5 آلاف جندي بالحرس الجمهوري يسلمون أنفسهم للجيش اليمني

أول تبادل لإطلاق النار بين طرفي الانقلابيين في جبهة «حرض»

جانب من مدينة عدن
جانب من مدينة عدن
TT
20

5 آلاف جندي بالحرس الجمهوري يسلمون أنفسهم للجيش اليمني

جانب من مدينة عدن
جانب من مدينة عدن

سلّم أكثر من 5 آلاف جندي وضابط تابعين للحرس الجمهوري الموالي للمخلوع علي صالح، أنفسهم للجيش الوطني اليمني، بينهم 3250 وصلوا إلى المنطقة العسكرية الرابعة، تمهيدًا للانخراط العسكري في مواجهة ميليشيات الحوثي وحليفهم المخلوع في جبهة تعز خلال الأيام المقبلة، فيما تعمل القيادة العسكرية على التواصل مع قيادات رفيعة خرجت من المشهد العام ولم تنخرط في العملية الانقلابية.
وقال اللواء أحمد سيف، قائد المنطقة العسكرية الرابعة في عدن، لـ«الشرق الأوسط» إن أعدادًا كبيرة من العسكريين التابعين للحرس الجمهوري يصعب حصرهم بشكل كامل، فرّوا من معسكراتهم وانضموا للشرعية في مناطقهم، لافتًا إلى أن هناك مجموعة أخرى من الجنود والضباط الذين انضموا مباشرة للشرعية في الجبهات.
وأشار إلى أن المنطقة العسكرية الرابعة استقبلت قرابة 3250 جنديًا وضابطًا من الحرس الجمهوري الذين رفضوا تنفيذ الأوامر العسكرية الصادرة من الميليشيا في كثير من المواقع، وهم على استعداد تام لتنفيذ مهام حربية وعسكرية على طول خط التماس ضد الحوثيين في جبهة تعز والتقدم لتحرير بعض المديريات.
ولفت قائد المنطقة العسكرية الرابعة، إلى أن هذه الانشقاقات وخروج الجنود من الخدمة العسكرية ليس من لواء واحد أو منطقة واحدة، بل من كثير من الألوية التي تخضع للحرس الجمهوري والتي يبلغ قوامها نحو 32 لواءً. ويأتي حديث القائد العسكري في الجيش الوطني، بالتزامن مع تفاقم الخلاف بين قيادات الميليشيا من جهة، وقيادات الحرس الجمهوري، حول الأولويات وصلاحيات القيادات في المهام العسكرية، لتصل إلى أوجها بين القيادات الميدانية، إذ سجل أمس (الأربعاء) أول تبادل لإطلاق النار بين الحوثيين، والحرس الجمهوري، في جبهة «حرض»، ولم تعرف الأسباب الحقيقية، إلا أن مصادر عسكرية قالت إنها نهاية حتمية لتحالف غير شرعي كان هدفه تدمير البلاد وإدخالها في نفق مظلم. وهنا عاد اللواء أحمد سيف، ليؤكد أن هذه الانشقاقات والخلافات الدائرة بين القيادات الكبيرة في ميليشيا الحوثيين والحرس الجمهوري، مؤشر على بداية انهيار للقوة الانقلابية على طول خط الجبهة، لافتًا إلى أنه يمكن للجيش الاستفادة من هذا التدهور العسكري بين الانقلابيين من خلال الاندفاع المباشر للقوة الوطنية في الهجوم، والتواصل بشكل سياسي مع القادة العسكريين الذين لهم موقف وسطي، وتحديدا أولئك القابعين في صنعاء الذين رفضوا الانضمام للميليشيا كما رفضوا الانخراط مع القوة الشرعية، لإقناعهم بالانضمام للشرعية.
وأشار إلى أن هذه المعطيات تساعد الجيش الوطني في المواجهات المباشرة، خصوصًا أن الجيش لم يواجه أي مشكلات فعلية على جميع الجبهات، ويتلقى التعليمات من القيادة العسكرية في كل الخطوات وتنفذ بسرعة، الأمر الذي أسهم في عدم وجود أي إخفاقات ميدانية أو تراجع عسكري، موضحًا أن هناك اتصالات مع كثير من القيادات في المنطقة الخامسة والثالثة، وهناك تقدم، وإن كان هناك بعض التوظيف فهو للمسائل اللوجيستية.
وحول علمية تحرير صنعاء، أكد اللواء سيف، أن سقوط صنعاء وتحريرها أصبح وشيكًا. وقال: «من المتوقع أن تسقط صنعاء قبل كثير من المناطق أو المديريات التي تسيطر عليها الميليشيات، وذلك لعوامل عدة في مقدمتها ما تقوم به كثير من القبائل التي رفضت وجود الميليشيات في داخل أراضيها التي تمتلكها للقيام بأعمال عسكرية مباشرة ضد الجيش الوطني، أو تلك التي تنفذها الميليشيا ضد السعودية أو قوات التحالف العربي، إضافة إلى عامل الزمن الذي يضع الميليشيا وحليفها تحت ضغط رهيب يدفعهم للقيام بأعمال غير مسبوقة».
وفي سياق الأعمال غير الشرعية، رصدت منظمات حقوقية في المحويت، وفاة 3 أشخاص جراء تعذيبهم من قبل أفراد الميليشيا في قسم شرطة، وذلك بعد أن اعتقلتهم الميليشيا وأحالتهم إلى إدارة أمن مديرية شبام الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي دون مسوغ قانوني، وظل المواطنون الثلاثة في الحجز أيامًا عدة حتى أعلن عن وفاتهم، فيما طالبت جمعيات حقوقية بضرورة التدخل لوقف هذه الأعمال، خصوصًا أن الميليشيات تعزل العشرات من المدنيين وتمارس ضدهم أشد أنواع التعذيب، إذ تفيد المعلومات عن تدهور حالة الكثيرين منهم جراء التعذيب الممنهج واليومي داخل أروقة أجهزة الأمن.
ويبدو أن هذه الأعمال وفقًا للصحافي والناشط الحقوقي عبد الحفيظ الخطامي، لا تقف عند حد معين وتختلف باختلاف ومكان المدنية، إذ احتجز أفراد الميليشيا مساء أمس المواد الإغاثية المخصصة لمديرية ريمة، ومنعوا الناشطين من توزيعها على المحتاجين الذين يعيشون مرحلة حرجة لنقص المواد الأساسية من الطعام، لافتًا إلى أن هناك تنسيقًا بين المنظمات الحقوقية لتوثيق هذه الأعمال والرفع بها للجهات المعنية، بعد أن ارتفعت الأعمال الوحشية التي تنفذها الميليشيا بحق المدنيين.



الرئاسة اليمنية تشير إلى احتمال قريب للخلاص من الحوثيين

مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
TT
20

الرئاسة اليمنية تشير إلى احتمال قريب للخلاص من الحوثيين

مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من على متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وسط إشارات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى احتمالية الخلاص من الجماعة الحوثية في بلاده خلال العام الحالي، ضربت الغارات الأميركية مساء الأربعاء - فجر الخميس أهدافاً مفترضة للجماعة في صنعاء ومحيطها، وصولاً إلى معقلهم الرئيسي في صعدة.

وفي حين لمحت تصريحات العليمي إلى وجود مشاورات بخصوص ما يجب فعله على الأرض بالتوازي مع الحملة الجوية الأميركية ضد الحوثيين، تحدث إعلام الجماعة عن سقوط 3 جرحى جراء الغارات الأخيرة في صنعاء وصعدة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أمر ببدء حملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في 15 مارس (آذار) الماضي وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، في سياق سعيه إلى إرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

ووفق ما أورده الإعلام الحوثي، فقد استهدفت 6 غارات أميركية فجر الخميس منطقة براش شرق جبل نقم بضواحي صنعاء، وهي منطقة تحوي تحصينات جبلية وأنفاقاً لتخزين الأسلحة والذخائر، وسبق أن استُهدفت المنطقة أكثر من مرة منذ بدء حملة ترمب ضد الجماعة.

دخان يتصاعد بسبب ضربة ليلية أميركية استهدفت موقعاً مفترضاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
دخان يتصاعد بسبب ضربة ليلية أميركية استهدفت موقعاً مفترضاً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

وفي مدينة صنعاء، اعترف الحوثيون بالتعرض لـ3 غارات على جبل نقم الذي يضم مستودعات محصنة للأسلحة، إلى جانب ضربة استهدفت موقعاً في حي الجراف شمال المدينة لم تتطرق الجماعة إلى طبيعته.

وفي معقلِ الجماعة الرئيسي محافظةِ صعدة (شمال)، اعترفت الجماعة بالتعرض لـ3 غارات شمال مركز المحافظة (مدينة صعدة) فجر الخميس، وذلك بعد ساعات من التعرض لـ6 غارات بمنطقة السهلين التابعة لعزلة آل سالم بمديرية كتاف.

وفي ظل التعتيم الحوثي على الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر، فقد اكتفى إعلام الجماعة بالإشارة إلى إصابة 3 أشخاص جراء الضربات في صنعاء وصعدة، وتضرر منازل بسبب الضربة في حي الجراف.

مواجهة ممتدة

وتزعم الجماعة الحوثية أنها مستعدة لمواجهة «طويلة الأمد» مع واشنطن، فيما يرجح مراقبون يمنيون أنها تعرضت لخسائر كبيرة على صعيد العتاد والعناصر خلال الأسابيع الستة الماضية؛ بما فيها على مستوى خطوطها الأمامية مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.

