باتو.. اللاعب الذي رحل من تشيلسي قبل أن يصل

صفقة اللاعب دلالة أخرى على سياسة التخبط التي مارسها النادي في موسمه الضائع

باتو (وسط) تدرب مع تشيلسي ولم يلعب (أ.ف.ب) -  باتو بعد التوقيع لتشيلسي («الشرق الأوسط»)
باتو (وسط) تدرب مع تشيلسي ولم يلعب (أ.ف.ب) - باتو بعد التوقيع لتشيلسي («الشرق الأوسط»)
TT

باتو.. اللاعب الذي رحل من تشيلسي قبل أن يصل

باتو (وسط) تدرب مع تشيلسي ولم يلعب (أ.ف.ب) -  باتو بعد التوقيع لتشيلسي («الشرق الأوسط»)
باتو (وسط) تدرب مع تشيلسي ولم يلعب (أ.ف.ب) - باتو بعد التوقيع لتشيلسي («الشرق الأوسط»)

الوداع إذن، يا بطة. لقد كان.. حسنا لم يكن هناك أي شيء فعليا. محير ربما، مكلف بالتأكيد، غير مفهوم من دون شك. أثارت التكهنات حول رحيل أليكساندر باتو المحتمل عن تشيلسي قبل نهاية عقده في الصيف على الأقل بعض الأسئلة الميتافيزيقية المثيرة.
هل من الممكن فعلا أن تقول إنك راحل بينما أنت - وفق أي معيار معقول - لم تصل أصلا؟ المؤكد أن باتو سيتخذ الآن مكانه على قائمة أسوأ صفقة على الإطلاق في الدوري الإنجليزي (البريميرليغ). في أحيان كثيرة قبل مباريات هامة لتشيلسي كان وجوده كلاعب في صفوف تشيلسي يضيف إلى سلسلة من النفقات في حساب بنكي، وصفر من الدقائق في الملعب، وبعض الوقت الذي قضاه وهو يرتدي البدلة الرياضية التابعة للنادي اللندني ويبدو غير مهتم كثيرا، في الوقت الذي لعب فيه الكثير من اللاعبين بشكل مؤقت في مركز قلب الهجوم، وكان المهاجم البديل الرئيسي لتشيلسي في مباراة فاصلة في دوري الأبطال هو برتراند تراوري، وهو ناشئ كل خبرته 13 دقيقة لعبها في البطولة.
وبينما يمضي باتو إلى لحظات أفول أخرى، ووجود مكلف من دون أي فائدة، ربما يكون مغريا أن نعتبر صفحة باتو بأكملها علامة إضافية على الارتباك والتخبط في موسم ضائع. باتو: «الرجل الذي لم يكن هنا» هي قصة بلا إجابة، أو يحتمل أن يكون لها إجابتين، لكن أي منهما ليست مفهومة كثيرا. وبتعبير العظيم جورج كوستانزا، فهذا الأمر أشبه بالبصلة. كلما نزعت قشرة خرجت رائحتها المنفرة.
التفسير الأول، وهو الأكثر وضوحا من حيث عدم صحته، هو تفسير يردده ذلك النوع من المضللين الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة، والذين يعتقدون أن كرة القدم الأوروبية تخضع بشكل كبير لسطوة وكلاء اللاعبين الذين ينقلون اللاعبين بين الأندية. وفق هذا التصور، يعد الشخص الذي ينبغي أن نشعر بمعظم الأسف بشأنه هو صديق باتو ومستشاره ووكيل أعماله، الإيراني كيا جورابشيان، الذي يفترض أنه اعتقد بحسن نية أن باتو سيكون لاعبا واعدا تماما بالفريق الأول في تشيلسي.
بالتأكيد كان هذا إظهارا رائعا للثقة في رجله، بالنظر إلى أن باتو كان منذ سنوات موهبة في طريقها للتطور، وقصة تستحق التوقف أمامها، من الإصابات، والعودة المتعجلة، والسلوكيات غير المنضبطة بوجه عام. في ميلان، تزوج باتو ستيفاني، وكان يصاحب باربارا برلسکونی ابنة رئيس نادي ميلان ورئيس وزراء إيطاليا في ذلك الوقت سيلفيو برلسکونی، ويواعد ملكة جمال الكون، بينما لم يسجل سوى هدف واحد في الدوري في موسمين. قال رئيس كورينثيانز البرازيلي العام الماضي: «كلنا نصلي ليلا ونهارا من أجل أن نبيع باتو». في تلك المرحلة بدا باتو مثالا ساخرا للإنفاق المبالغ فيه على صفقة شهيرة. ووصل هذا إلى حد أنه بحلول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كانت هناك تكهنات بأن عبارة «التعاقد مع البطة» يمكن أن تستخدم بدلا من «لحظة الأفول».
بعد ذلك، وبصورة مدهشة، تعاقد تشيلسي مع «البطة». نعم!! بطل الدوري الإنجليزي الفعلي! النادي الذي كان لا يزال في دور الـ16 لدوري الأبطال وفي حاجة ماسة إلى لاعب هداف. منذ ذلك الحين بات من السهل جدا للمراقبين المتهكمين أن ينظروا إلى هذه الصفحة بأكملها باعتبارها نتاجا للنفوذ الخارجي، والرغبة في مداهنة من يتحكمون في عمل الوسطاء وإبرام الصفقات. وفقا لهذا السيناريو، فإن لاعبا مثل باتو يمكن أن يصبح المقابل للصفقات الأوسع نطاقا، التي يتم إبرامها هنا وهناك، والتي تتم وفقا للأهواء.
