أول مشروع للأطفال واليافعين بالإمارات يجمع بين المكتبة والمقهى

افتتحته الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي

خلال افتتاح المشروع
خلال افتتاح المشروع
TT

أول مشروع للأطفال واليافعين بالإمارات يجمع بين المكتبة والمقهى

خلال افتتاح المشروع
خلال افتتاح المشروع

افتتحت الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ«مجموعة كلمات للنشر»، أخيرا الفرع الأول من «مكتبة»، وهو أول مشروع للأطفال واليافعين يجمع بين فكرتي المكتبة والمقهى في دولة الإمارات والمنطقة، التابع لـ«مجموعة كلمات».
وتهدف «مكتبة»، التي سيكون فرع القصباء نقطة الانطلاق لافتتاح مزيد من الفروع لها في دولة الإمارات، إلى طرح فكر جديد للاستمتاع بالقراءة والمطالعة بين فئات الأطفال واليافعين، والمساهمة في إحداث تغيير حقيقي في حياة أجيال المستقبل، من خلال تعزيز اهتمامهم بالكتاب، في أجواء ممتعة، يمكن أن يجتمعوا فيها مع أفراد أسرتهم أو يلتقوا أصدقاءهم وزملاءهم.
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي: «يأتي افتتاح (مكتبة) التابعة لـ(مجموعة كلمات) تزامنًا مع (اليوم العالمي للكتاب)، وفي هذا العام الذي تخصصه دولة الإمارات للقراءة، ليأتي منسجمًا مع توجيهات قيادتنا الرشيدة في تشجيع الأطفال واليافعين على القراءة، وتحقيق مزيد من التقارب بينهم وبين الكتاب، كي يكونوا أقدر على فهم واقعهم والتعامل معه، ولتوسيع مداركهم نحو آفاق المستقبل للمساهمة في تنمية وتطوير مجتمعهم ووطنهم».
وتحتوي «مكتبة» على كل إصدارات «مجموعة كلمات»، بما فيها «دار كلمات»، و«حروف»، و«روايات»، سواءً الكتب المطبوعة أو التطبيقات الذكية، حيث يمكن للزوار قراءة الكتب واستخدام التطبيقات، بشكل مجاني، وعلى مدار الساعات التي تفتح فيها «مكتبة» أبوابها لاستقبالهم. أما المقهى الملحق بها، فيقدم تشكيلة من الأطباق الخفيفة والمشروبات الساخنة والباردة.
ولن يقتصر جوهر عمل «مكتبة» على توفير مكان مميّز للقراءة، وإنما ستحرص على تنظيم كثير من الفعاليات التي تحقق الأهداف التي تسعى إليها، ومن ذلك الجلسات القرائية، وحفلات توقيع الكتب، والمسابقات الثقافية، والأمسيات الترفيهية، إلى جانب الاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية والأيام العالمية، وكل ما يسهم في تحفيز الأطفال على الاهتمام بالكتاب.
وتعد «كلمات» أول مجموعة نشر في دولة الإمارات العربية المتحدة متخصصة حصريًا بنشر وتوزيع كتب الأطفال واليافعين والشباب عالية الجودة باللغة العربية. وتركز إصدارات المجموعة على تقديم محتوى يُسهم في ترسيخ قيم الانتماء إلى العائلة، وعلاقات الصداقة، ومعاني البساطة، والسعادة، عبر نصوص مبتكرة ورسوم نابضة بالحياة. ويقف وراء كتابة ورسومات كتب «كلمات» نخبة من المؤلفين والرسامين الذين حصل بعضهم على جوائز عالمية في مجال أدب الأطفال واليافعين.



جيناتنا العظيمة

عبد الله القصيمي
عبد الله القصيمي
TT

جيناتنا العظيمة

عبد الله القصيمي
عبد الله القصيمي

ثمة فرق بين النقد الثقافي الساعي لإصلاح حال أمة ما وتسليط الأضواء على الأخطاء التي تعيق التطور من جهة، وجلد الذات الذي يصبح إدماناً، من جهة أخرى. هذا ما خطر ببالي وأنا أعيد قراءة كتاب الفيلسوف السعودي عبد الله العلي القصيمي «العرب ظاهرة صوتية». من وجهة نظره، العرب مُصوّتون فقط في حين لا يكتفي الآخرون بإصدار الأصوات، بل يتكلمون ويفكرون ويخططون وهم أيضاً خلاقون قاموا بإبداع الحضارات والقوة والفكر وتجاوزوا الطبيعة وفهموها وقاموا بتفسيرها قراءة فهم وتغيير وبحث عن التخطي والتفوق.

مثل هذا النقد مدمر لأنه يبشر بسقوط يستحيل النهوض منه لأن المشكلة في الجينات، والجينات لا يمكن إصلاحها. «العرب ظاهرة صوتية»، شعار رفعه العديد من الكتاب وأصبحت «كليشة» مكرورة ومملة، ولا يمكن أن يكون هذا التوجه نافعاً لأنه لا يضع خطة عمل، بل يرمي العربي في حفرة من الإحباط. مع أن هناك الكثير مما نراه من إنجازات دولنا في الجوانب النهضوية وأفرادنا على الصعيد العلمي ما يدعو إلى التفاؤل، لا الإحباط.

ما الذي خرج به جلد الذات الذي يمارسه المثقفون العرب على أنفسهم وثقافتهم بعد كل هذه العقود المتتابعة؟ بطبيعة الحال، ليس هذا موقف الجميع، إلا أن الأصوات المتطرفة توصلت إلى أن العرب لديهم مشكلة جينية، تمنعهم من مواكبة قطار الحداثة وإصلاح مشكلاتهم والانتقال إلى نظام الحياة المدنية المتحضرة. لا خلاف على تطوير أنظمة الحياة وتطبيق فلسفة المنفعة العامة للمجتمع وإعلاء قيمة حقوق الإنسان والحرية، وإنما الخلاف هو في هذا الوهم الذي يُخيل لبعض المثقفين أن المشكلة ضربة لازب وأنه لا حل، وهذا ما يجعل خطابهم جزءاً من المشكلة لا الحل، لأن هذا الخطاب أسس لخطاب مضاد، لأغراض دفاعية، يتجاهل وجود المشكلة وينكرها.

لا فائدة على الإطلاق في أن ننقسم إلى فريقين، فريق التمجيد والتقديس للثقافة العربية وفريق مشكلة الجينات. وأصحاب الرؤية التقديسية هم أيضاً يشكلون جزءاً كبيراً من المشكلة، لأنهم لا يرغبون في تحريك شيء، وذلك لأنهم يؤمنون بأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان، وإن دخلت معهم في نقاش فتحوا لك صفحة الماضي المجيد والانتصارات العسكرية وغزو العالم في العصر الوسيط يوم كان العرب حقاً متفوقين، وكان المثقف الأوروبي يتباهى على أقرانه بأنه يتحدث العربية ويفهم فلسفة ابن رشد.

يخطئ الإسلاميون، وهم من يرفع شعار التقديس، عندما يتخيلون أن تجربتهم هي التمثيل الأوحد للديانة الإسلامية، فالنص حمَّال أوجه وفي باطنه آلاف التفاسير، والناجح حقاً هو من يستطيع أن يتخلى عن قراءاته القديمة التي ثبت فشلها ولم تحل مشكلات الشعوب التي تتوق إلى الحياة الكريمة. يخطئ من يتصور أن بإمكانه أن يسحق الأقليات ويحكم بالحديد والنار، وها هي تجربة صدام حسين وبشار الأسد ماثلة أمام عيوننا.

لقد بدأت مشكلتنا منذ زمن قديم، فالأمة العربية الإسلامية أدارت ظهرها للعلم في لحظته المفصلية في قرون الثورة العلمية والاكتشافات، ولهذا تراجعت عن المكانة العظيمة التي كانت للحضارة العربية الإسلامية يوم كانت أقوى إمبراطورية على وجه الأرض. دخلت حقاً في عصور الانحطاط عندما رفضت مبدأ السببية الذي قام عليه كل العلم بقضه وقضيضه، وولجت في عوالم من الدروشة والتخلف، ليس فقط على صعيد العلوم المادية، بل على الصعيد الأخلاقي أيضاً، وأصبحت صورة العربي في الذاكرة الجمعية تشير إلى شخص لا يمكن أن يؤتمن ولا أن يصدّق فيما يقول. هذا ما يجعله ضيفاً ثقيلاً من وجهة نظر بعض المجتمعات الغربية التي لجأ إليها العرب للعيش فيها.

لقد عاش العربي في دول تقوم على فرق ومذاهب متباغضة متكارهة قامت على تهميش الأقليات التي تحولت بدورها إلى قنابل موقوتة. هذا المشهد تكرر في كل الأمم وليس خاصاً بالعرب، فنحن نعلم أن أوروبا عاشت حروباً دينية دموية اختلط فيها الديني بالسياسي وأزهقت بسببها مئات الآلاف من الأرواح، لكنهم بطريقة ما استطاعوا أن يداووا هذا الجرح، بسبب الجهود العظيمة لفلاسفة التنوير ودعاة التسامح والتمدن والتعامل الإنساني الحضاري، ولم يعد في أوروبا حروب دينية كالتي لا زالت تقع بين العرب المسلمين والأقليات التي تعيش في أكنافهم. العرب بحاجة إلى مثل هذا التجاوز الذي لا يمكن أن يحصل إلا في ضفاف تكاثر الدول المدنية في عالمنا، وأعني بالمدنية الدولة التي تعرف قيمة حقوق الإنسان، لا الدول التي ترفع شعار العلمانية ثم تعود وتضرب شعوبها بالأسلحة الكيماوية.

الدولة المدنية، دولة الحقوق والواجبات هي الحل، ومشكلة العرب ثقافية فكرية وليست جينية على الإطلاق. ثقافتنا التي تراكمت عبر العقود هي جهد بشري أسس لأنظمة أخلاقية وأنماط للحياة، وهذه الأنظمة والأنماط بحاجة إلى مراجعة مستمرة يديرها مشرط التصحيح والتقويم والنقد الصادق، لا لنصبح نسخة أخرى من الثقافة الغربية، وإنما لنحقق سعادة المواطن العربي وحفظ كرامته.