اشتعال حرب الوفود في جنيف.. والأمم المتحدة تؤكد تحقيق «تقدم»

كيري اعتبرها أكبر فرصة للسلام في سوريا

المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة السورية في جنيف أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة السورية في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

اشتعال حرب الوفود في جنيف.. والأمم المتحدة تؤكد تحقيق «تقدم»

المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة السورية في جنيف أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا خلال اجتماعه مع وفد المعارضة السورية في جنيف أمس (أ.ف.ب)

اندلعت في جنيف في اليوم الثالث من الجولة الثانية من المحادثات السورية - السورية «حرب الوفود»، مع وصول أعضاء ممن يسمون «مجموعة القاهرة» و«مجموعة موسكو» للقاء المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الأمر الذي حصل عصر أمس.
ومنذ الظهر، فتح السفير بشار الجعفري، رئيس وفد النظام، النار، عقب لقائه المبعوث الدولي، مستعيدًا ما كان قد بدأه يوم الاثنين الماضي لجهة الانقضاض على وفد الهيئة العليا للمفاوضات، ونفي صفته التمثيلية للمعارضة. وفي حين نفى الجعفري أن تكون المحادثات مع الوسيط الدولي قد تناولت المسائل الجوهرية، أكان ذلك أجندة المحادثات والمسائل الثلاث التي طرحها دي ميستورا كـ«خريطة طريق لـ(جنيف 3)، تشكيل هيئة حكم جديدة، كتابة الدستور والانتخابات التشريعية والرئاسية»، شدد على أن المداولات ما زالت تدور حول «الإعداد الشكلي للحوار» من أجل «ضمان تمثيل أوسع طيف من المعارضات»، عملاً بقرار مجلس الأمن رقم 2254 وبياني فيينا. وبحسب الجعفري، فإن القرار الدولي «لم يتحقق بعد»، وبالتالي فإنه «ليس من حق أحد (في إشارة إلى وفد الهيئة العليا لمفاوضات) أن يحتكر الصفة التمثيلية للمفاوضات». ورمى الجعفري الكرة في ملعب الأمم المتحدة بتأكيده أن من مسؤولية دي ميستورا أن يضمن تطبيق القرار الدولي، لأن ذلك من صلب مهمته أو ولايته التي أوكلها إليه مجلس الأمن الدولي. وأكثر من ذلك، فقد هاجم من غير أن يسميه محمد علوش، المفوض الرئيسي في وفد المعارضة متهمًا إياه بالإرهاب، رافضًا الجلوس معه إلى طاولة المفاوضات قبل أن يعتذر عن التصريح الذي أدلى به الأسبوع الماضي ومطالبته بخروج الأسد من المشهد السياسي السوري حيًا أو ميتًا.
بيد أن الرد على الجعفري جاء سريعًا من وفد الهيئة العليا أولاً، التي قالت مصادرها لـ«الشرق الأوسط» إن هناك وفدًا واحدًا هو وفدها، وإنه لن يكون هناك وفد آخر. لكن للمبعوث الدولي الحق في استشارة من يريد، أكان من المجتمع المدني أو من الأفراد أو الشخصيات السورية من كل أفق. كذلك جاء الرد من السفير رمزي عز الدين رمزي، مساعد دي ميستورا الذي حرص على استبعاد عبارة «وفد ثالث»، في إشارة ضمنية إلى مجموعتي القاهرة، كذلك نفى عنهم صفة «المستشارين». وقال رمزي: «نحن نستشيرهم حول مستقبل سوريا، ولكن ليست لهم صفة مستشارين، ووضعهم منصوص عليه في القرار 2254 ونحن نتحدث مع الهيئة العليا للمفاوضات ومع آخرين، ونحن حريصون على الاستماع لأكبر طيف من المجتمع السوري في الداخل والخارج». وأشار مساعد دي ميستورا إلى أن لقاء ثانيًا سيعقد مع هذه المجموعة يوم الجمعة المقبل عقب اجتماع مقرر مع وفد النظام، بينما من المنتظر أن يلتقي وفد الهيئة العليا مجددًا اليوم.
من جانبها، أشارت مصادر أميركية وغربية إلى أن هناك «وفدًا واحدًا للمعارضة ولن يكون هناك وفد ثان». بيد أن أعضاء من مجموعتي القاهرة وموسكو وصلوا أخيرًا إلى جنيف. وقالت رنده قسيس لـ«الشرق الأوسط» إن الغرض هو التوصل إلى تشكيل «وفد للمعارضة» من 15 عضوًا، بينهم 7 من مجموعة موسكو (قدري جميل وعباس حبيب ومازن مغربية وفاتح جاموس ونمرود سليمان ورنده قسيس)، وستة من مجموعة القاهرة (جهاد المقدسي وفراس الخالدي «وصلا إلى جنيف» وحبيب الحداد ومروان حبش وأبجر ملزول ووفيق عرنوس «لم يصلوا بعد»)، بينما يبقى مقعدان محجوزين للأكراد. وبحسب قسيس فإن الأكراد لم تُوجَّه لهم الدعوات، وإن أعضاء الوفد الثالث مصرون على دعوتهم وانضمامهم إلى الوفد، وهم سيطلبون ذلك من دي ميستورا وسيبحثون معه عن وسيلة لتلافي «الفيتو» التركي. وتساءلت أوساط متابعة في جنيف عن الأثر الذي سيترتب على إعلان حزب الاتحاد الوطني الكردي عن عزمه إقامة سلطة خاصة به في إطار فيدرالية ينادي بها. وتؤكد قسيس أنها ورفاقها قد «تلقوا ضمانات» بأن يتم التعامل معهم على أنهم «وفد ثالث»، مضيفة أن «الوفد» سيقدم مقترحات للمرحلة المقبلة، كما فعل وفدا النظام والهيئة العليا.
وبهذه النقطة بالذات، تجتمع المعرضة والحكومة وكذلك الأمم المتحدة على التمسك بسوريا موحدة. وقال رمزي إن «موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن والسوريين الذين استمعت إليهم واضح، وهو التمسك بوحدة سوريا وسلامة أراضيها»، وإن المنظمة الدولية تعمل في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها التي تؤكد على استقلال ووحدة وسلامة أراضي سوريا». وربطت قسيس في حديثها لـ«الشرق الأوسط» بين موقف المبعوث الدولي الرافض لدعوة الأكراد إلى جنيف وخطوتهم الأخيرة.
بعيدًا عن المسائل الإجرائية، تبدو الأمم المتحدة «متفائلة» بما يجري على صعيد المحادثات، إذ اعتبر مساعد دي ميستورا أن «مسار المحادثات حقق تقدمًا في الأيام القليلة الماضية، ونريد الاستمرار في المناقشات مع جميع الأطراف». ورد رمزي على قول الجعفري بأن المناقشات ما زالت تدور حول المسائل الإجرائية والشكلية، مؤكدا أنه «بالطبع تناولنا المسائل الجوهرية»، والمناقشات مع وفد النظام ووفد الهيئة العليا للمفاوضات تتناول تعميق الأفكار والآراء التي طرحها الطرفان. ورغم التباعد البيِّن بين الطرفين حول مستقبل سوريا، وطبيعة المرحلة الانتقالية ومقتضياتها، أكد مساعد المبعوث الدولي أن مهمة الأمم المتحدة هي السعي لإيجاد «مساحة لقاء» وأنها، رغم قصر المدة التي مضت على الجولة الثانية في جنيف، فإنها توصلت إلى بلورة «قواسم مشتركة» بين الطرفين وأنها «وجدت أن هناك قدرا من الالتقاء يمكن البناء عليه وهو ما سنقوم به في المرحلة المقبلة». لكنه بالمقابل، اعترف بوجود «خلافات مهمة» يتعين «التعامل معها في المرحلة المقبلة».
وقالت مصادر متابعة للاتصالات في جنيف وعلى تواصل مع وفد النظام أن ثمة تيارين داخل النظام السوري: الأول متشدد ويرفض أي تنازل أو تعامل بـ«ليونة» مع المرحلة الجديدة التي انطلقت مع العودة إلى جنيف وزاد اندفاعها مع قرار الرئيس السوري سحب «الأساسي» من قواته من سوريا، وتيار «معتدل» يرى أنه من الممكن التوصل إلى «تفاهم» مع المعارضة عن طريق تقديم بعض «التنازلات»، وأهمها لدى كتابة الدستور الجديد بحيث تؤخذ بعض الصلاحيات من الرئاسة وتعطى للحكومة، وكذلك في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجامعة بحيث تعطى مناصب أساسية للمعارضة حتى لا يكون دورها مجرد «ديكور».
لكن أوساطًا دبلوماسية موجودة في جنيف قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الغرض المطلوب اليوم هو أن يبقى الجميع معارضة ونظامًا في جنيف بحيث تستمر المحادثات حتى تتم زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى موسكو الأسبوع الماضي حيث سيلتقي نظيره سيرغي لافروف والرئيس بوتين. وبحسب هذه الأوساط، فإن زيارة كيري ستكون «حاسمة» لجهة معرفة ما تريده موسكو في سوريا، وما هو الثمن الذي ستطلبه من الجانب الغربي والحلول الوسط التي يمكن أن تقبل بها.



