رحلة الخوف من بيروت إلى معقل «داعش» في سوريا والركاب يتقيدون بقوانينه عند الوصول

النساء يضعن البرقع.. والرجال يرمون السجائر ويلتزمون بطي سراويلهم «لتتناسب مع اللباس الشرعي»

أحدى محطات الحافلات التي تعلن عن رحلات من بيروت الى أماكن مختلفة في سوريا من ضمنها الرقة (أ.ف.ب)
أحدى محطات الحافلات التي تعلن عن رحلات من بيروت الى أماكن مختلفة في سوريا من ضمنها الرقة (أ.ف.ب)
TT

رحلة الخوف من بيروت إلى معقل «داعش» في سوريا والركاب يتقيدون بقوانينه عند الوصول

أحدى محطات الحافلات التي تعلن عن رحلات من بيروت الى أماكن مختلفة في سوريا من ضمنها الرقة (أ.ف.ب)
أحدى محطات الحافلات التي تعلن عن رحلات من بيروت الى أماكن مختلفة في سوريا من ضمنها الرقة (أ.ف.ب)

كشفت تقارير أن خطوط النقل بين بيروت وعاصمة تنظيم «داعش» في الرقة في شمال سوريا، لا تزال مفتوحة، حيث أكد ركاب وسائقون يعبرون على الخط، أن الركاب يضطرون للالتزام بضوابط وقوانين التنظيم المتشدد، لدى العبور إلى مناطق سيطرته.
وفي حين وصفت الرحلة من بيروت إلى الرقة، أو إلى معقل «داعش» الآخر في منبج بريف حلب الشرقي، بأنها «خطرة»، قال أشخاص ينتقلون على الخط لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نقوم برحلة خطيرة، وهؤلاء (عناصر تنظيم داعش) خطيرون، ومن الممكن أن يتعرفوا على الحافلة من أي تفصيل فيها».
وكانت القضية نفسها أثارت أسئلة عن الآثار الأمنية لتلك الرحلة مطلع الشهر الحالي، حين كشف تقرير تلفزيوني عرضته قناة «إل بي سي» المحلية عن تلك الرحلة التي تبدأ من محطة شارل الحلو للنقليات في بيروت، وهو ما دفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط للقول عبر تغريدة على موقع «تويتر»: «إذا كنا فعلا نحارب الإرهاب بشتى أشكاله، برًا وبحرًا وجوًا، ومن باب الفضول والحشرية، أتساءل بعدما شاهدت الفيلم الإخباري في محطةLBC عن خط برّي من الباصات بين بيروت والرقة ينقل الركاب ذهابًا وإيابًا، وكأن شيئًا لم يكن». وأضاف: «هل هذا بمعرفة الأجهزة الأمنية اللبنانية أو في غفلة منها؟ وفي (كلا) الحالتين هذا مخيف، لسبب بسيط، أن النظام السوري قد يلجأ إلى استخدام هذا الخط للقيام بعملية تخريبية في لبنان».
ونقلت الوكالة الفرنسية عن أبو علي (اسم مستعار) السائق الأربعيني الذي بدأ بالعمل على خط بيروت - منبج في محافظة حلب في شمال سوريا قبل وقت قصير من اندلاع النزاع السوري قبل خمس سنوات، قوله إنه يحرص مع ركابه على الالتزام بقوانين التنظيم المتشدد قبل دخول مناطقه.
ويقول وهو يقف إلى جانب غرفة زجاجية في المحطة كتب عليها: «الرقة - منبج – الباب»: «ندخن من هنا حتى نقترب من أول حاجز لـ(داعش) على طريق الضمير - تدمر في وسط سوريا. عندها، يرمي الجميع السجائر وعلب الدخان ونرش العطر في الحافلة».
ويتابع أبو علي، وتعبيرات الخوف واضحة على وجه: «الدخان ممنوع. وإن وجد أحد عناصر التنظيم شخصا يحمل معه سجائر، ينزله ويجلده على الطريق».
ويقول جواد، وهو سائق آخر استخدم أيضا اسما مستعارا، إن عناصر التنظيم «يقومون أحيانا بشمّ الأيدي للتأكد».