وتعرضت الجماعة منذ بدء حملة ترمب لأكثر من ألف غارة جوية وضربة بحرية، وفق ما أقر به زعيمها عبد الملك الحوثي، كانت أشدها قسوة الضربات التي دمرت الأسبوع الماضي ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة.

وتحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 215 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين من المدنيين منذ منتصف مارس الماضي، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساءً وأطفالاً، فيما لم يُتحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

وكانت الجماعة تلقت نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف الضربات على أثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

في مقابل ذلك، تصدر الجماعة بيانات شبه يومية تزعم فيها مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي، كما تزعم إسقاط 22 مسيّرة منذ بدء تصعيدها البحري في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وأطلق الحوثيون 14 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون التسبب في أي إصابات مؤثرة، إلى جانب تبني إطلاق عدد من المسيّرات خلال المدة نفسها.

دفن شخص في مقبرة بصنعاء قال الحوثيون إنه قتل بغارة أميركية (إ.ب.أ)
دفن شخص في مقبرة بصنعاء قال الحوثيون إنه قتل بغارة أميركية (إ.ب.أ)

وكانت الجماعة منذ انخرطت في الصراع البحري والإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أطلقت نحو 200 صاروخ ومسيّرة باتجاه إسرائيل، دون أثر عسكري، باستثناء مقتل شخص واحد خلال يوليو (تموز) الماضي بانفجار مسيّرة في شقة بتل أبيب.

وتوقف الحوثيون عن هجماتهم في 19 يناير الماضي عقب اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس»، لكنهم عادوا للهجمات إثر تعذر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة، وقرار ترمب شن حملته ضدهم.

احتمالية الخلاص

وتتفاءل الأوساط السياسية اليمنية؛ وفي مقدمهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، بأن يكون العام الحالي هو عام الحسم ضد الجماعة الحوثية، خصوصاً بعد المتغيرات الإقليمية وعودة ترمب إلى البيت الأبيض.

وترى المكونات اليمنية الشرعية أن الضربات الأميركية غير كافية لإنهاء تهديد الجماعة المدعومة من إيران، وأن الحل الأمثل هو دعم القوات الشرعية لتحرير الحديدة وصنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة بالقوة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع قادة الأحزاب والمكونات السياسية (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً مع قادة الأحزاب والمكونات السياسية (سبأ)

وفي أحدث تصريحات للعليمي، خلال لقائه في الرياض قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، قال إن «المهم اليوم ما يتعلق بالفاعلية الإجرائية على الأرض، التي نتشاور بشأنها الآن، حيث نؤكد أن الشروط الموضوعية كافة باتت مواتية ليكون هذا العام هو عام الحسم، والخلاص، وإنهاء معاناة شعبنا التي طال أمدها».

ووفق الإعلام الحكومي، فقد أشار العليمي إلى ما وصفه بـ«التراكم المحقق في مسار المعركة على الصعيدين المحلي والدولي، وفي مقدم ذلك تصويب السردية المضللة بشأن الوضع اليمني، وإعادة تعريف الميليشيات الحوثية بصفتها تهديداً دائماً وليس مؤقتاً للأمن والسلم الدوليين».

ورأى العليمي أن من ثمار جهود «المجلس» الذي يقوده «التحول الإيجابي في موقف المجتمع الدولي؛ سواء على صعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، وعلى صعيد الانتقال من سياسة الاحتواء، إلى خيار الردع الحازم»، في إشارة إلى الحملة الأميركية المتصاعدة.

وحض رئيس مجلس الحكم اليمني على «الاستثمار الفاعل في المتغيرات المشجعة، وعدم تفويت فرصة إدارتها الجماعية بكفاءة وحنكة؛ لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، وبأقل تكلفة ممكنة».

الحوثيون متهمون بالتسبب في مقتل نحو 350 ألف يمني خلال 10 سنوات من انقلابهم (أ.ب)
الحوثيون متهمون بالتسبب في مقتل نحو 350 ألف يمني خلال 10 سنوات من انقلابهم (أ.ب)

كما شدد العليمي على «تصفير» الخلافات كافة بين القوى الوطنية، و«التفرغ لمعركة استعادة الدولة، حيث تكمن الشراكة الحقيقية في تحقيق تطلعات الشعب، وإنجاز استحقاقات التحرير، وبناء الدولة العادلة، القائمة على المواطنة المتساوية، وتجريم العنصرية بأشكالها كافة»؛ وفق قوله.

وفي حين تربط الجماعة الحوثية توقف هجماتها بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، فإنه لا يوجد سقف زمني واضح حتى الآن لنهاية حملة ترمب، وسط تكهنات لا تستبعد أن تدعم واشنطن حملة برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء نفوذ الجماعة العسكري.