واشنطن تعاقب أفراداً وكيانات على صلة بتمويل الحوثيين

وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
TT

واشنطن تعاقب أفراداً وكيانات على صلة بتمويل الحوثيين

وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)
وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات متلاحقة على كيانات وأفراد مرتبطين بالحوثيين (رويترز)

فرّضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة شملت أفراداً وشركات وسفناً على صلة بشبكة سعيد الجمل الذي يقيم في إيران ويتولى إدارة الأموال للجماعة الحوثية وتسهيل تهريب الأسلحة والنفط بدعم من الحرس الثوري الإيراني.

وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، أن بلاده فرضت  عقوبات على 5 شركات و5 أفراد، وأدرجت 8 سفن كممتلكات محظورة بسبب علاقاتها بسعيد الجمل، وهو الناشط المالي الحوثي المدرج على لائحة العقوبات الأميركية.

وفي حين يتخذ الجمل من إيران مقراً له بدعم من «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، قال البيان إن «الدعم الإيراني للمجموعات الإرهابية الإقليمية يستمر في زعزعة استقرار الشرق الأوسط».

وأضاف البيان أن الإيرادات من شبكة «الجمل» تدر الأموال التي تمكن الحوثيين من شن هجمات إقليمية، بما في ذلك تعطيل الشحن الدولي في الممرات المائية الحيوية. وأشار إلى أن هذه هي الدفعة الحادية عشرة من العقوبات التي فرضتها واشنطن على شبكة سعيد الجمل.

وتعهدت وزارة الخارجية الأميركية بمواصلة استخدام الأدوات المتاحة لاستهداف تدفقات هذه المصادر من الإيرادات غير المشروعة، وأوضحت أنه تم اتخاذ إجراءات وزارة الخزانة حسب الأمر التنفيذي رقم 13224 لسلطة مكافحة الإرهاب، بصيغته المعدلة.

وفي وقت سابق من يوم الخميس، كانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت العقوبات الجديدة، على الأفراد الخمسة والسفن الثماني والشركات الخمس، وقالت إنها «متورطة في عمليات نقل وبيع النفط الإيراني لصالح المسؤول المالي الحوثي سعيد الجمل».

