خبراء: «داعش ويكيليكس» خدعة متعمدة لمنع عودة المقاتلين الأجانب

أصوليو لندن لـ «الشرق الأوسط»: الإفراج عن أسماء 22 ألفًا يحتم عليهم «القتال حتى الموت» > عمر بكري قدم 4 تزكيات لمقاتلين بريطانيين للالتحاق بالتنظيم

نسخ من وثائق «داعش» الجديدة («الشرق الأوسط»)
نسخ من وثائق «داعش» الجديدة («الشرق الأوسط»)
TT

خبراء: «داعش ويكيليكس» خدعة متعمدة لمنع عودة المقاتلين الأجانب

نسخ من وثائق «داعش» الجديدة («الشرق الأوسط»)
نسخ من وثائق «داعش» الجديدة («الشرق الأوسط»)

تثور الشكوك بتعمد تنظيم داعش الإرهابي الإفراج عن المعلومات الشخصية الخاصة بنحو 22 ألفًا من مقاتليه في محاولة يائسة لمنعهم من الفرار ومغادرة التنظيم، حسبما أفاد به أحد كبار خبراء مكافحة الإرهاب. ويوافق هذا الرأي بعض قيادات الحركة الأصولية في لندن، الذين أشاروا إلى أن أبي حامد الذي سلم «الذاكرة الإلكترونية» بأسماء المقاتلين الأجانب، كان من أجل المال، وأن انشقاقه عن التنظيم الإرهابي، الذي يعاني من الانكسارات، لم يكن الأول أو الأخير، وهناك آخرون انشقوا بأموال التنظيم من قبل موجودون حاليًا في إسطنبول.
وقد ضبطت، أول من أمس، كميات من الوثائق التي تتضمن الأسماء والجنسيات والعناوين وأرقام الهواتف والاتصالات العائلية لعشرات الآلاف من المقاتلين، فيما يُعرف بأنه أكبر عملية اختراق من جانب سلطات مكافحة الإرهاب منذ سنوات. ولقد صدرت الأوامر لعناصر التجنيد من 51 بلدًا على الأقل، بما في ذلك المملكة المتحدة، بالإفراج عن المعلومات الحساسة لديهم عندما انضموا إلى صفوف التنظيم الإرهابي.
ويقول الدكتور هاني السباعي مدير مركز «المقريزي» للدراسات بلندن لـ«الشرق الأوسط» إن الوثائق وهي «بيانات مجاهد» تحتوي على الأعم على الكنى وأسماء أمهات المقاتلين وفصائل الدم، دون الأسماء الحقيقة للمقاتلين، لكنها في الوقت ذاته تكشف عن الحجم الحقيقي للتنظيم، لأن هؤلاء هم الحجر الأساسي للتنظيم الإرهابي، الذين حصلوا على تزكيات قبل قدومهم من شخصيات أصولية معروفة، فمثلا «عمر بكري القيادي السوري المحتجز في سجن رومية بلبنان عثر على أربع تزكيات له لمقاتلين بريطانيين في (داعش)» حسب الوثائق. واعتبر السباعي الإسلامي المصري أن الوثائق التي تحمل هويات 22 ألفًا من «داعش» هي «منجم ذهبي» من المعلومات، وأكبر ضربة حقيقة يتلقاها التنظيم حتى الآن، وقد تكون بداية النهاية لأفول التنظيم».
وتوقع السباعي حدوث اعتقالات في بريطانيا وأوروبا للذين زكوا عناصر «داعش في سوريا والعراق». وأوضح أن تنظيمًا بحجم «داعش» ويزعم إقامة دولة الخلافة، وضباط مخابراته من التنظيم البعثي العراقي السابق، ولكنه في الوقت ذاته لا يستطيع حماية أسراره، يعد ضربة كبرى لمفاصل التنظيم الإرهابي.
فيما اعتبر قيادي أصولي آخر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الذين كشفت أسماؤهم وكنياتهم جنسياتهم وعناوينهم والاتصالات العائلية لمقاتلي وأرقام هواتف ذوي القربي منهم، سيكون من السهل التعرف إليهم عند عودتهم في المطارات والموانئ الغربية.
من جهته، يقول السيد ايليا مغناير المحلل الأمني لقضايا الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط لأكثر من 32 عامًا، إن هؤلاء المقاتلين تعرضوا للخداع من قبل «داعش»، وسوف يضطرون الآن إلى القتال حتى الموت. ولقد غرد السيد مغناير على «تويتر»، أمس، يقول إنه لا يعتقد أن الأمر يتعلق بالتسريب، وإن التنظيم الإرهابي استخدم أسلوب الابتزاز الأسود لصدام حسين لإجبار المقاتلين التابعين للتنظيم على القتال مشيرًا إلى التكتيكات التي كانت مستخدمة من قبل الديكتاتور العراقي السابق.
وأضاف مغناير يقول: «ليس هناك من مخرج أمام الـ22 ألف مقاتل في الوقت الحالي. وأراهن أن (داعش) سوف يستخدم تلك المعلومات لبسط المزيد من السيطرة على الأراضي. إن ذراع الاستخبارات في التنظيم تعمل على كشف أفراد عائلات المقاتلين على الملأ حتى يجبرهم على القتال حتى النفس الأخير». وقال إن الرجال الذين سافروا إلى العراق وسوريا ينخدعون بالرواتب الكبيرة التي لم يعودوا يحصلون عليها من التنظيم. وتكمن المفارقة في أن «داعش» ليس في حاجة إلى سداد هذه الرواتب بعد الآن، بسبب أن المقاتلين لم يعد لهم مكان يذهبون إليه.
ويتضمن التسريب من قبل المقاتلين الساخطين على تفاصيل ما لا يقل عن 16 مقاتلاً من أصل بريطاني لدى التنظيم، ومن بينهم قرصان الإنترنت جنيد حسين والمولود في برمنغهام، ورياض خان المولود في كارديف، اللذان لقيا مصرعهما بواسطة طائرة أميركية (درون) من دون طيار العام الماضي.
كما جاءت التسريبات المذكورة على ذكر جنيد حسين قرصان الحواسيب الذي كان يرأس الجناح الإعلامي لتنظيم داعش.
ولقد تآمر جنيد وزوجته المتطرفة، المعروفة قبلا باسم سالي آن جونز، بالتخطيط لشن هجمات ضد المملكة المتحدة قبل أن يتعرض للقتل بواسطة إحدى طائرات «الدرون» الأميركية في أغسطس (آب) الماضي.
كما تشتمل الملفات كذلك على تفاصيل لمغني الراب البريطاني عبد الباري (26 عاما) من مواليد العاصمة لندن، الذي انضم إلى صفوف التنظيم الإرهابي في عام 2013، وهو (نجل عادل عبد المجيد عبد الباري المتهم في تفجير السفارتين المحتجز حاليًا في الولايات المتحدة بعد ترحيله من بريطانيا)، وظهرت آخر صور عبد الباري العام الماضي وهو يحمل الكثير من الرؤوس المقطوعة لعدد من الجنود السوريين. ووصف الرؤساء السابقون لأجهزة الاستخبارات البريطانية الوثائق المشار إليها بأنها «منجم ذهبي» من المعلومات، ويُعتقد أنها أكبر اختراق لاستخبارات «داعش» حتى الآن.
من جهته, قال ريتشارد باريت الرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب العالمي في جهاز المخابرات البريطاني «إم إي 6» إن هذه المعلومات «إنجاز رائع وغير متوقع» في الحرب على «داعش». وقالت «سكاي» بأنها أبلغت السلطات البريطانية بأمر الوثائق التي حصل عليها مراسلها ستيوارت رامساي في موقع لم يكشف النقاب عنه بتركيا. وقال رامساي في مقابلة نشرتها القناة: «أصبح لدينا 51 مواطنا من 51 بلدا هم الذين تمكنا من التعرف عليهم. الأمر يغطي العالم بأسره من أميركا إلى الصين. هناك الكثير من الدول الأوروبية.. بريطانيا بشكل واضح.. ثم الكثير من شمال أفريقيا والشرق الأوسط والمنطقة العربية»، أماكن يمكن أن تتوقع أن يأتوا منها لكنها الطبيعة العالمية لهذه الحركة المتطرفة لافتة للنظر.
وأضاف: «ذهب الكثير منهم إلى كل منطقة ساخنة فيها مجاهدون يمكن أن تخطر على بالك... بدءا من تونس إلى ليبيا والصومال وباكستان وأفغانستان وصولا إلى أوروبا.. بلجيكا.. فرنسا على نحو منتظم ثم إلى تركيا وإلى سوريا. إنهم ليسوا على قوائم مراقبة.. لم يتم توقيفهم.. تمكنوا من السفر بسهولة تامة».
وقالت مصادر أمنية غربية بأن هذه الملفات إذا ثبتت صحتها يمكن أن تساعد في كشف هويات المهاجمين المحتملين وشبكات المتعاطفين التي تقف وراءهم وأن تعطي لمحة عن هيكل التنظيم.
ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من الوثائق من مصدر مستقل بالنظر لمصدرها. ونشرت مجموعة مختارة من الوثائق باللغة العربية.
وأعلنت «داعش» مسؤوليتها عن هجمات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وعن إسقاط طائرة ركاب روسية فوق سيناء المصرية في 31 أكتوبر (تشرين الأول) مما أسفر عن مقتل 224 شخصا. وتوعد التنظيم بشن مزيد من الهجمات على الغرب وعلى روسيا. ويقول قادة غربيون بأن تنظيم داعش يشكل الآن خطرا على الغرب يفوق خطر تنظيم القاعدة.
وقال المنشق وهو مقاتل سابق بالجيش السوري الحر انضم لصفوف الدولة الإسلامية بأن التنظيم أصبح خاضعا لسيطرة جنود سابقين من حزب البعث الذي هيمن على العراق في عهد صدام حسين الذي أطيح به من الحكم في 2003 بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لهذا البلد.
وقال رامساي بأن أبو حامد ترك الجماعة المتشددة بعد أن انكشف له تغيرات في سلم القيادة في الجماعة.
وأوضح: «قرر أنه لا يحب الطريقة التي تسير بها القيادة. إنه لم ترق له الطريقة التي تمضي فيها القيادة باتجاه سيطرة البعثيين العراقيين عليها». وقال: إنه رأى أنه يتعين وضع حد وأخذ معه هذه الذاكرة التي توجد عليها كل هذه الكمية الهائلة من البيانات. كان يعرف أنها مهمة جدا.. لم يكن يعرف ما كان فيها.
وقال المتشدد السابق في مقابلة في مكان لم يُذكر بالاسم في مدينة شانلي اورفة التركية أنه يريد أن يقول للناس داخل التنظيم بأن التنظيم أكذوبة وليس إسلاما وأن التنظيم بعيد عن الإسلام.
ومن خلال قراءة أجرتها رويترز لبعض الوثائق باللغة العربية نشرها موقع «زمان الوصل» الإخباري السوري تبين أنها استمارات صادرة عن الدولة الإسلامية في العراق والشام - الإدارة العامة للحدود وتعرض تفاصيل شخصية عن كل مقاتل.
ويحوي كل نموذج إجابات عن 23 سؤالا بينها الاسم ومحل الميلاد ومستوى التعليم ومستوى المعرفة بالشريعة الإسلامية والوظائف السابقة التي شغلها الشخص وإن كان مهاجما انتحاريا محتملا أو يصلح ليكون مقاتلا تقليديا.



