1966 ـ 1967.. عام رأت فيه اسكوتلندا أزهى عصورها

سلتيك يفوز بكأس أوروبا.. ورينجرز يتأهل لنهائي كأس الكؤوس الأوروبية.. والمنتخب الوطني يهزم إنجلترا في ويمبلي

لقطة من مباراة إنجلترا واسكوتلندا في الستينات
لقطة من مباراة إنجلترا واسكوتلندا في الستينات
TT

1966 ـ 1967.. عام رأت فيه اسكوتلندا أزهى عصورها

لقطة من مباراة إنجلترا واسكوتلندا في الستينات
لقطة من مباراة إنجلترا واسكوتلندا في الستينات

يميل الإنجليز إلى الحديث كثيرا عن المجد الذي حققوه في عام 1966. إن هذا الفخر بشيء تحقق قبل خمسة عقود خلت يمكن أن يتسبب كذلك في خيبة أمل للبقية في المملكة المتحدة، وربما بقية العالم بشكل أكبر. ومن ثم فقد آن الأوان لبعض التوازن والمساواة في تسليط الضوء على أحداث مهمة في السنة التالية ونقطة الضوء الاسكوتلندية، ممثلة في موسم 1966 - 1967.
كان ذلك عاما أكثر من استثنائي من عدة جوانب، حيث لم يكتف الاسكوتلنديون بتحقيق أعظم انتصاراتهم على الصعيد الدولي، بل تحدوا وزلزلوا الهيمنة القائمة على صعيد الأندية الأوروبية. لم يكن هذا مجرد صفعة للخصم اللدود، على ما في ذلك من متعة، لكن كان ذلك العام الذي كان فيه الاسكوتلنديون ملوك القارة من دون منازع. لم يسبق أن حدث شيء كهذا من قبل، ولم يقترب أحد من تكرار مثل هذه الإنجازات اللافتة منذ ذلك الوقت. وواقع الأمر أنه في ضوء الحالة الحالية للكرة الاسكوتلندية، ربما لا نرى هذه الكوكبة من النجاحات مرة أخرى.
على الصعيد المحلي، كان هناك فريق واحد فقط. فاز سلتيك بكل البطولات التي شارك فيها، ومن ثم فالخماسية تحققت مرة أولى وأخيرة في تاريخ الكرة البريطانية. وعلى صعيد الدوريات الأوروبية الكبرى، يعد برشلونة وإنتر ميلان هما الناديين الوحيدين اللذين حققا هذا الإنجاز. حسم الفريق بطولة الدوري، ولم يذق طعم الهزيمة إلا مرتين على مدار 34 مباراة، كلتيهما على يد دندي يونايتد (الذي هزم سلتيك كذلك في مباراتين كبريين أخريين في توقيت لاحق). كما أن سلتيك، الذي كان متفوقا على جاره وخصمه اللدود، رينجرز، الذي خسر ثلاث مباريات فقط طوال الموسم، فاز بالدوري بفارق ثلاث نقاط فقط. كما وهزم رينجرز (1 – 0) في كأس الرابطة، ثم أتبع ذلك بحمل لقب كأس الاتحاد الاسكوتلندي بعد فوزه على أبردين (2 - 0) أمام 127 ألفا و117 متفرجا على ملعب «هامبدن بارك».
الفوز بالثلاثية الاسكوتلندية ليس بالأمر غير العادي. فقد حقق سلتيك ورينجرز معا الثلاثية عشر مرات، وكان آخرها فوز رينجرز بالثلاثية السابعة في 2003. لكن اللقب المحلي الرابع يبدو أنه خارج الرادار نوعا ما. تقام بطولة كأس غلاسكو منذ ما يزيد على مائة عام. تأسست البطولة عام 1887، واستمرت، بدرجة معينة، بوصفها مسابقة لأقدم خمسة أندية من مدينة غلاسكو حتى 1989. وعلى مدار كل هذا التاريخ الطويل لم يفز سلتيك بالبطولة إلا أربع مرات، كان آخرها عن طريق التغلب على باتريك ثيسل (4 - 0).
كما كان هناك متسع لكثير من المسابقات الإقليمية الأخرى، مثل كأس «فورفارشاير»، التي فاز بها دندي عام 1967، ودرع شرق اسكوتلندا، التي فاز بها فريق هيبرنيان ذلك العام، وحتى كأس «رينفروشاير»، التي فاز بها فريق سانت ميرين. ويبدو أن أي شكاوى من كثرة عدد المباريات سقطات بين طيات الزمن، لكن وصول عصر كرة القدم الأوروبية على مستوى الأندية قوض الشهية لمثل تلك الألقاب الصغيرة. في السنوات الأخيرة، تراجعت بطولة كأس «غلاسكو» تدريجيا، مع زيادة عدم الاهتمام بها، وأصبح لا يتم التنافس عليها أو ظلت غير مكتملة. ومنذ 1990، باتت هذه البطولة مقصورة على فرق الناشئين، وليس الفرق الأولى في غلاسكو.
قبل الانتقال إلى لقب سلتيك الخامس، وهم الأعظم بالنسبة إلى النادي، يجدر التأمل في أداء الأندية الاسكوتلندية الأخرى على المستوى الأوروبي. يجب أن نخص بالذكر دندي يونايتد الذي كان يخوض المنافسات الأوروبية لأول مرة في تاريخه. ولا بد أن النادي كان يلعن حظه العاثر عندما وضعته القرعة أمام حامل لقب كأس الاتحاد الأوروبي في الجولة الثانية من البطولة. كان من المخيف بالنسبة إلى دندي يونايتد، أن تكون المباراة الأولى في بطولة أوروبا على ملعب «كامب نو». وأن تذهب آنذاك لملاقاة برشلونة وتهزمه (2 - 1) كان حدثا مشهودا. لم يكن ذلك الإنجاز مجرد ضربة حظ، فقد عاد دندي ليهزم الفريق الكتالوني (2 - 0) على ملعب «تاناديس بارك» في اسكوتلندا، والفوز بنتيجة يصعب تصديقها (4 - 1) بمجموع المباراتين على أحد عمالقة الكرة الأوروبية. ولسوء حظ دندي يونايتد أن منافسه الثاني في البطولة الأوروبية لم يكن أقل قوة من برشلونة، وهو يوفنتوس، الذي وضع حدا لأحلام دندي بهزيمته (3 - 1) بمجموع المباراتين.
خرج يوفنتوس من ربع النهائي على يد الفائز باللقب في النهاية، دينامو زغرب، بينما وصل فريق اسكوتلندي آخر إلى نصف النهائي. لم ينجح أعرق أندية اسكوتلندا في التغلب على «سيدة الكرة الإيطالية العجوز»، ولكن فريق كيلمارنوك فعل ذلك في 1967 قبل إخفاقه أمام أحد أقدم الأندية الإنجليزية، ليدز يونايتد (4 - 2) بمجموع الجولتين. وصل رينجرز إلى مرحلة أبعد في كأس الكؤوس الأوروبية، عندما بلغ النهائي ضد بايرن ميونيخ، قبل أن يعانده التوفيق ويخسر (1 - 0) بعد وقت إضافي في مدينة نورنبيرغ الألمانية. وكان قبل بضع سنوات على إدخال نظام الاحتكام إلى ركلات الجزاء الترجيحية، أن تخطى رينجرز الدور ربع النهائي بعد تعادله مع ريال ساراغوسا (1 - 1)، والاحتكام إلى القرعة عن طريق استخدام عملة معدنية.
وأصبح على عاتق سلتيك أن يضع العلم الاسكوتلندي على أعلى قمة أوروبية، وهو ما فعله الفريق في 25 مايو (أيار) 1967 على الملعب الوطني في لشبونة. وصار سلتيك أول فريق بريطاني يفوز بكأس أوروبا، كما ويظل النادي الاسكوتلندي الوحيد الذي بلغ نهائي بطولة دوري الأبطال الأوروبية على مدار تاريخها الممتد لـ60 عاما.
ومهما تكن روعة هذا الانتصار غير المتوقع بالنظر إلى أننا نتحدث عن اسكوتلندا، فقد كان هناك دائما بعض من خيبة الأمل في الانتظار، ففي العام التالي امتد التأهل للبطولة الأوروبية، ليشمل البطولة الداخلية لدول المملكة المتحدة، وكان من شبه المحتوم أن تأتي الأندية الاسكوتلندية في ترتيب متأخر خلف نظيرتها الإنجليزية التي كانت تنجح في التأهل. لكن مثل هذا الإحباط لا ينبغي أن ينتقص من الإنجازات البطولية، ليس فقط للمنتخب الوطني، ولا لسلتيك صائد كل الألقاب، وإنما للأندية من أمثال رينجرز وكيلمارنوك ودندي يونايتد التي أضاءت هذا الموسم 1966 - 1967، ووضعت اسكوتلندا في مكان مشرف على خريطة الكرة الأوروبية.
جدير بالذكر أن إنجلترا حققت كل البطولات التي شاركت فيها في يوليو (تموز) 1966، حيث أضافت كأس العالم إلى البطولة الداخلية الدولية. وفي العام التالي، في أبريل (نيسان) 1967، ثارت اسكوتلندا لهزيمتها على ملعب «هامبدن بارك»، بتحقيقها واحدا من أشهر انتصاراتها على «العدو اللدود» في «ويمبلي»، لتسدل الستار على مسيرة إنجلترا الخالية من الهزائم على مدار 19 مباراة.



بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
TT

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)

حققت الأفغانية مانيزها تالاش حلمها بالأداء خلال مسابقات «أولمبياد باريس 2024» المقامة في العاصمة الفرنسية، ضمن فريق اللاجئين، بعد هروبها من قبضة «طالبان».

وترقص تالاش (21 عاماً) «بريك دانس»، وكانت أول راقصة معروفة في موطنها الأصلي (أفغانستان)، لكنها فرَّت من البلاد بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021. ومع ظهور رقص «البريك دانس» لأول مرة في الألعاب الأولمبية في باريس، ستصعد تالاش إلى المسرح العالمي لتؤدي ما هي شغوفة به.

وتقول تالاش في مقابلة أُجريت معها باللغة الإسبانية: «أنا أفعل ذلك من أجلي، من أجل حياتي. أفعل ذلك للتعبير عن نفسي، ولأنسى كل ما يحدث إذا كنت بحاجة إلى ذلك»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ترقص تالاش «بريك دانس» وهي في عمر السابعة عشرة (حسابها الشخصي - إنستغرام)

شبح «طالبان»

يرفض العديد من الأفغان المحافظين الرقص، وفكرة مشاركة النساء محظورة بشكل خاص. وفي ظل حكم «طالبان»، مُنعت النساء الأفغانيات فعلياً من ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية. منذ عودة الجماعة إلى السلطة قبل 3 سنوات، أغلقت الحكومة مدارس البنات، وقمعت التعبير الثقافي والفني، وفرضت قيوداً على السفر على النساء، وحدَّت من وصولهن إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية.

مقاتل من «طالبان» يحرس نساء خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وقال تقرير للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان هذا العام إن «عدم احترام (طالبان) للحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا مثيل له في العالم». منذ اليوم الذي بدأت فيه تالاش الرقص، قبل 4 سنوات، واجهت العديد من الانتقادات والتهديدات من أفراد المجتمع والجيران وبعض أفراد الأسرة. وقالت إنها علمت بأنها إذا أرادت الاستمرار في الرقص، فليس لديها خيار إلا الهروب، وقالت: «كنت بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة».

فريق اللاجئين

سيضم الفريق الذي ظهر لأول مرة في ألعاب «ريو دي جانيرو 2016»، هذا العام، 36 رياضياً من 11 دولة مختلفة، 5 منهم في الأصل من أفغانستان. وسيتنافسون تحت عَلَم خاص يحتوي على شعار بقلب محاط بأسهم، للإشارة إلى «التجربة المشتركة لرحلاتهم»، وستبدأ الأولمبياد من 26 يوليو (تموز) الحالي إلى 11 أغسطس (آب). بالنسبة لتالاش، التي هاجرت إلى إسبانيا، تمثل هذه الألعاب الأولمبية فرصة للرقص بحرية، لتكون بمثابة رمز الأمل للفتيات والنساء في أفغانستان، ولإرسال رسالة أوسع إلى بقية العالم.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تدخلت صديقة أميركية لتالاش، تُدعي جواركو، بالتقديم إلى عناوين البريد الإلكتروني الأولمبي لمشاركة الفتاة الأفغانية، وفي اليوم التالي، تلقت رداً واحداً من مدير فريق اللاجئين الأولمبي، غونزالو باريو. وكان قد تم إعداد فريق اللاجئين المتوجّه إلى باريس، لكن المسؤولين الأولمبيين تأثروا بقصة تالاش وسارعوا إلى تنسيق الموارد. وافقت اللجنة الأولمبية الإسبانية على الإشراف على تدريبها، وكان المدربون في مدريد حريصين على التطوع بوقتهم.

وقال ديفيد فينتو، المدير الفني للمنتخب الإسباني: «شعرت بأنه يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا. في شهر مارس (آذار)، حصلت تالاش على منحة دراسية، مما سمح لها بالانتقال إلى مدريد والتركيز على الاستراحة. وبعد بضعة أسابيع فقط، وصلت الأخبار بأنها ستتنافس في الألعاب الأولمبية». يتذكر جواركو: «لقد انفجرت في البكاء، وكانت تبتسم».

وقالت تالاش: "كنت أبكي بدموع الفرح والخوف".وجزء من مهمة الألعاب الأولمبية المعلنة هو "دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات" وتشجيع "مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". ولهذا السبب، كانت العلاقة بين الحركة الأولمبية وأفغانستان مشحونة منذ فترة طويلة. وقامت اللجنة الأولمبية الدولية بتعليق عمل اللجنة الأولمبية في البلاد في عام 1999، وتم منع أفغانستان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني.

شغفها حقق هدفها

لم يغِب عن تالاش أن موسيقى «البريك» و«الهيب هوب»، المحظورة في موطنها، أعطتها هدفاً لحياتها، وساعدت أيضاً في إنقاذ عائلتها. وقالت: «هذا أكبر بكثير من أي حلم حلمت به من قبل أو حتى يمكن أن أفكر فيه»، مضيفة: «إذا قالت (طالبان) إنها ستغادر في الصباح، فسوف أعود إلى منزلي بعد الظهر».

ويحكي جواد سيزداه، صديق تالاش وزعيم مجتمع «الهيب هوب» في كابل: «إذا سألت الأجانب عن أفغانستان، فإن الشيء الوحيد الذي يتخيلونه هو الحرب والبنادق والمباني القديمة. لكن لا، أفغانستان ليست كذلك». وأضاف: «أفغانستان هي تالاش التي لا تنكسر. أفغانستان هي التي أقدم فيها بموسيقى الراب، ليست الحرب في أفغانستان وحدها».

وعندما كانت تالاش في السابعة عشرة من عمرها، عثرت على مقطع فيديو على «فيسبوك» لشاب يرقص «بريك دانس» ويدور على رأسه، في مشهد لم يسبق لها أن رأت شيئاً مثله. وقالت: «في البداية، اعتقدت أنه من غير القانوني القيام بهذا النوع من الأشياء». ثم بدأت تالاش بمشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو، وأصابها الذهول من قلة الراقصات. وأوضحت: «قلتُ على الفور: سأفعل ذلك. أنا سوف أتعلم».

وقامت بالتواصل مع الشاب الموجود في الفيديو (صديقها سيزداه) الذي شجعها على زيارة النادي المحلي الذي تدرب فيه، والذي كانت لديه محاولة لتنمية مجتمع «الهيب هوب» في كابل، ولجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة جميع الأعمار والأجناس للرقص وموسيقى الراب. كان هناك 55 فتى يتدربون هناك. كانت تالاش الفتاة الأولى.

وقال سيزداه (25 عاماً): «إذا رقص صبي، فهذا أمر سيئ في أفغانستان وكابل. وعندما ترقص فتاة، يكون الأمر أسوأ. إنه أمر خطير جداً. رقص الفتاة أمر غير مقبول في هذا المجتمع. لا توجد إمكانية لذلك.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

كنا نحاول أن نجعل الأمر طبيعياً، لكنه كان صعباً للغاية. لا يمكننا أن نفعل ذلك في الشارع. لا يمكننا أن نفعل ذلك، كما تعلمون، في مكان عام»، وفقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

كانت تالاش أول فتاة تنضم إلى نادي الرقص «Superiors Crew» في كابل.

