غالبية المواطنين الروس يرون أن العملية في سوريا لم تحقق أي إيجابيات

وسط تحذيرات من توتر في العلاقة مع إيران.. وخبراء يؤكدون: الانسحاب من أجل الضغط على الأسد

غالبية المواطنين الروس يرون أن العملية في سوريا لم تحقق أي إيجابيات
TT

غالبية المواطنين الروس يرون أن العملية في سوريا لم تحقق أي إيجابيات

غالبية المواطنين الروس يرون أن العملية في سوريا لم تحقق أي إيجابيات

يرى غالبية المواطنين الروس وخبراء أن العملية العسكرية الروسية في سوريا لم تأتِ بأي نتائج إيجابية، وأن الغرض منها هو من أجل الضغط على الأسد.
وفي استطلاع للرأي أجراه «مركز عموم روسيا لاستطلاع الرأي العام» أعرب 40 في المائة فقط من المواطنين الروس المستطلعين، عن اعتقادهم بأن تلك العملية جلبت نتائج إيجابية لروسيا، بينما يرى 65 في المائة ممن يتابعون تطورات الوضع في سوريا أن العملية حملت الكثير من الإيجابيات، مقابل 21 في المائة يؤكدون العكس، ويقولون إن العملية السورية جاءت بنتائج سلبية، أما 23 في المائة منهم فقد أعربوا عن قناعتهم بأن العملية لم تحقق أي نتائج لا بهذا الاتجاه ولا ذاك. وتأتي هذه المعطيات التي تعكس مزاجية الرأي العام الروسي بعد يوم واحد على إطلالة بوتين من الكرملين ليشرح أهداف ونتائج العملية العسكرية الروسية في سوريا، والخلفية التي انطلق منها في اتخاذه قرار التدخل ومن ثم الانسحاب. وعلى الرغم من تأكيد بوتين استمرار تقديم الدعم للنظام السوري، فإن وجهات النظر المهيمنة في أوساط الخبراء والمحللين لم تتغير وما زال هؤلاء يتحدثون «الضغط على الأسد» كدافع رئيسي يكمن في خلفية اتخاذ الرئيس الروسي بوتين قراره بسحب جزء من القوات في سوريا.
في هذا السياق استطلعت مواقع إعلامية روسية شهيرة وجهات نظر كبار المحللين السياسيين الروس ومنهم سيرغي كاراغانوف، الرئيس الفخري لمجلس السياسة الخارجية والدفاعية، الذي رأى أن روسيا قد أنجزت بالفعل غالية الأهداف المعلنة من عمليتها العسكرية، ومنوهًا بأن الوضع في المنطقة عمومًا بات ميؤوس منه، أعرب كاراغانوف عن تأييده لقرار الانسحاب من سوريا، وقال إنه «عزز موقف روسيا في العالم، ولكنه لن يؤدي إلى تحسين العلاقة المتدهورة مع الغرب الذي أخذ يعتاد على أن روسيا ستتصرف كما تراه مناسبًا، كي تدافع عن مصالحها».
أما أليكسي مالاشينكو، من مركز كارنيغي في موسكو، فقد رأى أن محاولة تحديد الأسباب التي دفعت بوتين لاتخاذ القرار بسحب جزء من القوات من سوريا، يكاد يكون مثل «قراءة الفنجان» في إشارة منه إلى صعوبة قراءة خفايا ما يجري. مع ذلك عرض ملاشينكو تفسيرين يرى أن أحدهما ربما كان الدافع الرئيسي لقرار الانسحاب. التفسير الأول حسب مالاشينكو هو أن القرار بحد ذاته إقرار بهزيمة روسيا في سوريا كأمر واقع. ويوضح الخبير الروسي ما يقصده فيقول إنه «كان على القوات الروسية أن تحقق تحولاً جذريًا في الوضع على الأرض لصالح روسيا، إلا أنها لم تتمكن من فعل ذلك، ولهذا فإن الوجود العسكري الروسي في سوريا أفاقه». في غضون ذلك، لو دار الحديث عن المضي في تعزيز الوجود العسكري الروسي في سوريا، فسيصبح من الضروري عندها الحديث عن عملية برية، وهذا أمر يستبعده مالاشينكو.
أما التفسير الثاني وفق ما يرى الخبير الروسي من مركز كارنيغي في موسكو فهو على النقيض تمامًا من تفسيره الأول. إذ يرى أنه ربما كان هناك اتفاق بقي طي الكتمان لفترة طويلة وينص على أن تنسحب روسيا من سوريا، مما يجعل الموقف الحاد أكثر ليونة (والأرجح أن يقصد موقف دمشق) وبالمقابل تقوم الولايات المتحدة بتقديم ضمانات معينة للأسد بأن يبقى على رأس السلطة خلال المفاوضات دون ممارسة أي ضغط عليه، على أن يتم تقرير مصيره بشكل مستقل.
ويستطرد مالاشينكو ليقول إنه إذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن الأميركيين هم من قدم تنازلات، ما يبدو ممكنًا معه الحديث عن نجاح محدد حققته روسيا.
خبير آخر استعرضت الصحافة الروسية وجهة نظره بشأن خلفية القرار الروسي بسحب جزء من القوات من سوريا، هو بول سوندرز، المدير التنفيذي لمركز نيكسون ومركز National Interest، والعضو في نادي «فالداي» الحواري الدولي. إذ يرى سوندرز أن قرار بوتين شكل محاولة لممارسة الضغط على الأسد، كي يجبره على بدء مفاوضات جدية مع المعارضة. وبالفعل لقد أصبح موقف دمشق أكثر ليونة، وفق ما يؤكد المحلل السياسي سوندرز.
في سياق متصل بتداعيات قرار سحب جزء من القوات الروسية من سوريا، نقلت وكالة «بلومبيرغ» عن خبراء تحذيرهم من أن هذا القرار الروسي المفاجئ يهدد بأزمة جدية في العلاقات بين موسكو وطهران، موضحين أنه وفي الوقت الذي تبدو فيه روسيا متعبة من عناد الأسد وعدم رغبته لتقديم تنازلات، فإن إيران ما زالت تقدم له كل أشكال الدعم. ويشير الخبراء إلى أن المؤسسات الرسمية في طهران تحاول أن تظهر حالة تناغم وانسجام في العلاقات الثنائية مع روسيا، مستحضرين مثالاً على ذلك تصريحات وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف التي وصف فيها القرار الروسي بأنه «مؤشر إيجابي».
وهنا يلفت الخبراء وفق «بلومبيرغ» الانتباه إلى أن الوضع يبدو مختلفًا تمامًا على المستوى «غير الرسمي»، وذلك عند الاطلاع على وسائل الإعلام المقربة من القيادة الإيرانية، التي تعكس بدقة المزاج في الشارع الإيراني، إذ تنتقد الصحف الإيرانية بشدة الخطوة الروسية، وتتهم موسكو بأنها تسببت بإضعاف موقف بشار الأسد والقوات الإيرانية في سوريا حين قررت سحب قواتها من هناك، وتحذر تلك الصحف من أن إيران قد تضطر هي الأخرى في لحظة ما لسحب قواتها من سوريا أيضًا بسبب الخطوة الروسية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».