«مايكروسوفت»، وفقاً لتقرير «رويترز» الشهر الماضي.

أسلاك داخل مركز بيانات «مايكروسوفت» قيد الإنشاء في ويسكونسن - الولايات المتحدة - سبتمبر 2025 (رويترز)

2. ارتفاع الاقتراض بدرجة الاستثمار المرتبط بالذكاء الاصطناعي

شهدت سوق الديون ذات الدرجة الاستثمارية تدفقاً هائلاً لإصدارات التكنولوجيا في الأشهر الأخيرة. وتضمنت الصفقات الضخمة في سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) 18 مليار دولار من «أوراكل»، و30 مليار دولار من «ميتا». كما أعلنت شركة «ألفابت»، مالكة «غوغل»، عن اقتراض جديد.

وتقدر «جي بي مورغان» أن الشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تمثل 14 في المائة من مؤشر الديون ذات الدرجة الاستثمارية، متجاوزة البنوك الأميركية بوصفها قطاعاً مهيمناً.

لكن صفقات شركات التكنولوجيا الكبرى لا تزال تمثل جزءاً بسيطاً من نحو 1.6 تريليون دولار المتوقع إصدارها من الديون ذات الدرجة الاستثمارية في الولايات المتحدة عام 2025.

3. مزيد من السندات مرتفعة العائد المرتبطة بالذكاء الاصطناعي

شهدت سوق الديون مرتفعة العائد، التي تضم الشركات ذات التصنيف الائتماني الأقل مع عوائد أعلى للمستثمرين، إصداراً متزايداً مرتبطاً بالذكاء الاصطناعي.

وبشكل عام، بلغ إصدار سندات التكنولوجيا المتعثرة مستوى قياسياً، وفقاً لبيانات «ديلوجيك».

وقال آل كاترمول، مدير محفظة الدخل الثابت وكبير المحللين في «ميرابو» لإدارة الأصول، إنه حتى 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، لم يستثمر فريقه في أي من السندات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي؛ سواء كانت ذات درجة استثمارية أو عالية العائد التي ظهرت مؤخراً في السوق. وأضاف: «حتى نرى تسليم مراكز البيانات في الوقت المحدد ووفق الميزانية، وتوفير قوة الحوسبة المطلوبة - ولا يزال هناك طلب عليها - فهي غير مختبرة. وبما أنها غير مختبرة، أعتقد أنك تحتاج إلى تعويض مثل الأسهم... وليس الديون».

4. الدور المتزايد للائتمان الخاص في تمويل الذكاء الاصطناعي

يلعب الائتمان الخاص - الممنوح من شركات استثمارية وليس البنوك - دوراً متزايداً في تمويل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.

وتقدر «يو بي إس» أن قروض الذكاء الاصطناعي من الائتمان الخاص قد تضاعفت تقريباً خلال الاثني عشر شهراً حتى أوائل 2025.

وتقدر «مورغان ستانلي» أن أسواق الائتمان الخاص قد توفر أكثر من نصف الـ1.5 تريليون دولار المطلوبة لبناء مراكز البيانات حتى 2028.

5. تجديد المنتجات المهيكلة

ستسهم المنتجات المهيكلة؛ مثل الأوراق المالية المدعومة بالأصول (ABS)، أيضاً في نمو صناعة الذكاء الاصطناعي، وفقاً لـ«مورغان ستانلي».

وتقوم هذه المنتجات بدمج الأصول غير السائلة مثل القروض، وديون بطاقات الائتمان، أو - في سياق الذكاء الاصطناعي - الإيجار المستحق لمالك مركز البيانات من مستأجر كبير في التكنولوجيا، في ورقة مالية قابلة للتداول.

وبينما تمثل البنية التحتية الرقمية 5 في المائة فقط، أي 82 مليار دولار، من إجمالي سوق الأوراق المالية المدعومة بالأصول الأميركية البالغة نحو 1.6 تريليون دولار، تشير بيانات «بنك أوف أميركا» إلى أنها توسعت أكثر من 9 أضعاف في أقل من 5 سنوات. وتقدر أن مراكز البيانات دعمت 63 في المائة من هذه السوق، ومن المتوقع أن تضيف من 50 إلى 60 مليار دولار من المعروض في 2026.

ويُنظر إلى الأوراق المالية المدعومة بالأصول بحذر منذ أزمة 2008، عندما تبين أن مليارات الدولارات من هذه المنتجات كانت مدعومة بقروض متعثرة وأصول معقدة وغير سائلة للغاية.