سحر كرة القدم يكمن في الجدل.. وليس في التكنولوجيا

أخطاء التحكيم ستبقى دومًا جزءًا لا يتجزأ من جمال اللعبة

ديلاني مدافع كريستال بالاس وبينتيكي مهاجم ليفربول في واقعة ركلة الجزاء المثيرة للجدل (رويترز)
ديلاني مدافع كريستال بالاس وبينتيكي مهاجم ليفربول في واقعة ركلة الجزاء المثيرة للجدل (رويترز)
TT

سحر كرة القدم يكمن في الجدل.. وليس في التكنولوجيا

ديلاني مدافع كريستال بالاس وبينتيكي مهاجم ليفربول في واقعة ركلة الجزاء المثيرة للجدل (رويترز)
ديلاني مدافع كريستال بالاس وبينتيكي مهاجم ليفربول في واقعة ركلة الجزاء المثيرة للجدل (رويترز)

خلفت ركلة الجزاء التي احتسبها الحكم لصالح كريستيان بينتيكي في الدقيقة الأخيرة لصالح ليفربول في مواجهة كريستال بالاس حالة كبيرة من الانقسام.. لكن هذا الخلاف جزء لا يتجزأ من سحر كرة القدم.
لا يهم كم عدد المرات التي شاهدت خلالها «عرقلة أو عدم عرقلة» داميان ديلاني مدافع كريستال بالاس لكريستيان بينتيكي مهاجم ليفربول خلال المباراة المثيرة للجدل التي انتهت بفوز ليفربول على كريستال بالاس الأحد الماضي. فلن تصل في النهاية لإجابة قاطعة حول ما إذا كانت ركلة الجزاء مستحقة. من جانبه، أكد جیمی کاراكر الناقد الرياضي حاليا ولاعب ليفربول السابق أن ركلة الجزاء صحيحة «مائة في المائة»، بينما أدهش آلان باردو، مدرب كريستال بالاس، الجميع بقوله إن الحكم، أندريه مارينر، أخطأ في قراره. من ناحية أخرى، وبعد مشاهدتهما اللعبة المسببة لركلة الجزاء مرارًا عبر الفيديو، خلص اثنان من الحكام السابقين بالدوري الممتاز، مارك هالسي وغراهام بول - إلى رأيين متناقضين تمامًا، عبر كل منهما عنه خلال عمود صحافي يكتبه.
الواضح أن مثل هذه المواقف الملتبسة ستبقى دومًا جزءا من ملاعب كرة القدم. وجاءت ركلة جزاء بينتيكي في توقيت مثالي، حيث وقعت في اليوم التالي لإعلان مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم خطط لتجريب تكنولوجيا الفيديو لمدة عامين لمعاونة الحكام في قراراتهم، بحيث تبدأ التجربة في موعد أقصاه موسم 2017 - 2018. ومع سريان الخطة، سيصبح بمقدور الحكام التأكد من صحة قراراتهم الأصلية من خلال جهاز يجري ارتداؤه على الرأس متصل بمسؤول آخر يتابع شاشة داخل غرفة مظلمة.
وحال وجود قدر من الشك، سيتعين على الحكم مراجعة اللعبة محل الخلاف عبر جهاز كومبيوتر لوحي يوجد على جانب الملعب. وحال نجاح هذا الاختبار، من الممكن الاستعانة بتكنولوجيا الفيديو لتحديد النتيجة من بين أربعة سيناريوهات «قادرة على تغيير نتيجة المباراة» - احتساب هدف، واحتساب ركلة جزاء، وطرد لاعب، وكذلك الحالات المحتملة لاختلاط هويات اللاعبين - في إطار مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز بحلول عام 2019. وقد أعلن اتحاد كرة القدم حرصه على تجريب هذه التقنية خلال بطولة كاس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بدأ من عام 2017.
يبدو الأمر بشعًا، أليس كذلك؟ في الواقع، كرة القدم هي لعبة آراء واختلافات وزخم - إن الجدال وتباين الآراء هو ما يجعل الحديث عن كرة القدم ممتعًا.
