القوات الحكومية تقطع خط إمداد الميليشيات جنوب تعز

التحالف ينفذ عملية إنزال مواد طبية وإغاثية في تعز .. و«مركز الملك سلمان» يمول مستشفياتها بـ4 آلاف و500 أسطوانة أكسجين

تعز ما زالت تحت الحصار (أ.ف.ب)
تعز ما زالت تحت الحصار (أ.ف.ب)
TT

القوات الحكومية تقطع خط إمداد الميليشيات جنوب تعز

تعز ما زالت تحت الحصار (أ.ف.ب)
تعز ما زالت تحت الحصار (أ.ف.ب)

تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة تعز، الواقعة في جنوب العاصمة صنعاء، وبمساندة طيران التحالف، من قطع خطوط إمداد الميليشيات الانقلابية وعزلة الأقروض في مديرية المسراخ، جنوب مدينة تعز.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية في محافظة تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات اللواء 35 مدرع بقيادة العميد الركن عدنان الحمادي، والمقاومة الشعبية، تمكنوا من السيطرة على مواقع جديدة في عزلة الأقروض وقطع خط الإمدادات إلى منطقة المطالي ووادي الكور، معقل ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح».
وذكر المصدر ذاته أن «جبهات القتال في تعز شهدت مواجهات عنيفة بما فيها حي الزهراء، شرق مدينة تعز، ووادي عيسى، غرب المدينة، بعد هجوم شنته الميليشيات الانقلابية في محاولات مستميتة ومتكررة منها اختراق مواقع المقاومة والجيش الوطني».
وعلى الصعيد الميداني، جددت مقاتلات التحالف العربي التي تقودها السعودية شن غاراتها على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية، وقصفت مناطق متفرقة في مدينة تعز وأطرافها ومن بينها مواقع الميليشيا في مقر معسكر قطاع المخا التابع للواء 35 مدرع، وتجمعات في يختل بالمخا والوازعية، غرب تعز، وفي حيفان والمسراخ، جنوب المدينة، وموقع المكلل وصاله، شرق المدينة.
لكن استمرت عمليات القنص والقصف العنيف من قبل ميليشيات الحوثي وصالح من مواقع تمركزها على عدد من الأحياء السكنية في مدينة تعز وأريافها، مخلفة وراءها قتلى وجرحى من المدنيين بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى تدمير المنازل وممتلكات المواطنين.
في المقابل، استقبل مقر اللواء 35 مدرع قافلة غذائية مقدمة من أبناء مديرية سامع، إحدى مديريات محافظة تعز، حيث كان في استقبالهم العميد الركن عدنان الحمادي، الذي قال، بعد تقديم شكره للقائمين على القافلة، إن «دعم المقاتلين في الجبهات هو بحد ذاته مشاركة فاعلة في التصدي للعدو الانقلابي وتعمل على رفع معنوياتهم».
ومن جانبه، قال عبد الله عبده أحمد، المسؤول الإعلامي للقافلة، إن «هذا جزء من مجموعة من الأنشطة التي تقوم بها مبادرة (وفاء) التي أسسها مجموعة من أبناء مديرية سامع لدعم ومساندة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية».
على صعيد آخر، دشن فريق مجتمعات تصنع السلام في مديرية المظفر بتعز مشروع «نوّرها تأمن»، الذي يهدف إلى نشر أكثر من سبعين نقطة إضاءة عبر الطاقة الشمسية في أحياء باب موسى والميدان خلال فترة الليل، وكذلك المساهمة في تشجيع المواطنين على إنشاء نقاط إضاءة في الشوارع والحارات، وذلك في ظل انعدام الكهرباء والمشتقات النفطية.
وقالت تغريد أحمد سعيد، في كلمتها الترحيبية عن الفريق، إن مشروع «نوّرها تأمن»، يخدم المنطقة ويساعد في تحقيق الأمن والحد من الجريمة.
ومن جانبه، أكد إبراهيم الحبشي، عضو الهيئة الاستشارية للفريق المكون من الوجهات الاجتماعية والمهنية في المنطقة، على ضرورة تضافر الجهود بين الأهالي ورجال الأمن، من أجل المشاركة المجتمعية في تحقيق الأمان والسلام للمنطقة.
وعلى الجانب الإنساني، وبينما تواصل الميليشيات حصارها المطبق على جميع مداخل مدينة تعز منذ 10 أشهر، وتمنع دخول المواد الغذائية والطبية بما فيها أسطوانات الأكسجين إلى مستشفيات تعز، وقعت شبكة إنقاذ للإغاثة ومؤسسة فجر الأمل الخيرية اتفاقية إمداد تعز بـ4 آلاف و500 أسطوانة أكسجين وبتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وبشكل متواصل لمدة ثلاثة أشهر بمعدل 1500 أسطوانة شهريا إلى مستشفى الثورة العام في تعز.
وقال بليغ التميمي، رئيس شبكة إنقاذ للإغاثة ومؤسسة فجر الأمل الخيرية في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «إيمانا منا بالمسؤولية الوطنية تجاه تردي الوضع الصحي في مستشفيات تعز والنقص الحاد والمتزايد لأسطوانات الأكسجين وانعدامها داخل المدينة المحاصرة، وبتمويل سخي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، استطعنا توقيع اتفاقية تزويد تعز بأسطوانات الأكسجين بشكل متواصل لمدة ثلاثة أشهر مع مصنع (إيسكو للغاز) في عدن بعد إعلان نفور جميع الجهات عن تنفيذ المشروع، نتيجة تكاليف النقل الباهظة وتوصيلها إلى تعز».
وتقدم التميمي باسم أبناء محافظة تعز للمملكة العربية السعودية شعبا وحكومة بقيادة خادم الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، شكره على جهودهم الجبارة ودعمهم الكريم لإخوانهم في اليمن.
ومن جانبه، قال رئيس هيئة مستشفى الثورة بتعز، الدكتور أحمد أنعم، بأن «الكمية وإن كانت قد خصصت لمستشفى الثورة العام فقط، إلا أن الواجب الإنساني يحتم عليه أن نتجاوب مع تلبية احتياجات بقية مستشفيات المدينة المحاصرة كواجب أخلاقي ومهني وإنساني».
نفذ طيران التحالف التي تقوده السعودية، اليوم، عملية إنزال لمواد طبية وإغاثية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك بالتنسيق مع قيادة اللواء 35 مدرع. وأفاد مصدر في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» بأن «عملية الإنزال تضمنت أدوية ومواد إغاثية، وقد تسلمتها قيادة اللواء 35 مدرع، وسيتم توزيعها على المواطنين في المناطق المتضررة من الحرب التي تم تحريرها».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.