«نيو داي»: نسعى لتحقيق أرباح قوية خلال الربع الأول

الشركة الناشرة لـ «الشرق الأوسط» : الصحافة الورقية بخير

«نيو داي»
«نيو داي»
TT

«نيو داي»: نسعى لتحقيق أرباح قوية خلال الربع الأول

«نيو داي»
«نيو داي»

استطاعت «نيو داي» وبعد أسبوع واحد على ولادتها أن تجدد الثقة في الصحافة الورقية واستطاعتها تحقيق أرباح مرة أخرى. وثبتت المطبوعة الوليدة قدميها بين عمالقة الصحف البريطانية. ولم تضيع الحملة الإعلانية التي أطلقتها الشركة الناشرة «ترينيتي ميرور» بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني لإطلاق «نيو داي» هدرا. ومع ردود الفعل الإيجابية من القراء، وبين ارتباك الصحف الأخرى وبدئها بإعادة حساباتها، يتأكد أن الصحف الورقية لم تمت.
فبحسب ما نشرت صحيفة «الغارديان» على موقعها، تشير الإحصائيات أن «نيو داي» استطاعت بيع أكثر من 150 ألف نسخة في كل من يوميها الثاني والثالث بعدما جرى توزيع مليوني نسخة مجانية على 40 ألف نقطة توزيع يوم إطلاقها الاثنين الماضي. ومن المليوني نسخة المجانية لم يبقَ سوى أقل من نصف مليون عدد مع نهاية اليوم الأول.
وعن الإحصائيات التي نشرتها صحيفة «الغارديان» قال المتحدث باسم الشركة الناشرة «ترينيتي ميرور» هاري كارتر لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة ستتكتم عن حجم المبيعات على قدر الإمكان حتى انتهاء الربع الأول. وأضاف كارتر مستطردا: «نأمل أن نحقق رقما موضوعيا في حجم التوزيع خلال العام الأول من طباعة الصحيفة؛ مما سيؤهلنا لتحقيق حجم أرباح قوي يتوافق مع حجم واسم (نيو داي)» مؤكدا أن الصحافة الورقية بخير.
وحول كتاب الصحيفة وعن سؤال ما إن كانت مشاركة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بمدونة في العدد الأول تجربة ستتكرر، كشف المتحدث أنه: «من المقرر أن يكون للصحيفة كتاب رأي وشخصيات معروفة بمختلف المجالات»، وأضاف شارحا: «وستحمل الأعداد المستقبلية المفاجآت للقراء خصوصا حول اختياراتنا عن من سيكتب في صفحاتنا بشكل دائم أو كضيوف شرف». وتأمل الشركة الناشرة توزيع 200 ألف نسخة يوميا بعد حساباتها لسعر التكلفة الذي لن يتعدى ثمن مبيعات نصف عدد التوزيع المعلن.
وشغلت انطلاقة «نيو داي» الصحافة البريطانية حيث نوهت صحيفة «بريس غازيت» البريطانية أنه «خلال أسبوعها الأول استطاعت صحيفة (نيو داي) نشر تحقيقات ومواضيع مميزة لم يتم تناولها من قبل»، وأضافت «الغازيت»: «كما عرضت تلك التحقيقات بتوازن وموضوعية عن طريق نقل الرأي والرأي الآخر وهذا النوع من المحتوى سيدر الأرباح على الشركة الناشرة التي من الواضح أنه بجعبتها أفكار ومفاجآت عظيمة». وإلى ذلك، يرى مراقبون أن الصحف الورقية الأخرى ستقوم وعلى الأرجح بإعادة حساباتها مع إطلاق منافستها الأصغر سنا والمواكبة لقراء العصر الرقمي.
وبدورها، أبدت «الفايننشيال تايمز» إعجابها بالعدد الأول وكتبت: «إلى جانب عمود جدي وممل نوعا ما بقلم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون عن البقاء في الاتحاد الأوروبي، فإن (نيو داي) تضفي طاقة إيجابية ورونقا متميزا مقارنة بنظيراتها». ونشرت «الغارديان» على موقعها الإلكتروني تقييما لمحتوى عدد «نيو داي» الأول. وقالت: «الصحيفة أوفت بوعدها وقدمت منتجا مختلفا لافتا للنظر يجمع بين جمالية وخفة المجلات وتحقيقات الصحف الإخبارية». واستطردت: «نعتبر (نيو داي) إضافة فعلية لتشكيلة أكشاك الصحف اليومية في بريطانيا».
كما كانت ردود فعل القراء في بريطانيا إيجابية على محتوى الصحيفة الوليدة. فما إن جرى توزيعها في يومها الأول، حتى راح المارة يتخاطفون النسخ المجانية لاكتشاف محتوى الصحيفة الورقية الأولى التي تصدر في البلاد منذ 30 عاما، علما بأن الشركة الناشرة أعلنت أن الصحيفة اليومية المكونة من 40 صفحة لن يصاحبها موقع إلكتروني. ففي تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أدلتها متحدثة باسم الشركة الناشرة، أن الصحيفة الجديدة هي مبادرة لإنعاش الصحافة الورقية في بريطانيا واسترجاع قرائها من خلال تزويدهم بمحتوى مختلف يخدم احتياجاتهم.
وتضمن محتوى «نيو داي» في الصفحات الملونة بأكملها خلال الأسبوع الأول مواضيع سياسية وإنسانية ومحلية إلى جانب الأخبار الخفيفة والتغطية الرياضية. ومع أن الصحيفة لم تنشر محتواها على موقع إلكتروني، إلا أنها استغلت، وبشدة، حسابيها على «فيسبوك» و«تويتر» إذ نشرت إعلانا على النسخة الورقية تطلب من قرائها متابعتها على مواقع التواصل الاجتماعي وإرسال صورهم وهم يتصفحونها لنشرها. ازداد متابعو الصحيفة على «فيسبوك» و«تويتر». يذكر أنه في بيان سابق، أعلنت «الترينيتي ميرور» أن «نيو داي» من الاثنين إلى الجمعة. وستباع بسعر 25 بنسًا على مدى أسبوعين ثم مقابل 50 بنسا. كما تأمل الشركة أن تبيع نحو 200 ألف نسخة يوميا، إلا أن هذا الرقم قد يكون متواضعا بعد انطباعات الأسبوع الأول.
يذكر أن «ترينتي ميرور» هي شركة بريطانية ناشرة للصحف والمجلات. وتعتبر أكبر مجموعة للصحف في بريطانيا، حيث تنشر 240 صحيفة إقليمية من بينها «ديلي ميرور». مقرها في مدينة لندن وتوظف نحو 11000 شخص. تأسست في سبتمبر (أيلول) عام 1999 بدمج شركتي «ترينتي» ومجموعة «ميرور».



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».