وتشمل العقوبات - بحسب «الخزانة الأميركية» - مشغلي السفن وقباطنتها الذين أسهموا في نقل النفط غير المشروع، إذ إن هذه العائدات من هذه الأنشطة «تسهم بشكل مباشر في تمويل الهجمات الحوثية في المنطقة، بما في ذلك الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة على إسرائيل والسفن التجارية العابرة للبحر الأحمر».

عنصر حوثي خلال حشد في صنعاء غداة مقتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار (إ.ب.أ)

وقال برادلي سميث، وكيل وزارة الخزانة الأميركية بالإنابة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية: «يعتمد الحوثيون بشكل كبير على الشبكة الدولية التي يديرها سعيد الجمل وشركاؤه لنقل وبيع النفط الإيراني، ما يعزز حملتهم العنيفة».

وأضاف سميث: «وزارة الخزانة ملتزمة باستخدام كل الأدوات المتاحة لوقف هذا المصدر الأساسي للعائدات غير المشروعة التي تموّل أنشطة الحوثيين المزعزعة للاستقرار».

ويعتمد الجمل في شبكته - وفق البيان - على شركات وهمية وشركاء في دول عدة لتسهيل بيع النفط الإيراني.

عقوبات متلاحقة

في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات جديدة على فرد وكيانات متورطة في تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية المدعومة من إيران.

وذكر بيان «الخارجية» حينها أن هؤلاء الميسرين والموردين مكنوا الجماعة الحوثية «الإرهابية» من الاستحواذ على مواد ومكونات ثنائية الاستخدام ومن الدرجة العسكرية لتصنيع ونشر صواريخ متطورة وطائرات مسيرة تهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

وشملت العقوبات كياناً مرتبطاً بشحنات تجارية غير مشروعة للحوثيين، وسفينتين تابعتين لذلك الكيان؛ الأولى تولت نقل شحنات بالنيابة عن شبكة المسؤول المالي للحوثيين سعيد الجمل والأخرى تابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية.

المتحدث باسم الجماعة الحوثية (يسار) في أحدث لقاء له في مسقط مع وزير خارجية إيران (أ.ف.ب)

وفي يونيو (حزيران) الماضي، فرضت واشنطن عقوبات على 3 أشخاص و6 كيانات للتورط في تسهيل وشراء الأسلحة للجماعة الحوثية، وشملت العقوبات سفينة مشارِكة في تهريب الأسلحة للجماعة المدعومة من إيران، وشركات مقارها الصين وسلطنة عمان والإمارات.

وشملت العقوبات فرداً مقيماً في الصين يدعى علي عبد الوهاب محمد الوزير، المنتمي للحوثيين، و«يلعب دوراً رئيسياً في شراء المواد التي تُمكّن قوات الحوثيين من تصنيع أسلحة تقليدية متقدمة داخل اليمن».

ويستخدم الوزير شركة مقرها الصين تدعى «قوانغتشو تسنيم التجارية المحدودة»، للحصول على المعدات وشحنها إلى اليمن، والشركة مملوكة بالكامل لشركة «تسنيم التجارية المحدودة»، ومقرها هونغ كونغ، والمدرجة على لائحة العقوبات.

كما شملت العقوبات شخصاً يدعى معاذ أحمد محمد الحيفي، والشركة التي يديرها تدعى «الشركة الدولية للواجهة الرقمية الذكية المحدودة»، ومقرها سلطنة عمان؛ حيث قام بتسهيل شراء ونقل مكونات صواريخ «كروز»، بالتنسيق مع كبار قيادات الحوثيين.

وبحسب «الخزانة الأميركية»، أدت أنشطة الحيفي دوراً رئيسياً عام 2020 في هجمات الحوثيين التي استهدفت منشأة «أرامكو السعودية» باستخدام صاروخ «كروز».

كما فرضت «الخزانة الأميركية» عقوبات على سفينة «أوتاريا» التي ترفع علم الكاميرون وتعمل لصالح شركة «ستيلر ويف مارين إل إل سي» ومقرها في الإمارات.