قد تمثل عودة كوبا إلى المجتمع الدولي، بعد سنوات من عدم التطبيع، نسبة مئوية في معدلات النمو لدول الاتحاد الأوروبي، التي سارع مسؤولون بها إلى زيارة هافانا لاقتناص الفرص المتاحة، كان آخرهم باريس وبرلين، على أن تلحق بهما وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في زيارة الأسبوع المقبل.
ويرى الاتحاد الأوروبي في كوبا (البلد الوحيد في أميركا اللاتينية الذي لا يرتبط باتفاق تعاون مع الاتحاد الأوروبي) دولة أساسية في إنعاش العلاقات مع دول أميركا اللاتينية، بعد بدء التقارب التاريخي بين هافانا وواشنطن في أواخر عام 2014، الذي تم تكريسه بفتح سفارة البلدين الصيف الماضي.
واتفقت كوبا مع نادي باريس للدائنين لشطب 8.5 مليار دولار، في اتفاق صاغته فرنسا، بهدف التقارب بين البلدين، مع عودة هافانا للأسواق المالية الدولية، منذ الحظر الأميركي المفروض على الجزيرة عام 1962.
ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بداية الشهر الماضي، نظيره الأميركي باراك أوباما إلى رفع الحظر التجاري المفروض على كوبا، وذلك خلال لقائه الرئيس الكوبي راؤول كاسترو في باريس. وكان أوباما قد جدد دعوته إلى الكونغرس في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي لرفع الحظر الاقتصادي عن كوبا بعد سنة من بدء التطبيع الدبلوماسي.
وبدأ الحصار الأميركي على كوبا اقتصاديًا وتجاريًا في 19 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1960، بعد عامين من قيام الثورة الكوبية، وخلف الرئيس الكوبي الحالي راؤول كاسترو البالغ 84 عامًا شقيقه فيدل في الرئاسة في 2006.
ولا يزال الحصار يمنع الأميركيين من الاستثمار في كوبا ومن السياحة فيها، كما تهدد واشنطن الشركات التي لها فروع في الولايات المتحدة بعقوبات في حال المجازفة بالتعامل مع هافانا.
وتزور وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني هافانا الأسبوع الحالي، وفق ما أعلنت الخارجية الكوبية في وقت يأمل فيه الجانبان في أن يبرما قريبًا اتفاق تعاون.
وقال نائب وزير الخارجية الكوبي ابيلاردو مورينو للصحافة المحلية: «ستكون بالتأكيد زيارة مهمة جدًا في الظرف الحالي»، إذ بدأ الاتحاد الأوروبي وكوبا في هافانا سابع جولة مباحثات لتطبيع العلاقات بينهما. وأضاف: «نعقد آمالاً كبيرة على هذه الجولة ونعتقد أنه يمكن أن نحقق تقدمًا جوهريًا».
إلا أن الاتحاد الأوروبي يرهن التعاون الاقتصادي، بالتقدم في مجال حقوق الإنسان، ولكن حدة المناقشات في هذا الشأن تراجعت الفترة الأخيرة، مع تطلع دول من الاتحاد إلى فتح أسواق جديدة تسهم في رفع معدلات النمو.
وتوالت الوفود الغربية على كوبا منذ بدء تطبيع العلاقات، وهو ما يعزز وجود هافانا في المجتمع الدولي، في وقت أثارت أزمة جارتها فنزويلا وحليفتها، بلبلة على المستوى الاقتصادي، نظرًا لاعتماد كوبا على فنزويلا في إمدادها بمائة ألف برميل من النفط الخام بسعر مخفض وشراء 70 في المائة من صادراتها من الخدمات، ولا سيما الطبية.
وانفتاح هافانا في هذا التوقيت على المجتمع الدولي، يحميها من التذبذب الحاد التي تمر به فنزويلا، فضلاً عن خسارة المشروع الاشتراكي زخمه، بخسارة الحزب الحاكم في البلاد الأغلبية لصالح المعارضة الرأسمالية، وتعاني فنزويلا من انهيار أسعار النفط الذي تملك أكبر احتياطي منه في العالم، وتضخم متفاقم وأزمات متتالية في المواد الاستهلاكية، مما سرع فوز المعارضة الساحق في الانتخابات التشريعية التي نظمت في 11 ديسمبر (كانون الأول).
وتعتبر فرنسا الشريك الأول سياسيًا واقتصاديًا لكوبا، بحسب بيان لقصر الإليزيه، أثناء زيارة كاسترو لباريس الشهر الماضي، وتقوم عدة شركات فرنسية كبرى بالاستثمار في كوبا في مقدمتها «برنو - بيكار» التي تنتج مشروب الروم «هافانا كلوب» وشركة «أكور» في مجال السياحة و«بويغ» في مجال البناء والإعمار و«الكاتيل - لوسان» في الاتصالات و«توتال» و«الستوم» في الطاقة. إلا أن المبادلات التجارية لا تزال عند مستوى متدني، إذ لا تتجاوز 180 مليون يورو سنويًا.
وفي أول زيارة لوزير اقتصاد ألماني منذ 15 عامًا، زار زيجمار جابريل نائب المستشارة أنجيلا ميركل كوبا، بداية شهر يناير الماضي، بهدف دعم العلاقات بين البلدين، والاطلاع على الفرص الاقتصادية في البلاد.
وقالت وكالة «موديز للتصنيف الائتماني» في ديسمبر الماضي، إن كوبا أقدمت «بنجاح» على تنويع اقتصادها، بهدف عدم الاعتماد بشكل كبير على فنزويلا. واقتصاد فنزويلا من بين أسوأ الاقتصادات أداء في العالم مع هبوط قيمة صادرات البلاد النفطية بنحو 70 في المائة على مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية.
وأشارت الوكالة إلى أن تخفيف العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على كوبا، ولا سيما العقوبات التي تحد من إمكانية السفر إلى الجزيرة الشيوعية، هو ما أتاح للحكومة في هافانا بتنويع الإيرادات، وبالتالي فإن «تزايد النشاط السياحي حسن الآفاق الاقتصادية لهذا البلد».
واستقبلت كوبا خلال عام 2015 عددًا قياسيًا من الزوار بلغ 3.5 مليون زائر، مما يؤكد دور القطاع السياحي كمحرك للاقتصاد الكوبي. وانهيار الاتحاد السوفياتي الذي كان يستأثر بـ72 في المائة من التجارة الخارجية الكوبية، أغرق كوبا في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها وحمل السلطات على اتخاذ تدابير جذرية وفتح البلاد على السياحة. وتوقع وزير الاقتصاد الكوبي مارينو موريلو في آخر شهر ديسمبر الماضي، نموًا اقتصاديًا قدره 2 في المائة في 2016 انخفاضًا من 4 في المائة هذا العام، لكنه ما زال إيجابيًا بالنظر إلى الاقتصاد العالمي. وأضاف: «تحقيق نمو وسط الأزمة العالمية الحالية هو أمر إيجابي.. و2 في المائة في 2016 شيء جيد أيضًا».
الاتحاد الأوروبي يرى كوبا «نسبة مئوية» في معدلات النمو
تسارع الوفود الغربية على هافانا
الاتحاد الأوروبي يرى كوبا «نسبة مئوية» في معدلات النمو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة