الهند تسعى لتعزيز مكانتها في أفريقيا بعلاقات تجارية وتنموية وثيقة

قمة للشراكة بين الجانبين.. وحجم التجارة يتجاوز 70 مليار دولار

جانب من اجتماعات الهند أفريقيا العام الماضي (رويترز)
جانب من اجتماعات الهند أفريقيا العام الماضي (رويترز)
TT

الهند تسعى لتعزيز مكانتها في أفريقيا بعلاقات تجارية وتنموية وثيقة

جانب من اجتماعات الهند أفريقيا العام الماضي (رويترز)
جانب من اجتماعات الهند أفريقيا العام الماضي (رويترز)

تشارك الهند بقوة في تنمية أفريقيا منذ سنوات وتربطها علاقات تجارية وثيقة بالكثير من دول أفريقيا، ويمثلان معًا سوقًا كبيرة تزيد على ملياري نسمة، وقامت الهند بمساعدة عدة دول أفريقية في مشروعات تنموية واقتصادية خلال السنوات الماضية مثل مصر وإثيوبيا وغانا ونيجيريا على سبيل المثال، وقفز حجم التبادل التجاري بين الهند وأفريقيا بنسبة تجاوزت 130 في المائة خلال سبع سنوات فقط، من 30 مليار دولار عام 2008 ليتجاوز 70 مليارا عام 2015.
واختتمت بالأمس في العاصمة الهندية نيودلهي أعمال مؤتمر «مشروع الشراكة بين الهند وأفريقيا» الذي استمر ليومين بمشاركة 23 وزيرا من أفريقيا وما يزيد على 400 مسؤول من 37 دولة أفريقية، وأكثر من 500 مسؤول ممثلين عن وزارات الحكومة الهندية. وتركزت أعمال المؤتمر في مناقشة سبل تعزيز شبكة النقل والاتصالات في القارة الأفريقية وتأهيل البنية البشرية الأفريقية لمواجهة تحديات المستقبل وتعزيز الفرص القائمة ومصادر الطاقة البديلة وأهميتها في تعزيز أمن الطاقة والرعاية الصحية وتحديث أنماط الزراعة وأهميته لتحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل ودور القطاع الخاص الهندي لتنمية التعاون الاقتصادي مع الدول الأفريقية.
* الهند أكبر المستثمرين في إثيوبيا
وتعد الهند من أكبر المستثمرين الأجانب في إثيوبيا، واستثمرت أكثر من 4.6 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية في الدولة الأفريقية مع توفير قرض ميسر بقيمة مليار دولار أميركي لتطوير وتوسيع مشاريع السكر في البلاد. وساهمت في إحداث نقلة نوعية في قطاع تنمية منتجات الجلود في الهند خلال أقل من خمس سنوات بدأتها في عام 2011. حيث قامت مؤسسات هندية بنقل التكنولوجيا والمساعدة في زيادة وتيرة النمو في أرباح قطاع الجلود في إثيوبيا ومن ثم عززت صادرات المنتجات الجلدية إلى دول العالم.
وتعهدت الهند بتقديم كافة أشكال الدعم والتدريب اللازم لجعل إثيوبيا واحدة من أكبر عشر دول في العالم في مجال صناعة الأحذية والجلود. واستطاع حاليًا قطاع الجلود الإثيوبي المنافسة في الأسواق العالمية، وتمكنت إثيوبيا من استغلال الثروة الحيوانية الهائلة التي تمتلكها. وتعهدت الهند كذلك بتطوير خط السكك الحديدية بين إثيوبيا وجيبوتي بقيمة 300 مليون دولار خلال القمة الثانية للشراكة الهندية الأفريقية المنعقدة في إثيوبيا في عام 2011.
شراكة مع أفريقيا بدأت من 2008
وكان مؤتمر «مشروع الشراكة بين الهند وأفريقيا» قد انطلق أول من أمس (الاثنين) في العاصمة الهندية نيودلهي، بمشاركة حشد من نواب رؤساء الجمهوريات والوزراء الأفارقة في إطار مساعي الهند المكثفة لتكون من الناحية العملية الشريك الدولي الأكثر قدرة على الحركة والنفاذ في القارة الأفريقية في سوق عملاقة تخطى عدد سكانها من الجانبين الملياري نسمة.
وسبق هذا المؤتمر ثلاث قمم في تاريخ هذه الشراكة، كانت الأولى في نيودلهي عام 2008 والثانية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 2011، والثالثة في نيودلهي في عام 2015 والتي عمدت - لأول مرة - إلى إصدار وثيقة مرجعية (وثيقة منتدى نيودلهي)، تؤسس لإعداد منظور مشترك للأعضاء بخصوص القضايا العالمية الكبرى، وترسم خارطة طريق لما يجب أن تكون عليه طبيعة وأشكال التعاون بين الهند وأفريقيا على الأمدين المتوسط والبعيد.
ويعتبر منتدى قمة الهند - أفريقيا منصة فريدة من نوعها، يسعى من خلالها الشركاء الأفارقة والهنود لتحديد مجالات التعاون من خلال الحوار والسعي إلى توسيع وتعزيز الشراكة والتعاون في التجارة والتكنولوجيا وبناء القدرات.
* مصر تسعى للاستفادة من خبرات الهند التكنولوجية
وبالإضافة إلى إثيوبيا، تأتي مصر أيضا من ضمن أهم الشركاء التجاريين للهند في أفريقيا، وسعت مصر منذ سنوات للاستفادة من الخبرات الهندية في مجالات تفوقها، خاصة مجالي البرمجيات وصناعة الحاسب الآلي، وتفعيل اتفاق الهيئة العربية للتصنيع المصرية ومؤسسات هندية في هذا المجال، وكذلك في مجال تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال مشروعات تعاون بين الصندوق الاجتماعي للتنمية بمصر مع نظيره الهندي. ويوجد في مصر أكثر من 50 شركة هندية يتعدى حجم استثماراتها 3 مليارات دولار تتركز نسبة كبيرة منها في قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة، ويفوق حجم التجارة بين البلدين نحو 5 مليارات دولار سنويًا.
وتصدر الهند إلى مصر غزل القطن والسمسم والشاي والبن والتوابل والمطاط الصناعي ومنتجاته وقطع غيار وسائل النقل ومعدات متنوعة، بينما تصدر مصر إلى الهند منتجات كالقطن والأسمدة الخام والمُصنعة والبترول الخام ومنتجاته والكيماويات العضوية وغير العضوية والجلود والمصنوعات المعدنية، وتسعى مصر لتوسيع نطاق الصادرات المصرية للهند، خاصة من الفوسفات الصخري والأمونيا. وفي ذات السياق، استقبل رئيس مجلس الوزراء المصري شريف إسماعيل أول من أمس (الاثنين)، خبير الاقتصاد الهندي والنائب السابق لرئيس لجنة التخطيط الهندية مونتيك أهلواليا، وقام الخبير الاقتصادي الهندي باستعراض خبرات بلاده في إدارة السياسة النقدية، والتي كانت لها نتائج إيجابية على الاقتصاد الهندي، وأكد على أهمية الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي المصري حاليًا لتصحيح أوضاع أسواق النقد، والعمل على تحقيق الاستقرار النقدي من أجل توفير المناخ المطلوب للتنمية الاقتصادية، وخلق فرص العمل وإطلاق قدرات الاقتصاد في جذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز الثقة في قوة الجهاز المصرفي وقدرته على تمويل المشروعات الكبرى.
* أفريقيا ثاني مقصد للاستثمار المباشر الهندي
وشارك في مؤتمر الشراكة الهندي الأفريقي المقام حاليًا في نيودلهي بعض زعماء أفريقيا ونوابهم ووزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والتجارة والزراعة من الدول الأفريقية والهند ورؤساء اتحاد الصناعات وغرفة الصناعة ورؤساء كبريات البنوك والشركات الهندية.
وقال وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية «في كي سنغ» خلال المؤتمر «يوجد الكثير من المؤشرات المتنامية التي تعكس ازدهار حركة التجارة والاستثمار بما يصب باتجاه تعزيز الصداقة والشراكة بين القارة الأفريقية وشبه القارة الهندية، ورغم تجاوز حجم التجارة بين الجانبين لـ70 مليار دولار، فإنه لا يمثل القدرات الحقيقية للجانبين الهندي والأفريقي»
وأشار إلى أن تنمية القدرات البشرية الأفريقية هي مصدر قوة الهند وشراكتها الحالية والمستقبلية مع أفريقيا، منوها بتعهد الهند بتقديم قروض ائتمانية خلال قمة منتدى الهند أفريقيا العام الماضي بقيمة ستة مليارات دولار.
وأضاف أن «هناك حاجة لتيسير إجراءات الشراكة وعمل الشركات في أسواق الجانبين، ولذلك يجب العمل من الجانبين وضمان ألا نسمع عن تأخير في تنفيذ الصفقات، والتعاون بين سوقين كبيرتين تضمان ما يزيد على ملياري نسمة وبخاصة في قطاعات مثل الأدوية والزراعة والصحة والبنية التحتية وبناء القدرات البشرية». وبلغ حجم الاستثمار الهندي المباشر في القارة الأفريقية في الوقت الراهن 13.6 مليار دولار، بما يشكل 16 في المائة من الاستثمار الأجنبي الهندي المباشر في الخارج، وفقا لتصريحات رئيس اتحاد الصناعات الهندي سوميت مازمودير لوكالة الأنباء المصرية الرسمية، وأصبحت أفريقيا بذلك ثاني أكبر مقصد للاستثمار الأجنبي الهندي المباشر في الخارج. وأضاف سوميت أن التنوع الجغرافي وتنويع المنتجات هما مفتاح توسيع حجم العلاقات التجارية بين الهند وأفريقيا، مشيرا إلى أن مشروعات تطوير البنية التحتية الكبيرة في أفريقيا تتيح فرصا استثمارية مجزية للشركات الهندية، داعيا إلى تركيز الاهتمام على تمويل الابتكارات، خاصة أن الهند ستصبح سوقا جاذبة للمنتجات الأفريقية في الوقت الذي تمضي فيه دول أفريقيا لتسريع وتيرة النمو الصناعي.



محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أيَّد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي التحرك «تدريجياً» نحو خفض أسعار الفائدة، في ظل النمو الاقتصادي الأميركي الأقوى من المتوقع، وتلاشي المخاوف بشأن صحة سوق العمل، وفقاً لمحضر اجتماع نوفمبر (تشرين الثاني).

ويشير محضر الاجتماع إلى أن مسؤولي البنك المركزي الأميركي لم يعودوا يرون حاجة ملحة للوصول بسرعة إلى مستوى أسعار «محايدة» لا يعوق النمو، بعد خفض كبير بنحو نصف نقطة في سبتمبر (أيلول).

وفي اجتماع نوفمبر، خفَّضت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى نطاق 4.5- 4.75 في المائة، وهو الخفض الثاني.

ويجتمع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، وهو اجتماعه الأخير قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ومن المتوقع أن يمضي البنك المركزي قدماً بخفض آخر بنحو ربع نقطة، على الرغم من أن المسؤولين يراقبون البيانات الواردة من كثب.

وقال رئيس البنك، جيروم بأول، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الاقتصاد الأميركي القوي يعني أن البنك المركزي لا يحتاج إلى «التسرع» في خفض أسعار الفائدة.

ولا يزال التضخم -على الرغم من انخفاضه الحاد عن ذروته في عام 2022- أعلى من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة.

وأشار مسؤولو البنك المركزي إلى أن التضخم كان يتراجع، وفقاً للمحضر؛ لكن البعض حذَّر من أنه قد يستغرق وقتاً أطول من المتوقع، نظراً للقوة الأساسية للاقتصاد، واحتمال أن تؤدي المخاطر الجيوسياسية وانقطاعات سلسلة التوريد إلى إبطاء الانخفاض.

وأظهر أحدث تقرير لمؤشر أسعار المستهلك ارتفاع التضخم إلى 2.6 في المائة، بعد زيادة بنسبة 0.2 في المائة على أساس شهري.

واتخذ المسؤولون أيضاً موقفاً أكثر تفاؤلاً مما كان عليه في اجتماعهم السابق بشأن آفاق سوق العمل، قائلين إنه «لا توجد علامة» على التدهور السريع.

ومع ذلك، فإن التوقف المؤقت في خفض أسعار الفائدة سيكون مبرراً «إذا ظل التضخم مرتفعاً»، كما أشار المحضر، وهو ما يعكس وجهة نظر توم باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، وعضو التصويت في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية لهذا العام، لصحيفة «فايننشيال تايمز» في مقابلة الأسبوع الماضي. وقال: «إذا كان التضخم يظل أعلى من هدفنا، فهذا يجعل من الضروري توخي الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة... إذا كانت معدلات البطالة تتسارع، فإن هذا يجعل القضية أكثر توجهاً نحو المستقبل».

وحسب أسواق العقود الآجلة، يفضل المتداولون خفضاً آخر بمقدار ربع نقطة مئوية في ديسمبر. وقال نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، هذا الأسبوع، إن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر «معقول»، في حين أيد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي فكرة تخفيضات أسعار الفائدة الإضافية.