فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال

إعلاميون: ما يحدث بها «سيرك» بهدف تنفيذ أجندات خاصة لملاكها أفرزت كآبة للمشاهد

فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال
TT

فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال

فضائيات مصر الخاصة.. الوجه الآخر لـ«بزنس» رجال الأعمال

أكد خبراء إعلام أن «القنوات الفضائية الخاصة وصلت لحالة من التخبط وانحرفت لركن الخلافات الشخصية والتحيز لصالح مُلاكها رجال الأعمال في تصفية الحسابات بعيدًا عن أي مُحتوى مُفيد للوطن»، لافتين إلى أنه «نتيجة استخفافها بالموضوعات وعدم عرض الآراء التي تناقشها بحيادية حدث للمصريين ردة».
في حين طالب مذيعون في التلفزيون الرسمي بضرورة عودة «ماسبيرو» لدوره الريادي التربوي والتنموي، وتشكل الهيئة الوطنية الجديدة للإعلام بأشخاص يشهد لهم بالكفاءة وليس بالأشخاص الموجودين على الساحة الآن، مؤكدين أن «القنوات الخاصة تحولت لـ(سيرك) نظرا لغياب (السيستم) أي النظام وحولت المُشاهد لشخص مُكتئب طول الوقت لتنفيذ أجندات خاصة لملاكها».
«أعطني إعلاما بلا ضمير، أعطِك شعبا بلا وعي».. مقولة جوزيف جوبلز الشهيرة التي يتردد صداها كلما تحدث الخبراء عن الإعلام الخاص بعد دخول رجال الأعمال بشراسة في مجال إطلاق القنوات الفضائية بعضها لا يحمل ترخيص مزاولة المهنة، لتتحول هذه القنوات لوجه آخر لبزنس رجال الأعمال.
وكانت دراسة صدرت أخيرا في مصر أكدت أن مواقع الاتصال الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» تحظى بقدر كبير من الرواج والمتابعة خاصة من أوساط الشباب، بل ويعتمد عليها كمصدر إخباري بديل، نتيجة فقدان المصداقية في الإعلام الرسمي والخاص الذي تبثه الفضائيات على السواء.. وهو الأمر الذي نتج عنه نشر الشائعات والأخبار غير الموثقة.
من جانبه، قال الخبير الإعلامي الدكتور مروان يونس: «للأسف الفضائيات الخاصة بدأت تُقدم جرعة إعلامية ليس لها علاقة بالتنوير والثقافة والتسلية، لكن لتصفية الخلافات الخاصة والسعي لتحقيق مصالح شخصية»، لافتًا إلى أن «الفضائيات الخاصة كل فترة تنحرف لركن الخلافات الشخصية، وبدأ من يعتقدون أنهم إعلاميون يصفون حسابات شخصية بعيدا عن أي محتوى مفيد للوطن أو المجتمع، لدرجة حولت المواطن لشخص بائس».
وأضاف يونس لـ«الشرق الأوسط» أن «المشاهد الآن بدأ يبتعد عن برامج (التوك شو) ويلجأ لبرامج التسلية والترفيه، ففي العالم كله، إما أن تكون هذه البرامج مشعلاً للنور تُفيد المجتمع أو سلاحًا سيئًا فتاكًا يصب في غير صالح الوطن»، لافتًا إلى أنه «مع كثرتها وكثرة الاستخفاف بالموضوعات التي تناقشها حدث للمصريين ردة»، مضيفا: «لا أدري أساسًا ما الذي يمنح الآن مقدمي برامج (التوك شو) الحق في أن ينظر إلى الكاميرا لتوجيه الانتقادات إلى الأشخاص الذين يختلف معهم، أو حتى الدول أو الأنظمة أو أي شيء، وهو يعتقد أنه يخدم مجتمعه».
في السياق ذاته، يقول خبراء إعلام إن «الفترة الماضية كانت الأسوأ في تاريخ الإعلام الخاص من حيث انتهاك معايير الشرف الإعلامي، والاعتماد على الإثارة عبر الخلطة الجهنمية التي تخترق السياسة والدين والجنس، ونشر الإباحية، والتشكيك في الثوابت الدينية، والاعتماد على الشائعات وليس الأخبار الموثقة، وتصدي غير المؤهلين للعمل الإعلامي».
وعن الحل لضبط منظومة الإعلام الخاص، قال الخبير الإعلامي يونس: «لابد من سرعة تدشين الهيئة الوطنية للإعلام، ولا بد أن تكون هيئة حقيقية لضبط الأداء الإعلامي للفضائيات الخاصة، وليس توجيهها». وحول سيطرت رجال الأعمال على توجهات قنواتهم الفضائية الخاصة، قال يونس إن «الإعلام الحر بنسبة مائة في المائة غير موجود الآن بمصر.. والكل متحيز، وحتى حرفية التحيز غير موجودة من الأساس». ويرى مراقبون أن «اتجاه رجل أعمال لإطلاق فضائية تبث مواد إعلامية وإعلانية لا يعدو كونها وسيلة مساعدة لخدمة أنشطتهم الخاصة، فضلاً عن كسب ثقة السلطة الحاكمة».
وتابع مروان يونس بقوله: «بلا شك هناك جهل بأبجديات الإعلام والكثير من أساسيات المهنة يتم اختراقها، فمقدم البرامج صار يراهن على نجوميته، ويعتقد أن الطريق لتحقيقها هو استخدام الصوت العالي والذي يصل لحد (الصراخ).. وهكذا صار أغلبهم يستضيف نفسه لصالح نفسه، بدلا من تقديم حوار متزن يجريه مع ضيفه».
في السياق ذاته، قالت الإعلامية فاتن عبد المعبود، المذيعة في التلفزيون المصري «ماسبيرو»، إن «ما يقدم على الفضائيات الخاصة الآن مجرد تصفية حسابات لأهداف خاصة تتعلق سواء بإعلامي أو رجل أعمال، والمشاهد للأسف هو الضحية، فضلاً عن أن بعضها يهاجم التلفزيون الرسمي ويتهمه بأن برامجه دمها ثقيل سواء في فكرتها أو من يقوم بتقديمها، رغم أن التلفزيون لديه وعي وأخلاق، على الرغم من قدراته المادية المحدودة».
مضيفة: «لا بد من عودة وضع التلفزيون الرسمي لمكانته الطبيعية بأي شكل من الأشكال ودعم الإعلام، وأن تشكل الهيئة الوطنية الجديدة للإعلام طبقًا للدستور بأشخاص يشهد لهم بالكفاءة وليس الأشخاص الموجودين على الساحة ومنهم ملاك قنوات خاصة». ونص الدستور المصري على تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام.. ويفترض أن تقوم بضبط خلل المشهد الإعلامي، ويقوم على رأسها خبراء وقضاة وخبراء الإعلام والصحافة وأعضاء بالنقابات المهنية. وأكدت عبد المعبود أن غرفة صناعة الإعلام المرئي مثلا تضم ملاك القنوات الخاصة، ويقومون بتنظيم عملهم هم وفقًا لرؤيتهم، لافتة إلى أنه للأسف الإعلام الخاص الآن أصبح مهنة من ليس له مهنة، فالمحامي أصبح مذيعًا والصحافي ورجل الدين والفنان والراقصة أيضًا، موضحة أن الإعلام الآن يضم كل التخصصات؛ فهو القاضي والمحقق في الوقت ذاته، فلا بد من تحديد الأدوار أولاً، وأن يكون للدولة المصرية دور في ذلك، والرئيس عبد الفتاح السيسي لا بد أن يتدخل في هذا الأمر، مؤكدة أن ما يحدث في القنوات الخاصة «سيرك» وهدف ملاكها من رجال الأعمال مصلحتهم وتحويل أي حدث لأهدافهم الشخصية.. وهذا ليس عيبًا، لأن الدولة هي من منحتهم هذا الحق، وعليها أن تنظمه وفق ضوابط مُحددة.. وهو أمر موجود بالفعل في كل الدول».
يُشار إلى أن سلبيات الإعلام المصري دعت الرئيس السيسي إلى أن يتحدث في معظم خطاباته للمصريين عن وجود أزمة في الإعلام وأنه غير راضٍ عنه.. وفي أحد الخطابات شكا الإعلام للمصريين.
ويرى مراقبون أن الذين يقدمون الخلطات العبثية في القنوات الخاصة غير مؤهلين لغة أو ثقافة أو حضورًا أو امتلاك للأدوات المهنية، فلا يمكن افتراض حسن النيات فيما يقدمون المواد الإعلامية، فهم يدمرون المجتمع بلا هوادة ويرفضون الرقابة تحت دعاوى «حرية التعبير».
فيما قالت الإعلامية فاتن عبد المعبود لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث يوميًا على شاشات الفضائيات في برامج (التوك شو) لا يحدث في أي دولة بالعالم».



تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟
TT

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً لنهاية هذا التمديد، تساؤلات حول مدى فاعلية القرار في الحدّ من انتشار «المعلومات المضلّلة»، يأتي ذلك بالتزامن مع رصد تجاوزات مرّرَتها المنصة الأشهَر «فيسبوك» خلال الفترة السابقة برغم تقييد الإعلانات.

ما يُذكر أن «فيسبوك» أعانت بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «حظر أي إعلان يحمل رسائل توجيه سياسي أو اجتماعي من شأنه التأثير في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية»، غير أن مراقبين قاموا برصد تجاوزات على المنصة وصفوها بـ«التضليل»، وقالوا إن «فلاتر» المحتوى على «ميتا» – التي تملك «فيسبوك» – «غير متمرّسة» بما يكفي لتمييز المحتوى الذي ينتهك إرشادات المصداقية، ما يثير شكوكاً بشأن جدوى قرار الشركة تقييد الإعلانات.

الدكتور حسن مصطفى، أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في عدد من الجامعات الإماراتية، عدّ قرار «ميتا» الأخير «محاولةً لتجاوز المخاوف المتزايدة حول استغلال الإعلانات في التأثير على الرأي العام»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ميتا تخشى اتهامها بنشر المعلومات غير الموثوقة بشكل واسع إبان الفترات الانتخابية وما بعدها، لا سيما وأنه سبق اتهام الشركة من قبل بوجود محتوى يؤثر على الرأي العام خلال فترات انتخابية سابقة».

وعن دور «ميتا» في الحدّ من «المعلومات المضللة»، أوضح مصطفى أنه «لا تزال المعلومات المضلّلة تحدياً قائماً برغم ما اتخذته (ميتا) من إجراءات لمكافحتها، والتقليل من انتشار الأخبار الكاذبة»، وقال عن دور الشركة في هذا الصدد: «لقد عزّزَت (ميتا) التعاون مع جهات خارجية للتحقّق من صحة الأخبار، فباتت تعتمد على منظمة (فاكت تشيك/ FactCheck)، وشبكات من المؤسسات المستقلة؛ للتحقّق من الأخبار المتداوَلة عبر المنصة».

واستشهد الدكتور مصطفى ببعض التقارير الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي أظهرت إحراز «ميتا» تقدماً في مجال الحد من «خطاب الكراهية»؛ «إذ تمكّنت خوارزميات الشركة من التعرّف على بعض الأنماط المتكرّرة للمحتوى المسيء، وحذفه تلقائياً قبل أن ينتشر»، غير أنه مع ذلك عدّ إجراءات «ميتا» غير كافية، مشيراً إلى أن «خوارزميات الذكاء الاصطناعي ما زالت محدودة القدرة على معالجة المحتوى بلغات ولهجات متنوعة، أو فهم السياقات الثقافية المعقّدة، ما يجعل من الصعوبة بمكان وضع حدود واضحة أمام تحقيق نجاح كامل في تقليص خطاب الكراهية».

هذا، وكانت المنظمة الدولية «غلوبال ويتنس» قد أعدّت تقريراً حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي قادرةً على اكتشاف وإزالة «المعلومات المضلّلة الضارّة»، لا سيما المتعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية، وأشارت في نتائجها عقب الانتخابات الأميركية إلى أن أداء «فيسبوك» كان أفضل مقارنةً بمنصة مثل «تيك توك»، لكن التقرير لم ينفِ التورّط في نشر «معلومات مضلّلة» برغم القيود، كذلك ذكر التقرير أن «فيسبوك» وافَق على واحد من بين 8 إعلانات اختبرت بها المنظمة قيود المنصة للحَدّ من «المعلومات المضلّلة»، ما رأته المنظمة «تحسّناً ملحوظاً مقارنةً بأداء المنصة السابق مع أنه لا يزال غير كافٍ».

من ناحية أخرى أشار تقرير صادر عن منظمات المجتمع المدني «إيكو» و«المراقبة المدنية الهندية الدولية»، إلى أن «ميتا» سمحت بظهور إعلانات تحتوي على عبارات تحريضية ضد الأقليات على منصّتها خلال فترة الانتخابات الأميركية، كما أشارت إلى رصد «محتوى زائف» مصنوع بأدوات الذكاء الاصطناعي.

وحول هذا الأمر، علّق خالد عبد الراضي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» بمصر والمملكة العربية السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، على قرار «ميتا» بالقول إننا بصدد محاولات عدّها «غير جادة»، ودلّل على ذلك بأن «(ميتا) قيّدت الإعلانات قبل الانتخابات الأميركية بأسبوع واحد فقط، وهذه مدة غير كافية إذا كانت المنصة بالفعل جادّة في الحدّ من التضليل والتأثير على الرأي العام، مثلاً (إكس) كانت أكثر جدّية من خلال تقييد أي منشور موجّه قبل الانتخابات بشهر»، مشيراً إلى أنه «بالتبعية شاهدنا على منصة (فيسبوك) محتوى مضلّلاً وزائفاً طُوّر بالذكاء الاصطناعي».

وأوضح عبد الراضي أن «(ميتا) لم تفرض قيوداً على الإعلانات بشكل عام، بل على نوع واحد فقط هو الإعلانات السياسية المدفوعة، ومن ثم تركت المجال أمام التضليل والتأثير على الرأي العام»، ودلّل كذلك على قلة جدّية الشركة بقوله: «بعد الانتخابات الأميركية في 2020 واجهت (ميتا) عدة اتهامات بتوجيه الرأي العام، ما دفع الشركة لاتخاذ إجراءات جادّة، من بينها توظيف (فِرق سلامة) معنية بمراجعة النصوص؛ للتأكد من ملاءمتها مع معايير المنصة، غير أن عمل هذه الفِرق أُنهِي لاحقاً، ما يشير إلى أن ادّعاءات المنصة لم تكن جدّية».