النظام يوافق على إدخال مساعدات إلى المناطق المحاصرة باستثناء دوما وداريا

الصليب الأحمر يعلن عن صعوبة في إيصالها

النظام يوافق على إدخال مساعدات إلى المناطق المحاصرة باستثناء دوما وداريا
TT

النظام يوافق على إدخال مساعدات إلى المناطق المحاصرة باستثناء دوما وداريا

النظام يوافق على إدخال مساعدات إلى المناطق المحاصرة باستثناء دوما وداريا

أعلنت الأمم المتحدة أمس أن النظام السوري أعطى «الضوء الأخضر» لإدخال قوافل مساعدات جديدة إلى مناطق محاصرة في البلاد، باستثناء مدينتي دوما وداريا المحاصرتين في ضواحي العاصمة السورية بمحافظة ريف دمشق، في حين قال متحدث باسم الصليب الأحمر إن توصيل المساعدات للمناطق المحاصرة في سوريا لا يزال صعبًا، على الرغم من اتفاق وقف الأعمال القتالية المطبق منذ نحو شهر، ودعا إلى السماح بوصول المساعدات بشكل منتظم لمن يحتاجونها.
يان إيغلند، رئيس مجموعة العمل الإنسانية حول سوريا، في منظمة الأمم المتحدة، أعلن أنه تلقى من حكومة النظام «ضوءًا أخضر شفهيًا بشأن ثماني أو تسع مناطق» من بين تلك المحاصرة أو التي يصعب الوصول إليها لإدخال المساعدات الإنسانية، مشيرًا في الوقت ذاته إلى إحراز مزيد من التقدم لإيصال المساعدات الماسة. غير أن إيغلند استدرك فأوضح أن نظام دمشق لم يعط المنظمات الإنسانية إذنًا لإدخال المساعدات إلى مدينتي دوما وداريا الواقعتين في ريف دمشق. وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من مائة ألف مدني في المدينتين بحاجة ماسة للإمدادات. وتعد دوما وداريا من أبرز معاقل الفصائل المعارضة والإسلامية التي تحاصرها قوات النظام في ريف دمشق، وتسيطر فصائل معارضة منذ عام 2012 على مدينة داريا في الغوطة الغربية، بينما تخضع مدينة دوما في الغوطة الشرقية لحصار من قوات النظام منذ أكثر من سنتين.
في أماكن أخرى من سوريا، لا يزال إيصال المساعدات إلى مدينة دير الزور، في شرق البلاد، التي يسيطر تنظيم داعش المتطرف على ستين في المائة من مساحتها، غير ممكن وفق إيغلاند، الذي أشار إلى وجود خطط لإيصال المساعدات عبر إنزالها جوا إلى السكان المحاصرين والذين يقدر عددهم بأكثر من مائتي ألف شخص. وحسب كلام المسؤول الأممي «إنها عملية كبيرة»، موضحًا أن برنامج الأغذية العالمي سيتولاها مع مساعدة لوجيستية من القوى الكبرى كالاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة. وكانت قد فشلت خلال الشهر الماضي محاولة برنامج الأغذية العالمي إلقاء أولى المساعدات الإنسانية من الجو إلى المحاصرين في دير الزور جراء أسباب تقنية و«خطأ في الأهداف».
أرقام إيغلاند تفيد أنه منذ مطلع العام الحالي، أدخلت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري مساعدات إلى 384 ألف سوري يعيشون في مناطق تصنفها الأمم المتحدة بالمحاصرة أو يصعب الوصول إليها. وتخطط الأمم المتحدة لإيصال مساعدات إلى أكثر من مليون سوري محاصرين حتى نهاية أبريل (نيسان) المقبل.
من ناحية أخرى، عما إذا كانت الهدنة المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع ساهمت بإيصال المزيد من المساعدات إلى المناطق المحاصرة، قال باول كرزيسيك، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، «فيما يخص وقف الأعمال القتالية.. حقيقةً لم أشعر بالفارق. صعوبة الوصول للمناطق لا تزال مستمرة لعدة أسباب هي، المفاوضات الإنسانية والأمن والتنسيق على الأرض والإجراءات». وأضاف كرزيسيك أن تراجع العنف وفّر بعض الراحة في مناطق مثل الحولة في محافظة حمص، حيث تمكن الصليب الأحمر والهلال الأحمر من تقديم مساعدات في حدث نادر الليلة الماضية لكن الوصول للمنطقة لا يزال غير منتظم بما يكفي. وقال: «حتى ولو أن الناس.. تلقوا مساعدات قبل الشتاء كما حدث قبل ستة أو سبعة أشهر فقد استهلك هؤلاء الناس الإمدادات»، مضيفا: «نحتاج لإتاحة وصول منتظم خاصة في مناطق مثل الحولة حيث وصلت المساعدات إلى 70 ألف شخص».
هذا، وتوجّهت أمس قافلة مشتركة للجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والأمم المتحدة تضم 27 شاحنة مساعدات إنسانية إلى قرى عدة في منطقة الحولة المحاصرة من قوات النظام منذ ثلاث سنوات، وفق بيان للصليب الأحمر. وكانت آخر قافلة مساعدات إنسانية دخلت إلى هذه المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) وفق إيغلاند. وتتحدث الأمم المتحدة عن وجود 18 منطقة محاصرة في سوريا وتقدر أن نحو 4.5 مليون سوري يعيشون حاليا في مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.