صدرت مؤخرًا عن الهيئة العامة السورية للكتاب رواية جديدة تحت عنوان: (المياه العائمة) للكاتب الراحل صميم الشريف بعد وفاته بثلاث سنوات، توفي في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012، ولا ينسى مدقق الرواية وهو ابن الكاتب (زيد) المقيم في العاصمة التشيكية براغ أن يخبرنا في نهاية الكتاب بأن هناك رواية أخرى لوالده بعد المياه العائمة ستصدر قريبًا بعنوان: (الموظف يعود إلى المدينة).
تتحدث الرواية التي تقع في (350) صفحة عن مجتمع دمشق في فترة الانتداب الفرنسي وحتى الحرب العالمية الثانية من خلال قصص اجتماعية يومية تنتمي للواقع وهي أقرب للتوثيق المكاني والبشري وللحالة السيكولوجية والسوسيولوجية كما يدخل في السلوك الإنساني لشخوص روايته فنرى هناك الغش والخيانة والابتزاز والانتهازية وغير ذلك.
في المياه العائمة نتعرف على شخصيات من الحياة المعيشة: رجال ونساء. الشيخ سعدو، المختار صالح، المثقف، المناضل، الغجرية الراقصة (سكرة) التي تأتي من الغوطة حيث ينصب الغجر خيامهم هناك وينزلون لدمشق لتمارس بعض الصبايا الرقص في الحفلات والبيوت بينما الكبيرات في السن يقمن بقراءة الكف وضرب المندل للناس في الحدائق والبيوت، فيما الرجال يتخصصون في الضرب على الطبل في الحفلات الشعبية. ولكن يمكن لـ(سكرة) أن تحب وتعشق أيضًا فـ(سكرة تحب شابا دمشقيا التقته صدفة في بيت المختار أثناء حفلة أقيمت هناك واستمعت لبطولاته ومواقفه الرجولية) ـ حارات، صحف، مدارس، مقاه، ـ مجلس نيابي وغير ذلك كلّها من صميم الحياة الدمشقية، حيث حارة السبع طوالع في دمشق القديمة وشارع بغداد والمرجة وسوق الهال وسوق المسكية وزقاق الخمارات بالصالحية وساحة السبع بحرات وشارع العابد، وحيث مظاهرات الفلاحين وطلاب المدارس واعتصاماتهم ضد الفرنسيين وهم يرددون الأهازيج المنددة بالانتداب الفرنسي.
وهكذا، نقرأ في الرواية أحداثًا سياسية واجتماعية وحتى بيئية (حيث فيضان نهر بردى كل عام وما يسببه من ضرر للناس) أحداث شهدتها دمشق في نضال أهلها لإنهاء الانتداب الفرنسي وثّقها الكاتب بلغة أدبية نوعًا ما ولكنها أقرب للتوثيق الصحافي كالإجراءات والقرارات التي كانت تصدر بعد مظاهرات الدمشقيين ضد الفرنسيين ومنها مثلاً القرار الذي اتخذه مجلس النواب بإلغاء مادة من الدستور تجيز للمندوب السامي الفرنسي الحق فيما يشاء من القرارات وانعكاس ذلك على الحياة السياسية والاجتماعية في دمشق، مثل رفع أسعار الخبز وزيادة الضرائب لتأمين دخل يمكن من خلاله توفير رواتب الموظفين وغير ذلك من أحداث تثير الحوارات اليومية بين شخوص الرواية. ولا ينسى الكاتب توثيق ضرب المجلس النيابي بالمدافع الفرنسية وغير ذلك من الأحداث في حبكة أدبية وحوارات بين أبطال روايته.
كذلك نقرأ في الرواية قصص العملاء والعواينية والذين يتعاونون مع الفرنسيين ضد بلدهم ومجتمعهم ومنهم مثلا (أبو حسن طيبا) الذي كان يكتب تقارير بحق شخصيات دمشقية كانت تجتمع في مكتب جريدة («لوماتان» وهي جريدة كانت تصدر بدمشق مع زميلتها «ليزيكو» ناطقتين بالفرنسية) ـ ويرى الكاتب أن هؤلاء كانوا خليطًا من نخبة المجتمع الأثرياء والأطباء والمحامين والتجار وزعماء أحزاب.
مجتمع دمشق تحت الانتداب الفرنسي.. روائيًا
من خلال قصص اجتماعية يومية تنتمي للواقع وهي أقرب للتوثيق
مجتمع دمشق تحت الانتداب الفرنسي.. روائيًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة