عندما تقدمت ابتهاج محمد، إحدى بطلات الولايات المتحدة في رياضة المبارزة بالسيف، للحصول على بطاقتها لدخول القاعة التي تُـقام فيها نشاطات مهرجان «ساوث باي ساوث وست» أو (SXSW كما هو معروف) طلب منها المتطوّع الجالس وراء المنضدة حيث صناديق الشارات والبطاقات والخدمات الأخرى، خلع حجابها. ابتهاج محمد (30 سنة ومولودة في مدينة مايبلوود، نيوجيرسي) رفضت وأسمعته ما لم يكن يتوقع سماعه. حال علمت إدارة المهرجان الذي انطلق يوم الجمعة الماضي ويستمر حتى التاسع عشر من الشهر الحالي، بما حدث صرفت المتطوع من العمل وأصدرت اعتذارًا للحسناء الأميركية عما حدث.
ابتهاج محمد تجاوزت ما حدث سريعًا ذلك لأن معركتها، بكلماتها، ليست شخصية بل هي، وكما قالت في قاعة فندق بيفرلي هيلتون، في لوس أنجليس، قبل أيام قليلة، ضد الإسلاموفوبيا المنتشرة: «نحن كمسلمين بتنا تحت المجهر» وقالت: إنها لا تريد أن تخشى فوز دونالد ترامب «ربما لن يفوز بالانتخابات وينسى الناس كل هذا الجدل المذعور». وفي الأسبوع الماضي أخبرت صحافيًا من مجلة «تايم» بأنه لو فاز ترامب فإن «أميركا قد تصبح بيضاء بأسرها، ولن يكون هناك أي تنوع عرقي».
* سينما وتكنو
لم تكن ابتهاج محمد بحاجة لموقف كهذا. ليس من مهرجان في أوستن، تكساس لكنه حدث وحدث أيضًا أن السياسة والتيارات المتضاربة فيها لم تتوقف عند هذه الحادثة. ذلك لأن الرئيس باراك أوباما ظهر على المسرح أمام الجمهور الحاشد حيث تم إجراء مقابلة حية له بدأت بالحديث عن أين تمضي التكنولوجيا بالعالم، وسريعًا ما انتقلت للحديث عن أين تمضي السياسة الداخلية بالولايات المتحدة.
الموضوعان متصلان في الواقع ذلك لأن الأسئلة المطروحة عليه كانت تجمع بين الجانبين بسبب ما توفره وسائل التواصل اليوم من خدمات غير معلنة مثل سهولة التنصت والتجسس على المستخدمين. الرئيس أوباما الذي لم يكترث لارتداء ربطة عنق ولا منهج ردوده مسبقًا ولا قرأ عن لوحة أمامه، دافع عن حق الحكومة والسلطة استخدام هذه الخدمات. قال: «إذا خطفت طفلاً أو قمت بعملية إرهابية، توقع أن يدق رجال القانون باب منزلك».
إنه المكان المناسب للتداول في مثل هذا الشأن أكثر من سواه. مهرجان SXSW هو مهرجان للتقنيات الجديدة ولما يصدر عنها ولها وبسببها من أفلام. وهو بات أكبر حجمًا وأثرى عروضًا من سنواته الثماني والعشرين الماضية منذ أن انطلق غير واثق الخطوات ومن دون غطاء إعلامي كبير كالذي يتمتع به اليوم.
ما يتميّـز به ينطلق من منهجه الجامع بين السينما والتكنولوجيا ويجذب إليه مشاهدين شبّـانا يشكلون النسبة الأكبر من مشاهدي أفلام الأكشن والخيال العلمي والفانتازيا، وكلها (وأحيانًا أكثر منها) تعرض على شاشة المهرجان بإقبال ملحوظ.
لجانب الأعمال السينمائية المشاركة، هناك بضعة أعمال تلفزيونية، وبل هناك موسيقى وغناء وبعض الاستعراضات أيضا.
وفي زمن بات فيه الأوسكار شغل الناس وشاغلهم فإن لهذا المهرجان حصّـة في هالة تلك الجائزة. لا يغيب عن البال، مثلاً، أن بري لارسون التي فازت هذا العام بأوسكار أفضل ممثلة عن «غرفة» سبق لها أن حضرت إحدى الدورات الأخيرة من المهرجان. وفي العام الماضي تم تقديم فيلم «إكس ماشينا» الذي لطش أوسكار المؤثرات البصرية هذا العام.
ليس المعنى هنا أن المهرجان يكترث للأفلام ذات الرنّـة الفنية، لكنه بالتأكيد لديه بعض الأفلام التي قد تتسلل بعد عام من الآن أو أقل إلى مسابقات الجوائز المختلفة. أحدها هو «خاص منتصف الليل» (Midnight Special) الذي حققه جف نيكولز من بطولة مايكل شانون وكرستن دانست وشهد عرضه السينمائي الدولي الأول في الشهر الماضي في مهرجان برلين.
* نظرة وداع
المخرج رتشارد لينكلاتر لديه فيلم جديد يبرهن به على أن ليس كل ما يعرض في SXSW عليه أن يكون من نوع الخدع البصرية ومؤثرات الدجيتال. هو هنا ليعرض فيلما كوميديًا تقع أحداثه في ملاعب البيسبول عنوانه «كل واحد يريد بعضًا» (Everybody Wants Some) مع دورا ماديسون وتايلر هوشلين وبضعة وجوه أخرى غير معروفة تمامًا.
تلك الخدع المتداولة اليوم في إنتاجات هوليوود متوفرة في أفلام عدّة. أحيانًا تبعث هوليوود إلى أوستن بمشاهد معيّـنة أو بثلث ساعة مرتبة ومختارة لكي تثير انتباه الجمهور. هذا العام دخل من هذا الباب فيلم اسمه «كيانو» الذي يستخدم الدجيتال في أكثر من مناسبة من بينها تحريك قطّـة جميلة وصغيرة (اسمها كيانو) في مغامرة كوميدية. الفيلم مثبت لكي ينطلق للعروض العامّـة في غضون أسابيع ثلاثة.
ما تستطيع الشركات المتخصصة ابتداعه على الشاشة لم يعد قابلاً للحصر، والتقدم المذهل الحاصل في سينما الأكشن والفانتازيا لم يعد قابلاً للقياس. ولإلقاء نظرة على «كيف كنا وكيف أصبحنا» يعرض المهرجان فيلما عنوانه «العصابي» The Bandit وهو فيلم يستحق المرء أن يرفع القبعة (أو الطربوش إذا كان من يلبسه) للمهرجان له، فهو يؤرخ لفترة كانت جموع المشاهدين سعيدة بمشاهد فعلية للمخاطر والمغامرات من دون استخدام أي مؤثرات خاصّـة. التركيز في الفيلم على فيلم «سموكي أند ذا بانديت» الذي أخرجه هال نيدهام. هذا كان ممثل مشاهد الخطر (Stuntman) ثم مخرج مشاهد الخطر ثم مخرج أفلام واشتهر بالعمل مع الممثل بيرت رينولدز في سلسلة من الأفلام التي تدور حول سيارات متسارعة فوق الطرق الترابية في الغرب الأميركي وجنوبه مثل ذلك الفيلم ومثل «كانونبول رَن» و«ميغافورس».
في هذا الإطار أيضًا يأتي من عمق المجهول فيلم وسترن آخر.
هذه العودة إلى النوع باتت حقيقية منذ ثلاث سنوات أو نحوها كما تقدّم لنا طرح الموضوع هنا قبل أسابيع، وهذا فيلم جديد من النوع يقود بطولته إيثان هوك ويخرجه تاي وست بعنوان «في وادي العنف».
لكن ما سبق يُـنوّع ولا يلغي الأفلام المعتمدة جزئيًا أو كليًا على الخدع، ومنها «الحرب على الجميع» لجون مايكل مادونوف و«لا تفكر مرتين» لمايك بيربيليا وعلى الأخص ذلك الفيلم الذي تصارعت شركات التوزيع على شرائه حين عرض مطلع هذا العام في صندانس «هاردكور هنري» Hardcore Henry لجون سويتس.
ما جعل الفيلم «باينكيك» ساخنا هو أنه مسرود من وجهة نظر الممثل - البطل كاملاً. الكاميرا في مكان عينيه والمشاهد يرى كل شيء من زاوية نظره هو. طبعًا يفيد أنه ليس فيلما عن الهندسة الصناعية، بل عن شخص كان ميتًا وتم للعلم إعادته للحياة لكن بلا ذاكرة. فجأة هناك الكثير من الأشرار الذين يريدون قتله، لكنهم لو علموا تبعات ذلك...
«ساوث باي ساوث وست».. مهرجان للخيال والفانتازيا والواقع
ابتهاج محمد بطلة المبارزة تنتقد ترامب.. وأوباما يدافع عن التنصت
«ساوث باي ساوث وست».. مهرجان للخيال والفانتازيا والواقع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة