رسالة سرية تسلمها العبادي من أوباما أقنعته بالتحرك لإنقاذ سد الموصل

عكست إحباط الإدارة الأميركية من عدم أخذ بغداد الخطر على محمل الجد

عنصر في البيشمركة يتولى الحراسة قرب سد الموصل (رويترز)
عنصر في البيشمركة يتولى الحراسة قرب سد الموصل (رويترز)
TT

رسالة سرية تسلمها العبادي من أوباما أقنعته بالتحرك لإنقاذ سد الموصل

عنصر في البيشمركة يتولى الحراسة قرب سد الموصل (رويترز)
عنصر في البيشمركة يتولى الحراسة قرب سد الموصل (رويترز)

في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في دافوس بسويسرا وسلمه رسالة شخصية من الرئيس باراك أوباما طالبه فيها بتحرك عاجل.
لم تكن الرسالة السرية من أوباما إلى العبادي - التي أكدها مسؤولان أميركيان لوكالة «رويترز» ولم يسبق أن نشرت أخبار عنها - تتعلق بتنظيم داعش أو الانقسام الطائفي في العراق، بل كانت تتعلق بكارثة محتملة بسبب الحالة المتردية لأكبر سد في البلاد والذي يمكن أن يؤدي انهياره إلى طوفان يقتل فيه عشرات الآلاف ويتسبب في نكبة بيئية.
ويشير تدخل الرئيس الأميركي شخصيا إلى مدى تصدر تداعي سد الموصل قائمة الاهتمامات الأميركية في العراق الأمر الذي يعكس المخاوف من أن يؤدي انهياره إلى تقويض الجهود الأميركية لتثبيت حكومة العبادي وتعقيد الحرب على تنظيم داعش. كما يعكس هذا التدخل شعورا متناميا بالإحباط. فقد شعرت الحكومة الأميركية أن بغداد لا تأخذ الخطر على محمل الجد بما يكفي وذلك حسبما وضح في مقابلات مع مسؤولين بوزارة الخارجية ووزارة الدفاع والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وغيرها من الوكالات.
وقال مسؤول أميركي طلب مثل بقية المصادر عدم نشر اسمه: «إنهم يتثاقلون في التحرك في هذا الأمر».
وامتنعت الحكومة العراقية عن التعليق رسميا على هذه التأكيدات أو على رسالة أوباما.
وتقول وثيقة حكومية أميركية نشرت في أواخر فبراير (شباط) إن ما بين 500 ألف و47.‏1 مليون عراقي يعيشون في المناطق الأكثر عرضة من غيرها للخطر على امتداد نهر دجلة «لن يبقوا على الأرجح على قيد الحياة» من تداعيات الطوفان ما لم يتم إجلاؤهم إلى مناطق آمنة. وستجرف المياه في طريقها لمئات الكيلومترات قذائف لم تنفجر ومواد كيماوية وكذلك الجثث والمباني. وتقول الوثيقة إن الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية والبيئة واسعة الانتشار ستؤدي إلى تعطل نظام الحكم وسيادة القانون.
وامتنع المسؤولان الأميركيان عن الكشف عن محتوى رسالة أوباما على وجه الدقة. ولم يتسن التأكد من تأثير الرسالة على الحكومة العراقية. غير أنه بعد 11 يوما من تسليمها أعفى الحزب السياسي لوزير الموارد المائية محسن الشمري الوزير من المسؤولية عن السد وذلك حسبما ورد في بيانات منشورة.
وكان الوزير قد هون علانية من الخطر الذي يمثله السد.
وقال مصدر في الحكومة العراقية تم إطلاعه على الخطط الخاصة بسد الموصل أن علاقات الولايات المتحدة بالشمري، الحليف لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المعادي للولايات المتحدة، تدهورت بشدة لدرجة أن الوزير كان ينسحب من الاجتماعات التي يحضرها السفير الأميركي لدى العراق ستيوارت جونز.
وأكد مسؤول في السفارة الأميركية في بغداد أن الشمري كان يرفض حضور الاجتماعات مع جونز.
وأضاف المسؤول أنه تم إبلاغ المسؤولين الأميركيين في إحدى المرات أن الشمري جلس في حجرة مجاورة واستمع إلى ما دار في الاجتماع عبر دائرة صوتية. غير أن المسؤول قال: إن التعاون مع العبادي كان يسير بلا أي مشاكل.
ولم يعلق الشمري علانية على الاجتماعات. وكان قد أشار إلى أن التكهنات المتعلقة بالسد ليست سوى عذر لإرسال المزيد من القوات الأجنبية إلى العراق.
وفي الثاني من مارس (آذار) وقع العراق عقدا بقيمة 296 مليون دولار مع مجموعة «تريفي» الإيطالية لتدعيم السد الواقع في شمال العراق والذي ظل بحاجة لهذا التدعيم منذ بنائه في أوائل الثمانينات على عروق من الجبس الذي يمكن أن يذوب في الماء. وقالت إيطاليا إنها سترسل 450 جنديا للمساعدة في حماية السد.
