بكين تنشر 21 قمرا صناعيا للبحث عن الطائرة الماليزية

بدأت الصين أمس أعمال البحث على أراضيها عن الطائرة الماليزية المفقودة منذ عشرة أيام وعلى متنها 239 شخصا، بينما أعلنت أستراليا أن عمليات البحث التي أطلقت في المحيط الهندي ستستغرق عدة أسابيع. وتشارك أكثر من 25 دولة في عمليات البحث عن الطائرة المفقودة في مناطق شاسعة في العالم: من شمال تايلاند إلى آسيا الوسطى ضمن الممر الشمالي (الذي يغطي قسما من الصين) ومن إندونيسيا إلى جنوب المحيط الهندي ضمن الممر الجنوبي. وفي المحيط الهندي تشمل منطقة البحث 600 ألف كلم مربع حول نقطة تقع على بعد ثلاثة آلاف كلم جنوب غربي مدينة بيرث على السواحل الغربية لأستراليا.
وقال جون يونغ قائد العمليات لدى سلطة الأمن البحري الأسترالية إن العملية «ستستغرق عدة أسابيع على الأقل».
من جهة أخرى، أعلنت الصين أنها لم تعثر على أي عنصر من شأنه أن يثير الشكوك حول رعاياها الـ153 الذين كانوا على متن الطائرة الماليزية المفقودة. وقال السفير الصيني في ماليزيا هوانغ هويكانغ كما نقلت عنه أمس وكالة أنباء الصين الجديدة: «لم نعثر على أي دليل على ضلوع ركاب صينيين في احتمال خطف الطائرة أو تنفيذ اعتداء».
كذلك قالت الصين، على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها أمس، إنها نشرت 21 قمرا صناعيا للمساعدة في البحث عن الطائرة الماليزية المفقودة.
يشار إلى أن ثلثي ركاب طائرة الـ«بوينغ777» التي كانت تقوم بالرحلة «إم إتش 370» بين كوالالمبور وبكين كانوا صينيين. وطلبت ماليزيا من حكومات الدول التي كان لديها رعايا بين الركاب أن تحقق في ملفاتهم.
وبينما دخل التحقيق أمس يومه الـ11 دون العثور على أي أثر للطائرة، بدت المعلومات المؤكدة نادرة وفي بعض الأحيان متناقضة في هذه القضية التي تعد من بين أكبر ألغاز تاريخ الطيران الحديث.
وكانت الطائرة أقلعت من كوالالمبور في 8 مارس (آذار) الحالي عند الساعة 00:41 بالتوقيت المحلي، وعلى متنها 239 شخصا متجهة إلى بكين. وأعلنت السلطات الماليزية أن إطفاء أجهزة الاتصال في الطائرة وتغيير مسارها بشكل مفاجئ يدفعان للاعتقاد بوجود «عمل متعمد». ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن محققين أميركيين قولهم إن هذا التغيير في المسار لم يجرِ يدويا وإنما عبر شفرة معلوماتية مبرمجة كما يبدو من قبل شخص في قمرة القيادة بفضل نظام إدارة الرحلة، البرنامج المعلوماتي الذي يستخدمه الطيارون.
وأصبح قائدا الطائرة محور التحقيق، الطيار ظاهري أحمد شاه (53 عاما) ومساعده فريق عبد الحميد (27 عاما). وأعلنت الخطوط الجوية الماليزية أول من أمس أن آخر الكلمات التي صدرت من طائرة الركاب كانت على الأرجح لمساعد قائد الطائرة فريق عبد الحميد. وكانت آخر كلمات صدرت من قمرة قيادة الطائرة «حسنا، عمتم مساء». وجاءت هذه الكلمات ردا على العاملين في برج المراقبة عند إبلاغ الطاقم بأن الطائرة تستعد لمغادرة المجال الجوي الماليزي.
وكان المحققون يريدون معرفة من قال هذه الكلمات بعد إطفاء أجهزة الاتصالات يدويا، لمعرفة من كان يقود الطائرة. وقال رئيس شركة الطيران الماليزية أحمد جوهري يحيى أول من أمس عندما سئل عمن يعتقد أن يكون تحدث بهذه الكلمات: «التحقيقات الأولية توضح أن مساعد الطيار هو الذي تحدث. إنها آخر مرة مسجلة على الشريط».
ولم يستبعد المحققون فرضية انتحار الطيار أو مساعده كأحد التفسيرات المحتملة لاختفاء الطائرة. وسئل هشام الدين القائم بأعمال وزير النقل الماليزي ما إذا كان التحقيق يسير في اتجاه انتحار الطيار أو مساعده، فقال: «إننا نبحث ذلك»، لكنه أضاف أن هذه الفرضية تعد واحدة من الاحتمالات الخاضعة للتحقيق.
وجهاز تحديد موقع الطائرة «إيه سي إيه آر إس»، الذي يتيح تبادل معلومات بين الطائرة أثناء طيرانها والمركز التشغيلي لشركة الطيران، أصدر آخر إشارة عند الساعة 1:07، ثم أصدر إشارة أخرى بعد نصف ساعة عند الساعة 1:37. وأطفئت أجهزة الاتصال التي تنقل معلومات حول موقع الطائرة عمدا بعد دقيقتين فقط على الرسالة التي نسبت إلى مساعد الطيار.
لكن جوهري يحيى شكك في هذا التسلسل الزمني للأحداث، قائلا إن أنظمة الاتصال قد تكون أطفئت قبل أو بعد كلمات مساعد الطيار. وإذا كان جهاز تحديد موقع الطائرة أوقف إرسال إشارات تحديدا في الوقت نفسه مع جهاز الاتصال فإن فرضية حصول عطل تقني شامل تعود إلى الواجهة.
وتتعرض السلطات الماليزية منذ البداية لانتقادات شديدة بسبب طريقة إدارتها هذه الأزمة التي وصفت بأنها فوضوية، وإصدار معلومات متناقضة. وفي هذا الإطار هدد أقرباء ركاب صينيين أمس ببدء إضراب عن الطعام احتجاجا على نقص المعلومات. وتدافع الحكومة عن نفسها مؤكدة على الطابع «غير المسبوق» للقضية.
كما رفضت ماليزيا اتهام مسؤولين في الحكومة الأميركية بعدم تعاونها الكامل في تبادل المعلومات مع الحكومات الأجنبية. وصرح مسؤولا أمن أميركيان أول من أمس بأن ماليزيا لم تطلب من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي) إرسال فريق إلى كوالالمبور للمساعدة في التحقيق في اختفاء طائرة الركاب الماليزية في الرحلة «إم إتش 370». ورد وزير الدفاع والقائم بأعمال وزير النقل الماليزي هشام الدين حسين بالقول أمس عندما سئل ما إذا كانت بلاده قد طلبت مساعدة مكتب التحقيقات الأميركي: «أنا أعمل معهم. مكتب التحقيقات هو الذي عليه أن يقول ما إذا كان يحتاج إلى مزيد من الخبراء ليقدموا المساعدة لأننا لا نعرف ما لديهم».