الخروقات المستمرة للهدنة تهدد بتأجيل مفاوضات جنيف

النظام منع دخول الأدوية إلى معضمية الشام

الخروقات المستمرة للهدنة تهدد بتأجيل مفاوضات جنيف
TT

الخروقات المستمرة للهدنة تهدد بتأجيل مفاوضات جنيف

الخروقات المستمرة للهدنة تهدد بتأجيل مفاوضات جنيف

على الرغم من إعلان المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أمس، استئناف المفاوضات بين النظام والمعارضة في جنيف في التاسع من الشهر الحالي، تشدد المعارضة على أن الأسباب التي أدّت لتعليق المفاوضات في وقت سابق، لا تزال قائمة، كما أن مجريات الهدنة غير مشجعة ليكون الموعد المحدد «واقعيا».
وقال جورج صبرة، نائب رئيس وفد المعارضة السورية في مفاوضات جنيف، لـ«الشرق الأوسط» إن الهدنة وعلى الرغم من صمودها لليوم الرابع، «لا تشكل عاملا مشجعا لاستئناف المفاوضات، باعتبار أن القصف الروسي مستمر تماما كما غارات النظام وقصفه الوحشي بكل أنواع الأسلحة»، معتبرا أن «الأسباب التي أدّت لتعليق المفاوضات ومغادرة وفد المعارضة جنيف الشهر الماضي لا تزال قائمة، خاصة وأن الحصار لم يُرفع عن المناطق المحاصرة كما أن أحدا لا يتطرق لملف المعتقلين في سجون النظام». وأضاف أن «الأدوية لم تدخل إلى المعضمية، كما أن الحصار لم يفك عن قرى غوطة دمشق، وبالتالي طالما لا يوجد التزام حقيقي بالهدنة ولا رفع للحصار، فلا مفاوضات».
وقال مسؤول في المعارضة السورية لـ«رويترز» إن دي ميستورا يبدو متعجلا
وبدت موسكو وواشنطن مطمئنتين لسير الهدنة، ففيما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه لا توجد حاليا أدلة تشير إلى أن الخروقات المسجلة ستزعزع السلام الهش في سوريا، أشار لافروف إلى أن روسيا وشركاءها في الأمم المتحدة «تقيّم إيجابا تنفيذ شروط الهدنة في سوريا، وعلى الرغم من وقوع خروقات منفردة، إلا أن زملاءنا في الأمم المتحدة وغيرهم من شركائنا لا ميل لهم لتضخيمها».
وفيما أكد ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي أن موسكو لم تنتهك وقف الأعمال القتالية في سوريا وأنها لم تتلق أي شكاوى من المعارضة السورية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن نشر مزيد من الطائرات بلا طيار ومحطتي رادار في قاعدة حميميم بريف اللاذقية.
وقالت الوزارة أن منظومة الاستطلاع التي أنشأها الجيش الروسي في سوريا تسمح بالرقابة على الوضع الميداني في سوريا بشكل تام، لافتة إلى تسجيل 15 خرقا لنظام وقف إطلاق النار في سوريا خلال الساعات الـ24 الماضية. وجاء في بيان أعده المركز الروسي الخاص بالمصالحة في قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية، أن أغلبية الخروقات سجلت في دمشق وأرياف حلب وحمص واللاذقية.
بدورها، سجّلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 44 خرقًا في اليوم الثالث للهدنة، لافتة إلى أن قوات النظام تستخدم الغازات السامة. وقالت إن ما لا يقل عن 79 خرقًا تم توثيقه منذ بداية الهدنة، متحدثة عن مقتل 13 مدنيًا.
وأفرج النظام السوري بالأمس عن شاحنات المساعدات التي كان يحتجزها على تخوم معضمية الشام في ريف دمشق، وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن بدء دخول عشرات الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية إلى المدينة برعاية الهلال الأحمر. وقال داني قباني، الناشط في المعضمية لـ«الشرق الأوسط» إن 52 شاحنة تحتوي على أغطية وغالونات مياه ومواد تنظيف دخلت مساء الاثنين إلى المعضمية، لافتًا إلى أن «النظام منع دخول الأدوية إلى المدينة التي توفي فيها الأسبوع الماضي 3 أشخاص نتيجة نقص الأدوية وحاجتهم للعلاج».
ميدانيًا، قال ناشطون إن النظام السوري وروسيا واصلوا خرق الهدنة في يومها الرابع، حيث قُتل شخص في قصف مدفعي بريف حمص. كما قصفت طائرات روسية بلدة حربنفسه جنوبي حماة، بينما شهد ريف دمشق ومدينة حلب عدة اشتباكات.
وأوضح «مكتب أخبار سوريا» أن فصائل المعارضة استهدفت بصواريخ من طراز غراد تجمعات القوات النظامية في معسكر جورين بريف حماة الغربي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفها. وقال الناشط الإعلامي المعارض حسين الحموي من ريف حماة، إن فصائل المعارضة «استهدفت معسكر للنظام ردًّا على خرق قواته لليوم الثالث على التوالي هدنة وقف إطلاق النار، واستهدافها بالصواريخ لقرى منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي الخالية من وجود عناصر جبهة النصرة»، على حد قوله.
وفي ريف حمص الشمالي، قتل عنصران من المعارضة جراء استهداف قوات النظام بقذائف الدبابات قرية تير معلة في ريف حمص الشمالي. وقال الناشط الإعلامي المعارض ياسر العلي من ريف حمص أن القوات النظامية استهدفت بقذائف الدبابات نقطة رباط لفصائل المعارضة في الجهة الشرقية من القرية، مما أدى إلى مقتل اثنين منهم وإصابة آخر بجروح.
في الأثناء، شن الطيران الحربي الروسي 12 غارة على مدينة تدمر الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي، مستخدمًا قنابل عنقودية تحملها مظلّات، حيث تركز القصف على الجهة الغربية من المدينة والساحة العامة، إضافة إلى شارع الوادي، بحسب «مكتب أخبار سوريا».
هذا واستمرت المواجهات بين عناصر «داعش» و«قوات سوريا الديمقراطية»، شمال غربي مدينة الشدّادي بريف مدينة الحسكة الجنوبي.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».