مشروع تعاون بين تونس وألمانيا لتدريب قوات عسكرية ليبية

وزير الدفاع: قادرون على مساعدة حكومة السراج في تركيز أمنها

وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير خلال لقائه مع نظيره التونسي هادي مجدوب لدى زيارته إلى تونس أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير خلال لقائه مع نظيره التونسي هادي مجدوب لدى زيارته إلى تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

مشروع تعاون بين تونس وألمانيا لتدريب قوات عسكرية ليبية

وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير خلال لقائه مع نظيره التونسي هادي مجدوب لدى زيارته إلى تونس أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير خلال لقائه مع نظيره التونسي هادي مجدوب لدى زيارته إلى تونس أمس (أ.ف.ب)

أكد فرحات الحرشاني، وزير الدفاع التونسي، وجود مشروع تعاون ثلاثي يجمع بين ألمانيا وتونس وليبيا، يتعلق بتدريب قوات من الأمن والجيش الليبيين على الأراضي التونسية، وقال إن «هناك بداية نقاشات حول هذه المسألة، وسنشارك في تشكيل نواة للأمن والجيش الليبيين في تونس، فهذا من واجبنا وسنساعد ليبيا على إنجاز ذلك. ونحن قادرون على مساعدة الحكومة التي يقودها فائز السراج في تركيز أمنها وجيشها ومساندتها دوليا».
وأشار الحرشاني، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إلى تدارس هذا المشروع في تونس على مستوى وزارتي الدفاع والشؤون الخارجية مع الطرف الألماني خلال الأسبوع الماضي، وشدد على موقف تونس الرافض للحل العسكري في ليبيا، مؤكدا في المقابل أن «تونس لا يمكن أن تكون محايدة في الحرب ضد الإرهاب الذي يهدد أمنها»، وأن بلاده تؤيد الحل السياسي والسلمي بين الفرقاء في ليبيا، وتساند حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يقودها فائز السراج، كما تؤكد ضرورة ممارسة السلطة والسيادة على كامل الأراضي الليبية بكل الوسائل، ومن بينها جيش وأمن ليبيان، على حد تعبيره.
وبخصوص تقييمه للوضع الأمني في ليبيا، أوضح الحرشاني أن «الوضع دقيق للغاية في ليبيا المجاورة، وتونس لا تريد أن تشهد ليبيا السيناريو نفسه الذي عرفته سنة 2011، من لجوء عشرات الآلاف إلى تونس، وإيوائهم في ظروف إنسانية صعبة للغاية»، غير أنه أكد استعداد بلاده لكل السيناريوهات المحتملة، وإن كانت تتوق إلى مكافحة الإرهاب بأقل التكاليف الممكنة.
وأشار الحرشاني إلى أن الخطر على تونس وليبيا يأتي من المجموعات الإرهابية المنتشرة هناك، لكنه دعا الليبيين إلى عدم فهم تدفق الشبان التونسيين المتطرفين إلى ليبيا على أنه موجه ضد الليبيين، وقال في هذا السياق إن الحاجز الذي أقامته تونس على حدودها مع ليبيا يهدف إلى منع تدفق الإرهابيين والأسلحة إلى تونس، باعتبارها «حاجزا طبيعيا وليس حائطا بين بلدين، بل هو حاجز لمنع تهريب السلاح، وهو لا يعوق تنقل الأشخاص والبضائع». وبخصوص الهجمات الإرهابية التي عرفتها تونس خلال السنة الماضية، ومن بينها الهجوم الإرهابي على متحف باردو (غربي العاصمة)، وعلى منتجع السوسة السياحي، قال الحرشاني إن المهاجمين التونسيين تلقوا تدريبات عسكرية في ليبيا، «لكن هذا لا يعني أن لليبيا علاقة بهذه الهجمات، بل إن للأمر علاقة بوضع سياسي يسيطر على البلاد منذ ثورة 2011».
كما أشار الحرشاني إلى استفادة بلاده من وضع الحليف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية الذي أمضته السنة الماضية وأثار تخوف دول مجاورة، وقال إن هذا الوضع مكنها من اقتناء معدات عسكرية أميركية هامة من الفائض العسكري الأميركي، وهو ما ساعد على مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في تونس.
وفي سياق متصل بمكافحة الإرهاب، قال العميد خليفة الشيباني، المكلف الإعلام في الإدارة العامة للحرس الوطني، إن عملية مسلحة تواصلت من الساعة التاسعة والنصف من الليلة قبل الماضية إلى حدود الساعة السادسة من صباح أمس، قامت خلالها قوات مكافحة الإرهاب بنصب كمين ناجح لمجموعة إرهابية، فأصابت أربعة منهم في مقتل، ونفى مقتل عنصر إرهابي خامس.
وأسفرت هذه العملية عن حجز سلاح كلاشينكوف، وكمية كبيرة من الصواعق والفتيل المستعمل في صناعة المتفجرات، وكمية كبيرة من الذخيرة والهواتف الجوالة، ووثائق شخصية ستساعد أجهزة الأمن على التعرف أكثر على عناصر التنظيمات الإرهابية المنتشرة في جبل المغيلة القريب من القصرين وسط غرب تونس.
ووفق تقارير أمنية تونسية، ينشط نحو مائتي عنصر إرهابي ضمن التنظيمات المتطرفة المنتشرة في تونس، وتضم أربع مجموعات متشددة أساسية، هي تنظيم جند الخلافة، وكتيبة عقبة بن نافع، وجماعة أهل الحق، وقد بايعت تنظيم داعش، بالإضافة إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.