مصر تطرح مبادرة لتأمين حدود دول «الساحل والصحراء»

وزراء دفاع 27 دولة عربية وأفريقية يناقشون في «شرم الشيخ» تحديات الإرهاب

مصر تطرح مبادرة لتأمين حدود دول «الساحل والصحراء»
TT

مصر تطرح مبادرة لتأمين حدود دول «الساحل والصحراء»

مصر تطرح مبادرة لتأمين حدود دول «الساحل والصحراء»

انطلقت أمس بمنتجع «شرم الشيخ» المصري اجتماعات مؤتمر وزراء دفاع دول «الساحل والصحراء» الأفريقية برئاسة مصر، بمشاركة 27 دولة عربية وأفريقية، و5 دول أوروبية، هي: فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص وإسبانيا، وعدد من الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، من بينها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي. يتناول الاجتماع، الذي يعقد على مدار ثلاثة أيام، محور مكافحة الإرهاب في فضاء دول الساحل والصحراء، ووضع السلم والأمن في دول التجمع، من خلال الأمانة العامة. ومن المقرر فتح نقاش عام حول الموضوع، ويتم تناول الترتيبات العملياتية والاستخباراتية لتعزيز التعاون بين أجهزة مكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء، وعرض مشاريع الوثائق الخاصة «الإطار القانوني والمؤسسي»، ويتناول مشروع الاستراتيجية الخاصة بالأمن والتنمية لدول الساحل والصحراء، ومشروع النسخة المنقحة من آليات منع النزاعات وإدارتها وتسويتها.
وقد بدأ المؤتمر أمس باجتماع الخبراء للتحضير له على مستوى وزراء الدفاع بالدول الأعضاء في تجمع الساحل والصحراء يومي الخميس والجمعة. كما يناقش الاجتماع البروتوكول الخاص بإنشاء المجلس الدائم للسلم والأمن، وأيضا مشروع اللائحة الداخلية لمجلس السلم والأمن.
وذكرت مصادر أن مصر ستطرح أمام وزراء دفاع التجمع ورقتين تتعلقان بالرؤية المصرية في شأن تأمين حدود دول التجمع الذي يضم 27 دولة، بجانب إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب.
وقال السفير محمد أبو بكر، سفير مصر لدى ليبيا ومندوب مصر لدى تجمع دول الساحل والصحراء، إن مصر ستطرح خلال المؤتمر مبادرة لإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب يكون مقره مصر.
وأكد السفير أبو بكر أهمية المؤتمر بوصف هذا التجمع محوريا ومهما، وقال إن استضافة مصر هذا التجمع الذي يضم 27 دولة تأتي في وقت يزداد فيه حجم التحديات السياسية التي تواجه المنطقة، مشيرا إلى أن هناك اهتماما عالميا بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
واستطرد قائلا: «هذا الاجتماع يأتي في سياق الإعداد للقمة المقبلة في المغرب خلال النصف الثاني من العام الحالي»، موضحا أن القضية الجوهرية في المؤتمر هي مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن تجمع دول الساحل والصحراء تم بمبادرة من الجانب الليبي عام 1997، وعقدت أول قمة بمشاركة 6 دول، ووجدت مصر بصفة مراقب، ثم انضمت عام 2001، حتى وقعت ثورات في منطقة شمال أفريقيا، وعقدت قمة 2013 بالعاصمة التشادية (نجامينا) إدراكا للتطورات في المنطقة. وأضاف: «تم النظر لإجراء إصلاحات هيكلية كبيرة حتى يصبح التجمع فعالا ونشطا، لا سيما مع التحديات التي تواجه التجمع»، مشددا على أهمية هذا التجمع الأفريقي في الوقت الحالي.
وذكرت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية الرسمية، أن دولة بوركينا فاسو ستتقدم بورقة تتعلق بمكافحة وإزالة الألغام، فيما تتقدم دول أخرى مشاركة بأوراق عمل خاصة بالتدريبات المشتركة وتبادل الخبرات والكفاءات بين القوات المسلحة لدول التجمع لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
من جهته، أكد الأمين العام لدول تجمع الساحل والصحراء إبراهيم ثاني باني، أن الدول الأفريقية في دول تجمع الساحل والصحراء تصر على تحمل كامل المسؤولية في استعادة الأمن والسلم في المنطقة.
وأوضح: «نحن هنا لوضع المقاييس اللازمة لاستعادة الأمن في المنطقة، لأن دولنا تواجه كثيرا من قوى الشر؛ من جرائم كثيرة، ويجب علينا تغيير الفكر بالنسبة لمسألة الحدود بين الدول، ويتعين علينا أن نفتح حدودنا فيما بيننا، وتسهيل إجراءات التحرك بين دول التجمع في القارة الأفريقية». وتشمل الدول الأعضاء في التجمع مصر والسودان وليبيا وتشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو وإريتريا وأفريقيا الوسطى والسنغال وجامبيا وجيبوتي وتونس والمغرب ونيجيريا والصومال وتوجو وبنين وليبيريا وساحل العاج وغينيا بيساو وغانا وسيراليون وغينيا كوناكري وجزر القمر وموريتانيا وساوتومى وبرنسيب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم