نظم الذكاء الصناعي.. خطوات واثقة لخدمة الإنسان

تتغلغل نحو ميادين الصحة والألعاب والتجارة

نظام {واطن}  -  جيرمي هوارد مؤسس شركة {إنليتيك} بجوار نظام الذكاء الصناعي الصحي
نظام {واطن} - جيرمي هوارد مؤسس شركة {إنليتيك} بجوار نظام الذكاء الصناعي الصحي
TT

نظم الذكاء الصناعي.. خطوات واثقة لخدمة الإنسان

نظام {واطن}  -  جيرمي هوارد مؤسس شركة {إنليتيك} بجوار نظام الذكاء الصناعي الصحي
نظام {واطن} - جيرمي هوارد مؤسس شركة {إنليتيك} بجوار نظام الذكاء الصناعي الصحي

يعد تسجيل الكومبيوتر العملاق «غوغل ديب مايند» (الفكر العميق) وبرنامج الذكاء الصناعي له المسمى «ألفا غو» لعدد من الانتصارات في مباريات اللعبة «غو» مع اللاعب لي سي - دول، وهو أمهر اللاعبين لهذه اللعبة في سول بكوريا الجنوبية، حدثا متميزا في ميدان تطوير نظم ذكية تنافس الإنسان وتتغلب على قدراته الفكرية.
ويأتي هذا الفوز بعد فوز كومبيوتر «ديب بلو» على بطل الشطرنج العالمي غاري كاسباروف عام 1997، وفوز كومبيوتر «واطسون» من «آي بي إم» عام 2011 بمسابقة «جيوباردي».
عندما تفوق كومبيوتر واطسون العملاق من إنتاج شركة «آي بي إم» على أمهر الأبطال من البشر في مسابقة «جيوباردي» الترفيهية، كان ذلك من قبيل الإنجازات التي تعد بآفاق مذهلة في مجال الذكاء الصناعي. وبعد فترة وجيزة، انتقل رؤساء الشركة إلى تحويل واطسون من مشروع علمي محتفى به إلى مشروع تجاري مدر لكثير من الأموال، بدءا بمجال الرعاية الصحية.
ومع ذلك، فإن السنوات القليلة التالية بعد الفوز المحقق للمشروع أثبتت أن مشروع واطسون كان متواضعا، فاليوم أصبح المديرون التنفيذيون في الشركة يعرفون بصراحة مطلقة أن المجال الطبي كان من أصعب المجالات بأكثر مما كان متوقعا، حيث غلبت التكاليف الباهظة وحالات الإحباط المتكررة على مشاريع واطسون المبكرة في المجال الطبي، مما أدى إلى تراجع الشركة عن مواصلة الأعمال، وإعادة التركيز على مجالات أخرى، وربما التخلي عن المشروع بأكمله في بعض الأحيان.
* تقنيات واعدة
وتشير الصعوبات الأولى لشركة «آي بي إم» مع واطسون إلى حقيقة واقعية، وهي أن التسويق التجاري لهذه التكنولوجيا الحديثة، على الرغم من أنها تكنولوجيا واعدة، في الغالب قد تقتصر على خطوات صغيرة بدلا من كونها قفزات عملاقة.
وعلى الرغم من التحديات أمام الشركة فإن الانتصار الذي حققه الكومبيوتر واطسون على شاشات التلفاز – والذي كان قبل خمس سنوات في مثل هذا الشهر – قد ساعد في تغذية الحماس والاهتمام في مجال الذكاء الصناعي من جانب الجمهور وبقية أنحاء صناعة التكنولوجيا. وضخ أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية مزيدا من الأموال على تأسيس شركات الذكاء الصناعي الناشئة، وعلى الشركات العملاقة مثل «غوغل»، و«فيسبوك»، و«مايكروسوفت»، و«آبل»، والتي كانت تشتري شركات الذكاء الصناعي الوليدة. وبلغت تلك الاستثمارات مستوى 8.5 مليار دولار العام الماضي، وهي زيادة بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف المستوى المسجل في عام 2010، وفقا لشركة «كويد» العاملة في مجال تحليل البيانات.
وأصبح مهندسو البرمجيات من ذوي المهارات في مجال الذكاء الصناعي يُعاملون معاملة نجوم الرياضة الكبار، مما أثرى حروب العروض المغرية من جانب الشركات للاستفادة من خدماتهم.
