المتمردون يقرون بالهزيمة في تعز.. وتخلخل قواتهم رغم التعزيزات العسكرية الكبيرة

الأصبحي لـ «الشرق الأوسط» : أكثر من 80 % من سكان اليمن بحاجة إلى الغذاء والدواء

المتمردون يقرون بالهزيمة في تعز.. وتخلخل قواتهم رغم التعزيزات العسكرية الكبيرة
TT

المتمردون يقرون بالهزيمة في تعز.. وتخلخل قواتهم رغم التعزيزات العسكرية الكبيرة

المتمردون يقرون بالهزيمة في تعز.. وتخلخل قواتهم رغم التعزيزات العسكرية الكبيرة

أصيب تحالف الانقلاب في اليمن، الحوثي – صالح، بحالة من الذهول والصدمة جراء التحرك العسكري السريع والمباغت لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، الذي أدى إلى كسر للحصار الذي تفرضه الميليشيات على المدينة، من الجهة الغربية، ووسط هذه الصدمة والصفعة القوية، كما وصفها المراقبون، اعترف الحوثيون وصالح بالهزيمة في تعز.
وفي سياق ردود الفعل على الهزيمة في تعز، ذكرت مصادر يمنية أن المخلوع علي عبد الله صالح أصدر أوامر إلى قوات الحرس الجمهوري المنحلة والموالية له، لإرسال تعزيزات إلى تعز، عبارة عن أحد ألوية هذه القوات المتمردة، في محاولة لاستعادة السيطرة على اللواء 35 مدرع، الذي يؤيد منتسبوه، بقيادة العميد عدنان الحمادي، الشرعية، غير أن مقر اللواء كان تحت سيطرت تحالف الانقلاب، قبل أن يتم، أمس، تحريره. غير أن مصادر موثوقة في المقاومة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التعزيزات التي أرسلت إلى تعز كبيرة جدا، وإن هذه التعزيزات «لن تكون مجدية في ظل التخلخل الواضح لجبهاتهم القتالية جراء التحرك السريع والمكثف لقوات الشرعية».
وقد حاول الحوثيون وصالح التغطية على الهزيمة في تعز، ببث إشاعات متعددة، منها تهويلهم لما حدث بالزعم أن تنظيم القاعدة هو من سيطر على المنافذ التي حررتها قوات الشرعية، وكذا بنشر تسريبات إعلامية تتعلق بأن سيطرة قوات الجيش الوطني والمقاومة وكسرهما للحصار، جاءا في أعقاب انسحاب الميليشيات وأن الأخيرة لم تجبر على ذلك.
وزادوا على ذلك بالترويج لإشاعات تتعلق باتفاقات سرية للتهدئة وإيقاف الحرب مقابل إشراك الحوثيين في أي تسوية سياسية مقبلة، وقد كشفت مصادر في المقاومة في تعز لـ«الشرق الأوسط» أنه وعقب السيطرة على المطار القديم وفرار عناصر الميليشيات وقوات المخلوع، تم العثور على مجموعة أطقم عسكرية مجهزة ومحملة بأعلام «القاعدة» و«داعش» وصناديق تحتوي على خناجر وسكاكين وحبال ومعدات خفيفة. وأشارت المصادر إلى أن المضبوطات تثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أن «القاعدة» في اليمن هي من صناعة الرئيس المخلوع صالح وإحدى أوراقه في اللعبة السياسية والأمنية والعسكرية.
من جانبه، سخر عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني من مزاعم الميليشيات وأعوان صالح بأن ما حدث في تعز ليس انتصارا، وقال الأصبحي لـ«الشرق الأوسط» إن «تعز انتصرت قبل اليوم، انتصرت بصمودها لعشرة أشهر أمام حصار جائر»، وأعرب عن أسفه لأن بسبب ما يسمى جيش النخبة و«كنا، للأسف، نفتخر أننا بنينا خامس جيش في المنطقة العربية، عبر ما يسمى النخبة في الحرس الجمهوري والحرس الخاص، ولكن لم نكن ندرك أن هذا الجيش ليس للدفاع عن وطن بل عن عائلة وشخص وأنه يدمر البسطاء من أهل تعز»، التي أكد أنها «انتصرت خلال 30 عاما من سياسة الإنهاك الممنهج الذي قاده علي عبد الله صالح عبر محاولات إفراغها من نخبها السياسية والاقتصادية وتمزيق نسيجها ثم حصارها عسكريا بأكبر الألوية المسلحة خلال السنوات الماضية»، وأنها «قاومت ونجحت والآن عشرة أشهر والحشد من سبعة ألوية كاملة مضاف إليها آلاف الميليشيات الحوثية المعبأة بالحقد تحاصر مدينة غير مسلحة ليس فيها غير جامعات ومكتبات فيأتي ويقول إن تعز لم تنتصر.. هل هذا كلام؟».
