نقلة نوعية في «صناعة المعارض» السعودية محورها التأشيرات والتسهيلات الجمركية

مسؤول بـ«مجلس الغرف»: تكلفة المشاركة في المعارض المحلية الأقل خليجيًا

نقلة نوعية في «صناعة المعارض» السعودية محورها التأشيرات والتسهيلات الجمركية
TT

نقلة نوعية في «صناعة المعارض» السعودية محورها التأشيرات والتسهيلات الجمركية

نقلة نوعية في «صناعة المعارض» السعودية محورها التأشيرات والتسهيلات الجمركية

تعمل جهات حكومية سعودية على سلسلة من التسهيلات التي من شأنها إحداث نقلة نوعية في قطاع صناعة المعارض والمؤتمرات، إذ كشف حسين الفراج، رئيس اللجنة الوطنية للمعارض والمؤتمرات بمجلس الغرف السعودية عضو اللجنة الإشرافية في البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، لـ«الشرق الأوسط»، أن البرنامج يعمل حاليًا تطويرات كبيرة في هذا القطاع، بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية ذات العلاقة.
وأضاف الفراج أن أبرز ملامح هذه النقلة تشمل تذليل الصعوبات المتعلقة بتأشيرات زوار المعارض والمشاركين في المعارض، وتقديم تسهيلات جمركية لإدخال المنتجات إلى البلاد، وذلك من ضمن مسارات كثيرة يتم العمل عليها حاليًا، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تأتي بالتعاون مع وزارات الداخلية والخارجية والتجارة والصناعة والبلديات وإمارات المناطق والجهات الحكومية الأخرى.
ويأتي حديث الفراج، في حين كشف تقرير أعده البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، أن أبرز التحديات التي تواجه القطاع بالمملكة، تتمثل في تفعيل تأشيرات الأعمال وتسهيل استخراج التراخيص وتطوير الإجراءات الجمركية، إضافة إلى محدودية السعة في المواصلات الداخلية والنقل الجوي بين المدن. إلى جانب المنافسة مع الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وعمان ولبنان ومصر، إذ أنشأت هذه الدول هيئات ومراكز معارض ومؤتمرات، ما أسهم في سرعة نمو وتطور هذا القطاع فيها.
من ناحية أخرى، نفى الفراج، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون تكلفة المشاركة في المعارض السعودية مرتفعة. وقال: «على من يشتكون من ذلك أن يقارنوا أسعار تكاليف المشاركة في المعارض التي تقام في سوق ضخمة مثل السوق السعودية، بالأسعار التي قد يدفعونها حال المشاركة في معارض الدول الخليجية المجاورة»، مؤكدًا أن أسعار المشاركة في المعارض السعودية (بجميع أنواعها) أقل بنحو 40 في المائة كحد أدنى مقارنة بنظيراتها في دول الخليج.
وحول أبرز المعوقات التي تواجه صناعة المعارض والمؤتمرات في البلاد، أشار الفراج إلى نقطتين، الأولى افتقاد وجود مراكز دولية لاستضافة الفعاليات، بحيث تكون تحت إدارة احترافية ومؤهلة ومتكاملة الخدمات، أما المحور الثاني فيتعلق «بعدم الوعي الكامل من القطاعات والشركات بأهمية المعارض باعتبارها ملتقيات لصناعة العلاقات والتسويق والإعلام وخدمة المنتج أو العلامة التجارية».
وأشار إلى أن المعارض كمفهوم دولي لها قيمة في تسويق المنتج والتعريف فيه وطرح الأفكار الجديدة في المعارض والمشاريع وبناء علاقات مع القطاع، مضيفًا أن البعض لا يدركون أن المعارض أصبحت اليوم صناعة ذات قيمة في خدمة المنتج أو المشروع أو العلامة التجارية، مشددًا على أن السعودية في حال تذليلها هذه المعوقات فإنها مؤهلة لتكون مقصدًا مهما عربيًا لما يُعرف بـ«سياحة الأعمال».
ويمثل قطاع المعارض والمؤتمرات حيزا مهما في السوق السياحية بالمملكة، فإذا استثنينا رحلات الحج والعمرة وزيارة المدينة المنورة، فإن إنفاق زوار المعارض والمؤتمرات يمثل أكثر من 20 في المائة من إجمالي السياحة في المملكة، وحضر أكثر من 3.5 مليون زائر المعارض والمؤتمرات عام 2012 بمعدلات إنفاق تجاوزت تسعة مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، وذلك حسب تقرير مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس). ويوجد في السعودية أكثر من 600 منشأة مهيأة للمعارض والمؤتمرات والاجتماعات، وأكثر من ألف ومائتي منظم معارض ومؤتمرات مرخصة من وزارة التجارة والصناعة.
يأتي ذلك مع كون هذه الصناعة تتقاطع مع جميع القطاعات الاقتصادية، وتروج للصناعات الوطنية. ففي كندا، تبلغ عوائد صناعة الاجتماعات 32 مليار دولار، وهي تمثل 2 في المائة من الناتج القومي، ويعمل فيها أكثر من نصف مليون موظف، وذلك حسب تقرير المنظمة الدولية لمحترفي الاجتماعات. وفي أستراليا، التي يبلغ عدد سكانها مثل عدد سكان السعودية تقريبًا، تضخ صناعة الاجتماعات أكثر من 17 مليار دولار سنويًا للاقتصاد الأسترالي، ويعمل فيها أكثر من مائتي ألف موظف، وذلك حسب تقرير مجلس فعاليات الأعمال الأسترالي.
ورغم أن هذا القطاع يشهد استقرارًا عامًا على المستوى الدولي، فإنه يشهد نموًا ملحوظًا ومتصاعدًا في منطقة الخليج العربي. ونظرا لأهمية قطاع المعارض والمؤتمرات في تنمية اقتصاد السعودية، أولت الدولة هذا القطاع الاقتصادي اهتماما خاصًا، ويعد قرار مجلس الوزراء رقم (246) بتاريخ 17 رجب 1434، بتحويل اللجنة الدائمة للمعارض والمؤتمرات إلى برنامج وطني للمعارض والمؤتمرات دلالة على اهتمام الدولة بتنمية هذا القطاع الاقتصادي المهم، التي في النهاية ستؤدي إلى الإسهام في تنويع القاعدة الاقتصادية، بهدف تقليص الاعتماد على النفط موردًا رئيسًا للاقتصاد الوطني.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».