تهديدات بالقتل

بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، فرَّ أعضاء النادي إلى باكستان. وفي أحد الأحداث الجماعية الأولى للفريق في النادي الصغير، انفجرت سيارة مفخخة في مكان قريب. ووقعت إصابات في الشارع، لكن الراقصين بالداخل لم يُصابوا بأذى. ومع انتشار أخبار بأن تالاش كانت ترقص، بدأت تتلقى تهديدات بالقتل.

مقاتل من «طالبان» يقف في الحراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل يوم 26 ديسمبر 2022... وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المزدادة على حقوق المرأة بأفغانستان (أ.ب)

كان من المفترض أن يكون النادي مكاناً آمناً، ولكن في أحد الأيام دخل رجل مدعياً أنه راقص يريد التعلم. وبدا مريباً لباقي الأعضاء، ووفقاً لتالاش وسيزداه، سرعان ما داهمت قوات إنفاذ القانون النادي، وألقت القبض على الرجل الذي كان يحمل قنبلة. قال سيزده: «إنهم قالوا إنه عضو في (داعش). لقد أراد فقط أن يفجِّر نفسه».

رحلة الهروب للنجاة!

وبعد بضعة أشهر من الواقعة، غادرت قوات «حلف شمال الأطلسي» والجيش الأميركي أفغانستان، وعادت «طالبان» إلى السلطة في 2021، وقال سيزداه إن مالك العقار اتصل به وحذره من العودة، وإن الناس كانوا يبحثون عن أعضاء الفريق، وقال سيزداه: «هناك أسباب كثيرة» للمغادرة. «الأول هو إنقاذ حياتك».

وقام العشرات من أعضاء نادي «الهيب هوب» بتجميع ما في وسعهم وتحميلهم في 3 سيارات متجهة إلى باكستان. أخذت تالاش شقيقها البالغ من العمر 12 عاماً، وودعت والدتها وأختها الصغرى وأخاً آخر.

وقالت تالاش: «لم أكن خائفة، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة. كان هذا مهماً بالنسبة لي. لم أغادر قط لأنني كنت خائفة من (طالبان)، أو لأنني لم أتمكن من العيش في أفغانستان، بل لأفعل شيئاً، لأظهر للنساء أننا قادرون على القيام بذلك؛ أنه ممكن». اضطرت تالاش إلى ترك والدتها في أفغانستان، وتحقق الحلم الأولمبي ولم شمل الأسرة.

لمدة عام تقريباً، عاشوا بشكل غير قانوني في باكستان دون جوازات سفر وأمل متضائل. لم يشعروا بالأمان في الأماكن العامة، لذلك قضى 22 شخصاً معظم اليوم محشورين معاً في شقة. لم يكن هناك تدريب أو رقص. تلقت تالاش كلمة مفادها أن مسؤولي «طالبان» اتصلوا بوالدتها في كابل للاستفسار عن مكان وجود الفتاة الصغيرة. وقالت: «أحياناً أتمنى أن أنسى كل ذلك»، ثم تواصل أعضاء نادي «الهيب هوب» مع السفارات ومجموعات المناصرة والمنظمات غير الحكومية للحصول على المساعدة. وأخيراً، وبمساعدة منظمة إسبانية للاجئين تدعى People HELP، تم منحهم حق اللجوء في إسبانيا.

انقسم الفريق، وتم نقل تالاش وشقيقها إلى هويسكا، وهي بلدة صغيرة في شمال شرقي إسبانيا. كانت لديها وظيفة تنظيف في صالون محلي، ورغم عدم وجود استوديو أو نادٍ مخصص للاستراحة، فقد وجدت صالة ألعاب رياضية تسمح لها بالرقص بعد ساعات العمل. بعد سنوات من الانفصال، تم لم شمل تالاش وعائلتها أخيراً حيث يعيشون الآن في نزل للاجئين بمدريد.