الطلاب الدوليون يلتقطون خيوط «الحلم الأميركي».. في فلينت

تحظى جامعات المدينة بإقبال متزايد كونها غير باهظة التكلفة

هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة
هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة
TT

الطلاب الدوليون يلتقطون خيوط «الحلم الأميركي».. في فلينت

هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة
هدف الطلاب الأجانب الرئيسي هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة بغض النظر عن الجامعة

بعد شهور قلائل من رحيل أبهيشيك واي أوتيكار عن مومباي بالهند، كي يشارك في برنامج ماجستير إدارة الأعمال بجامعة ميتشيغان في فلنت، رافقه صاحب البناية التي استأجر بها مسكنًا له، دينيس براونفيلد، في جولة عبر أرجاء منزله الجديد. وجاء ذلك انطلاقًا من حرص براونفيلد على الاهتمام بالمستأجرين لديه، ورغبته في أن يتفهم أوتيكار طبيعة الحياة داخل مدينة غالبًا ما تسيطر عليها أجواء التراجع وتلاشي الطابع الصناعي.
وحملت سيارته الدرس الأول، وهي طراز «هوندا سيفيك»، حملت لوحة ترخيص كتب عليها «رحلت جي إم»، في إشارة إلى الـ700.000 وظيفة بمجال صناعة السيارات التي اختفت من المدينة على مر السنوات، رغم كون المدينة مسقط رأس «جنرال موتورز» العملاقة في صناعة السيارات.
خلال جولتهما، توقفا عند ساحة خالية مخصصة للسيارات بين المكتبة الرئيسة بالمدينة و«سنترال هاي سكول»، وهي عبارة عن مبنى ضخم أغلقت أبوابه بسبب انخفاض أعداد الملتحقين بالمدرسة وإجراءات خفض الميزانية المخصصة لها. حينئذ نبه براونفيلد مرافقه قائلاً: «اربط حزام الأمان بحرص الآن لأني سأريك واحدة من العادات الأميركية»، ثم انطلق في حركات جنونية بالسيارة جعلت محركها يزأر بعنف من تطرف الاتجاهات التي يتحرك نحوها مقود السيارة. وشرح براونفيلد ما فعله بأنه: «أسلوبنا في التسلية داخل ميتشيغان».
في قرارة نفسه، شعر أوتيكار بالاضطراب والانبهار معًا، وأدرك في تلك اللحظة أن حياته داخل هذه المدينة الأميركية ستختلف كثيرًا عما اعتاده بالهند.
تعد الصدمة الثقافية من الأمور المعتادة في صفوف الطلاب الدوليين الساعين لنيل درجات علمية من داخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، تبقى بعض المناطق أكثر إثارة لهذه الصدمة عن البعض الآخر.
وتعد فلينت، الواقعة على بعد 60 ميلاً شمال غرب ديترويت، واحدة من أخطر المدن الأميركية. علاوة على ذلك، فقدت المدينة كثيرا من سكانها منذ ستينات القرن الماضي، تبعًا لما كشفه مكتب الإحصاء السكاني. ومؤخرًا، تراجعت أعداد السكان لما دون مائة ألف نسمة للمرة الأولى منذ قرابة قرن. ونجم عن ذلك ترك آلاف المنازل مهجورة - والتي عادة ما تتعرض للسلب من قبل لصوص يبحثون عن قطع معدنية. كما تشيع بالمدينة مسألة إضرام النيران بالمنازل، ما يضفي على بعض الأحياء شعورًا مخيفًا بالخراب. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت وزارة الصحة بالمقاطعة حالة الطوارئ العامة في أعقاب اكتشاف مستويات رصاص مرتفعة في المياه.
ورغم أن هذه المدينة ليست من المناطق التي يمكن للطالب الاستمتاع بتلقي العلم داخلها، لا يزال الطلاب الأجانب يفدون إلى فلينت للالتحاق بالتعليم الجامعي بها. هذا العام، وفد إلى فلينت أكثر من 700 طالب أجنبي، أكبر عدد من نوعه على الإطلاق، حيث يدرسون في «يو إم فلينت»، وهي مدرسة تضم قرابة 8.500 طالب بمرحلتي ما قبل وما بعد التخرج. وهناك مائتان تقريبًا يرتادون «كيتيرينغ»، وهي جامعة خاصة أصغر وأكثر انتقائية في اختيار طلابها تركز دراساتها على هندسة السيارات.