على سبيل المثال، لن تجد أحدًا يرغب في الحديث عن كيفية تصويب بينتيكي لركلة الجزاء، لكن بالتأكيد سيشعر كثيرون بالاهتمام لو أنك تحدثت عن النظرة التي علت وجه باردو خلال المقابلة التي أجريت معه في أعقاب المباراة. ودعونا نعترف بأن هناك شعورًا خفيًا وشريرًا بالمتعة لدى التسبب في إصابة فريق ما من الناس بحزن وخيبة أمل عن غير حق، مثلما أن هناك فرحة أشبه بفرحة الأطفال لدى نيلك شيئًا من باب الحظ والصدفة، وليس من باب الجدارة والاستحقاق! قد تزيد تكنولوجيا الفيديو من سهولة عمل المسؤولين، بل وقد تحول دون تعرض مدرب ما للطرد من وظيفته، لكن ماذا عن أكثر من 60.000 متفرج بالمدرجات، وملايين بالمنازل، ينتظرون أن يتذكر الحكم الرقم الذي سيشغل به جهاز «آي باد» الخاص به؟!
ويشير البعض إلى استخدم تكنولوجيا الفيديو في لعبتي التنس والكريكيت، لكن ينبغي التنويه هنا بأن طبيعة القرارات المتعلقة بهاتين اللعبتين مختلفة تمامًا، فهي قرارات مطلقة - من عينة ما إذا كانت الكرة تجاوزت الخط أو تجاوزت الساق. ومن السهل على مشجعي التنس والكريكيت الانتظار لدقيقة كي يتأكد الحكم من قراره مقابل الاستمتاع بلحظات قليلة من اللعب والإثارة. في الواقع، إن رياضة مثل كرة القدم الأميركية قد تدوم في إطارها مباراة لمدة ثلاث ساعات، لا يتخللها لعب حقيقي سوى لمدة 15 دقيقة فحسب!
وبالعودة إلى كرة القدم، نجد أن بها فترات توقف عن اللعب بما يكفي بالفعل، حيث تشير تقديرات إلى أنه داخل أكبر خمس بطولات دوري ممتاز أوروبية، تبلغ فترة اللعب الفعلي في المباراة قرابة الساعة، بينما تراجعت هذه الفترة إلى 57.6 دقيقة فقط خلال مباريات بطولة كأس العالم لعام 2014. وبذلك يتضح أننا لسنا بحاجة لمزيد من التوقف. لقد نجحت تكنولوجيا «غول لاين» لأنها أثبتت إمكانية الاعتماد عليها ونتائجها الحاسمة وعدم تعطيلها للوقت. بيد أن الأمر ذاته لا ينطبق على جميع السيناريوهات الأربعة سالفة الذكر المحددة لنتيجة مباراة.
من جهته، أعرب بييرلويجي كولينا، الذي يرأس حاليا لجنة الحكام في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، عن ترحيبه بالتغييرات الجديدة، لكنه أعرب عن بعض التحفظات حيال تنفيذ بعض القرارات. وقال: «مثلاً، مدى قوة دفعة ما أو ما يمكن أن يشكل مخالفة تستحق العقاب في التداخل مع لاعب للاستحواذ على الكرة - هي أمور سيظل هناك اختلافات في تفسيرها، بغض النظر عن الاعتماد على الفيديو. لذا من الأفضل ألا نبالغ في اعتقادنا بأن هذه التكنولوجيا الجديدة ستحل كل شيء».
وبذلك يتضح أن هناك حاجة لإجراء مراجعة جادة لمقترحات مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم قبل أن تتحول إلى واقع. إن تكنولوجيا الفيديو لها دورها في معاونة الحكام، لكن ينبغي الاستعانة بها فقط في المواقف التي لا تحتمل سوى واحدة من إجابتين: نعم أم لا. أما بالنسبة لباقي المواقف المرتبطة بالساحرة المستديرة، علينا الإبقاء على القدرة على إصدار أحكام شخصية وروح الجدال والاختلاف والتمتع بالسرعة الكبيرة وتحمل الأخطاء - لأن كل هذا هو ما يجعل من كرة القدم لعبة رائعة.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».