كان الجميع ينظر للمديرة التنفيذية لفريق كرة القدم بشكل مثالي لكن لم يعد هناك مجال لعودة المحامية البارعة بعد الطريقة التي تعاملت بها مع قضية اللاعب آدم جونسون. لكن كيف تطور الأمر لهذا الحد؟ كيف انتهى الأمر بالشابة اللامعة المرحة والتي تبدو ذات تجارب في الحياة والملقبة بـ«كارين برادي» - (أول امرأة تتولى إدارة ناد لكرة القدم) - الجديدة بالاختباء في الخارج؟ كيف باتت تخجل حتى من أن يرى العالم وجهها وأن تعود من المطار للبيت الاثنين الماضي في سيارة ذات ستائر معتمة؟ ما الذي جعل مارغريت بيرن تسيء التقدير لهذا الحد الذي أدى بها في النهاية لأن تستقيل من عملها الثلاثاء الماضي كمديرة تنفيذية لنادي سندرلاند؟
بعد تلك الذلة الكبيرة، أدركت المحامية البالغة من العمر 35 عاما وكذلك رئيس النادي في النهاية حجم العاصفة التي تحيط بإدانة لاعب سندرلاند آدم جونسون في قضية إقامة علاقة مع قاصر لن تتلاشى سريعا. فقد أعلنت إدارة النادي الذي يصارع شبح الهبوط من الدوري الممتاز استقالة الرئيسة التنفيذية عقب «سوء تقدير كبير». كان الأمر بسبب قرار بيرن السماح لجونسون الاستمرار في اللعب على الرغم من علمها أنه أقام علاقته مع قاصر دون سن الخامسة عشرة. قالت إدارة النادي بأنها تأسف بشدة للدور الذي لعبوه في القضية التي «أضرت بالفتاة»، وهي مشجعة متحمسة، وأضرت بعائلتها أيضا. وفي تصريح متأخر، اعترفت بيرن بحجم «الخطأ الجسيم» الذي اقترفته، وأنها «تأسف بشدة» لتلك المحنة التي ألمت بالفتاة ضحية اللاعب جونسون. وقالت: إنها لم تتحدث مع أي أحد في النادي عن التفاصيل التي تعرفها عن تلك الواقعة، وسواء كان هذا الاعتراف يشكل الحقيقة الكاملة أو أنها تضحى بنفسها من أجل حماية آخرين على دراية بالأمر، فمن الوارد ألا تكشف الحقيقة في العلن أبدا.
وأيا كانت الحقيقة، يتحتم على إيلي شورت، الملياردير الأميركي الذي يمتلك نادي سندرلاند ويشغل منصب رئيس النادي، أن يتحمل نصيبه من المسؤولية. شأن المحامية بيرن، يتحمل شورت وزر صمته بعد حكم المحلفين بالمحكمة الأسبوع الماضي والتصريح الملتبس الذي صدر عن إدارة النادي الذي حاول فيه مسؤولوه تبرير سماحهم لجناح الفريق بالاستمرار في اللعب، وهو الأمر الذي لم يلق استحسان الكثيرين. قال أحد محبي ومعجبي المحامية بيرن بأنهم لم يشاهدوا من قبل امرأة ترقت من وظيفة سكرتير النادي، وهو المكان الذي برعت فيه، إلى أعلى منصب تنفيذي لم يرتق إليه غيرها في مثل سنها الذي لم يتعد 31 سنة آنذاك، وهو منصب المدير التنفيذي. ويتفق آخرون ممن لاحظوا مقومات النجاح لديها أنه لا ينقصها سوى الخبرة المطلوبة والرؤية الشاملة التي يقتضيها مثل هذا المكان الهام.
حازت «ماغز»، الاسم الذي تشتهر به بين المقربين منها، على شهرة واسعة في «نادي سندرلاند حيث شعر الكثيرون من زملائها بالحزن لسقوط سيدة طالما عرف عنها سخريتها من عصبية سلفها روي كين. وكي نكون منصفين، فقد دأب شورت، مالك الفريق، على ترقية السيدات للمناصب العليا في النادي، إذ أن نسبة عالية من مديري الفريق التنفيذيين بالنادي من النساء، غير أن بيرن بعد أن سقطت في بئر سحيق لم تعد تبدو ذات أهمية بالنسبة لبرادي.
وعلى الرغم من راتبها السنوي البالغ 600.000 جنيه إسترليني، فنادرا ما أجرت حوارات صحافية، ونادرا ما تحدثت إلى كاميرات المحطات التلفزيونية وقلما تواجدت في المؤتمرات الصحافية، ولم يكن لها سوى رسائل تنشر في عمود منتظم بمجلة النادي التي تنشر جدول المباريات. فإذا لم يشكل الأمر جريمة أن يكون اهتمامك منصبا على كشوف الموازنة وصياغة العقود على حساب العلاقات العامة، فيمكن القول: إن ثغرات واضحة ظهرت في ثقافتها التاريخية والسياسية عام 2013 عندما قام سندرلاند بتعيين باولو دي كانيو مدربا للفريق.
وأثار التعاقد مع الإيطالي باولو دي كانيو ليتولى منصب المدير الفني لفريق سندرلاند جدلا واسعا داخل النادي الإنجليزي كما أدى للاستقالة الفورية لديفيد ميليباند نائب رئيس النادي ووزير الخارجية البريطاني السابق اعتراضا على التعاقد مع دي كانيو المتعاطف مع الديكتاتور الإيطالي الفاشي الراحل بينيتو موسوليني. وكان دي كانيو يحتفل بأهدافه برفع ذراعه للأعلى موجها التحية الفاشية التي يمتدح بها الديكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني من جهتها.
وفي أحد تصريحاتها المنتظمة، قالت بيرن بأنه «لأمر مهين أن نصف رجلا يضع وشم موسوليني على يديه بأنه متعاطف مع الفاشستيين، ويبدو أنها لم (تفهم) السبب الذي جعل أسقف مدينة درهم يتضايق بشدة، ولم تفهم السبب الذي جعل اتحاد عمال مناجم درهم يطالبون بإزالة اللافتة التي تحمل اسمها داخل الاستاد».
جدير بالذكر أنه وسط دائرة كرة القدم التي يهيمن عليها الرجال، استطاعت بيرن أن تنال احترام الجميع، وحازت أصواتا مكنتها من دخول «مجلس اتحاد كرة القدم»، وانضمت أيضا لـ«المجلس الاستشاري لدوري كرة القدم». تدين المحامية الشابة بالفضل في دخول مجال كرة القدم لمهاجم سندرلاند السابق ومديره في فترة لاحقة نيال كوين، الذي كان قد نشر إعلانا في الصحف يطلب فيه تعيين سكرتيرة للنادي عام 2007. في ذلك الوقت كانت بيرن تعمل بالمحاماة، وتحديدا قضايا الطلاق والقانون الإجرامي، بشمال لندن.
ويعني الإصرار الخاطئ لمديرة الفريق على اعتبار جونسون أحد «أصول» سندرلاند نظرا لسعره الذي يبلغ 10 مليون جنيه إسترليني في وقت يناضل فيه الفريق للهروب من شبح الهبوط، وعلى أمل أن القضية المرفوعة ضده سوف تنتهي للاشيء، يعني ذلك أنه لم يعد هناك خيار أمام السيدة الأولي بفريق شمال إنجلترا إلا أن تعود لمهنتها القديمة المحاماة.
آدم جونسون.. العاصفة التي أطاحت بمارغريت بيرن
سوء التقدير يضع نهاية لقصة نجاحها في سندرلاند
آدم جونسون.. العاصفة التي أطاحت بمارغريت بيرن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة