الفيدرالية السورية مرهونة بمعركة أعزاز.. ويستفيد منها النظام والأكراد

«الاتحاد الديمقراطي» يريدها وفق «النموذج السويسري».. وروسيا لحماية مواقعها على الساحل

أكراد في موسكو يتطلعون إلى خريطة ترسم حدود كردستان الكبرى، عند افتتاح المكتب التمثيلي لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) في موسكو في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
أكراد في موسكو يتطلعون إلى خريطة ترسم حدود كردستان الكبرى، عند افتتاح المكتب التمثيلي لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) في موسكو في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
TT

الفيدرالية السورية مرهونة بمعركة أعزاز.. ويستفيد منها النظام والأكراد

أكراد في موسكو يتطلعون إلى خريطة ترسم حدود كردستان الكبرى، عند افتتاح المكتب التمثيلي لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) في موسكو في فبراير الماضي (إ.ب.أ)
أكراد في موسكو يتطلعون إلى خريطة ترسم حدود كردستان الكبرى، عند افتتاح المكتب التمثيلي لحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) في موسكو في فبراير الماضي (إ.ب.أ)

عكس تصريح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، حول أمل موسكو بأن «يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرة إنشاء جمهورية فيدرالية»، تناغمًا روسيًا وأميركيًا حول خطة مستقبلية لإنشاء فيدراليات في البلاد، بحسب ما يقول معارضون سوريون، على الرغم من أن خريطة الانتشار الميداني، توحي بأن المعني بالأمر، هم أكراد سوريا الذين يتلقون دعمًا عسكريًا من روسيا والولايات المتحدة على حد سواء، فيما يبدو أنهما توصلا إلى ربط نزاع مع النظام السوري.
وفيما تبدو معارك النظام مع الأكراد مجمّدة، يواصل مقاتلو «قوات حماية الشعب الكردي»، و«قوات سوريا الديمقراطية» التي تتألف من مقاتلين أكراد وحلفائهم من الفصائل العربية، معاركها ضد تنظيم داعش في شمال شرقي سوريا، وفي ريف حلب الشمالي ضد قوات المعارضة السورية و«جبهة النصرة»، مدعومة بغارات جوية أميركية وروسية. وفي المقابل، لا يزال النظام السوري يخوض معاركه على عدة جبهات ضد قوات المعارضة السورية في جنوب البلاد وشرقها وشمالها، إضافة إلى قتاله ضد «داعش»، رغم أن غرب سوريا، خاضع بمعظمه لسيطرته، لكنه يسعى للتمدد خارج حدود المنطقة التي تقول المعارضة إنه سيلوذ إليها أخيرًا، وتحديدًا في الساحل السوري وجبال اللاذقية.
ويعزز ذلك الاعتقاد بأن المقصود من طرح الفيدرالية، هو تثبيت نفوذ الأكراد ضمن مناطق سيطرتهم الحالية. ووسط تأكيدات كردية بأنهم لم يطلبوا من الجانب الروسي المساعدة في إنشاء فيدرالية، يؤكد مصدر سياسي كردي لـ«الشرق الأوسط» أن الطلب الروسي «لم يأتِ بمنأى عن التوافق مع الأميركيين»، مشيرًا إلى أنه «لا يمكن تحقيق فيدرالية في سوريا، من غير أن يكون الأكراد هم المدخل لذلك». ويضيف: «صانع القرار في موسكو وواشنطن، يدرك أن سوريا الآن تعيش في شرخ جغرافي ونفسي وسط تبادل المواقع والخلافات العشائرية والدينية، ولا يمكن إعادة الأمر إلى فترة ما قبل 2011، لذلك، سيكون تطبيق الفيدرالية خطوة أساسية لمنع تقسيم سوريا، وهو الخيار الأكثر خطورة».
لكن المعارضة السورية، ترفض الفيدرالية. ويقول المعارض السوري جورج صبرة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن التصريح الروسي «كشف عن مآرب السياسة الروسية الأخطر، بعد أن قام بمساعدة النظام على تحديد الكانتون الطائفي الخاص به في الساحل، عبر دعمه بوسائل الحماية البحرية والجوية»، فضلاً عن «تعزيز مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي عبر قواته في شمال سوريا، وتأمين الغطاء الجوي لإقامة الكانتون الكردي على الحدود». ويرى صبرة، أن الأهداف الروسية «تلتقي مع أهداف أعداء الشعب السوري من إسرائيل إلى طهران»، معتبرًا أن روسيا والنظام السوري «لن يفتتون سوريا فحسب، بل سينسحب مخطط التفتيت على المنطقة أيضًا، وهنا تكمن الخطورة».
ويؤكد صبرة: «خلافًا للنظام ومشاريع حلفائه، نحن نقاتل من أجل حرية وكرامة سوريا كاملة بكل مكوناتها القومية والدينية والطائفية»، مشيرًا إلى «أننا نضع المجتمع أمام مسؤولياته، خصوصًا وأن الأمم المتحدة تعهدت بالحفاظ على وحدة سوريا».
ويؤكد المسؤول الإعلامي في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في أوروبا إبراهيم إبراهيم، أن قضية الفيدرالية بوصفها «المخرج الوحيد لكثير من الأزمات في سوريا، طرحت في جميع اللقاءات مع المسؤولين الأوروبيين والأميركيين والروس»، مشددًا على أنها «لم تصل إلى مستوى الطلب المباشر لإنشاء فيدرالية في سوريا». ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه القضية «كانت تُطرح لمعرفة وجهة نظرنا لسوريا المستقبل، وكان المسؤولون الأكراد يؤكدون أن الفيدرالية ستنقذ البلاد من التقسيم وتحل الأزمة والقضايا الخلافية بالسبل القانونية والديمقراطية مثل حل الفيدرالية». وقال إن النموذج الذي يطرحه الأكراد على المسؤولين الغربيين «هو نموذج الفيدرالية السويسرية».
وليس الأكراد هم المستفيدون الوحيدون من خطة الفيدرالية السورية. يقول أستاذ العلاقات الدولية الدكتور سامي نادر لـ«الشرق الأوسط»، إن العلويين في سوريا «يستفيدون أيضًا في مسعى لحماية وجودهم»، فضلاً عن أن الروس «يستفيدون من الخطة كونهم انخرطوا في النزاع السوري لحماية مصالحهم أيضًا لجهة تثبيت وجودهم في البحر المتوسط». ويضيف نادر: «لم يدخل الروس بشراكة مع السنة، بل بمواجهة معهم، وبالشراكة مع العلويين، وذلك بهدف تأمين فرص النجاح لحماية وجودهم، ولا يمكن حمايتها ضمن النسخة القديمة من سوريا، حيث تعيش أغلبية سنية في ظل حكم متنازع عليه».
ويوضح نادر، وهو خبير في السياسيات الاستراتيجية الدولية، أنه «إذا تمكن الروس من تقسيم سوريا ضمن مناطق نفوذ، فإنهم يؤمنون الجزء العلوي الذي يضمن لهم استقرار منطقة يوجدون فيها، وتكون غير خاضعة لنزاعات»، مشيرًا إلى أن الروس يدعمون أيضًا قيام فيدرالية كردية «بهدف تأمين الخاصرة الشرقية لمناطق نفوذهم عبر الأكراد، الذين يشكلون ضغطًا على منافسهم الاستراتيجي والتاريخي الأول في المنطقة وهو تركيا». ويؤكد أن فيدرالية سوريا «مرهونة بمعركة أعزاز».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.