ورغم أن الأعداد قد تبدو متواضعة نسبيًا، فإنه من اللافت بالأمر أن هذه المدينة تشهد نزوحًا من قبل سكانها. وينتمي هؤلاء الطلاب إلى السعودية والهند والصين وكوريا الجنوبية ونيجيريا وأكثر من 40 دولة أخرى، ورغم توافر مئات الاختيارات أمامهم، فإنهم فضلوا فلينت.
ويبقى التساؤل هنا، بطبيعة الحال، لماذا؟
تتسم بعض الأسباب بالعملية، فعلى سبيل المثال، توفر الجامعتان سالفتا الذكر درجات علمية بمجالات علمية تلقى إقبالاً من جانب الطلاب الأجانب - الهندسة وإدارة الأعمال وعلوم الحاسب الآلي والرعاية الصحية. علاوة على ذلك، فإن مصاريف الدراسة في «يو إم فلينت» غير باهظة مقارنة بجامعات أخرى، في وقت تتسم تكاليف المعيشة داخل فلينت بانخفاضها. مثلاً، يبلغ إيجار شقة مؤلفة من غرفتين قرب وسط المدينة، قرابة 500 دولار شهريًا، شامل المرافق.
والملاحظ أن مثل هذه الجامعات تعمل بجد على اجتذاب طلاب لها من الخارج، إضافة إلى شروط الالتحاق بها الميسرة. بجانب ذلك، فإنه مع الارتفاع المستمر في أعداد الطلاب الدوليين أو الأجانب داخل الولايات المتحدة منذ قرابة عقد، إلى ما يقرب من 886.000 طالب، فإنه قد يكون من الحتمي توجه بعضهم إلى مدن مثل فلينت.
ومن خلال حديثنا إلى العشرات من الطلاب الأجانب في «يو إم فلينت» و«كيتيرينغ»، توصلنا إلى سبب آخر، وهو أن هدفهم الرئيس هو نيل درجة جامعية من الولايات المتحدة، بغض النظر عن الجامعة تحديدًا. وعليه، فقد قادت الصدفة المحضة كثيرين منهم إلى فلينت. وهناك البعض منهم يحمل بداخله الأمل في الهجرة إلى الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإنه بمجرد قدومهم إلى هنا، يشرع البعض منهم في التذمر والشكوى من حنينهم إلى وطنهم وبرودة الطقس. ومع ذلك، تظل الغالبية منهم متمسكة بتحقيق هدفها، حيث تشير الإحصاءات الصادرة عن «يو إم فلينت» إلى أن 57 في المائة من الطلاب الدوليين ينالون درجاتهم العلمية في غضون أربع سنوات، و86 في المائة منهم في غضون خمس سنوات، وهي نسب مثيرة للإبهار. وذكر الطلاب أنهم في خضم هذه الرحلة نجحوا في التوصل لتفهم أفضل للوجه الحقيقي لأميركا وعايشوا شعورًا غير متوقع بالانتماء إليها.
من جهته، أوضح أوتيكار، الطالب الهندي، أنه وصديقته اشتريا مؤخرًا منزلاً على مساحة 1.344 قدم مربع مقابل 9.800 دولار، وشرعا في إعادة تجديده. وبعد إنجاز دراسته الجامعية، عام 2013، عمل أوتيكار في شركة محلية للبرمجيات لمدة عام معتمدًا على فيزا الطلاب «إف 1» التي يحملها.
ويذكر أن القانون يتيح للطلاب والخريجين حديثًا العمل أو التدرب لفترة تتراوح بين 12 و29 شهرًا في ظل «برنامج التدريب العملي الاختياري»، وذلك في وظائف على صلة بتخصصهم الدراسي.
وتشير الأرقام إلى أن قرابة نصف خريجي «يو إم فلينت» يستفيدون من هذا البرنامج، لكن من غير المعروف عدد الذين ينجحون منهم في الاستقرار إلى الأبد داخل الولايات المتحدة.
وعن فلينت، قال أوتيكار: «ربما كنت محظوظًا فحسب، لكن الحقيقة أنني التقيت أناسًا رائعين هنا في فلينت. وأحب هذه المدينة».