قبل بدء النزاع، كانت الحافلات المتجهة إلى سوريا كثيرة وتعج بالركاب، لكن منذ بدء توسع التنظيم المتطرف قبل ثلاث سنوات في شمال العراق وشمال شرقي سوريا، يكتفي السائقون السوريون برحلتين أسبوعيا ذهابا وإيابا من بيروت إلى معاقل التنظيم مرورا بمناطق أخرى.
ولا يملك هؤلاء مصدر رزق آخر، وينحدرون بمعظمهم من مناطق يسيطر عليها التنظيم ولا تزال عائلاتهم تقيم فيها. وأحيانا لا يتعدى عدد ركاب الحافلة ثلاثة، يقومون بالرحلة لتفقد ذويهم، بحسب ما يقول السائقون.
وقبل الوصول إلى أول حاجز للتنظيم، «تقوم النساء بإخراج براقعهنّ من حقائبهنّ، ويغطين بها رؤوسهنّ حتى الركبتين»، بحسب أبو علي. ويعمل الرجال على طي سراويلهم لتتناسب مع اللباس الشرعي الذي يفرضه التنظيم المتطرف، بحسب محمد، وهو سائق آخر.
وينقل السائقون معهم أيضا «أمانات» يرسلها السوريون في لبنان إلى ذويهم، وتتضمن مواد غذائية وألبسة وأدوية ومبالغ مالية. ويقول محمد: «يرسلون معنا قهوة ونسكافيه وألعابا وألبسة للأطفال». ويوضح أبو علي: «يرسلون السكر أيضا، فسعر كيس السكر في منبج يصل إلى 8 آلاف ليرة سورية، فيما كان قبل الحرب 25 ليرة».
لكن بعض المواد يحظر نقلها. ويقول أبو علي: «المرتديلا مثلا ممنوعة منعا قاطعا، فهي بالنسبة إليهم ذبح غير شرعي وإن كتب عليها حلال».
وبسبب الخوف الذي يثيره التنظيم المتطرف، بات السوريون من طوائف معينة يمتنعون عن السفر بالحافلات، ويقول جواد: «كانت شركتنا تقل آشوريين وسريانا وأكرادا ومسيحيين.. أما اليوم، فهؤلاء جميعهم ممنوعون من ركوب الحافلات».
في المحطة، يقف مروان زورو (عامل كردي، 55 عاما)، مع زوجته إلى جانب حقيبتي سفر، في انتظار سيارة تاكسي تقلهما إلى دمشق. ويضيف: «قبل الأحداث، كنا نذهب إلى القامشلي بالحافلات وسيارات الأجرة، أما الآن فأصبحنا مضطرين للسفر بالطائرة من الشام».
ولا تقتصر صعوبات الرحلة على الخوف الذي تثيره حواجز التنظيم المتطرف؛ إذ يطول انتظار الحافلات على حواجز أخرى تابعة لقوات النظام السوري. ويقول أبو علي: «قبل الأحداث، كانت الطريق بين بيروت ومنبج تتطلب بين أربع وست ساعات، أما اليوم فرحلتنا تطول؛ إذ ننطلق من الساعة السابعة مساء، ولا نصل قبل الساعة السابعة مساء من اليوم التالي».
بدوره، يوضح محمد: «قبل الحرب لم يكن أحد يوقفنا، أو يسألنا شيئا، أو حتى يطلب هويتنا، أما اليوم فلا نمر على حاجز دون أن يدققوا بهوياتنا». ويضيف: «في أحيان كثيرة يطلب عنصر من الجيش من كل راكب أن يدفع له ألفا أو ألفي ليرة».
وتنطلق الحافلات من بيروت لتصل إلى دمشق ومنها إلى الضمير، ثم تدخل مناطق سيطرة المتطرفين، فمدينة تدمر الأثرية، إلى السخنة، لتتابع إلى الرصافة (محافظة الرقة)، ومنها ما يكمل شمالا إلى مدينة الرقة، أو يتابع غربا إلى مسكنة، ثم منبج والباب في حلب».
ويقول أبو علي: «لا يسمح لنا حاجز النظام بالمرور عندما تكون هناك اشتباكات، ونضطر أحيانا لتمضية يوم وليلة، أو حتى يومين، على الطريق حتى تنتهي، فنكمل طريقنا».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».