حزب المؤتمر الشعبي يسعى إلى إنهاء هيمنة صالح ويجدد دعمه لـ«الشرعية»

«الشرق الأوسط» تنشر مقتطفات من مسودة جدول أعمال لقاء مرتقب لقيادات الحزب بالقاهرة

حزب المؤتمر الشعبي يسعى إلى إنهاء هيمنة صالح  ويجدد دعمه لـ«الشرعية»
TT

حزب المؤتمر الشعبي يسعى إلى إنهاء هيمنة صالح ويجدد دعمه لـ«الشرعية»

حزب المؤتمر الشعبي يسعى إلى إنهاء هيمنة صالح  ويجدد دعمه لـ«الشرعية»

كشفت مصادر قيادية في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه المخلوع علي عبد الله صالح، لـ«الشرق الأوسط» عن اقتراب موعد عقد اللقاء الموسع لقيادات الحزب، وهو اللقاء الذي سينظر في الوضع القيادي للحزب الذي بات مختطفًا بيد صالح وعدد محدود من القيادات الموالية له، وفقًا لتعبير بعض المراقبين السياسيين. وقالت المصادر إن اللقاء الموسع سوف يعقد في جمهورية مصر، وان السلطات المصرية وافقت على انعقاد اللقاء الموسع على الأراضي المصرية، لكن المصادر لم تعلن موعدًا محددًا لانعقاد اللقاء، الذي تجري التحضيرات له بواسطة لجنة خاصة، من خلال سلسلة لقاءات.
وقال الشيخ سعود سعيد اليوسفي، نائب رئيس فرع حزب المؤتمر الشعبي العام في محافظة مأرب إن مواقف معظم قيادات وفروع الحزب في المحافظات، وخصوصًا المحافظات المحررة والمحافظات الجنوبية والشرقية ومحافظات إقليم سبأ، إيجابية، عدا بعض المشايخ، مؤكدًا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن مواقف معظم قيادات الحزب في المحافظات التي تخضع لسيطرة الميليشيات الحوثية، «مع الشرعية وضد الانقلاب، لكنهم لا يستطيعون التصريح بمواقفهم في الوقت الراهن». وأشار اليوسفي إلى أن هناك اتصالات تجري على نطاق واسع بين قيادات حزب المؤتمر في اللجنة الدائمة (اللجنة المركزية) والقيادات التنفيذية المؤيدين للشرعية والمناوئين للانقلاب، وإلى أن التحضيرات أصبحت في مرحلة الإعداد لتوجيه الدعوات من قبل قيادة الحزب المكلفة، ممثلة في الدكتور أحمد عبيد بن دغر النائب الأول لرئيس الحزب.
وذكر القيادي في حزب المؤتمر سعود اليوسفي لـ«الشرق الأوسط» بعض النقاط التي تشكل جدولاً للأعمال في اللقاء المرتقب، ومنها «مناقشة قيام قيادة الحزب، ممثلة في الرئيس السابق علي عبد الله صالح وبعض أعضاء اللجنة العامة (المكتب السياسي) بالتحالف والتنسيق مع الميليشيات الحوثية، بصورة تخالف وتتعارض مع أهداف الميثاق الوطني»، إضافة إلى تشكيل أو انتخاب قيادة جديدة للحزب»، والتأكيد على أن القيادة، التي ستنتخب، هي التي ستمثل حزب المؤتمر الشعبي «على كل المستويات الداخلية والخارجية»، مشيرًا إلى أن ضمن القضايا التي ستبحث في اللقاء، موضوع «ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن بخصوص اليمن وإلزام الحوثيين بسحب ميليشياتهم وتسليم الأسلحة ومؤسسات الدولة»، إضافة إلى بحث «دور حزب المؤتمر وأعضاءه في جميع جبهات القتال»، وإلى قضايا سياسية وتنظيمية أخرى، في حين توقعت مصادر خاصة أن تثار، في اللقاء، قضية أموال واستثمارات الحزب، التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، والتي يعتقد أنها تحت تصرف صالح وعدد من المقربين منه، بشكل كامل.
وأشار القيادي اليوسفي إلى أن قيادات وكوادر في حزب المؤتمر الشعبي العام توجد في معظم جبهات القتال منذ بداية غزو الميليشيات للمحافظات اليمنية «ولنا الشرف بالوقوف في جبهات الشرف وشرف تقديم الكثير من (الشهداء) والجرحى»، وقال إن القيادات التي تتحرك وتنقل رسائل من الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى القبائل في محيط العاصمة صنعاء، لا تمثل حزب المؤتمر الشعبي العام، وإن معظم القبائل رفضت دعوات وطلبات صالح بالوقوف معه والتصدي لقوات الشرعية التي باتت تقترب من العاصمة صنعاء.
وأدى تحالف الرئيس المخلوع صالح مع الحوثيين في الانقلاب على الشرعية اليمنية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى انقسام وشرخ كبير وسط حزب المؤتمر، حيث غادرت الكثير من قيادات الحزب البلاد إلى الخارج وأعلنت تأييدها للشرعية، وهو التأييد ذاته الذي أبدته قيادات وكوادر في الحزب في كثير من المناطق اليمنية التي وجدت فيها الشرعية والمناطق المحررة حاليًا.
ويعد حزب المؤتمر الشعبي العام من أكبر الأحزاب اليمنية وقد تشكل مطلع ثمانينات القرن الماضي من تيارات سياسية مختلفة كانت تضم الإسلاميين واليساريين والليبراليين والقوميين. ووصف، حينها، بأنه مظلة للقوى السياسية اليمنية، غير أنه، وبعد قيام الوحدة اليمنية عام 1990، بين شطري البلاد الشمالي والجنوبي، وبالشراكة مع الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم آنذاك في الجنوب، تحول إلى حزب أشبه بـ«الليبرالي»، بعد أن خرجت من عباءته التيارات السياسية الأخرى، عقب السماح بالتعددية السياسية في اليمن.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.