أكشن ملتزم من أميركا وأوروبا

مشاهدات من مهرجان {جنوب جنوب غرب} في أوستن

مشهد  من فيلم «برج»
مشهد من فيلم «برج»
TT

أكشن ملتزم من أميركا وأوروبا

مشهد  من فيلم «برج»
مشهد من فيلم «برج»

مع انتهاء أعمال مهرجان «جنوب جنوب غرب» (SXSW) في مدينة أوستن، عاصمة ولاية تكساس، يوم السبت، طوى المهرجان عامًا نشطًا وغزيرًا آخر من أعوامه الممتدة من عام 1987، الأفلام التي عبرت شاشاته حملت رؤى مختلفة في أفلام تتراوح ما بين الترفيهي المحض وتلك التي تحمل ملامح واتجاهات فنية من دون أن تهمل حاجتها الملحة للجمهور العريض.
جوائز المهرجان ذهبت إلى فيلمين من المجموعة الثانية. فيلم «برج» في ميدان الفيلم التسجيلي، وفيلم «أرباليست» في ميدان الفيلم الروائي. كلاهما يتعامل مع الماضي من خلال أحداث غالبها وقع بالفعل.
* إرهاب فردي
«برج» (سيعرف باسمه الأصلي Tower) هو عن الحادثة التي هزّت مدينة أوستن في الأول من أغسطس (آب) سنة 1966 عندما تسلق قناص برج الجامعة وفتح ناره على العزل والأبرياء أينما أصبحوا في مرماه.
يعمد المخرج كيث مايتلاند إلى تجربة مثيرة للاهتمام. ففي حين تم اعتبار «برج» فيلما تسجيليًا، إلا أن أسلوب عمل مايتلاند ليس محض توثيقي وذلك حال قيامه بجلب ممثلين لكي يؤدوا أدوار الناجين الذين يدلون بشهاداتهم أو بالأصوات التي تقوم بقراءة مذكراتهم عن الموضوع. بعد ذلك، يدخل الأداء التمثيلي لشخصياته (وهو أداء غير درامي) إلى الكومبيوتر ليستخرج «أنيميشن» تبعًا لحركة الممثل.
هذا النوع من التحريك ليس رسومًا ولا حتى مجرد تصنيع على الكومبيوتر، بل هو طريقة مارسها المخرج رتشارد لينكلاتر قبل أكثر من عشر سنوات عندما قدّم فيلمين روائيين صنعهما بالأسلوب ذاته. في عام 2001 أخرج «حياة موقِظة» Waking Life وبعد خمسة أعوام عاد فصنع فيلما يستعير عنوانه من اسم الطريقة التقنية ذاتها وهو A Scanner Darkly.
مايتلاند يذهب خطوة أبعد مما فعل لينكلاتر، فهو يستخدم الفعل الناتج عن قيام تحويل ممثلين إلى أنيميشن ليرميه فوق مشاهد واقعية للمدينة وشوارعها، وللجامعة وتضاريس مبانيها.
باستثناء ذلك، وهو كثير، فإن المخرج يمارس عمله كأي مخرج يريد رصد ما وقع بقدر تفصيلي ومحدد وعلى نحو ينجح في إعادة ذكرى ذلك الإرهاب الفردي إلى بال المشاهدين وجلّهم من المدينة ذاتها ولو أن الكثيرين منهم لم يكونوا قد ولدوا بعد.
من ناحيته يأتي «أرباليست» على حكاية تقع بدورها في نهاية الستينات ثم تقفز عشر سنوات إلى الأمام. فيلم صغير من أدام بيني حول مخترع صغير الشأن اسمه فوستر (مايك برون) جاء ليشترك في معرض للألعاب المبتكرة. الابتكار الذي جاء ليعرضه لا يبدو سيفوز بأي اهتمام يذكر، ناهيك عن أي جائزة. لكن وفي الليلة التي تسبق تقديم الابتكار للجنة التحكيم يظهر له رجل مجهول ويعطيه ابتكارًا مختلفًا تمامًا ثم يغادر المكان. فوستر يغير خطته ويقدّم اللعبة التي حصل عليها فإذا بها تنال نجاحًا غير مسبوق وتصنع منه مليونيرًا.
بعد سنوات الصمت يكشف بطل الفيلم، ومن دون قصد، عما وقع ويعلم المشاهد أنه انتظر طويلاً ليقبل بمشهد يقع، كمعظم مشاهد الفيلم، في حيز ما بين الضجر والتململ.
* أفلام أوروبية
في فيلم آخر عنوانه «في وادي العنف» يتم نقلنا إلى تاريخ أبعد. إنها حقبة الغرب الأميركي ومع ممثل جيد مثّل أدوارًا عدّة لكنه بقي بعيدًا عن هذا النوع حتى الآن، هو إيثان هوك. في المواجهة ممثل آخر لم يسبق له الظهور في فيلم وسترن هو جون ترافولتا.
الأول في دور نازح (ذلك الذي يجول بين سهوب الغرب وجباله ومدنه من دون محطة دائمة) والثاني هو الشريف. في مطلع الفيلم يصل بول (هوك) إلى بلدة صغيرة في طريقه إلى المكسيك. كل ما يريده هو شيء من الماء لنفسه ولكلبه. ابن الشريف (جيمس رانسون) يتحداه ويكتشف أنه كان على خطأ. هنا يتدخل والده الشريف ويبرهن على أنه ليس أقل شرًّا من ابنه.
بعد أن يسارع بول في مغادرة البلدة يقوم الشريف بتكوين مجموعة من المطاردين. لن يمر وقت طويل قبل أن يحيط به الجمع ويفرغون رصاصاتهم في جسده. لكن بول لم يمت وسيعود إلى البلدة لينتقم من محاولة قتله وكلبه.
لا يسلك «في وادي العنف» دربًا جديدًا. الحكاية مطروقة، على نحو أو آخر. المفارقات تقليدية والمشاهد توحي بالرغبة في الانضمام إلى أسياد هذا النوع من الأفلام السابقين. لكن هذا ليس لتعرية المخرج تاي وست من جهوده. يأخذ وست عمله على محمل الجد وعلى عكس أفلام كثيرة من أعمال التسعينات والعقد الأول من القرن الحالي، ليس هناك أي قدر من محاولة تقديم شخصيات تسخر من نفسها. ما هو موجود أداء ممتاز من هوك وآخر أقل من جيد من ترافولتا.
هذا الفيلم وسواه يوعز بأن هوليوود هي بيت سينما النوع (Genre) وهذا صحيح لكنها ليست الوحيدة التي تقدم على تنفيذ ذلك.
في الواقع العالم كله يحتوي على أفلام محددة التصنيف من رعب إلى دراما اجتماعية إلى فيلم حربي أو تشويق بوليسي. طوال الستينات حفلت السينمات الإيطالية والإسبانية والألمانية بأفلام الوسترن التي استعارت حكايات الغرب الأميركي ونفّذتها بأجواء غالبها مصطنع وركيك. ليس بعيدًا عن هذا الواقع حقيقة أن سينما المؤلّف وتلك العاكسة للذات والمعالجة بأساليب ورؤى فنية محضة، هي الوحيدة التي تفلت من هذا التصنيف، إذ ليس سهلاً البحث عن كلمة تصنيف لأفلام فيلليني أو أنطونيوني أو غودار أو روبير بريسون. الباقي سيؤول حتمًا إلى هذا البيت أو ذاك من الاعتبارات بمجرد وضع الحكاية فوق المعايير الأخرى.
الفيلم الألماني «خارج الخدمة» (Off Duty) هو من النوع البوليسي. فيلم أكشن ومطاردات وقتلى (وقليل من الجرحى) والكثير من البطولة القائمة على الرجل الفرد والمجاميع المعادية. الأول على حق وكل الباقي على خطأ.
انطلاقة «خارج الخدمة» شبيهة بانطلاقة الفيلم الأول من «مخطوفة»، ذاك الذي قام ليام نيسون ببطولته سنة 2008 الذي تبع نجاحه إنتاج فيلمين آخرين من السلسلة ومن بطولته أيضًا. في «مخطوفة» (الذي هو أيضًا فيلم نوع إنما فرنسي الإنتاج) يكتشف عميل سابق للمخابرات المركزية أن ابنته الشابة خُطفت من قِبل عصابة ألبانية تتاجر بالرق (ولزبائن عرب من بين آخرين). سينطلق لتخليصها ولن يغادر المشاهد الفيلم بعد ساعة و40 دقيقة إلا والعميل عائد وقد أنقذ ابنته.
* من يسرق من؟
في «خارج الخدمة» نتعرف على نِك (تيل شوايغر) رئيس في الشرطة الألمانية ينطلق بحثًا عن خاطفي ابنته. في البداية نعرف أنه في عطلة، وبعد قليل سيجد أنه سيقضي عطلته هذه مطاردًا المجرمين من موسكو إلى تركيا. المطاردة سيتخللها ما تعرفه سينما هذا النوع من مفارقات. المواقف ذات النصل الحاد التي ينجو البطل منها ليمضي قدمًا نحو المزيد. لا عجب، فالمخطوفة من عظام الرقبة.
من ألمانيا إلى إسبانيا التي لها حصّة في السينما المعنية هنا. ها هو المخرج دانيال كالبارسورو يضع نفسه في خدمة التشويق والأكشن ولو على قليل من السياسة.
الفيلم هو «لكي تسرق لصًا» والسؤال الكبير، حسب الفيلم هو، من يسرق من في إسبانيا. أفراد العصابة أو المصرف الكبير والعصبة السياسية الفاسدة وراءه التي تعول على المجرمين لتنفيذ مهامها؟ المخرج لا يحتاج لمنح جواب شفهي أو مباشر لسؤاله ويترك للفيلم توفير رد واضح.
بطلة الفيلم هي ساندرا (باتريشا فيكو) مدير مصرف في مدينة فالنسيا التي تم صرفها من الخدمة في اليوم الذي تقوم به عصابة من الأشرار بسرقة ذلك المصرف. الأمور تتعقد عندما يتحدد مستقبل المديرة بمستقبل رئيس العصابة قبل أن يصبح من الجائز البحث عن ذلك الخيط المفقود بين الضحية والجاني.
أجواء الفيلم محبوكة والسرقة تتم في يوم من المطر المتواصل وما يحدث على حين غرّة أن النفق الذي تم حفره ليكون طريق الهرب من المصرف إلى الخارج أصبح مستنقعًا من الماء تحت الأرض بفعل المطر الشديد. هذه هي تفصيلة أخرى من تفاصيل الفيلم التي يبني عليها اختلافاته المحدودة. باقي ما يمر على الشاشة هو المتوقع من المشاهد والمواقف في مثل هذه الأفلام.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».