ويقول جيري كابلان عالم الكومبيوتر ورجل الأعمال والمؤلف، والمؤسس المشارك أيضًا في شركة الذكاء الصناعي الناشئة «إيه آي» التي عفا عليها الزمان منذ فترة الثمانينات: «إننا في ذروة الإثارة الآن بكل تأكيد. وباتت التوقعات تتحرك على طريق الواقع الملموس أخيرا». كان مصطلح الذكاء الصناعي من أبرز مصطلحات الخيال العلمي، حيث الماكينات ذات القدرة على التفكير بنفسها ومساعدة البشر في مختلف المهام، أو المخلوقات الجاحدة التي تحاول القضاء على الجنس البشري. أو كما يتحرك التفكير عبر مختلف الأفلام من هذا النوع.
أما الواقع، رغم كل شيء، فهو أقل إثارة من الأفلام والروايات، فالصوت الآلي على هاتفك الذكي الذي يحاول الإجابة على الأسئلة، هو نوع من أنواع الذكاء الصناعي. كذلك مثل الخواص المميزة لمحرك البحث غوغل الشهير. كما تستخدم تلك التكنولوجيا في مختلف مشكلات الأعمال المعقدة مثل العثور على الاتجاهات في مجال أبحاث السرطان.
* خطوات صغيرة
يعود مجال الذكاء الصناعي إلى بداية عصر الكومبيوتر، ولقد توالت التطورات عبر دورات مختلفة من التفاؤل وخيبة الأمل منذ ذلك الحين، والتي شجعها عدد قليل من الروبوتات التي ظهرت في الأفلام وبعض العروض الناجحة لمعارض الألعاب المتقدمة.
والتوقعات التي ثارت في التسعينات حول الطريقة التي سوف تغير بها شبكة الإنترنت من أسس وسائل الإعلام، والإعلانات، والبيع بالتجزئة، أثبتت صحتها بمرور الوقت، على سبيل المثال. ولكن تلك التوقعات تحققت بعد مرور عقد كامل. والذكاء الصناعي اليوم، كما يقول المتفائلون، لا يزال يخطو أولى خطواته المبكرة.
يقول إريك برينجولفسون، مدير مبادرة الاقتصاد الرقمي لدى كلية سلوان للإدارة التابعة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «أعتقد أن أجيال المستقبل سوف تنظر إلى ثورة الذكاء الصناعي الحالية ومقارنة تأثيرها بالمحرك البخاري أو الكهرباء. ولكن، بطبيعة الحال، سوف يستغرق الأمر عقودا من هذه التكنولوجيا حتى تؤتي ثمارها».
هناك أسباب وراء هذا الحماس، حيث تستمر أسعار الكومبيوترات في الهبوط حتى مع تزايد قوة تلك الأجهزة، مما يجعلها أسهل عن ذي قبل في استيعاب كميات هائلة من البيانات في لحظات. كذلك، فإن المستشعرات، والهواتف الذكية وغيرها من الأجهزة التكنولوجية أصبحت منتشرة في كل مكان، وتعمل على تغذية مزيد ومزيد من المعلومات إلى الكومبيوترات التي تتعلم مزيدا ومزيدا عن حياتنا.
* تعلم الآلات العميق
خلال العام أو العامين الماضيين فقط، تمكن الباحثون من تحقيق قفزات سريعة باستخدام أساليب التعلم الآلي والمعروف باسم التعلم العميق في تحسين أداء البرمجيات التي تتعرف على الصور، وتترجم اللغات، وتفهم الكلام. ولقد نُفذت تلك العمليات في شركات التكنولوجيا الناشئة وفي الشركات العملاقة مثل «غوغل»، و«فيسبوك»، و«مايكروسوفت»، إلى جانب الجامعات، والمراكز البحثية الخاصة مثل معهد آلان للذكاء الصناعي.
يقول بيتر لي، نائب رئيس شركة «مايكروسوفت» للأبحاث: «كان هناك تقدم مذهل في مشكلات الإدراك، والإبصار، والسمع، واللغة».
وفي شركة «إنليتيك» وهي من الشركات الناشئة في سان فرانسيسكو، يعتقد جيرمي هوارد المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة أن الذكاء الصناعي بإمكانه تثوير ميدان الرعاية الصحية الضخمة، وحفظ المزيد من الأرواح والأموال، وهو الطموح المماثل لطموح شركة «آي بي إم»، ولكنه مشروع يمتد إلى 25 عاما من الآن.
تركز شركة «إنليتيك» أولا على التقنيات الشعاعية، فالصور الطبية تخرج جميعها في شكل رقمي، كما يلاحظ السيد هوارد، والمسح المستمر غير المتوقف للإشارات المنبهة بالأنسجة غير الطبيعية هي من المهام التي تتفق معها تكنولوجيا التعرف على الصور المعتمدة على فكرة التعلم الآلي العميق.
ولقد اختبرت شركة «إنليتيك» برمجياتها مقابل قاعدة بيانات من 6 آلاف تشخيص لسرطان الرئة، الإيجابية والسلبية منها على حد سواء، والتي أجراها الأطباء المحترفون في مجال الأشعة الطبية. وفي إحدى الدراسات التي سوف تنشر قريبا، كانت اللوغاريتمات أكثر دقة بنسبة 50 في المائة من الأشعة البشرية.ويضيف السيد هوارد قائلا: «ينبغي عليك استخدام التكنولوجيا التي أثبتت فعاليتها وتطبيقها على المشكلة المعروفة. فالابتكار المجرد ليس إلا خطأ مجردا».
لم تتمكن أية شركة من تحقيق إنجاز كبير وواسع النطاق في التسويق التجاري لتكنولوجيا الذكاء الصناعي مثل شركة «آي بي إم» (IBM) خلال الكومبيوتر واطسون. حيث اعتمدت واطسون كمجال الأعمال الخاص بها منذ عام 2014، واستثمرت مليارات الدولارات في تسريع تطوير واعتماد هذه التكنولوجيا، بما في ذلك شراء كثير من الشركات الناشئة. وتضم وحدة واطسون حاليا أكثر من 7 آلاف موظف.
* كومبيوتر «واطسون»
تعرضت تكنولوجيا واطسون للتجديد بالكامل. وخلال أيام مسابقة «جيوباردي» المشار إليها، كانت واطسون عبارة عن كومبيوتر يحتل مساحة غرفة بأكملها. واليوم، فإن برمجيات الكومبيوتر واطسون السحابية تصل عبر الإنترنت من خلال مراكز البيانات البعيدة. ولقد انقسمت برمجيات واطسون ذاتها إلى عشرات مكونات الذكاء الصناعي المستقلة بما في ذلك المصنف اللغوي، وترجمة النصوص إلى كلام، والتعرف على الصور.
تحاول «آي بي إم» في الوقت الراهن وضع واطسون في مركز معادل لنظم التشغيل بالذكاء الصناعي، وهي منصة للبرمجيات يستخدمها الآخرون في بناء التطبيقات المختلفة. وهناك ما يقرب من 80 ألف مطور قد حملوا واختبروا هذه البرمجيات. وتمتلك الشركة في الوقت الحالي أكثر من 5 آلاف شريك صناعي، من الشركات العملاقة والناشئة، في مختلف الصناعات مثل الرعاية الصحية، والخدمات المالية، ومبيعات التجزئة، والمنتجات الاستهلاكية، والخدمات القانونية.
وتنظر الشركة إلى الصعوبات الكبرى الأولى التي شهدها واطسون في مجال الرعاية الصحية من واقع الخبرات التعليمية والدروس المستفادة. ويقول المديرون التنفيذيون في الشركة إن فرق العمل في الشركة قللوا من أهمية صعوبات التعامل مع مختلف البيانات الفوضوية مثل وثائق الفاكس والملاحظات المكتوبة وفشلوا في تفهم كيفية اتخاذ الأطباء للقرارات الطبية.
يقول جون كيلي، نائب الرئيس الأول والمشرف على مشروع واطسون: «كان هناك كثير من التحديات مع العملاء الأوائل»، مصيفا أن المشروع على أول طريق الانطلاق حاليا. ولا تُفصح الشركة عن النتائج المالية الخاصة بمشروع واطسون، وهي تصف المشروع بأنه «كبير ومتسع»، ويسهم في عائدات الشركة بمبلغ 18 مليار دولار في العام من تحليل الأعمال.
يعتبر مشروع واطسون، وفي مركز أندرسون للسرطان التابع لجامعة تكساس في مدينة هيوستن، من أحد المكونات الخاصة بتقديم الاستشارات الآلية الخبيرة بالنسبة لمجال رعاية مرضى السرطان، كما أن النظام الصحي لجامعة تكساس يستخدم مشروع واطسون في البرامج المساعدة لمرضى السكري ومساعدة مقدمي الرعاية الطبية على إدارة المرض، في مشروع كبير يتوقع أن يتم عرضه بالكامل قبل نهاية العام الحالي.
تقول الطبيبة ليندا تشين، كبيرة مسؤولي الابتكار الطبي في النظام الصحي التابع للجامعة: «كان الأمر أصعب كثيرا مما اعتقدنا، ولكن خبراتنا قد أقنعتني بإمكانية بناء محرك الذكاء الصناعي الذي يُحسن من الرعاية الصحية».

• خدمة «نيويورك تايمز»



بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».