5 آلاف جندي بالحرس الجمهوري يسلمون أنفسهم للجيش اليمني

أول تبادل لإطلاق النار بين طرفي الانقلابيين في جبهة «حرض»

جانب من مدينة عدن
جانب من مدينة عدن
TT

5 آلاف جندي بالحرس الجمهوري يسلمون أنفسهم للجيش اليمني

جانب من مدينة عدن
جانب من مدينة عدن

سلّم أكثر من 5 آلاف جندي وضابط تابعين للحرس الجمهوري الموالي للمخلوع علي صالح، أنفسهم للجيش الوطني اليمني، بينهم 3250 وصلوا إلى المنطقة العسكرية الرابعة، تمهيدًا للانخراط العسكري في مواجهة ميليشيات الحوثي وحليفهم المخلوع في جبهة تعز خلال الأيام المقبلة، فيما تعمل القيادة العسكرية على التواصل مع قيادات رفيعة خرجت من المشهد العام ولم تنخرط في العملية الانقلابية.
وقال اللواء أحمد سيف، قائد المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، لـ«الشرق الأوسط» إن أعدادًا كبيرة من العسكريين التابعين للحرس الجمهوري يصعب حصرهم بشكل كامل، فرّوا من معسكراتهم وانضموا للشرعية في مناطقهم، لافتًا إلى أن هناك مجموعة أخرى من الجنود والضباط الذين انضموا مباشرة للشرعية في الجبهات.
وأشار إلى أن المنطقة العسكرية الرابعة استقبلت قرابة 3250 جنديًا وضابطًا من الحرس الجمهوري الذين رفضوا تنفيذ الأوامر العسكرية الصادرة من الميليشيا في كثير من المواقع، وهم على استعداد تام لتنفيذ مهام حربية وعسكرية على طول خط التماس ضد الحوثيين في جبهة تعز والتقدم لتحرير بعض المديريات.
ولفت قائد المنطقة العسكرية الرابعة، إلى أن هذه الانشقاقات وخروج الجنود من الخدمة العسكرية ليس من لواء واحد أو منطقة واحدة، بل من كثير من الألوية التي تخضع للحرس الجمهوري والتي يبلغ قوامها نحو 32 لواءً. ويأتي حديث القائد العسكري في الجيش الوطني، بالتزامن مع تفاقم الخلاف بين قيادات الميليشيا من جهة، وقيادات الحرس الجمهوري، حول الأولويات وصلاحيات القيادات في المهام العسكرية، لتصل إلى أوجها بين القيادات الميدانية، إذ سجل أمس (الأربعاء) أول تبادل لإطلاق النار بين الحوثيين، والحرس الجمهوري، في جبهة «حرض»، ولم تعرف الأسباب الحقيقية، إلا أن مصادر عسكرية قالت إنها نهاية حتمية لتحالف غير شرعي كان هدفه تدمير البلاد وإدخالها في نفق مظلم. وهنا عاد اللواء أحمد سيف، ليؤكد أن هذه الانشقاقات والخلافات الدائرة بين القيادات الكبيرة في ميليشيا الحوثيين والحرس الجمهوري، مؤشر على بداية انهيار للقوة الانقلابية على طول خط الجبهة، لافتًا إلى أنه يمكن للجيش الاستفادة من هذا التدهور العسكري بين الانقلابيين من خلال الاندفاع المباشر للقوة الوطنية في الهجوم، والتواصل بشكل سياسي مع القادة العسكريين الذين لهم موقف وسطي، وتحديدا أولئك القابعين في صنعاء الذين رفضوا الانضمام للميليشيا كما رفضوا الانخراط مع القوة الشرعية، لإقناعهم بالانضمام للشرعية.
وأشار إلى أن هذه المعطيات تساعد الجيش الوطني في المواجهات المباشرة، خصوصًا أن الجيش لم يواجه أي مشكلات فعلية على جميع الجبهات، ويتلقى التعليمات من القيادة العسكرية في كل الخطوات وتنفذ بسرعة، الأمر الذي أسهم في عدم وجود أي إخفاقات ميدانية أو تراجع عسكري، موضحًا أن هناك اتصالات مع كثير من القيادات في المنطقة الخامسة والثالثة، وهناك تقدم، وإن كان هناك بعض التوظيف فهو للمسائل اللوجيستية.
وحول علمية تحرير صنعاء، أكد اللواء سيف، أن سقوط صنعاء وتحريرها أصبح وشيكًا. وقال: «من المتوقع أن تسقط صنعاء قبل كثير من المناطق أو المديريات التي تسيطر عليها الميليشيات، وذلك لعوامل عدة في مقدمتها ما تقوم به كثير من القبائل التي رفضت وجود الميليشيات في داخل أراضيها التي تمتلكها للقيام بأعمال عسكرية مباشرة ضد الجيش الوطني، أو تلك التي تنفذها الميليشيا ضد السعودية أو قوات التحالف العربي، إضافة إلى عامل الزمن الذي يضع الميليشيا وحليفها تحت ضغط رهيب يدفعهم للقيام بأعمال غير مسبوقة».
وفي سياق الأعمال غير الشرعية، رصدت منظمات حقوقية في المحويت، وفاة 3 أشخاص جراء تعذيبهم من قبل أفراد الميليشيا في قسم شرطة، وذلك بعد أن اعتقلتهم الميليشيا وأحالتهم إلى إدارة أمن مديرية شبام الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي دون مسوغ قانوني، وظل المواطنون الثلاثة في الحجز أيامًا عدة حتى أعلن عن وفاتهم، فيما طالبت جمعيات حقوقية بضرورة التدخل لوقف هذه الأعمال، خصوصًا أن الميليشيات تعزل العشرات من المدنيين وتمارس ضدهم أشد أنواع التعذيب، إذ تفيد المعلومات عن تدهور حالة الكثيرين منهم جراء التعذيب الممنهج واليومي داخل أروقة أجهزة الأمن.
ويبدو أن هذه الأعمال وفقًا للصحافي والناشط الحقوقي عبد الحفيظ الخطامي، لا تقف عند حد معين وتختلف باختلاف ومكان المدنية، إذ احتجز أفراد الميليشيا مساء أمس المواد الإغاثية المخصصة لمديرية ريمة، ومنعوا الناشطين من توزيعها على المحتاجين الذين يعيشون مرحلة حرجة لنقص المواد الأساسية من الطعام، لافتًا إلى أن هناك تنسيقًا بين المنظمات الحقوقية لتوثيق هذه الأعمال والرفع بها للجهات المعنية، بعد أن ارتفعت الأعمال الوحشية التي تنفذها الميليشيا بحق المدنيين.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.