الاجتماع السداسي في باريس يبحث عن دور أوروبي إلى جانب الثنائية الأميركية ـ الروسية

مصادر فرنسية رسمية: ليس المهم معاودة المحادثات بل توفير الأسس الصلبة لنجاحها

الاجتماع السداسي في باريس يبحث عن دور أوروبي إلى جانب الثنائية الأميركية ـ الروسية
TT

الاجتماع السداسي في باريس يبحث عن دور أوروبي إلى جانب الثنائية الأميركية ـ الروسية

الاجتماع السداسي في باريس يبحث عن دور أوروبي إلى جانب الثنائية الأميركية ـ الروسية

تستضيف باريس اليوم اجتماعا وزاريا سداسيا يسبق بساعات قليلة انطلاق الجولة الثانية من محادثات السلام الخاصة بالأزمة السورية في جنيف.
ويلتئم الاجتماع الصباحي الذي يضم وزراء خارجية فرنسا «الطرف الداعي» والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا ووزيرة الشؤون الخارجية الأوروبية على خلفية التصعيد في المواقف كما برز ذلك من خلال تصريحات وزير الخارجية لسوريا وليد المعلم واستمرار الاختراقات للهدنة التي انطلقت في 27 فبراير (شباط) الماضي.
لن يقتصر البحث على الملف السوري بل سيتناول كذلك الوضع في ليبيا والحرب في اليمن وأوكرانيا. لكن الملف السوري، كما أفادت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» سيشكل «الطبق الرئيسي» في محادثات الوزراء الغربيين اليوم. يريد الوزراء الغربيون، بالدرجة الأولى، النظر فيما آلت إليه الهدنة وفي التحضيرات الجارية للجولة الثانية من المحادثات السورية. وبحسب باريس، فإن الوزراء الأوروبيين يريدون من الوزير جون كيري الذي تحادث مع نظيره الروسي يوم السبت أمرين اثنين: الأول، إسماع صوت أوروبا إزاء الحرب في سوريا التي تمس بالدرجة «القارة القديمة» بعد ما شعر الأوروبيون بـ«التهميش» عبر حرص واشنطن وموسكو على «التفاهم الثنائي» بعيدا عن الطرف الأوروبي الذي يرى أن له دورا يلعبه بشأن مواكبة التطورات ومراقبة الهدنة ووقف الأعمال القتالية واستهدافات القصف الروسي والاتصالات الحالية التي يفترض أن تفضي إلى اتفاق. كذلك يعتبر الأوروبيون أنهم أكثر من يكتوي بنار الحرب في سوريا أكان ذلك في موضوع الهجرات الكثيفة باتجاه أوروبا أو في تعرض بلدانهم لخطر العمليات الإرهابية. والأمر الثاني، يرغب الأوروبيون، وفق ما قالته مصادر فرنسية رسمية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن يتوصلوا مع كيري إلى ما يشبه «خريطة الطريق» في التعامل مع نظيره لافروف، إذ يرون في طريقة معالجة الوزير الأميركي للأمور «كثيرا من التراخي» الذي لا تقابله مرونة روسية. وبحسب باريس، فإن كيري «لا يرى بديلا عن التفاهم مع موسكو» وإنه «وضع كل أوراقه في السلة الروسية، وهو يؤمن بأن اللصوق بروسيا سيؤدي إلى اجتذابها لتعمل لإنجاح الحل السياسي». وكان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت قد دعا في الرابع من الشهر الحالي نظيريه الألماني فرانك وولتر شتاينماير والبريطاني فيليب هاموند وكذلك المسؤولة عن الشؤون الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني إلى اجتماع مماثل في باريس للبحث في بلورة موقف أوروبي موحد بعد ما جلت لأوروبا بغيابها الملحوظ إزاء الملف السوري في الشهرين الأخيرين بعدما اتفقت واشنطن وموسكو منفردتين على وقف الأعمال العدائية وعلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2268 وبعدها على العودة إلى جنيف.
خلاصة الوضع، أن الأوروبيين يريدون من الوزير الأميركي «ممارسة ضغوط» على لافروف لتحقيق غرضين: الأول، أن يعمل حقيقة من أجل أن يحترم النظام السوري الهدنة بشكل كامل، والثاني حمله على أن يلتزم وفد النظام إلى جنيف «مواقف مرنة» لتلافي إجهاض المحادثات منذ يومها الأول.
وفي هذا السياق، تقول باريس إنه «ليس من المهم العودة إلى جنيف ليوم أو يومين تصل بعدها المحادثات إلى طريق مسدود، بل الأهم إيجاد أرضية صلبة تتيح لها بأن تتقدم في البحث بالمواضيع الأساسية». بيد أن ما جاء أمس على لسان الوزير المعلم لجهة رفضه المسبق والمطلق لمفهوم الحكومة الانتقالية ورفض الخوض في موضوع مستقبل الرئيس السوري والتنديد بالمبعوث الدولي يبين، بحسب باريس، أن النظام «ليس مقتنعا بعد» بالحل السياسي بل ربما «ما زال يراهن على كسب الوقت». وتتخوف باريس من أن يكرر النظام ما قام به خلال الجولة الأولى في جنيف عندما كثف، بمساعدة القوات الجوية الروسية، الغارات على حلب ومنطقتها، الأمر الذي أحرج وفد المعارضة المنبثق عن مؤتمر الرياض ودفعه إلى رفض الاستمرار في المحادثات مما أدى إلى تعليقها.
تقول المصادر الفرنسية إن الجهة الوحيدة القادرة على التأثير على روسيا هي بالطبع الولايات المتحدة الأميركية، بينما أووربا لا تملك الأوراق للضغط على موسكو بمعزل عن واشنطن. ولذا، فإنها مقتنعة أكثر من أي وقت مضى بالحاجة لموقف أميركي «حازم» أكان ذلك سياسيا ودبلوماسيا أم ميدانيا. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل واشنطن ترغب في ذلك اليوم، وهو ما امتنعت عن القيام به في السنوات الخمس المنصرمة من الحرب في سوريا؟.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.