باريس تدعو إلى تعبئة أوروبية للحرب على الإرهاب

تدابير أمنية إضافية في المطارات والموانئ والمحطات والمواقع الحساسة على كل الأراضي الفرنسية

باريس تدعو إلى تعبئة أوروبية للحرب على الإرهاب
TT

باريس تدعو إلى تعبئة أوروبية للحرب على الإرهاب

باريس تدعو إلى تعبئة أوروبية للحرب على الإرهاب

عادت أجواء القلق لتخيم على العاصمة الفرنسية بعد العمليات الإرهابية التي ضربت بروكسل صباح أمس. وسارعت باريس، بصوت رئيس الجمهورية الذي دعا على عجل إلى اجتماع أمني رفيع ضم رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية، إلى التعبير عن التضامن مع بلجيكا وتوثيق التعاون الأمني وتصعيد الحرب على الإرهاب. كذلك عمدت السلطات إلى تشديد الإجراءات الأمنية في باريس والمدن الكبرى.
وتبدو باريس معنية بشكل مباشر وأكثر من أي عاصمة أوروبية أو غير أوروبية بما حصل في بروكسل أولا، لأن اليد الإرهابية نفسها ضربتها بقساوة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وقبلها في شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2015.
وثانيا لأن أربعة من الذين نفذوا العمليات الإرهابية إما أنهم يحملون الجنسية الفرنسية ويقيمون في بروكسل، أو من سكان ضاحية مولنبيك المعروفة بإرسالها العشرات من «المتطرفين» إلى سوريا.
وثالثا، لأن صلاح عبد السلام، الرجل الأخير الذي ما زال حيا من المجموعة الإرهابية التي استهدفت باريس وضاحية سان دوني ألقي القبض عليه في الحي المذكور الأسبوع الماضي وتأمل باريس استرداده لجلاء كامل الخيوط التي أحاطت بعمليات نوفمبر واستنطاقه بشأن الخلايا الفاعلة أو النائمة ما من شأنه مساعدة الأجهزة الأمنية على توضيح مناطق الظل وأخيرا لسوقه إلى المحاكمة.
وأخيرا، لأن الأجهزة الأمنية الفرنسية تجهد لوضع اليد على المواطن البلجيكي من أصل مغاربي نجم العشراوي وهو خبير متفجرات عاد من سوريا بجواز سفر يحمل اسم سفيان كيال عبر المجر في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي. وظهرت هوية العشراوي مؤخرا، وتعده باريس، إلى جانب عبد السلام، أحد مهندسي العمليات الإرهابية في العاصمة الفرنسية في الخريف الماضي.
ويرى أكثر من مصدر أمني فرنسي أن هناك علاقة مباشرة بين القبض على صلاح عبد السلام وبين العمليات الإرهابية أمس في العاصمة البلجيكية. ففي نوفمبر، وصل الإرهابيون العشرة الذين استهدفوا مسرح الباتاكلان ومطعمين في قلب باريس والملعب الكبير القائم في ضاحية سان دوني وأوقعوا 130 قتيلا و350 جريحا، إلى باريس بالسيارات من بروكسل. وفي اليوم التالي، نجح صلاح عبد السلام في العودة إلى العاصمة البلجيكية بفضل المساعدة التي قدمها له اثنان من أصدقائه اللذان قدما أيضا منها ونقلاه إليها.
ويعتبر الخبراء أن بروكسل وحي مولنبيك كحاضن للتطرف تحولتا إلى «قاعدة خلفية» للتخطيط للعمليات الإرهابية والانطلاق منها كما أنها منذ زمن طويل سوق للأسلحة الحربية. وتبين التحقيقات أن الكثير من الأسلحة التي استخدمت في فرنسا في عمليات إرهابية جاءت من بلجيكا.
ورأى ماتيو غيدير وهو أستاذ جامعي متخصص بشؤون العالم الإسلامي أن توقيف صلاح عبد السلام «لا بد أنه ساهم بتسريع العمليات الإرهابية في بروكسل المخطط لها منذ فترة طويلة».
وأضاف غيدير أن المسؤولين الأمنيين وغير الأمنيين الفرنسيين والبلجيكيين «هللوا كثيرا واعتبروا أنهم انتصروا على (داعش)» بينما عبد السلام لا يعدو كونه أداة تنفيذية. ولذا، يرى الخبير أن ما عاشته بروكسل هو «رسالة مباشرة من داعش» إلى هؤلاء المسؤولين، وقوامها أن التنظيم يستطيع أن يضرب أينما أراد ومتى يشاء.