وحسب المسؤولين الأميركيين فإن قرار أوباما إرسال رسالته للعبادي كان من دوافعه تقارير مقلقة من المخابرات الأميركية ودراسة جديدة أجراها سلاح المهندسين بالجيش الأميركي أظهرت أن السد غير مستقر بدرجة أكبر من الاعتقادات السابقة. وقال بول سالم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط، وهو من المؤسسات البحثية في واشنطن، إنه إذا انهار السد فإن ما سينجم عن ذلك من فوضى وأضرار قد يتسبب في انهيار حكومة العبادي حليف الولايات المتحدة ويمثل نقطة سوداء فيما سيذكره التاريخ عن أوباما.
وقال المسؤولون والمحللون الأميركيون والعراقيون إن مساعي إصلاح السد الواقع على بعد 48 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدينة الموصل تعطلت بسبب الفوضى التي سادت الوضع الأمني في العراق والانقسامات السياسية في بغداد بالإضافة إلى عدم تحقق الإنذارات في السنوات السابقة وكذلك الانقسامات الثقافية.
ويقر المسؤولون الأميركيون بأن العبادي - الذي تزيد أعباؤه بسبب الحرب على تنظيم داعش والخلافات السياسية والعجز في الميزانية نتيجة لهبوط أسعار النفط - يركز الآن على السد ويشرف على الجهود الرامية لإصلاحه. وقال مسؤول كبير بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية: «وصلنا إلى نقطة لم يكن فيها شك أن العراقيين يولون الأمر اهتمامهم».
غير أن مجموعة «تريفي» تقول إن إعداد موقع العمل سيستغرق أربعة أشهر. ويواجه السد المستخدم في توليد الكهرباء ويبلغ طوله 5.‏3 كيلومتر أكبر خطر فيما بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) من جراء ارتفاع مناسيب المياه بسبب ذوبان الثلوج. وقال المسؤولون إنه لا بد من استخدام شاحنات لنقل مواد حقن السد من تركيا لأن المصنع السابق يقع في الموصل وأصبح الآن تحت سيطرة «داعش».
ويرى بعض المسؤولين العراقيين أن واشنطن تطلق إنذارات عالية فيما يتعلق بالسد لتبرئة نفسها من المسؤولية. ويضيف هؤلاء المسؤولون أنه كان بوسع الولايات المتحدة التي غزت العراق عام 2003 أن تسعى إلى حل له صفة الدوام بدرجة أكبر قبل سحب قواتها المقاتلة من البلاد عام 2011 لكنها واصلت ببساطة تشغيل السد بأقل تكلفة ممكنة.
ولا توجد أي بادرة على أن انهيار السد وشيك. لكن السد بني على ما وصفه المسؤول الكبير بوكالة التنمية الدولية بأنه «المقابل الجيولوجي للجبن السويسري». وأضاف أن جدارا من المياه ارتفاعه 14 مترا سيغرق مدينة الموصل في غضون أربع ساعات من انهيار السد وسيعادل بالتقريب موجة المد العاتية التي ضربت اليابان في ذروة كارثة عام 2011.
وتوقفت أعمال الصيانة بعد أن سيطر تنظيم داعش على السد لمدة أسبوعين في أغسطس (آب) عام 2014 مما أدى إلى تشتت العاملين وتدمير المعدات. واستؤنف العمل في الشهور الأخيرة، لكن المسؤولين قالوا: إن الحيلولة دون انهيار السد تحتاج لخبرات دولية. ورغم أن التقرير الكامل الذي أعده سلاح المهندسين بالجيش الأميركي لم ينشر فقد ظهرت على موقع البرلمان العراقي على الإنترنت الشهر الماضي بتاريخ 30 يناير شرائح تلخص ما خلص إليه من نتائج. وقالت إحدى الشرائح إن كل ما تم جمعه من معلومات في العام الماضي يشير إلى أن سد الموصل يواجه خطر الانهيار بدرجة أكبر كثيرا مما كان معتقدا من قبل وأن هذا الخطر أكبر اليوم مما كان عليه الأمر قبل عام. وقال مسؤول عراقي كبير مشترطا عدم نشر اسمه إن التقييم الأميركي ساهم في قرار استكمال التعاقد مع مجموعة «تريفي» بعد محادثات استمرت شهورا.
ودرس ريتشارد كوفمان الأستاذ المساعد للهندسة المدنية بجامعة أركنسو صور الرادار التي التقطتها الأقمار الصناعية وتوصل إلى أن السد يهبط في التربة ثمانية ملليمترات كل عام. وقال إن استئناف أعمال الحقن لا يمثل سوى حل مؤقت وإن الأمر يتطلب حلا طويل الأجل.



