تونس: اتجاه لتتبع تحركات عائلات العناصر المتطرفة ومراقبتها

إثر عملية بن قردان وتوجه عائلة لنجدة ابنها الإرهابي

جنود تونسيون في دورية مراقبة في عربة مدرعة قرب الحدود الليبية أمس (أ.ف.ب)
جنود تونسيون في دورية مراقبة في عربة مدرعة قرب الحدود الليبية أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: اتجاه لتتبع تحركات عائلات العناصر المتطرفة ومراقبتها

جنود تونسيون في دورية مراقبة في عربة مدرعة قرب الحدود الليبية أمس (أ.ف.ب)
جنود تونسيون في دورية مراقبة في عربة مدرعة قرب الحدود الليبية أمس (أ.ف.ب)

قال كمال بربوش المتحدث باسم النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب (هيل قضائي مختص في قضايا الإرهاب) في تصريح إعلامي بأن تونس في طريقها لتفعيل منظومة أمنية وقضائية متكاملة تعتمد كذلك على تتبع ومراقبة تحركات عائلات العناصر المتطرفة المسجلة لدى أجهزة الأمن التونسية. وأشار إلى أن هذا القرار يقتضي توفر إمكانات حكومية كبرى وتفعيل دور وكالة الاستخبارات وإرساء منظومة معلومات متطورة.
واعتبر بربوش أن هذه الخطوة قادمة لا محالة خلال السنوات المقبلة، بعد أن يتم القضاء على التنظيمات الإرهابية كأولوية مطلقة لدى السلطات التونسية في الوقت الراهن.
وتأتي هذه التصريحات إثر كشف أجهزة مكافحة الإرهاب عن توجه عائلة تقطن في مدينة ماطر من ولاية - محافظة - بنزرت (شمال تونس) إلى منطقة بن قردان (نحو 600كلم) لنجدة ابنها المنضم إلى تنظيم داعش إثر تلقيها نداء استغاثة منه.
وأكدت مصادر أمنية أن سيارة تحمل ثلاث نساء ورجلا وصلت في حدود منتصف ليلة أول من أمس إلى منطقة الصمار في بن قردان وادعت أنها جاءت لخطبة فتاة لابنهم غير أن أعوان الأمن شكوا في روايتهم واطلعوا على هواتف المتهمين ومكالماتهم ليكتشفوا أن أحد الإرهابيين كان يوجههم عبر أحد التطبيقات الإعلامية للوصول إليه وإنقاذه بعد هروبه من المواجهات المسلحة في عملية بن قردان، وطلبوا من والدة العنصر الإرهابي استدراجه من تحت جسر كان يختفي تحته على بعد 15 كلم من مدينة بن قردان واعتقلت العائلة بأكملها بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي وتم فتح تحقيق قضائي لمعرفة تفاصيل العملية.
وبخصوص عمليات التعرف على هويات العناصر الإرهابية، قال بربوش بأن الأجهزة الأمنية المختصة تعرفت على هويات 23 عنصرا من الإرهابيين الذين لقوا مصرعهم على أيدي الجيش والأمن في بن قردان وكلها تحمل الجنسية التونسية ومن بين الجثث ستة إرهابيين من سكان مدينة بن قردان.
وبشأن الاتهامات الموجهة لأجهزة مكافحة الإرهاب في الحصول على معلومات باستعمال القوة والتعذيب، قال بربوش بأن تونس ملتزمة بمناهضة التعذيب وقد صادقت منذ سنوات على اتفاقيات دولية في مجال ضمان حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب وهي تكفل تلك الحقوق لكل المتهمين بما فيهم العناصر الإرهابية التي قتلت لحملها السلاح ضد الدولة.
وبعد خمسة أيام من المواجهات المسحة والمطاردات للعناصر الإرهابية المشاركة في عملية بن قردان، أكد ياسر مصباح المكلف بالإعلام بوزارة الداخلية التونسية في تصريح إعلامي، أن الأوضاع في مدينة بن قردان والمناطق القريبة منها تشهد استقرارا وأن الحياة عادت إلى سالف نشاطها ولم تبق غير المؤسسات التربوية مغلقة خشية على أرواح التلاميذ.
وأشار إلى أن العملية الأمنية والعسكرية ما زالت متواصلة وأن قوات الأمن والجيش لن توقف عملياتها إلا بعد التأكد من خلو المنطقة من العناصر الإرهابية واختفاء كل عناصر التهديد الإرهابي جنوب شرقي تونس.
وفي السياق ذاته، قال بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية إن الأوضاع في بن قردان تتجه نحو الاستقرار الحذر وإن القوات العسكرية والأمنية في حالة تأهب لأي طارئ ولأي احتمال.
وأضاف الوسلاتي، أن «الأوضاع العامة في طريقها إلى الاستقرار وأن الحركة العامة في بن قردان عادت شيئا فشيئا باستثناء المدارس التي ما زالت مغلقة حفاظا على أمن التلاميذ والمواطنين».
وتمكنت الوحدات الأمنية والعسكرية منذ انطلاق العملية في مدينة بن قردان يوم الاثنين الماضي من القضاء على 50 إرهابيا على الأقل وإلقاء القبض على 8 عناصر آخرين والكشف عن مخازن للأسلحة والذخيرة. وأسفر الهجوم الإرهابي عن استشهاد 21 شخصا بين أمنيين وعسكريين ومدنيين.
في غضون ذلك أقامت وزارة الشؤون الدينية يوم أمس ختما للقرآن بجامع الزيتونة المعمور عقب صلاة العصر، ترحما على أرواح شهداء تونس في عملية بن قردان. وأعلنت الوزارة في بلاغ لها، أن ختم القرآن سيقام كذلك بالجوامع المركزية بكافة ولايات - محافظات - الجمهورية. وكانت وزارة الشؤون الدينية قد نفت في السابق انطلاق العملية الإرهابية في بن قردان من المسجد المحاذي لإحدى الثكنات العسكرية وقالت: إن كل مساجد وجوامع مدينة بن قردان تحت سيطرة الدولة. على صعيد متصل، نظرت الدائرة الجنائية الثالثة بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية في قضية تونسي متهم بنقل مواد متفجّرة من القطر الليبي إلى تونس. وجاء في ملف القضية أن فرقة مكافحة الإرهاب بميناء «الكتف» في بن قردان ألقت القبض على بحّار ومرافقه بعد حجز زورقه بداخله سبعة صناديق تحتوي على مواد متفجرة، وأكد البحار عدم معرفته بمحتوى الصناديق لأنها تحمل عبارات فرنسية وهو لا يحسن القراءة بهذه اللغة. وأشار إلى أن أحد المسؤولين البارزين في ميناء بوكماش الليبي طلب منه إيصال قطع غيار سيارات في مجموعة من الصناديق ولم يعلم باحتوائها متفجرات إلا بعد الإبحار والاقتراب من ميناء بن قردان وأنه أوصل تلك الصناديق تحت تهديد مرافقه إلى حين اكتشاف أمرهمها من قبل أجهزة الأمن التونسية. ومن المنتظر أن يصدر القضاء التونسي حكمه في هذه القضية يوم 17 مارس (آذار) الجاري.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».