قدورة: «المدبلجة» لم تؤثر على انتشار الدراما العربية

معهد السينما في روما يقدم دروسًا عن أداء الممثل من تعابير وجهه

أديب قدورة
أديب قدورة
TT

قدورة: «المدبلجة» لم تؤثر على انتشار الدراما العربية

أديب قدورة
أديب قدورة

اشتهر الفنان السوري أديب قدورة، ومنذ انطلاقته الفنية في سبعينات القرن الماضي، بتقديم الأدوار القوية، خصوصا في الأفلام السينمائية. وكانت البداية بطولته لفيلم «الفهد» للمخرج نبيل المالح الذي رحل قبل أسبوعين، حيث دخل فيلم «الفهد» مؤخرًا ضمن قائمة الأفلام المائة الخالدة، فقبل سنتين حقق فيلم «الفهد» جائزة في تظاهرة سينما خالدة في كوريا الجنوبية وصنف كواحد من 100 فيلم سينمائي خالد في العالم، كما وضع في متحف السينما العالمية بألمانيا. وفي رصيد قدورة ما يزيد على 45 فيلمًا سينمائيًا روائيًا طويلاً وعشرات المسلسلات التلفزيونية، وخصوصا البدوية والتاريخية منها، وفي حوار معه يتحدث الفنان أديب قدورة لـ«الشرق الأوسط» عن آخر أعماله الفنية، قائلاً: «شاركت مؤخرًا في فيلمين سينمائيين، الأول مع المخرج المهند كلثوم وعنوانه (توتر عالي) وأجسد فيه شخصية رجل يتحدث عن ماضيه الجميل ويفكر به باستمرار وكيف يعيش حاليًا حياة عشوائية في بيئة عشوائية تطغى عليها حالات القهر والحرمان. والفيلم الثاني درامي وثائقي مع المخرج رامز محيثاوي وهو بعنوان (السلطان)، حيث جسدت في الفيلم شخصية قائد الثورة السورية ضد الفرنسيين سلطان باشا الأطرش».
وعن جديده في مجال التلفزيون يقول قدورة: «اعتذرت مؤخرًا عن المشاركة في عدة مسلسلات تلفزيونية، حيث لم تعجبني الأدوار التلفزيونية أو اختلفت مع الشركة المنتجة على الأجر، والسبب الأهم لاعتذاري أن ما عُرِضَ علي لم يناسبني.
وحول غيابه عن دراما البيئة الشامية ورأيه في ما يقال عن ظاهرة التكرار في مسلسلاتها يوضح قدورة: «كان أول عمل شامي شاركت فيه هو مسلسل (الحب والشتاء)، ولم أعمل في المسلسلات الحالية، وقد عرض علي مؤخرًا المشاركة في مسلسلين من البيئة الشامية ولكن لم نتفق على الأجر.. ومشكلة الدراما الشامية أنها تعالَج بلغة تجارية بحتة كتسلية، وهذه تنعكس سلبيًا على الدراما السورية، فالممثل في البيئة الشامية يجب أن يكون بشوارب عريضة وبعينين مفتوحتين بما يوحي بالقوة والرجولة وأنها من تقاليد الحارة الشامية، وهذا غير صحيح، فليس مجتمع الحارة خناجر وشتائم وقتل وضرب وقبضايات، هناك عادات وتقاليد جميلة في هذه الحارات كان على الدراما الشامية إظهارها كما هي، حيث تشكل 90 في المائة من الحياة في الحارة. والمصيبة (يتنهد قدورة) أن الكاتب أو المخرج والمنتج يريدون بيئة فانتازيا مشوهة حتى يبيعوا مسلسلهم لأن الناس تعودت على أفلام الكاوبوي، فهم يعملون بيئة شامية أو حتى بدوية عبارة عن بيئة كاوبوي، وهذا غلط».
وللفنان قدورة رأي في الدراما المدبلجة، وكان قد اعتذر عن المشاركة فيها قائلاً: «عرض علي أن أعمل (دوبلاج) ورفضت لأنني شعرت نفسي أنني في المكان الخطأ، فأنا قادم من السينما وبأفلام نالت الاحترام والتقدير من النقاد والمتابعة من الجمهور، فهل أذهب لأدبلج؟ لا يعقل ذلك. شعرت نفسي صغيرا لو وافقت، فلم أتحمل الدبلجة واعتذرت!.. والمسألة هنا تجارية بحتة، فالدراما المدبلجة برأيي لم تؤثر على انتشار الدراما التلفزيونية العربية - كما يعتقد البعض».
وحول مشاركاته في السينما العالمية يشرح قدورة: «كان لي مشاركة هامة في الفيلم الإيطالي (الطريق إلى دمشق) وبدور كبير مع مخرج مهم اسمه توتي، تدور أحداثه في العصر الروماني ولعبت دور قائد روماني فيه مع ممثل فرنسي اسمه جورج ويلسون وبلغة الدوبلاج فهو يتحدث بالفرنسية وأنا أتحدث بالعربية، وتم دبلجته لكل لغات العالم المعروفة، وقد وصل إلي خبر من أصدقاء لي قادمين من إيطاليا أن المخرج تويتي عامل لقطات لوجهي ويقوم بعرضها في معهد السينما بروما ويشرح للطلاب دروسًا على أداء الممثل من تعابير وجهي، هذا شيء أعتز به.. كذلك كان هناك مشروع للمشاركة في فيلم سينمائي بعد فيلم (الفهد)، حيث رشحني منتج فرنسي اسمه واير مان لبطولة فيلم أنا وأنتوني كوين بدور شقيقين، فهو الأخ الأكبر وأنا الأصغر، ومعنا الممثلة العالمية ابنة شارلي شابلن واسمها جيرار دين شابلن، ولكن ألغي مشروع الفيلم لأسباب إنتاجية».
ويبتسم قدورة عندما يتذكر كيف كان كثير من المشاهدين يظنون أنه من أصول بدوية. يقول أديب: «بعد مشاركتي في المسلسل البدوي (دموع الأصايل) وأنا أعتبره من أجمل المسلسلات التلفزيونية التي قدمتها مع المسلسل التاريخي (شجرة الدر)، كان كثير ممن التقيتهم يسألونني: هل أنت بدوي؟ فأضحك وأجيبهم: لا، أنا حلبي، فالأدوار البدوية طغت على أدائي في مجال التلفزيون».
وماذا عن الكوميديا؟ يتنهد قدورة: «لم أشارك في أي مسلسل كوميدي، أنا مع كوميديا الموقف وليس التهريج، وحاليًا الكوميديا السورية تقدم أعمالاً مزعجة، فهي تشوه الفنان السوري وتشوه الكاتب والمخرج السوري وتسيء للحياة الفنية السورية». وحول ظاهرة الشللية في الدراما السورية يقول قدورة: «للأسف ليست شللية فقط، بل هناك محاربة للناجحين... الوسط الفني مرعب وبكل بساطة هناك من يتآمر على الفنان أو المخرج الناجح دون خجل!».
«لدي خمسة أولاد (يختم قدورة حواره) ولا يعمل أحد منهم بالفن ولم أشجعهم على دخول هذا المجال لأنني عانيت من هذا الوسط العجيب وضحيت كثيرا في سبيل الفن».