والمؤكد أن مسؤولي فلينت يسعدون بسماع مثل هذه العبارة، نظرًا للجهود الدؤوبة التي بذلوها على امتداد العقد الماضي لجعل المدينة أكثر جاذبية أمام الطلاب. ومن بين الجهود التي بذلوها تجديد الممر الواصل بين جامعة ميتشيغان و«كيتيرينغ» وتغيير اسمه إلى «يونيفرسيتي أفنيو». كما جرى تحويل «هيات ريجينسي هوتيل» بقلب المدينة إلى مسكن للطلاب.
بالنسبة للتجار، يوفر الطلاب دفعة اقتصادية لمدينة تعاني من ارتفاع معدلات البطالة بها. وتبعًا للأرقام الصادرة عن «اتحاد المعلمين الدوليين»، فإن الطالب الدولي ينفق في المتوسط قرابة 30.000 دولار سنويًا لتغطية نفقات الدراسة ومصاريف المعيشة. ويترجم ذلك لما يزيد على 25 مليون دولار سنويًا بالنسبة للمجتمع المحلي.
وعليه، من غير المثير للدهشة أن نجد أن ستة من مسؤولي جامعة «يو إم - فلينت» يقومون بجولات منتظمة بمختلف أرجاء العالم بهدف اجتذاب طلاب جدد. وكثيرًا ما يسافر دان آدامز، مدير المركز الدولي التابع للجامعة، إلى دبي وسنغافورة في إطار هذه الجهود.
في المقابل، يتبع كيب دارسي، نائب رئيس شؤون التسويق والاتصالات والالتحاق داخل «كيتيرينغ»، توجهًا مركزًا حيال اجتذاب الطلاب الجدد، حيث شرح أنه: «نركز على الهند والصين لأنهما يشكلان سوقا ضخمة للطلاب الآملين في الدراسة داخل الولايات المتحدة، علاوة على وجود صناعات سيارات ناشئة بهما».
وقد بدأت «كيتيرينغ» العمل داخل الصين العام الماضي عبر وسيط يعمل على معاونة الطلاب في عملية التقدم للجامعة. وترتبط الجامعة بالفعل بتعاقدات مع قرابة 20 وسيط في دول متنوعة بمختلف أرجاء العالم. وعلاوة على الحصول على رسوم من الطلاب، يحصل الوسطاء على 1.000 دولار مقابل كل طالب ينجحون في إقناعه بالالتحاق بالجامعة لمدة فصلين دراسيين على الأقل.
ومن الممكن أن يترك الوسطاء على الطلاب تأثيرا هائلاً، وذلك من خلال توجيههم باتجاه جامعات وكليات بعينها، سواء كانت مناسبة أم لا. من بين هؤلاء نيلام غاير، 24 عامًا، والتي كانت بحاجة ماسة للتوجيه.
كانت غاير تأمل في دراسة الطب بالهند، لكن أصابها الرعب على أبواب لجنة امتحان القبول وانسحبت. وعن ذلك الموقف قالت: «كنت أجلس بالسيارة بجانب والدتي أشاهد الأفراد يتدفقون على المبنى لخوض الاختبار. وأخبرتها حينها أنه ليس بمقدوري القيام بذلك. وشعرت بسعادة كبيرة لدى رحيلنا عن المكان». وقد شجعتها والدتها على الدراسة داخل الولايات المتحدة. وبالفعل، استعانت بوسيط مقابل 500 دولار ليقترح عليها الجامعات المناسبة ويعاونها على ملء استمارة الالتحاق والاستعداد للمقابلة الشخصية التي تحصل على أساسها على تأشيرة دخول الولايات المتحدة.
كانت «يو إم - فلينت» أول من قبلها، رغم أن غاير لم تكن سمعت من قبل عن ميتشيغان، ناهيك بفلينت. إلا أنه رأيت أن الخيارات الأخرى المتاحة، مثل جامعة ولاية نيويورك، كانت قريبة من مكان دراسة صديقها السابق في نيوجيرسي. لذا خشيت مقابلته مصادفة هناك!
وقالت غاير إنها عندما شاهدت مسكن الطلاب داخل الجامعة شعرت بالصدمة بسبب خلو المكان من الحركة. وعن قلب المدينة، قالت: «صدمت من عدم وجود مبان شاهقة. لقد كانت أشبه بقرية. لقد شاهدت في صورة للمدينة أناسًا يجلسون على العشب ويتبادلون أطراف الحديث، وتساءلت في نفسي: أين هم؟!».
* خدمة «نيويورك تايمز»



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).