صباح أمس، بكر رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند بالدعوة إلى اجتماع طارئ في قصر الإليزيه للتباحث في الوضع الأمني وانعكاسات الهجمات الإرهابية على فرنسا والنظر في التدابير الإضافية الواجب اتخاذها. وجاء الرد الفرنسي بشقين: الأول سياسي وتمثل في «الرسائل» التي بعث بها رئيسا الجمهورية والحكومة ووزير الخارجية. والثاني أمني محض وهو ما أنيط بوزير الداخلية برنار كازنوف.
في الكلمة التي ألقاها صباحا، دعا الرئيس هولاند العالم كله لأن «يعي خطورة التهديد الإرهابي» الذي وصفه بأنه «شامل ويتطلب ردا شاملا»، داعيا بلدان العالم إلى «التحرك على المستوى العالمي» وتحمل مسؤولياتها كما تفعل فرنسا في سوريا والعراق وبلدان الساحل وأفريقيا. وأكد هولاند أن بلاده ستستمر «من غير هوادة في حربها على الإرهاب»، معتبرا أن هذا الإرهاب ضرب بلجيكا «لكن المقصود أوروبا والعالم كله معني به». وإذ أعرب الرئيس الفرنسي عن تضامن بلاده مع بلجيكا، حث الأوروبيين على تعبئة قواهم وإمكاناتهم لمكافحة الإرهاب والتأكد من أن التدابير والإجراءات التي أقرت على المستوى الأوروبي عرفت طريقها إلى التنفيذ. بيد أن الأهم في رسالة هولاند هي تأكيده على أن الحرب على الإرهاب «ستكون طويلة». وبالنظر إلى الانقسامات السياسية التي تعيشها فرنسا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية الربيع القادم، دعا هولاند مواطنيه إلى التمسك بـ«الوحدة الوطنية»، كما دعا الأوروبيين والدول التي تحارب الإرهاب إلى «التضامن» فيما بينها وتوثيق التعاون.
ما قاله هولاند شدد عليه رئيس الحكومة مانويل فالس الذي ذكر أن بلاده وأوروبا في حالة حرب وهي، منذ أشهر كثيرة، هدف لأعمال حربية «إرهابية». وأضاف فالس المعروف بتشدده في الدعوة لمحاربة الإرهاب والفكر «الجهادي» في الداخل والخارج، أنه بمواجهة هذا التهديد، يتعين على البلدان المستهدفة أن تكون «كاملة التعبئة بشكل دائم».
وجاءت العمليات الإرهابية في بروكسل فيما مجلس الشيوخ الفرنسي كان يتأهب للاقتراع على مشروع تعديل الدستور الذي أعدته الحكومة وأحد بنوده نزع الجنسية عن مرتكبي الأعمال الإرهابية أو الضالعين فيها بشكل أو بآخر. لكن يبدو أن المشروع الحكومي لن يمر بسبب رفض مجلس الشيوخ صيغة المشروع كما صوت عليها النواب الفرنسيون، بينما يفرض القانون أن يكون النص المصوت عليه هو نفسه في المجلسين «الشيوخ والنواب» على أن يطرح مجددا للتصويت في اجتماع مشترك. وحتى يتم تبنيه يجب أن يحصل على ثلاثة أخماس أعضاء المجلسين.
أما على الصعيد الأمني، وفيما توقفت حركة القطارات السريعة وكذلك حركة الطيران بين باريس وبروكسل، فقد سارعت وزارة الداخلية الفرنسية إلى تشديد الرقابة والتدابير الأمنية الاحترازية في المطارات ومحطات القطار والمواقع والأماكن الحساسة ما ذكر المواطنين بما عرفته بلادهم بعد العمليات الإرهابية التي أصابت العاصمة مرتين في عام واحد وأوقعت عددا كبيرا من القتلى لم يسبق أن شهدت مثله باريس في زمن السلم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وما زالت فرنسا تعيش في ظل حالة الطوارئ التي فرضت في 14 نوفمبر الماضي ومددت مرتين والتمديد الأخير يجعلها قائمة حتى نهاية شهر مايو (أيار) القادم. وأعلنت وزارة الداخلية أن تدابير إضافية اتخذت لحماية المؤسسات الأوروبية الموجودة في مدينة ستراسبورغ (شرق فرنسا).
من جانبه، أعلن وزير الداخلية برنار كازنوف أنه يتعين على أوروبا أن «تعمل على توثيق التنسيق فيما بينها في مكافحة الإرهاب». وكشف كازنوف أن 1600 رجل أمن وشرطة ودرك سيضافون إلى الترتيبات القائمة من أجل الحفاظ على الأمن علما بأن الجيش الفرنسي ينشر، منذ الخريف الماضي، ما بين 7 إلى 10 آلاف رجل لحماية المواقع الحساسة والدينية والأماكن العامة والساحات لطمأنة المواطنين وردع الأعمال الإرهابية. بالإضافة إلى ذلك كله، عمدت السلطات إلى تشديد الرقابة على الحدود خصوصا بين بلجيكا وفرنسا. ويقوم بهذه المهمة ما لا يقل عن خمسة آلاف رجل.



