سنغافورة ما زالت أغلى مدينة في العالم

رغم الأزمة الاقتصادية.. الصينيون من أبرز صائدي الفرص العقارية

تبلغ مساحة سنغافورة 720 كيلومترا مربعا ويقطنها 5.5 مليون نسمة ويبلغ متوسط الدخل القومي للفرد بها 82.7 ألف دولار سنويا (رويترز)
تبلغ مساحة سنغافورة 720 كيلومترا مربعا ويقطنها 5.5 مليون نسمة ويبلغ متوسط الدخل القومي للفرد بها 82.7 ألف دولار سنويا (رويترز)
TT

سنغافورة ما زالت أغلى مدينة في العالم

تبلغ مساحة سنغافورة 720 كيلومترا مربعا ويقطنها 5.5 مليون نسمة ويبلغ متوسط الدخل القومي للفرد بها 82.7 ألف دولار سنويا (رويترز)
تبلغ مساحة سنغافورة 720 كيلومترا مربعا ويقطنها 5.5 مليون نسمة ويبلغ متوسط الدخل القومي للفرد بها 82.7 ألف دولار سنويا (رويترز)

لا تزال سنغافورة أغلى مدينة في العالم للسنة الثالثة على التوالي، متقدمة على هونغ كونغ وزيوريخ وجنيف وباريس، على ما جاء في دراسة أعدتها «ذي إيكونوميست إنتليجنس يونيت».
وحلت لندن في المرتبة السادسة من التصنيف، متقدمة على نيويورك ولوس أنجليس اللتين عادتا هذه السنة من بين أغلى عشر مدن في العالم، نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار.
وهذه هي أعلى مرتبة تحتلها نيويورك منذ عام 2002، وهي تقدمت 42 مرتبة في هذا التصنيف منذ عام 2011.
واحتلت باريس المرتبة الخامسة، وهي المدينة الوحيدة من منطقة اليورو التي تعد من بين أغلى عشر مدن في العالم. كما احتلت كوبنهاغن المرتبة الثامنة بالتساوي مع سيول ولوس أنجليس.
ولفتت الدراسة إلى تراجع المدن الأوروبية في هذا التصنيف جراء انخفاض سعر صرف اليورو، شأنها في ذلك شأن بعض المدن الآسيوية مثل طوكيو (المرتبة 11)، وأوساكا (المرتبة 14)، اللتين تراجعتا إلى أدنى مستوى لهما في التصنيف، بسبب التضخم الذي تشهده اليابان وانخفاض قيمة الين.
وكانت ثلاث مدن آسيوية هي سنغافورة وهونغ كونغ وسيول من بين أغلى عشر مدن في العالم. وجاء في الدراسة أن المدن الآسيوية هي الأغلى عادة على صعيد السلع الاستهلاكية، في حين أن خدمات الترفيه هي الأغلى في المدن الأوروبية.
وقام تقرير «إيكونوميست»، الذي يصدر بشكل سنوي، بمقارنة 133 مدينة حول العالم، يتم اختيارها طبقا لاستطلاعات رأي تتم كل عامين. وقد ذكر التقرير أن سنغافورة هي أغلى مكان في العالم لشراء أو قيادة سيارة، ومواصلاتها العامة تعد باهظة، وتفوق تكلفة المواصلات في مدينة نيويورك الأميركية على سبيل المثال بمقدار 2.7 ضعفا.
ويستند التقرير إلى عمليات تقييم لأسعار الطعام والشراب، والمعدات والتجهيزات المنزلية، ومستلزمات العناية الشخصية، ومتوسط أجور المنازل، وتكاليف المواصلات، والفواتير الشهرية، وتكلفة المدارس الخاصة، والأنشطة الترفيهية.
وتبلغ مساحة سنغافورة 720 كيلومتر مربع ويقطنها 5.5 مليون نسمة، ويبلغ متوسط الدخل القومي للفرد بها 82.7 ألف دولار سنويا.
ورصد الباحثون تغيرا في تصنيفات المدن، بسبب عدد من العوامل الاقتصادية التي شملت قوة الدولار الأميركي، وتفاوت أسعار العملات، وانخفاض أسعار النفط والسلع، والاضطرابات الجيوسياسية.
وقال جون كوبيستايك، أحد معدي البحث، إنه «على مدار 17 عاما من العمل في إعداد مثل هذه الأبحاث، لم أشهد عاما تفاوتت فيه الأسعار مثل عام 2015. لقد أدى انخفاض أسعار السلع إلى ضغوط أدت إلى الانكماش الاقتصادي في عدد من الدول. لكن في دول أخرى تسبب ضعف العملة المحلية في زيادة التضخم».
وأظهر البحث كذلك أن خمسا من أقل عشر دول من حيث تكلفة المعيشة موجودة في الهند وباكستان. وكانت المدن الأقل تكلفة هي لوزاكا، عاصمة زامبيا، وتلتها مدينتا بانغالور ومومباي في الهند.
من جهة أخرى، وفي الوقت الذي يشعل فيه مستثمرو العقارات الصينيون الأسعار في كثير من كبرى مدن العالم، يبحث المشترون الصينيون الآن فيما وراء النقاط الساخنة عن صفقات بأسعار بخسة وعوائد مرتفعة في شرائح شتى من الأراضي، بدءا من دبي الإماراتية، وصولا إلى نزل الطلبة في مانشستر البريطانية. وتتنوع شرائح المستثمرين من الأفراد الأغنياء وصناديق الاستثمار المباشر التي تشتري الوحدات السكنية، إلى الشركات والصناديق التي تقيم مشاريع مشتركة محلية للاستثمار في المشاريع العقارية.
وقالت كلارا يونغ، مديرة «إس بي في غلوبال»، لـ«رويترز»: «الناس تستثمر في الأسواق الناشئة، نظرا للعوائد المرتفعة وأسعار الشراء المنخفضة والمعدل المرتفع لزيادة رأس المال. البعض يستثمر لغرض قضاء العطلات.. أو نظرا للفرص الجيدة لاقتصاد ما، أو أوضاع سياسية معينة. وعلى سبيل المثال فإن معرض (إكسبو 2020) العالمي في دبي، أو تغيير الحكومة في ميانمار، هما من الأسباب الأخرى للاستثمار في هذه الأسواق الناشئة».
وكان الصينيون سابع أكبر المستثمرين العقاريين في دبي العام الماضي، حيث ضخوا 463 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، مقارنة مع 354 مليون دولار في 2013 بأكمله، وفقا لساجد علي، مدير «سومانسا» للمعارض، التي نظمت معرضا عقاريا لدبي في هونغ كونغ في يناير (كانون الثاني) الماضي.
بالمقارنة، كان الاستثمار العقاري للمؤسسات الصينية في نيويورك وسيدني نحو ستة مليارات وأربعة مليارات دولار على الترتيب العام الماضي، ارتفاعا من 1.2 مليار و3.5 مليار دولار قبل عام.
وقال علي إن «متوسط سعر شقة أستوديو من غرفة رئيسة واحدة في منطقة وسط هونغ كونغ تبلغ سبعة ملايين دولار هونغ كونغ (نحو 900 ألف دولار)، وبالقيمة نفسها تستطيع شراء سبع شقق مماثلة في دبي»، مضيفا أن العائد على الاستثمار في دبي يصل إلى 7.2 في المائة، مقارنة مع 2.8 في المائة في هونغ كونغ.
وقال مشترٍ محتمل، لم يذكر سوى لقبه، وهو تشن، إنه يدرس شراء شقق في دبي أو بانكوك.
وأوضح تشن: «من المستحيل الشراء في شنتشن الصينية الآن، لأن الأسعار بالغة الارتفاع». وارتفعت أسعار المنازل في المدينة الواقعة بجنوب الصين 52 في المائة عنها قبل عام في يناير الماضي.
وقالت شركة «نخيل للتطوير العقاري»، ومقرها دبي، إن الصينيين اشتروا 70 في المائة من نحو 600 منزل تاونهاوس باعتها في مشروع قرية ورسان القريب من مركز التسوق مدينة التنين. وتبيع نخيل الأراضي أيضا، والمسموح بحرية تملكها في دبي.
وقال علي راشد أحمد لوتاه، رئيس مجلس إدارة الشركة: «كثير من الصينيين اشتروا الأراضي منا.. يريدون تطويرها وتأجيرها، لأن العائد على التطوير نحو 10 في المائة».

نزل الطلبة

بشكل متزايد تجتذب نزل الطلبة، التي هي بالفعل هدف ساخن للاستثمار المباشر، المستثمرين الصينيين الذين يشتري بعضهم مثل هذه العقارات دون حتى زيارتها أولا.
وقالت جولي هارفي، مديرة «بيناكل ألاينس» للاستثمار العقاري في لندن، إن «الوضع مختلف عما إذا كنت تشتري قصرا بثلاثة ملايين جنيه إسترليني (نحو 4.16 مليون دولار) في لندن وترغب في رؤيته. إنهم يشترون للاستثمار بالأساس.. وما دامت الأرقام صحيحة فسيشترون أي شيء».
وتقع نزل الطلبة قرب مقار الجامعات، التي غالبا ما تكون بعيدة عن مناطق وسط المدينة. وفي مانشستر، بلغ معدل العائد الإيجاري لتلك العقارات نحو 8 في المائة، ومعدل زيادة رأس المال نحو 10 في المائة العام الماضي، وفقا لهارفي.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».