«عيش وملح».. مطعم إيطالي بنكهة مصرية وسط القاهرة

يقدم وجباته مع عروض سينمائية وعلى أنغام الموسيقى

ديكورات عصرية - نكهات رائعة .. ومميزة
ديكورات عصرية - نكهات رائعة .. ومميزة
TT

«عيش وملح».. مطعم إيطالي بنكهة مصرية وسط القاهرة

ديكورات عصرية - نكهات رائعة .. ومميزة
ديكورات عصرية - نكهات رائعة .. ومميزة

عشاء سينمائي.. عشاء مع العزف الحي للبلوز أو الجاز وغيرها من الأفكار الجريئة والجديدة للاستمتاع بوجبتك ستجدها فقط في مطعم «عيش وملح» في 20 شارع عدلي أمام المعبد اليهودي بقلب القاهرة.
هنا فقط ستنسى زحام وسط القاهرة الذي مررت به في محاولة الوصول للمطعم وستحلق في عالم آخر من النكهات والمذاقات المبتكرة مع اللوحات والجداريات الفنية الممتدة على الجدران العالية وأنغام الموسيقى الشرقية والغربية، فقد نجحت كل من المصرية دينا أبو السعود القادمة من الإسكندرية والأميركية ناديا دروبكين القادمة من نيويورك، مالكتا المطعم، في خلق أجواء إيطالية حميمية بروح مصرية في قلب القاهرة، وهو أمر يكاد يكون معجزة باعتبارها منطقة تعج بالشركات والمصالح الحكومية، وتتكدس بها السيارات ليلا ونهارا.
يعتبر «عيش وملح» منذ افتتاحه بداية عام 2015 إضافة حقيقة لمطاعم القاهرة بقائمة طعامه التي كما يقال بالمصري: «حتاكل صوابعك وراها» سواء في وجبات الإفطار أو الغذاء أو العشاء فهو يستقبل زبائنه منذ الثامنة صباحا وحتى منتصف الليل جميع أيام الأسبوع. ديكورات المطعم التي تجمع بين البساطة والعصرية تمزج بين اللونين الأبيض والأحمر، فتبعث طاقة إيجابية وأجواء رومانسية في الوقت ذاته، مما يجعله مكانا مفضلا سواء للقراءة أو للانتهاء من بعض الأعمال ولقاءات العمل والأصدقاء وأيضًا العائلية.
تحفل قائمة الطعام المكتوبة باللغات الإيطالية والإنجليزية، بأكلات من مطبخ البحر المتوسط، حيث تجرب كل من دينا وناديا دمج الوصفات المصرية مع الإيطالية بالتجربة فهما عاشقات للطهي، وتقضيان أوقات طويلة في تبادل الأحاديث مع زبائن المطعم لمعرفة آرائهم ومقترحاتهم حول الوجبات والمشروبات. كما تضم القائمة أنواعا كثيرة من الباستا والبيتزا، وأصناف الدجاج والأسماك، كما يقدم المطعم وجبات لمتبعي نظام الأكل الخالي من الجلوتين والنباتيين.
يقدم المطعم على الإفطار وجبات متنوعة بداية من البانكيك والتوست والبيض مع البسطرمة بطريقة جديدة أشبه بالبيتزا، وأنواع محددة من البيتزا الخفيفة والخبز الإيطالي بالروزماري. أما باقي الأنواع فتقدم في وجبات الغذاء والإفطار. ومن الأطباق المتميزة سمك الماكريل المشوي بصوص الليمون وزيت الزيتون، طبق «السلامون سبيناتشي» مع قطع الجمبري اللذيذ والسبانخ المطهية من الأطباق الرائعة حقا والتي تضاهي في روعتها ما تقدمه الفنادق ذات الخمس نجوم. كما ننصح بتجربة أرز الريزوتو وباستا فواكة البحر، وبرجر «عيش وملح» المميز بالتوابل الإيطالية مع المشروم والجبن وشرائح الخس والطماطم.
لن تمل أبدا من «عيش وملح» لأن قائمة الطعام متغيرة ومتجددة، وتُضاف إليها مكونات جديدة كل يوم. فضلا عن نكهات الآيس كريم الرائعة التي يقدمها ونرشح لك منها آيس كريم الشاي الأخضر والليمون المنعش، أما قائمة الحلويات فجميعها متميزة ورائعة وننصح بتجربة الرافيولي بالقرع العسلي، والكروستاتا بالفواكه الطازجة، إلا أنه لا يمكن زيارة «عيش وملح» دون تجربة حلوى التيراميسو الإيطالية الشهيرة التي يتفوق بامتياز في إعداد الشهيرة بدقة عالية.
بشكل عام الخدمة المتميزة بأسعار مناسبة جدًا، حيث يمكن تناول وجبة كاملة مع مشروبك المفضل في حدود 50 جنيها مصريا، وهي المعادلة الصعبة التي يحققها «عيش وملح»، وهناك أماكن مخصصة لغير المدخنين، كما توجد أماكن لتدخين «الشيشة» بنكهاتها المختلفة. ابتكرت المالكتان دينا وناديا تقليدا جديدا بإقامة طاولات ممتدة ودعوة زبائن المطعم الذين لا يعرفون بعضهم البعض لتناول وجبة الغذاء أو العشاء معا في أجواء عائلية لمزيد من التواصل وبناء علاقات اجتماعية جديدة مبنية على الود وكما يقول المثل المصري «واكلين عيش وملح سوا»، ومع محاولاتهما المستمرة لتجديد روح المطعم باستضافة الفرق الموسيقية الشبابية وإقامة ليالي لموسيقى الجاز أو البلوز، التي نجحت في استقطاب زبائن من مختلف أنحاء القاهرة؛ فقد قررتا مؤخرا تقديم عروض سينمائية لأفلام كلاسيكية أو حديثة عالمية تدور أحداثها حول الطعام، بهدف تقديم تجربة تناول طعام مميزة لزبائن «عيش وملح».



«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.