ضباط إيرانيون في سنجار العراقية لتأمين الطريق البري إلى سوريا

قيادي كردي: 600 من الحرس الثوري قتلوا في الحرب السورية

ضباط إيرانيون في سنجار العراقية لتأمين الطريق البري إلى سوريا
TT

ضباط إيرانيون في سنجار العراقية لتأمين الطريق البري إلى سوريا

ضباط إيرانيون في سنجار العراقية لتأمين الطريق البري إلى سوريا

قال قيادي كردي إيراني معارض أمس إن ضباطا إيرانيين يوجدون على الأراضي العراقية، وتحديدًا في سنجار، لتأمين الطريق البري إلى سوريا بعلم من حكومة بغداد. وقال القيادي إن الحرس الثوري الإيراني فقد أكثر من 600 من عناصره جراء المواجهات في العراق وسوريا؛ قرابة 500 منهم في سوريا وحدها. وكشف في معلومات لـ«الشرق الأوسط» أن قائد «القوة الأولى» في «فيلق القدس» زار خلال الأشهر الماضية وبرفقة هادي العامري الذي يقود ميليشيات «الحشد الشعبي» ونائبه أبو مهدي المهندس، قضاء سنجار والتقى بالميليشيات التابعة لـ«الحشد» فيها.
وقال قائد الجناح العسكري لـ«حزب الحرية الكردستاني» الإيراني المعارض، حسين يزدان بنا، إن عدد قتلى «القوة الأولى» من «فيلق القدس» الإيراني المختصة بإقليم كردستان والعراق منذ بداية الحرب ضد «داعش» وحتى الآن بلغ أكثر من 90 جنديا وضابطا، بينهم قيادات كبار في الحرس الثوري الإيراني، من أبرزهم حميد تقوي المسؤول عن محور وسط العراق وقائد عمليات «معسكر ظفر»، أحد معسكرات قاعدة «رمضان» التابعة للحرس الثوري التي تقع في محافظة كرمانشاه (غرب إيران) المحاذية للحدود مع العراق.
وتابع يزدان: «أما في سوريا، فقد بلغ عدد قتلى الحرس الثوري الإيراني نحو 500 جندي وضابط وقيادي، من بينهم جنود باكستانيون وأفغان، وهم يقاتلون في سوريا تحت لواء (قوات حماية الأماكن المقدسة) التابعة لـ(فيلق القدس)، وينضوي الجنود الأفغان تحت قوات تسمى (فاطميون)، وأما الباكستانيون فهم يشكلون قوة تدعى (زينبيون). النظام الإيراني يدفن جنوده الذي يقتلون في سوريا والعراق في مقبرة تسمى مقبرة (جنة الزهراء) في إيران، ومن بين قتلى الحرس الثوري هناك 15 قياديا من قيادات (فيلق القدس)، من أبرزهم حسين همداني، الذي كان يمثل أحد أهم الشخصيات العسكرية الإيرانية في سوريا، وكان يشرف على كل القوات التابعة للحرس الثوري في سوريا».
وأضاف القيادي الكردي المعارض لطهران معلومات تفصيلية عن كيفية وجود ضباط إيرانيين في سنجار العراقية لتأمين الطريق إلى سوريا، بقوله: «زار العميد في الحرس الثوري محمد رضا شهلائي الذي يشرف على (القوة الأولى) في (فيلق القدس) الإيراني قبل نحو شهرين من الآن برفقة هادي العامري المشرف على ميليشيات (الحشد الشعبي) ونائبه أبو مهدي المهندس، قضاء سنجار عن طريق طائرة مروحية لتفقد الميليشيات التابعة لـ(الحشد الشعبي) فيه التي شكلتها الحكومة العراقية هناك، وتتولى دعمهم بالأموال والسلاح. الزيارة تأتي ضمن محاولات طهران المستمرة للسيطرة على الخط البري الرابط بين إيران وسوريا والممتد عبر أراضي إقليم كردستان، ولكي تؤمن مرور السلاح والمقاتلين إلى سوريا، إيران تريد أن تسيطر على جبل سنجار الاستراتيجي أيضا لتهدد دول المنطقة كافة، لكن قوات البيشمركة استطاعت حتى الآن أن تقف بوجه المد الإيراني في المنطقة، ومنعت القوات التابعة لإيران من السيطرة على هذه الأماكن الاستراتيجية، رغم أن المحاولات الإيرانية مستمرة في تلك المنطقة، وهناك زيارات متواصلة لضباط في الحرس الثوري الإيراني إلى سنجار عن طريق بغداد، والقوات الأخرى التابعة لإيران في المنطقة».
وأكد المعارض الكردي أن «طهران تعمل على تقسيم إقليم كردستان، وفصل مناطقه بعضها عن بعض، وهي تدعم كل جهة أو مجموعة سياسية تحاول تمزيق الوحدة السياسية للإقليم، وتدعم أيضا أي محاولة لإنهاء المركزية في الإقليم، وتؤيد أي طرف سياسي يقف ضد رئيس الإقليم مسعود بارزاني والقيادة الكردستانية في أربيل، وتواصل طهران العمل على تشكيل أفواج لميليشيات (الحشد الشعبي) داخل الإقليم، خصوصا في المدن والبلدات المحاذية له في محافظة السليمانية التي تشكل قاعدة (الاتحاد الوطني الكردستاني) الجماهيرية، لأن إيران تحاول زعزعة الأمن في الإقليم وسحب البساط من تحت أقدام (الاتحاد الوطني الكردستاني) في مدينة السليمانية والمناطق الأخرى التابعة لها، رغم أن (الاتحاد الوطني) يتمتع بعلاقات متينة مع طهران. وفي الوقت ذاته تعمل طهران على ضرب المصالح الاقتصادية لإقليم كردستان، فهي المسؤولة عن تفجير أنابيب نقل نفط الإقليم إلى تركيا، ولم يبق هناك شك في أن طهران هي التي فجرت هذه الأنابيب مؤخرا عبر مرتزقتها، خصوصا بعد أن أكد (حزب العمال الكردستاني) أنه لا علاقة له بتفجير أنبوب نفط كردستان».
ومضى يزدان بنا بالقول: «القنصليات الإيرانية في العراق وفي إقليم كردستان لا تتلقى أوامرها من وزارة الخارجية الإيرانية، بل تتلقى الأوامر من (قاعدة رمضان) العسكرية التابعة لـ(فيلق القدس)، والحرس الثوري يعمل من أجل إثارة الصراعات الطائفية والقومية في كركوك لكي يتمكنوا من الوصول إلى مصالحهم تحت دخان هذه المشكلات، وهذا ما فعلوه قبل أشهر في قضاء طوزخورماتو (جنوب كركوك)».
وسلط «يزدان بنا» الضوء على تشكيلات «فيلق القدس»، قائلاً: «القوة الأولى من (فيلق القدس) تتكون من آلاف العناصر المدربة أمنيا وعسكريا ولوجيستيا، وهي تابعة لـ(قاعدة رمضان)، التي تمتد سلطتها من مدينة نغدة في كردستان إيران وحتى الأحواز، وتتمثل في معسكر (نسر) في نغدة ومعسكر (رعد) في مريوان ومعسكر (ظفر) في كرمانشاه، ومعسكر (الفجر) في الأحواز، فيما تتولى القوة السادسة في (فيلق القدس) مهام زعزعة الأوضاع في دول الخليج العربي، خصوصا المملكة العربية السعودية، ويشرف على هذه القوة عميد في الحرس الثوري يدعى علي بن لوحي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.