ألمانيا تتوعد مؤيدي الأسد وتحذرهم من محاولة الاختباء في أراضيها

سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)
سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)
TT

ألمانيا تتوعد مؤيدي الأسد وتحذرهم من محاولة الاختباء في أراضيها

سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)
سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)

حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ووزيرة الداخلية نانسي فيزر، جميع مؤيدي عائلة الأسد التي كانت تحكم سوريا من محاولة الاختباء في ألمانيا.

وقالت بيربوك، السياسية من حزب الخضر، في تصريح لصحيفة «بيلد أم زونتاج»، اليوم (الأحد): «لأي شخص من جلادي الأسد يفكر في الفرار إلى ألمانيا، أقول له بوضوح: سنحاسب جميع أعوان النظام بأقصى قوة للقانون على جرائمهم الفظيعة»، مشيرة إلى أنه يجب على الوكالات الأمنية والاستخباراتية الدولية أن تتعاون بشكل وثيق في هذا الصدد.

وبعد الإطاحة بنظام الأسد، تولى السلطة تحالف من مجموعات معارضة يقوده إسلاميون ، بينما فر الأسد إلى روسيا مع عائلته. وخلال حكمه، تم اعتقال وتعذيب وقتل عشرات الآلاف بشكل غير قانوني.

من جانبها، أشارت فيزر إلى أن هناك فحوصات أمنية على جميع الحدود.

وقالت: «نحن في غاية اليقظة. إذا حاول أعوان نظام الأسد الإرهابي الفرار إلى ألمانيا، يجب أن يعرفوا أنه ليس هناك دولة تطارد جرائمهم بقسوة مثلما تفعل ألمانيا. هذا يجب أن يردعهم عن محاولة القيام بذلك».

وفي الوقت ذاته، وفي سياق النقاش المستمر حول ما إذا كان يجب على نحو مليون لاجئ سوري في ألمانيا العودة إلى بلادهم، عارض رئيس نقابة فيردي العمالية في ألمانيا فرانك فيرنكه، إعادة العمال الضروريين إلى سوريا.

وقال فيرنكه: «سواء في الرعاية الصحية، أو في المستشفيات، أو في خدمات البريد والشحن، أو في العديد من المهن الأخرى. في كثير من الأماكن، يساعد الأشخاص الذين فروا من سوريا في استمرار العمل في هذا البلد».