خالد الكمار: مقارنة الأجيال الجديدة بالكبار ظالمة

لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})
لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})
TT

خالد الكمار: مقارنة الأجيال الجديدة بالكبار ظالمة

لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})
لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها (حسابه على {إنستغرام})

قال الموسيقار المصري، خالد الكمار، إن التطور التكنولوجي الكبير في تقنيات الموسيقى التصويرية للأعمال الدرامية ساعد صُنَّاع الدراما على الاستفادة من تلك التقنيات وتوظيفها درامياً بصورة أكبر من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن التعقيدات التقنية قبل نحو 3 عقود كانت تعوق تحقيق هذا الأمر، الذي انعكس بشكل إيجابي على جودة الموسيقى ودورها في الأحداث.

وقال الكمار لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن شارات الأعمال الدرامية لم تعد تحظى بفرص الاستماع والعرض مع العمل بالشكل الأفضل، فإن هذا لم يقلل من أهميتها».

وأضاف أن «منصات العرض الحديثة قد تؤدي لتخطي المقدمة عند مشاهدة الأعمال الدرامية على المنصات، أو عدم إذاعتها كاملة؛ بسبب الإعلانات عند العرض على شاشات التلفزيون، على عكس ما كان يحدث قبل سنوات بوصف الموسيقى التصويرية أو الأغنية الموجودة في الشارة بمنزلة جزء من العمل لا يمكن حذفه».

يسعى الكمار لإقامة حفل خلال قيادة أوركسترا كامل لتقديم الموسيقى التصويرية على المسرح مع الجمهور (حسابه على {فيسبوك})

وعدَّ الكمار أن «عقد مقارنات بين جيل الشباب والكبار أمر ظالم؛ لأنه لا تصح مقارنة ما يقدِّمه الموسيقيون الشباب من أعمال في بداية حياتهم، بما قدَّمه موسيقيون عظماء على غرار عمار الشريعي بعد سنوات طويلة من خبرات اكتسبها، ونضجٍ فنيٍّ وظَّفه في أعماله».

ولفت إلى أن «الفنان يمرُّ في حياته بمراحل عدة يكتسب فيها خبرات، وتتراكم لديه مواقف حياتية، بالإضافة إلى زيادة مخزونه من المشاعر والأفكار والخبرات، وهو أمر يأتي مع كثرة التجارب والأعمال التي ينخرط فيها الفنان، يصيب أحياناً ويخطئ في أحيان أخرى».

