توتر في صنعاء بين «الانقلابيين» وتراشق إعلامي وتصعيد

صالح يسعى إلى استعراض قوته في ذكرى الحرب.. والحوثيون يلوحون بالتصدي

توتر في صنعاء بين «الانقلابيين» وتراشق إعلامي وتصعيد
TT

توتر في صنعاء بين «الانقلابيين» وتراشق إعلامي وتصعيد

توتر في صنعاء بين «الانقلابيين» وتراشق إعلامي وتصعيد

وصل التوتر والتصعيد الكلامي بين شركاء وحلفاء الانقلاب على الشرعية في اليمن؛ المتمردين الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح، خلال الساعات الماضية، إلى ذروته، وذلك بعد دعوة صالح من تبقى من أنصاره في حزب المؤتمر الشعبي العام إلى التظاهر، صباح بعد غد (السبت)، منفردين في «ميدان السبعين يومًا»، جنوب العاصمة صنعاء، دون مشاركة الحوثيين أو المتحوثين معهم، الذين بدورهم دعوا إلى مظاهرة مماثلة ولكن في مساء اليوم ذاته.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن أنصار صالح تلقوا تعليمات تقضي بعدم إشراك أي شخص لا يرفع صور «الزعيم» أو يرفع صورًا لعبد الملك الحوثي أو يردد شعار «الصرخة» الإيراني، الذي يردده الحوثيون، حيث يسعى صالح إلى استعراض قوته، في وقت بدأ عناصر في الحديث، علانية، لأول مرة في الشارع، عن أن قوات الحرس الجمهورية الموالية للمخلوع صالح، هي من تحارب وهي من سهلت للحوثيين تحقيق «الانتصارات» العسكرية واقتحام صنعاء وغيرها من المحافظات والمدن، ووفقًا لأحاديث لبعض المؤيدين لصالح، فإن الحوثيين، وبعد أن سيطروا على صنعاء وبعض المحافظات، بدأوا في ممارسة الإقصاء للموالين لصالح من عناصر حزب المؤتمر في المؤسسات الحكومية وغيرها، ووصل بهم الأمر إلى منع بث أي من خطابات صالح في وسائل الإعلام الحكومية التي يسيطرون عليها.
وبحسب مراقبين لـ«الشرق الأوسط»، فإن الخلافات والاختلافات، بين شريكي الانقلاب، كانت موجودة طوال العام الماضي، لكنهما كانا يحاولان تغطيتها وعدم إظهارها لتلافي نتائجها وآثارها السلبية على وضعهما العسكري في جبهات القتال، وكذا موقفهما السياسي، رغم أن تلك الاختلافات قد تجلت، مرات عدة، في الاشتباكات المتكررة بين الحرس الجمهوري والميليشيات الحوثية في عدد من المناطق والمحافظات، حول السيطرة والقيادة والاستحواذ على الأسلحة والأموال، فيما لا يخفي بعض أعضاء حزب المؤتمر الشعبي الموالي لصالح، غيظهم من السطوة العسكرة والقبضة الأمنية للحوثيين والتفرد والسيطرة الكاملة، على حسابهم.
ويرى الدكتور فيصل الحذيفي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة (غرب اليمن)، أن الضباط في العلاقة بين المخلوع صالح والحوثيين «هي إيران وليس اتفاقًا ثنائيًا لنذهب إلى مثل هذا التصعيد في فضاء مفتوح».
ويميل الحذيفي إلى فرضية وجود «مسرحية»، إن جاز التعبير «في معظم ما يجري من (توتر) في علاقة شريكي الانقلاب»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أنظر إلى هذا التهميش على كونه حقيقة، لأن عفاش (صالح) هو من سلم الدولة للحوثيين لينتقم من خلالهم من خصومه بقبح، ويترك لنفسه خط رجعة ليلقي اللائمة على الحوثيين. وبالتالي حتى رفع المظلومية من المؤتمر لا تحظى عند المتابع بمصداقية، فهي تبرئة للذات العفاشية من فداحة الإجرام ورميه إلى حلفائه. الدعوة إلى مناصرة صالح هي رغبة خالصة لعناصر حزب المؤتمر، لا علاقة للحوثيين بها». ويؤكد الحذيفي أن التحالف بين صالح والحوثيين «لم يتم لرغبة بينهما بعد حروب وثارات، لكن إيران هي من جمعت هذا التحالف، وهي الضامنة لهما، فالبرنامج إيراني وليس برنامج الحوثي أو صالح، فقد تحول تحالفهما إلى مجرد أدوات».
كما يؤكد أن عقد هذا التحالف «سينفرط في حال تم التفرد السياسي لهما دون معارضة داخلية أو تدخل إقليمي، عندها فقط سينفرط العقد بينهما وما يبرز على السطح من اختلاف لا يمكن التعويل عليه».
ويدلل أستاذ العلوم السياسية على كلامه بالقول: «لننظر فقط إلى المقاتلين حول مدينة تعز أو في نهم ومحيط صنعاء هل هم من فريق واحد أم حشد من الحوثيين وأنصار صالح؟ فإذا كان المقاتلون من طرف واحد فالقول بوجود خلاف يمكن تصديقه، أما في ظل وجود مقاتلين من التحالف الشيطاني فهذا لا يدل على خلاف حقيقي وإنما توازنات داخلية لا أكثر».
وفيما يرى البعض أن التهدئة التي تمت على الحدود بوساطة قبلية، وسعى إليها الحوثيون، تعد واحدة من أبرز نقاط الخلافات بين شريكي الانقلاب، فإن الدكتور الحذيفي لا يستبعد وجود تنسيق بين الطرفين لإبرام التهدئة «لأن الهدف هو تخفيف الضغط السعودي وتهدئة القصف الجوي ليتسنى لتحالف الشر إعادة التموضع داخليًا والتقاط الأنفاس، بما في ذلك إخراج أسلحة وعتاد من المخابئ حتى تكون في مأمن من القصف».
لكن الدكتور عبد الباقي شمسان، أستاذ علم الاجتماعي السياسي بجامعة صنعاء، يعتقد بأن هناك حالة من فك الارتباط غير المعلن بين الحوثيين وصالح، منذ فترة، وذلك بـ«فعل تباين الرهانات بين الحليفين، إذ إن بقاء الحوثيين في اليمن، شاكلة حزب الله يحقق الهدف استراتيجيًا ودوليًا، بينما المخلوع صالح يريد خروجًا آمنًا وبقاء أمواله واستمراره في العمل السياسي من خلال نجله أو في أضعف الأحوال عن طريق الشخصيات الموالية له في المؤتمر الشعبي العام، وتحت الهيكل نفسه».
ويردف لـ«الشرق الأوسط» دفعه نحو تصدر المشهد من خلال دعوته للتجمهر، وإثبات أنه القائد الفعلي والرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه، وأن الأوراق ما زالت بيده، ومن المحتمل أن يعمل على تجميع أكبر قدر من الموالين مدنيين وعسكريين لأسباب ذاتية شخصية وموضوعية، لا أعتقد أن هناك تقاسمًا للأدوار، هناك تباين في الرهانات صريح بين الحليفين.
ويتزامن انشغال شركاء الانقلاب بالخلافات حول الاحتفال بذكرى الحرب التي شنوها على المحافظات اليمنية، مع استمرار المعارك الطاحنة في معظم جبهات القتال، وخصوصًا جبهة تعز، وكذا الجبهات في المناطق الشرقية والشمالية بمحافظات شبوة ومأرب والجوف، وبنظر المراقبين في الساحة اليمنية، فإن تحالف الحوثي - صالح يسعى إلى تحقيق المزيد من النتائج على الأرض للدخول في جولة المفاوضات المقبلة والمتوقعة، منتصف الشهر المقبل، رغم أن التطورات الميدانية على الأرض تشير إلى خسائر كبيرة للمتمردين في معظم جبهات القتال.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.