وقال الوزير اليمني إن «تعز تنتصر لمشروعها الحضاري وبناء المستقبل لليمن الاتحادي الجديد وليس لنفسها فقط، تنتصر للوطن المتعدد الجميل ضد الانغلاق وإلغاء الآخر، وعلينا أن نرسخ الاستقرار عبر القبول بالآخر، وأقاليم تهامة وحضرموت وعدن وسبأ وآزال والجند هي صورة للتماسك وليس الانقسام، وتعز بانتصارها ترسخ تماسك الوطن واحترام تنوعه، أما إذا انتصر مشروع الحوثي وصالح القائم على الغلبة وإلغاء الآخر فيعني استمرار الدمار والتمزق وهنا تأتي أهمية نصر تعز».
على الصعيد الإنساني، قال وزير حقوق الإنسان اليمني، عز الدين الأصبحي لـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة الإنسانية، في اليمن عموما، صعبة ومؤلمة، وإن هناك نحو 80 في المائة من المواطنين بحاجة ماسة لكل أنواع الغذاء والدواء، مؤكدا أن «تعز أكثر معاناة وألما فهي مدينة منكوبة بمعنى الكلمة، بنيتها الصحية دمرت بالكامل وكذلك معظم المؤسسات»، وأضاف: «تعز مدينة شحيحة المياه وللناس أن تتصور الحال بعد 10 أشهر من الحصار، نحتاج إلى عمل جبار لإعادة إعمار مدينة دمرت ونحتاج إلى معجزة بإعادة إعمار نفوس مزقتها حرب كريهة قامت على روح عنصرية بغيضة ومزقت مجتمع وفككت نسيجه الاجتماعي الذي كنا نفخر بتماسكه».
وأكد الوزير الأصبحي أن «المأساة الإنسانية الصامتة هي في الريف اليمني الذي نزح إليه الملايين بصمت ومن دون دعم أو إمكانات»، وأن «ملف الأزمة الإنسانية باليمن مؤلم وعالي الكلفة وهناك عشرات الآلاف من الجرحى وذوي الإعاقة الذين يحتاجون إلى تدخل عالمي إنساني عاجل لا يمكن تخيل حاجاتهم التي تفوق قدرات بلد مدمر وحكومة تأتي على خزانة مفلسة، حيث افرغ الانقلابيون مصارفها وسطوا حتى على احتياطياتها، حيث يسطون على نحو 25 مليار ريال يمني شهريا من البنك المركزي بصنعاء للمجهود الحربي ووزارة الدفاع، لنكون في دمار مزدوج عبر نهب الاقتصاد وتوجيه المال العام لتدمير البلد».
وذكر وزير حقوق الإنسان أن اللجنة العليا لإعادة الإعمار تعمل على تقييم الأضرار وكيفية التدخل السريع للمعالجة مع الأشقاء والأصدقاء سنعمل على إكمال الاستقرار في تعز وذلك في خطوتين، الأولى «سرعة التهدئة وضبط الأمور وهناك التفاف حقيقي من الجميع حول السلطة الوطنية من كل القوى والتقينا خلال الفترة الماضية مع محافظ تعز علي المعمري، ومعنا كل القوى السياسية والشباب والوجوه، والكل مؤمن أن تعز تلتحم دوما في إطار المؤسسات الشرعية وسلطة القانون».
وشدد الأصبحي على أنه «لا يمكن إعادة تعز إلى نمط ما قبل الدولة، هذا لا يمكن ولا تقبله تعز، فالناس جبلوا على التماسك مع روح النظام والقانون، وعلينا أن نكمل المؤسسات بجيش وطني وقوى أمن وطنية لا تنجر إلى أي تكتلات أو ميليشيات، وندرك أن خصوم تعز، كما هم خصوم عدن وصنعاء وحضرموت وخصوم كل المدن، يريدون خلق الفوضى وتفكيك المجتمع وعلينا أن نفوت الفرصة عليهم بتلاحمنا».
واستدرك الوزير الأصبحي بأن ضمن الخطوة الثانية للجهود الحكومية في تعز، تتمثل في «تقييم الإضرار ورؤية لإعادة الإعمار. تعز بحاجة إلى إعادة إعمار مجتمعي ليس فقط بنى تحتية دمرت ومساكن ومؤسسات، ولكن بناء مجتمع عملت الميليشيات على محاولة كسره وتمزيقه وعلينا أن نعمل على إعادة ريادته ليس من أجل تعز أو إقليم الجند أو تهامة فقط ولكن من أجل يمن جديد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.