وأضاف أن «تعدد الخيارات أمام المشاهدين، واختيار كل شخص الانحياز لذوقه شديد الخصوصية، مع التنوع الكبير المتاح اليوم، أمور تجعل من الصعب إيجاد عمل فني يحظى بتوافق كما كان يحدث حتى مطلع الألفية الحالية»، مؤكداً أن «الأمر لا يقتصر على الموسيقى التصويرية فحسب، ولكن يمتد لكل أشكال الفنون».

خالد الكمار (حسابه على {فيسبوك})

وأوضح أن فيلماً على غرار «إسماعيلية رايح جاي»، الذي عُرض في نهاية التسعينات وكان الأعلى إيراداً في شباك التذاكر «أحدث تأثيراً كبيراً في المجتمع المصري، لكن بالنظر إلى الفيلم الأعلى إيراداً خلال العام الحالي بالصالات وهو (ولاد رزق 3) فإن تأثيره لم يكن مماثلاً، لوجود تفضيلات أكثر ذاتية لدى الجمهور، وهو ما لم يكن متاحاً من قبل».

لا يخفي الكمار دور المخرج في حماسه لتقديم الموسيقى التصويرية لأعمال دون غيرها، مؤكداً أن اسم كل من المخرج والكاتب يكون له دور كبير في حماسه للتجارب الفنية، خصوصاً بعض الأسماء التي عمل معها من قبل على غرار مريم نعوم وكريم الشناوي وبيتر ميمي؛ لثقته بأن الموسيقى التي سيقدمها سيكون لها دور في الأحداث.

وذكر الكمار أنه «يفضِّل قراءة المسلسلات وليس مجرد الاستماع إلى قصتها من صُنَّاعها، لكن في النهاية يبدأ العمل وفق المتاح الاطلاع عليه سواء الحلقات كاملة أو الملفات الخاصة بالشخصيات»، مشيراً إلى أنه «يكون حريصاً على النقاش مع المخرج فيما يريده بالضبط من الموسيقى التصويرية، ورؤيته لطريقة تقديمها؛ حتى يعمل وفق التصور الذي سيخرج به العمل».

ورغم أن أحداث مسلسل «مطعم الحبايب» الذي عُرض أخيراً دارت في منطقة شعبية؛ فإن مخرج العمل أراد الموسيقى في إطار من الفانتازيا لأسباب لها علاقة بإيقاع العمل، وهو ما جرى تنفيذه بالفعل، وفق الكمار الذي أكد أنه «يلتزم برؤية المخرج في التنفيذ لكونه أكثر شخص على دراية بتفاصيل المسلسل أو الفيلم».

لا ينكر خالد الكمار وجود بعض الأعمال التي لم يجد لديه القدرة على تقديم الموسيقى الخاصة بها؛ الأمر الذي جعله يعتذر عن عدم تقديمها، في مقابل مقطوعات موسيقية قدَّمها لأعمال لم تكن مناسبة لصُنَّاعها ليحتفظ بها لديه لسنوات ويقدِّمها في أعمال أخرى وتحقق نجاحاً مع الجمهور، مؤكداً أنه يقرِّر الاعتذار عن عدم تقديم موسيقى ببعض الأعمال التي يشعر بأن الموسيقى لن تلعب دوراً فيها، ولكن ستكون من أجل الوجود لاستكمال الإطار الشكلي فحسب.

وعن الاختلاف الموجود في الموسيقى التصويرية بين الأعمال الفنية في مصر ونظيرتها في السعودية، قال الموسيقار المصري الذي قدَّم تجارب عدة بالمملكة من بينها الموسيقى التصويرية لفيلم «حوجن»: «صُنَّاع الدراما والسينما السعوديون يفضِّلون استخدام الموسيقى بشكل أكبر في الأحداث أكثر مما يحدث في مصر».

ولفت إلى حرصه على الانغماس في الثقافة الموسيقية السعودية بشكل أكبر من خلال متابعتها عن قرب، الأمر الذي انعكس على إعجاب صُنَّاع الأعمال بما يقدِّمه من أعمال معهم دون ملاحظات.

وحول تجربة الحفلات الموسيقية بعد الحفل الذي قدَّمه في أغسطس (آب) الماضي بمكتبة الإسكندرية، قال الكمار إنه يسعى لإقامة حفل كبير في القاهرة «من خلال قيادة أوركسترا كامل لتقديم الموسيقى التصويرية على المسرح مع الجمهور بشكل يمزج بين الحفل الموسيقي والمحاضرة، عبر شرح وتفصيل المقامات والآلات الموسيقية المستخدَمة في كل لحن قبل عزفه، بصورة يستطيع من خلالها المستمع فهم فلسفة الألحان».

وأوضح أن «هذه الفكرة مستوحاة من تجربة الموسيقار عمار الشريعي في برنامج (غواص في بحر النغم) الذي قدَّمه على مدار سنوات، وكان إحدى التجارب الملهمة بالنسبة له، واستفاد منه كثيراً»، مشيراً إلى أنه فكَّر في تقديم فكرته عبر «يوتيوب» لكنه وجد أن تنفيذها على المسرح بحضور الجمهور سيكون أفضل.