بينما واقع الحال أن جورابشيان والآخرين غيره، هم ببساطة وسائل لعمل الصفقات في عالم معقد. ومثال على ذلك صفقة بيع راميريز الرائعة إلى نادي جيانغسو سونينغ الصيني مقابل 25 مليون جنيه، بعد يوم على وصول باتو. هكذا تعمل كرة القدم، وهي لعبة طويلة من العقود والروابط الموثوقة. أي عمل يمكن أن ينجح من دون ذلك؟ ويبقى أن التفسير الوحيد المتبقي بالنسبة إلى ما حدث مع باتو، هو أن كل ما كان هنالك هو سوء تقدير، وأن النادي كان يعتقد فعلا أن لديه مهاجم جاهز للعب ضمن صفوف الفريق الأول. كان هذا مجرد خطأ من الأخطاء التي تحدث كل يوم - وواحد من بعض الأخطاء التي وقع فيها النادي مؤخرا.
أنفق تشيلسي منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014، ما يصل إلى 100 مليون جنيه على لويتش رويمي وراداميل فالكاو، وناثان، وخوان كوادرانو، وبابي جيلوبوجي، ومايكل هيكتور، وباتو، وهو ما يمكن أن يكون أكثر المواسم من حيث الإنفاق العشوائي في تاريخ كرة القدم على الإطلاق. ومع وجود 31 من اللاعبين المعارين، تدور مواهب بقيمة 100 مليون دولار في فلك النادي، كأرواح من زمن آخر، أو سرب من الموتى الأحياء يضم 60 من لاعبي الفريق الأول الذين ينتظرون مقابلة أنتونيو كونتي (مدرب المنتخب الإيطالي المرشح بقوة لتدريب تشيلسي الموسم القادم) في أول أيامه. ولا يملك المرء إلا أن يتساءل ما هي خطة النادي بشأن هذا فعلا.
سيقول البعض إن هذا الاعتراض يسيء فهم طريقة عمل الأندية الكبرى الآن، حيث هناك هامش إهدار طبيعي مدمج في النموذج. تخيل تشيلسي كشركة صغيرة، شركة صغيرة لغسل السيارات، عندئذ، نعم سيتم تقييم كل العوائد والنفقات بشكل دقيق. لكن انظر إلى تشيلسي كما هو فعليا، كشركة أكبر بكثير - شركة كبرى لتنظيف السيارات، أو شركة أكبرى لتنظيف الملابس - وسيكون من الطبيعي أن تكون هناك نفقات مهدرة، وخسائر، تعوضها المكاسب الأكبر ما استمر المنتج في الظهور.
ربما يمكن النظر إلى هذه الحالة من التشتت الواضح بأفضل ما يكون باعتبارها نوعا من التضاد الثقافي. الجزء الأغرب من فوضى الأساليب والاستراتيجيات في تشيلسي هو أن النادي مملوك لرجل واحد، ومقيد فقد بحدود طموحاته الرياضية. ورغم هذا، فإن ما ظهر هو إلى حد ما طريقة إدارة روسية: غامضة، متعددة الطبقات، ومكان تتجه فيه السلطة من أعلى لأسفل، ثم تتم تنقيتها بعد ذلك عبر طبقات متنافسة، وساحة دوارة من الأطراف صاحبة المصلحة. تواصل العجلات الدوران. وينزل البط إلى البركة، يبقى لبرهة، ثم يطير بعيدا. وتواصل الآلة الضخمة ذات الصليل العالي الحرث في اتجاهات أخرى، والنظر في خطط أخرى، وفي نماذج أخرى متداخلة للمستقبل.
ينتظر غوس هيدينك مدرب تشيلسي أن يثبت ثلاثي الهجوم المؤلف من رادامل فالكاو ولوك ريمي وباتو أحقيتهم بالمشاركة ضمن التشكيلة الأساسية. وقال المدرب الهولندي «خاض فالكاو أوقاتا صعبة مع الإصابة. لكنه تعافى.. ويتدرب مع الفريق الأول منذ عشرة أيام. وعندما تعاقدنا مع باتو (في يناير/كانون الثاني) كنا أمام موقف صعب، حيث كان المهاجم الوحيد الجاهز لدينا هو كوستا. كان ريمي يعاني من مشاكل». جدير بالذكر أن غوس هيدينك مدرب تشيلسي قال في وقت سابق إن المهاجم البرازيلي باتو قد يشارك لأول مرة خلال المباراتين المقبلتين. وتعاقد تشيلسي مع باتو في يناير الماضي على سبيل الإعارة من كورنثيانز حتى نهاية الموسم. وقال هيدينك للصحافيين: «باتو متحمس وبالطبع لدينا الآن منافسة إيجابية بين المهاجمين والأجواء جيدة للغاية مع وجود دييغو (كوستا) المهاجم الأول».



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».