حرق منزل الشاهد الوحيد على محرقة الدوابشة ونجاته وعائلته

مسؤولون لـ«الشرق الأوسط»: الجناة استخدموا التوقيت والأدوات والطريقة نفسها

جنود الاحتلال يصوبون بنادقهم إلى شبان من قرية دوما تجمعوا احتجاجا على حريق بيت ابراهيم الدوابشة أمس (ا ف ب)
جنود الاحتلال يصوبون بنادقهم إلى شبان من قرية دوما تجمعوا احتجاجا على حريق بيت ابراهيم الدوابشة أمس (ا ف ب)
TT

حرق منزل الشاهد الوحيد على محرقة الدوابشة ونجاته وعائلته

جنود الاحتلال يصوبون بنادقهم إلى شبان من قرية دوما تجمعوا احتجاجا على حريق بيت ابراهيم الدوابشة أمس (ا ف ب)
جنود الاحتلال يصوبون بنادقهم إلى شبان من قرية دوما تجمعوا احتجاجا على حريق بيت ابراهيم الدوابشة أمس (ا ف ب)

بعد أقل من عام على ارتكاب مستوطنين متطرفين محرقة عائلة دوابشة، في قرية دوما، جنوب شرقي نابلس، يضطر إبراهيم دوابشة (23 عاما)، الشاهد الوحيد على المحرقة لمواجهة النار نفسها. إذ فوجئ باندلاع النار في منزله القريب جدا من منزل عائلة سعد دوابشة، الذي قضى العام الماضي مع زوجته وأحد ابنيه حرقا، على يد إرهابيين يهود. فهرع إلى أطفاله وهو يصرخ مستغيثا، قبل أن ينجده أهل الحي، الذين عاشوا معه التجربة من جديد، ونجحوا في تخليصه مع زوجته. وقد اختار منفذو الهجوم وقتا قريبا من وقت الهجوم على عائلة سعد، بعد الساعة الثانية فجرا، وألقوا، كما في الجريمة السابقة، زجاجات حارقة من نافذة المنزل، مع فارق وحيد، وهو أن المتطرفين الذين هاجموا منزل سعد، انتظروا حتى احترقت العائلة، كما قال إبراهيم نفسه، حين زارته «الشرق الأوسط» قبل عام، أما مهاجمو بيته هو، فقد فروا بعد اندلاع النار مباشرة.
قبل عام، وصف إبراهيم، حين التقته «الشرق الأوسط» ما جرى بقوله: «شاهدت سعد وزوجته هيام ممدين على الأرض خارج المنزل والنيران تأكلهم. كانوا مشتعلين. وتفاجأت باثنين من المستوطنين الملثمين، يقلبونهما يمينا ويسارا. صعقت ولم أستطع التحرك.. خفت ولم أعرف ماذا أفعل. صرخت على أشقائي وأبي وأهل الحارة قبل أن يفروا من المكان».
وأضاف: «ذهبت إلى سعد، وحاولت إطفاء النيران بيدي، وانتقلت إلى زوجته التي كان جسدها يحترق أيضا، وكانت في حالة إغماء شديدة. وضعت لثاما على وجهي ودخلت لإنقاذ طفل صغير كان يبكي». والطفل هو الناجي الوحيد من المحرقة، وما زال يتلقى علاجا تجميليا.
هذا التصريح بالذات، الذي عدّ، شهادة مفصلة على ما جرى، جعل إبراهيم هدفا انتقاميا للمستوطنين، وهذا ما أبلغته به المخابرات الإسرائيلية نفسها.
من جانبه، قال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية: «نحن نتهم المستوطنين مباشرة بإحراق المنزل.. لقد شاهدهم إبراهيم نفسه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المخابرات الإسرائيلية حذرت إبراهيم من انتقام المستوطنين، وقالت له، بأنه بصفته الشاهد الوحيد قد يتعرض لهجوم. أيضا طلبوا منه الاتصال فورا بهم إذا تعرض لأي هجوم.. إنهم يعرفون نوايا المستوطنين». وأردف: «الطريقة مشابهة تماما لحادثة إحراق سعد وعائلته من قبل مستوطنين تسللوا وكسروا النوافذ ورموا زجاجات حارقة وانسحبوا».
غير أن اتهام المستوطنين بارتكاب الحادث، لم يقتصر على المستوى الشعبي. بل تعداه إلى المستوى الرسمي الفلسطيني. فقد حمل صائب عريقات، أمين سرّ اللجنة التنفيذية لـمنظّمة التحرير، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزراءه المسؤولية عن جريمة إحراق منزل الشاهد الوحيد على جريمة إحراق عائلة دوابشة في قرية دوما. وقال عريقات: هذه جرائم حرب ضد مدنيين عزل، تتحمل حكومة الاحتلال مسؤوليتها مباشرة، لتقاعسها عن اعتقال المستوطنين الإرهابيين المستمرين في ارتكاب جرائمهم من دون أي حسيب أو رادع. وأضاف: «نأمل أن يعجل المجلس القضائي في محكمة الجنايات الدولية، البت في القضايا التي رفعت إليه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من قبل الرئيس عباس، والتي منها جريمة إحراق عائلة الدوابشة». وتابع: «بات من الواضح أن الاحتلال ماض أكثر في ارتكاب الجرائم، وفي محاولة إظهار أنه الضحية لا الجلاد».
وردت إسرائيل على الاتهامات الفلسطينية بمنع أي تعقيب، كما التزمت وسائل الإعلام بتغطية حذرة.
وبعد قليل من وصول القوات الإسرائيلية وضباط في الإدارة المدنية، وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إنّ ظروف الحادثة ما تزال غامضة. وأصدرت الناطقة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمري، بيانا قالت فيه: «إن قوات من الشرطة والجيش هرعت إلى دوما مباشرة، وتم الشروع في التحريات والتحقيقات التي ما زالت جارية»، مضيفة «أن الخلفية غير واضحة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.