القراءة كحاجة للتنفس

القراءة كحاجة للتنفس
TT

القراءة كحاجة للتنفس

القراءة كحاجة للتنفس

لا شك أن ازدحام الناس، رجالاً ونساءً، للدخول لمعرض الرياض الدولي للكتاب ظاهرة صحية. العادة أن أهل الثقافة يشتكون قلة الرواد، ويتندرون على اكتظاظ المولات وأماكن الترفيه بينما لا يجدون زبائن لبضاعتهم.
ولا شك كذلك أن منظر الآلاف من النساء والرجال وهم يدفعون أمامهم أو يجرّون خلفهم أرتال الكتب في عربات التسوق في هذا المعرض هو الآخر عنوان حيوية هذا المجتمع وحبه للاطلاع، بل والانفتاح أيضًا.. فالكتاب هو سفير لثقافات متعددة، ونافذة لمفاهيم مختلفة.
يمكن أن نضيف أن الإقبال على الكتب هو تعبير عن الرغبة في الانفكاك من أسر كل ثقافة أحادية أو مهيمنة. لا يمكن العبور نحو المعرفة التي هي أساس التنمية الإنسانية ما دمنا في خصومة مع الثقافة وحاضنتها: الكتاب. ولا يمكننا أن نتطور إذا كانت علاقة الواحد منا بالكتاب محصورة بكتب منهجية، أو قراءات ذات نسق واحد.. المسألة ليست فقط أننا لا نقرأ، ولكن حتى ما نقرأه - على قلّته - أصبح مقيدًا للفكر، يحدُّ من قدرتنا على رؤية الأمور بشكل مختلف، أو التعرف على الوجوه الأخرى للحقيقة، أو الألوان المتعددة، أو استثارة السؤال داخلنا.. وبالتالي يمنع الشمس أن تشرق في عقولنا.
نحن جزء من هذا العالم العربي الذي استهان بوعيه وثقافته ومعرفته، فصار إلى ما وصل إليه. لم تتغير الحال إلى الأحسن منذ أصدرت مؤسسة الفكر العربي «تقرير التنمية الثقافية» عام 2007، وأعطت أرقامًا صادمة لمعدلات القراءة: فالعربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويًا بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنويًا. وفي حين يقرأ الأميركي 11 كتابًا في السنة، والبريطاني 7 كتب في العام، فإن كل عشرين عربي يقرأون كتابًا واحدًا في السنة!
ولذلك فالإقبال على معرض الكتاب مهم، مهما بدا من قيود، ومهما كان أقل من الطموح، لأنه يتيح الفرص لآلاف الشباب والشابات أن يختاروا، لا أن يختار لهم أحد الوجبة الثقافية التي تناسبهم. لذلك شاهدنا في الأعوام السابقة أن اتجاهات القراءة أصبحت متعددة ومتنوعة وواعدة. ومهم أيضًا لأنه يخلق تفاعلا بين المثقفين وجمهورهم، وبين المؤلفين والناشرين والقراء.
اختارت وزارة الثقافة شعارًا لمعرض هذا العام هو «الكتاب ذاكرة لا تشيخ»، أما الكاتب الأرجنتيني الأصل الكندي الجنسية ألبرتو مانغويل، فتحدث في مقالته الرائعة «بهجة القراءة» التي ألقاها في الظهران شرق السعودية (ديسمبر «كانون الأول» 2013) عن مهام القارئ، مُعدّدًا ست مهام هي: إنقاذ ذاكرة الأدب من الانقراض، ثم الشعور الحقيقي بهذه الذاكرة، أما المهمة الثالثة فهي عدم السماح بأن يمضي الأدب بكل نصوصه نحو العبثية، والمهمة الرابعة العمل على إضفاء قيمة أعلى النص، أي أن يتحول القارئ إلى ما يسميه مانغويل «جمهور الساحر»، والمهمة الخامسة للقارئ هي الفهم، أي «أن تأخذ النص لأعلى مستوى فهم لتجربتك الشخصية، ومحاولة رفع النص لمستوى مهاراتك العامة في الحياة»، والمهمة السادسة «وهي الأهم، أنها المتعة.. النعيم الذي نجده حين ننسى أنفسنا في وسط صفحة، ونواصل القراءة بلا إحساس بالوقت».
يقول مانغويل: «حين ندعو القراءة بمجرد متعة فهو بلا شك وصف بخس في حقها، إذ إنها بالنسبة لي مصدر كل المُتَع، فهي التي تُلون كل التجارب، وتجعل الحياة تُطاق والأشياء مقنعة».



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.