10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أفاد مُسعفون متطوعون أن عشرة مدنيين سودانيين قُتلوا، وأصيب أكثر من 30 في غارة جوية جنوب الخرطوم.

وقالت غرفة الاستجابة الطارئة بالمنطقة، وهي جزء من شبكة من المتطوعين في جميع أنحاء البلاد يعملون على تنسيق إيصال المساعدات في الخطوط الأمامية، إن الضربة التي وقعت، الأحد، استهدفت «محطة الصهريج بمنطقة جنوب الحزام، للمرة الثالثة في أقل من شهر».

وقالت المجموعة إن القتلى قضوا حرقاً، وإن بين الجرحى الثلاثين خمسة في حالة حرجة لإصابتهم بحروق من الدرجة الأولى.

ونُقل بعض المصابين والجثامين المتفحمة إلى مستشفى بشائر الذي يبعد أربعة كيلومترات عن موقع القصف، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

ويأتي الأهالي إلى منطقة الصهريج من مناطق مختلفة بغرض التبضع وشغل أعمال هامشية مثل بيع الأطعمة والشاي.

وقالت المجموعة إن قصف محطة الصهريج، للمرة الثالثة في أقل من شهر، «ليس سوى جزء من حملة تصعيد مستمرة تدحض ادعاءات أن القصف يركز فقط على الأهداف العسكرية، حيث تتركز الغارات على المناطق السكنية المأهولة».

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب بين الجيش النظامي السوداني وقوات «الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف. وفي العاصمة وحدها، قُتل 26 ألف شخص بين أبريل 2023 ويونيو (حزيران) 2024، وفقاً لتقرير صادر عن كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.

وشهدت الخرطوم بعضاً من أسوأ أعمال العنف في الحرب، حيث جرى إخلاء أحياء بأكملها. ولم يتمكن الجيش، الذي يحتكر الأجواء بطائراته النفاثة، من استعادة السيطرة على العاصمة من قوات «الدعم السريع».

وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن ما يقرب من ثلث النازحين داخل السودان، البالغ عددهم 11.5 مليون شخص، فرُّوا من العاصمة.

واتُّهمت قوات «الدعم السريع» والجيش مراراً باستهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية دون تمييز.