بسبب مخاوف بشأن المحتوى: انسحاب تدريجي للشرطة البريطانية من منصة «إكس»

العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)
العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)
TT

بسبب مخاوف بشأن المحتوى: انسحاب تدريجي للشرطة البريطانية من منصة «إكس»

العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)
العلامة التجارية لمنصة «إكس» (أرشيفية - رويترز)

تشهد المملكة المتحدة انسحاباً هادئاً لعدد من قوات الشرطة من منصة التواصل الاجتماعي «إكس»، التي يمتلكها الملياردير إيلون ماسك، وذلك على خلفية المخاوف المستمرة من استخدامها في نشر العنف والمحتوى المتطرف، وفقاً لموقع «يو إس نيوز».

منصة «إكس»، كانت محور جدل خلال الأشهر الأخيرة، بعدما تم استغلالها لنشر معلومات مضللة أثارت أعمال شغب في بريطانيا هذا الصيف. كما أعادت المنصة تفعيل حسابات كانت محظورة في المملكة المتحدة بسبب محتوى متطرف.

تصريح مثير للجدل أطلقه ماسك في أغسطس (آب)، قال فيه إن «الحرب الأهلية في بريطانيا حتمية»، أثار ردود فعل غاضبة من الحكومة البريطانية وقادة الشرطة.

وفي حين يرى النقاد أن سياسات ماسك تُشجع على خطاب الكراهية، يصر الملياردير الأميركي على أن خططه تهدف إلى حماية حرية التعبير، ووصف بريطانيا بأنها «دولة بوليسية».

ووفقاً لمسح أجرته وكالة «رويترز»، فإن عدداً من القوات الشرطية قلّصت بشكل كبير وجودها على المنصة. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، راقبت الوكالة منشورات 44 قوة شرطية إقليمية، إلى جانب شرطة النقل البريطانية. وأظهرت النتائج انخفاضاً ملحوظاً في نشاط 8 قوات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

على سبيل المثال، خفّضت شرطة ويست ميدلاندز، التي تُعدّ واحدة من كبرى القوى الشرطية في بريطانيا، منشوراتها على المنصة بنسبة تصل إلى 95 في المائة، مقارنة بالعام السابق. وأكدت شرطة لانكشاير في شمال إنجلترا تقليص استخدامها للمنصة بنسبة 75 في المائة تقريباً، مشيرة إلى أن تغيير المنصات التي يفضلها الجمهور كان وراء القرار.

هذا التحول يعكس حالة القلق المتزايدة لدى الشرطة بشأن استخدام منصة «إكس» بوصفها أداة للتأثير السلبي ونشر خطاب الكراهية. وفي حين يؤكد النقاد أن التغييرات التي طرأت على سياسات المنصة زادت من حدة هذه المخاطر، يبدو أن عدداً من المؤسسات العامة، بما في ذلك الشرطة، تفضل الابتعاد عنها والتركيز على منصات أخرى أكثر أماناً للتواصل مع الجمهور.

هذا الاتجاه يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين المؤسسات الحكومية ومنصات التواصل الاجتماعي، في ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بحرية التعبير وأمن المعلومات.